بدأت حرب أكتوبر بتوجيه القوات الجوية المصرية ضربة جوية على الأهداف الإسرائيلية خلف قناة السويس.. وتشكلت القوة من 200 طائرة عبرت قناة السويس على ارتفاع منخفض للغاية، واستهدفت الطائرات محطات التشويش والإعاقة وبطاريات الدفاع الجوي وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة في خط بارليف ومصاف البترول ومخازن الذخيرة.
وكان مقررًا أن تقوم الطائرات المصرية بضربة ثانية بعد تنفيذ الضربة الأولى إلا أن القيادة المصرية قررت إلغاء الضربة الثانية بعد النجاح الذي حققته الضربة الأولى، وكان إجمالي ما خسرته الطائرات المصرية في الضربة هو 5 طائرات.
فيما قام لواء الوحدات الخاصة للقوات البحرية بسد فتحات النابلم في قناة السويس، حيث وضعت إسرائيل مواسير في مياه القناة لإشعال النيران في حال نزول قوات مصرية في مياه القناة، ولكن قامت القوات بسد تلك المواسير ليلًا، استعدادًا لعبور القناة، ولمنع اشتعال النيران في القوات المصرية أثناء العبور، كما فرضت البحرية المصرية حصارًا على إسرائيل في مضيق باب المندب، لاعتراض أي سفينة إسرائيلية..
المدفعية والمقذوفات الموجهة المضادة للدبابات
كان لهذا السلاح دوره المهم منذ اليوم الأول للحرب بجانب الأسلحة الأخرى، حيث بدأت المدفعية المصرية مهامها بفتح نيرانها خلال الحرب على العدو الإسرائيلي وكبدته خسائر فادحة، وذلك خلال تأمين مرور قوات الصاعقة والمشاة المصرية إلى الضفة الغربية للقناة، وقامت بتدمير مدرعات العدو، خلال المراحل الأولى لإنشاء الكباري، عن طريق الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، وكان ذلك كله نتيجة تدريب مستمر ليل نهار لسنوات طويلة، حتى تتمكن في النهاية من تحقيق مهامها القتالية بكفاءة وبأقل الخسائر الممكنة..
وحدات المشاة والصاعقة
بعد قيام سلاح الطيران المصري بأول ضربة جوية وقامت بدك مواقع الجيش الإسرائيلي ومراكز قيادته واتصالاته في سيناء وقامت مئات المدافع المصرية بضرب تحصينات خط بارليف في الناحية الشرقية من قناة السويس، جاء دور سلاح المشاة في الحرب، حيث عبر عشرات الآلاف من الجنود المصريين قناة السويس في 2500 مركب مطاطي على جسور تطفو على المياه، وبعد العبور قامت القوات المصرية برفع العلم المصري أعلى خط بارليف، وبحلول اليوم الثاني كان هناك 5 فرق مشاة بكامل أسلحتها الثقيلة في الضفة الشرقية للقناة.
وقامت قوات الصاعقة بدور كبير في الحرب، حيث ظلت تقاتل على أرض سيناء منذ لحظة اندلاع العمليات في السادس من أكتوبر وحتى نوفمبر، من رأس شيطاني حتى العريش ومن شرم الشيخ حتى رأس نصراني وفي سانت كاترين وممرات متلا بواقع ضربتين إلى ثلاث في اليوم بإيقاع أذهل مراقبي الاستخبارات الإسرائيلية، لسرعته وعدم افتقادهم للقوة أو العزيمة رغم ضغوط العمليات..
سلاح المهندسين العسكريين
كانت المهمة الأولى لسلاح المهندسين هي عمل ممرات في الساتر الرملي لخط بارليف لمرور القوات المصرية، حيث كانوا يعملون تحت غطاء نيران المدفعية المصرية، ثم قاموا بعد الانتهاء من عمل ممرات في الساتر الرملي بتركيب الكباري والمعديات، لعبور القوات والوحدات المدرعة والدبابات من الضفة الغربية إلى الشرقية بقناة السويس لمساندة قوات المشاة بعد عبورها وتدمير حصون العدو ونقاطه القوية.
ترأس سلاح المهندسين العسكريين خلال حرب أكتوبر اللواء جمال محمود علي العبور، وكان موعد بدء عبور المهندسين العسكريين للقناة عصر 6 أكتوبر في الساعة الرابعة والنصف تقريبًا..
سلاح المدرعات والدبابات
كانت وظيفة سلاح المدرعات منذ اليوم الأول للحرب هي منع تقدم القوات الإسرائيلية إلى داخل الجبهة المصرية، وإنزال أقصى خسائر ممكنة في الجانب الإسرائيلي والتوغل في سيناء، وحصد المزيد من الانتصارات في الجيش المصري، سبقتها شهور طويلة من التدريب والاستعدادات ورفع الروح المعنوية للجنود.
ترأس سلاح المدرعات خلال حرب أكتوبر المجيدة اللواء كمال حسن علي، والذي أصبح بعد ذلك رئيسًا للمخابرات الحربية، ثم وزيرًا للدفاع..
الدفاع الجوي
قام سلاح الدفاع الجوي المصري بدور كبير في حرب أكتوبر بقيادة المشير محمد علي فهمي، حيث انطلقت الصواريخ المضادة للطائرات التي زرعت الرعب والخوف في قلوب الطيارين الإسرائيليين، واستطاعت القضاء على أسطورة التفوق الجوي الإسرائيلي، حيث أرسل قائد السلاح الجوي الإسرائيلي أوامر إلى طياريه يأمرهم بعدم الاقتراب من القناة لمسافة لا تقل عن 15 كيلومترًا شرق القناة، وبذلك نجح الدفاع الجوي في تأمين عملية الاقتحام والهجوم بكفاءة عالية ليلًا ونهارًا وقدمت الحماية للمعابر والكباري، مما أتاح للقوات المصرية أن تعبر في أمان..معركتا تبة الشجرة وكبريت
كانت منطقة كبريت إحدى المناطق الحصينة للقوات الإسرائيلية على الضفة الشرقية للقناة ضمن خط بارليف، وكانت تقع في المنطقة الفاصلة بين الجيشين الثاني والثالث المصريين، وعلاوة على ذلك تقع في أضيق منطقة بين البحيرات المرة الكبرى والصغرى والمسافة بين الشاطئين الشرقي والغربي، وملتقى الطرق العرضية.
وتمكنت القوات المصرية من اقتحام هذه النقطة والصمود بها إلى أن تم الاتفاق على وقف إطلاق النار، حاولت خلالها إسرائيل استعادتها بكل السبل الممكنة إلا أنها فشلت.
لم تختلف معركة تبة الشجرة كثيرًا عن معركة كبريت إلا أن الموقع الذي يبعد 10 كيلومترات عن مدينة الإسماعيلية وكان يضم غرفة عمليات مركزية إسرائيلية، وكان محصنًا ومؤمنًا بقوة، ويميزه ارتفاعه عن سطح البحر بـ74 مترًا إلا أن القوات المسلحة تمكنت يومي 6 و7 أكتوبر من اقتحام الموقع والسيطرة عليه..
المقاومة الشعبية وحصار الثغرة
تمكنت القوات المسلحة، مدعومة بمشاركة رجال المقاومة الشعبية في محافظتي الإسماعيلية والسويس، من إفشال الخطة الإسرائيلية لاحتلال المحافظتين بعد عبور قواتها من خلال ثغرة الدفرسوار ومحاولة حصار الجيش المصري على الجبهة الشرقية وتدمير صواريخ الدفاع الجوي والحصول على أي مكاسب في الحرب.
أدت المعارك التي شهدتها الإسماعيلية والسويس إلى خسائر كبيرة في القوات الإسرائيلية، بل ووقف تقدمها ومحاصرتها، وتوقفت الإمدادات الخاصة بها، الأمر الذي أدى إلى فشل المحاولة الأخيرة لإسرائيل للحصول على أي مكاسب في الحرب وانسحاب قواتها من غرب قناة السويس، وقبولها بقرار وقف إطلاق النار..
فض الاشتباك وانسحاب إسرائيل من سيناء
قرر مجلس الأمن أن ينشئ قوة طوارئ ثانية تابعة للأمم المتحدة باسم «يونيف 2»، لكي تتخذ مواقعها بين الجيشين المصري والإسرائيلي في منطقة قناة السويس، لفض الاشتباك بين الطرفين.
وتم توقيع اتفاق بين الطرفين الأول في يناير 1974 والذي حدد الخط الذي ستنسحب إليه القوات الإسرائيلية على مساحة 30 كيلومتراً شرق القناة وخطوط منطقة الفصل بين القوات التي سترابط فيها قوات الطوارئ الدولية.
والاتفاق الثاني في سبتمبر 1975 والذي بموجبه تقدمت مصر إلى خطوط جديدة مستردة حوالي 4500 كيلومتر من أرض سيناء، ومن أهم ما تضمنه الاتفاق أن النزاع في الشرق الأوسط لن يحسم بالقوة العسكرية ولكن بالوسائل السلمية..
الخسائر الإسرائيلية في الحرب
تكبدت إسرائيل خسائر فادحة في حرب أكتوبر، تمثلت في سقوط من 8000 إلى 10000 قتيل في الجيش الإسرائيلي، وأكثر من 20000 جريح، فضلاً عن أسر عدد من جنود الجيش الإسرائيلي.
كما تم تدمير 1000 دبابة وأسر عدد كبير من الدبابات الجديدة التي أرسلتها أمريكا، كما دُمرت من 303 إلى 372 طائرة إسرائيلية، بجانب تدمير خط بارليف الذي تكلف 500 مليون دولار في ذلك الوقت..