أوقعت واشنطن نفسها في حرج شديد، في وقت أرادت إثبات حسن نواياها تجاه طهران، إذ تبين أن هدية، عبارة عن تحفة فنية أثرية، قدمتها لإيران، ليست سوى نسخة مزيفة بيعت على أساس أنها أصلية، وسرعان ما أعادتها إلى البائع لإنقاذ الموقف.
تبذل الولايات المتحدة ما في وسعها لإثبات حسن نيتها تجاه إيران، على أمل أن تعدل الأخيرة عن رأيها، وتوقف تخصيب اليورانيوم. واعتبرت واشنطن أن هدية منها لإيران ستعبّر عن حسن نواياها تلك، فقدمت تحفة شهيرة باسم "طائر الغريفين" لطهران، ليتبيّن لاحقًا أنها مزيّفة، ما كلفها مزيدًا من الإحراج.
واعتقدت الولايات المتحدة الأميركية أنها تقدّم تحفة عتيقة تعود إلى أكثر من 2700 عام، وتبلغ قيمتها أكثر من مليون دولار إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية كتعبير عن "بادرة حسنة". لكن سرعان ما اتضح أن هذه الهدية مزيفة، بيعت في الأصل من قبل معرض جنيف، ما سبب بلبلة وضجة كبيرتين.
تزوير سيئ
قال عدد من الخبراء، الذين شاهدوا التحفة، إنها "نسخة سيئة" من التحفة الأصلية لطائر الغريفين الفضي الشهير، من ضمنهم أليكس جوفي الخبير في التحف العتيقة والآثار من نيويورك، الذي أشار إلى أن هذه النسخة صنعت في العام 1999 على أقرب تقدير.
أما عالم الآثار والمؤرخ أوسكار وايلد موسكاريلا، وهو باحث متقاعد في متحف متروبوليتان للفنون، فأكد أن هدية "طائر الغريفين"، التي تتضمن ثلاثة كؤوس للشرب، هي تحفة مزورة، تجعلها تبدو كقطعة من الفن الإيراني الحديث.
يقول جوفيان إن هذه القطعة كانت معروضة في معرض جنيف للفنون، وتم شراؤها في عام 2002. من جهته، أشار موسكاريلا إلى أنه تم شراؤها من قبل أمينة متحف متروبوليتان للفنون، بولا كوسي بمبلغ مليون دولار.
وأضاف: "لكن وزارة الأمن الداخلي الأميركية صادرت طائر الغريفين- لأسباب قانونية – وأعيد سعر الشراء في وقت لاحق من قبل البائع"، معرفًا البائع بأنه هشام أبو طعام، الذي يدير متجرًا لبيع التحف مع شقيقه علي، يحمل اسم "فينيكس للفن القديم" في شارع فيردا في مدينة جنيف القديمة، إضافة إلى متجر آخر في نيويورك.
ويرى موسكاريلا أن تحفة الغريفين، التي قدمتها الولايات المتحدة إلى إيران، هي "محاولة فاشلة من قبل صناعها لجعلها تبدو وكأنها تحفة إيرانية قديمة. إنها مجهزة بسخاء بثلاثة مداخل، واحدة في مكان غير مناسب لتحفة قديمة، إنما مناسبة في العالم الحديث"، في إشارة إلى فتحة من خلفية الطائر.
تكتم أميركي
يشار إلى أن وسائل الإعلام الأميركية السائدة لم تنشر الخبر حتى الساعة، كما إن حكومة الولايات المتحدة لم تعلق على التقرير، الأمر الذي يتناقض مع المعلومات الصادرة في ذلك الوقت عندما تم تقديم الهدية إلى إيران.
"نحن نتخذ هذه التحفة كتذكار من أميركا إلى الشعب"، قال محمد علي نجيفي رئيس التراث الثقافي الإيراني لمحطة (سي إن إن) بعد تقديم الهدية. ونقل موقع "ذا كايبل" إن النجيفي كان سيعرض تحفة الغريفين علنًا بعد عودته من نيويورك في الشهر الماضي، في حين أشارت التقارير في وقت سابق إلى أن التحفة الأثرية قد سرقت من موقع للحفريات في شمال غرب إيران.
من جهته، نشر متجر "فينيكس للفن القديم" على الموقع الالكتروني الخاص به بيانًا شدد فيه على أنه "وضع واحدة من إجراءات تجارة الآثار الأكثر صرامة من حيث العناية الواجبة لمصدر وتاريخ الملكية". وبما أن المتجر تعهد بهذه الإجراءات، فهل سيؤكد صحة هذه التقارير، أو سيثبت أن التحفة أصلية وغير مزيفة، وبالتالي يوفر على الولايات المتحدة حرجًا هي بالغنى عنه في الوقت الراهن؟".
- See more at: http://www.elaph.com/Web/news/2013/10/842813.html?entry=USA#sthash.TpiCSzKt.dpuf