بطل الحرب.. والسلام مع الذات
قسمات الوجه المنحوتة بأزميل الإصرار الذي يصل إلي حد العناد.. تنضح بكل خفايا هذه النفس العميقة الأغوار التي تستشف مغالق الأمور من أبسط الأشياء, وتضع في حساباتها النهاية قبل أن تفكر في البداية.. ثراء من المعارف والقرارات والعلاقات والأسرار.. تحدد ملامح شخصية السادات المجبولة علي الكتمان والتأمل والنزعة الدينية المتصوفة.. هذا الرجل الذي خبر الحياة من الأعماق.. فكانت حياته مملؤة بالوقائع والأحداث وتشبه الروايات.. براعته في المناورة السياسية لتحقيق الصالح العام للبلاد تؤهله لحمل لقب أمير الدهاء, إنه بطل تحرير مصر الحديثة صاحب ثورة أكتوبر.. لأنها لم تكن مجرد معركة وتدبير محكم وتنفيذ متقن, ولكنها رمز لثورة الإنسان علي نفسه, فتحت أمامنا طريقا جديدا بلا نهاية؟ علي حد تعبير نجيب محفوظ.. ابن ميت أبو الكوم الفلاح الأصيل الذي ظل منتميا لجلبابه وعباءته يفاخر بهما كاميرات العالم في لقائه مع ضيوفه الأجانب في بيته الريفي الصغير.. عاش متنقلا بين التحديات فعاشر الفقراء ونام مثلهم بلا غطاء أثناء فترة هروبه.. ودخل عالم الكبار بين أساطين السياسة العالمية ضابط سلاح الإشارة الذي خدع الألمان أثناء الحرب العالمية.. وتغلب علي جحافل الأقمار الصناعية الأمريكية في العبور العظيم.. بينما كانت كل حركة مرصودة فوق الجبهة.. القائد الذي لم تفلت منه صفة من صفات القيادة من صدق وحكمة وشجاعة وإنسانية وعلاقة خاصة ملؤها الثقة بقواته الباسلة التي كانت تحتشد علي مرأي ومسمع من هذه الأعين الفضائية وتجهيز أسلحتها الثقيلة والخفيفة.. واستطاعت أن تضلل أقوي دولة في العالم وتكسر شوكة وغرور وصلف إسرائيل في آن.. وتعد هذه اللحظة التاريخية من معجزات حرب أكتوبر الكبري في الخداع.. ولم يبالغ بعض الخبراء العسكريين الغربيين حين أعدوها عملا لا يقل تماما عن نتائج الحرب.. تمرس أنور السادات بالعمل السياسي ـ الذي مازال بعض الكبار الآن لا يدركون مفرداته
ـ وهو شاب صغير لم يشب عن الطوق.. خاض تجربة السجن لمدة ثلاثين شهرا.. فلم يزده إلا الصلابة والصبر الطويل الذي كان يتمتع بهما إلي الدرجة التي تجهد المحيطين بها.. الصحفي الذي اعتاد أن يصوغ أفكاره من الواقع وملامسة البشر بعيدا عن التنظير والأفكار المجردة.. خدعه الروس وماطلوه في إمداده بالسلاح فتحدث كاشفا الأمر للشعب دون أن يفصح عن كنه المعاناة وأطلق تسميته الشهيرة عام الضباب التي أصبحت مثار سخرية الكثيرين لكنه تحملها في صبر ومرار..
أمدته نشأته العسكرية بأسمي وأنبل الخصال.. خشونة العيش والبسالة.. تحمل المشاق.. الزهد في الحياة المترفة.. الانضباط والنظام والابتعاد تماما عن الارتجال.. وحساب عواقب الأمور ونتائجها وصولا للتضحية بالنفس للذود عن مصر بحثا عن سعادة أمة.. وسلامة وطن هو دائما في سويداء القلب.. لم يدخل في معارك جانبية تبعده عن الهدف الرئيسي في حياته.. وكان فنانا بطبعه وتكوينه النفسي يعشق التمثيل والغناء.. يعيش في سلام دائم مع الذات قبل أن يوقعه في معاهدة! امتلك السادات حسا رفيعا بالطبيعة وإيمانا لا يتزعزع بالنصر منذ وضع عينيه علي سيناء الحبيبة السليبة فكان قراره بأنه لا بديل عن الحرب.. مؤكدا حتمية النصر.. فسحق الهزيمة الكامنة في النفوس وكان العبور بمثابة الخلاص الذي تجلت فيه إرادة الأمة واحتواها هذا البطل العظيم الذي لم تكن المسافة بين حياته وأفكاره علي طرفي النقيض.. مثل البعض ولكنها متسقة تماما من هنا.. جاءت النهاية فكتبت له الشهادة متدثرا ببدلته العسكرية المميزة التي كان يؤثرها عما سواها.. بين رجاله وأبنائه احتفالا بعيد النصر.. تحية عطرة إلي روحك الطاهرة.. انت وشهداؤنا الأبرار.
http://www.ahram.org.eg/News/962/86/235198/%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%8A%D8%A7/%D8%A8%D8%B7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8%E2%80%8F%E2%80%8F-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D8%A7%D8%AA.aspx
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الأهرام يشترك في خطة الخداع الإستراتيجي للحرب
رسمي فتح الله
مثل السير علي الأشواك وفي حقل من الألغام, تبدو مهمة المحررين العسكريين صعبة, وشائكة للغاية في تغطية أحداث الحروب العسكرية, ونقل أخبارها لحظة بلحظة عبر الصحف ووكالات الأنباء إلي كل شعوب العالم. وعندما يقرر الصحفي والمصور الذهاب إلي ساحة معركة للقيام بتلك المهمة الخطيرة وتلبية نداء المهنة,فإن كلا منهم يضع في حقيبته الأقلام والأوراق والكاميرات وكل الأدوات اللازمة لإنجاز المهمة.. لكنه في نفس الحقيبة الصحفية وفي ذات الوقت يصطحب معه الكفن الذي قد يعود ملفوفا فيه جثة هامدة لا تتحرك, ليدفن في مسقط رأسه إذا كان سعيد الحظ.. أما إذا كان سيئ الحظ فإنه قد يدفن في ساحة المعركة بعد رحيله عن الدنيا برصاصة طائشة, أو شظايا إحدي القنابل أو الصواريخ التي تستخدمها القوات المتصارعة يوميا.
وفي الإعلام العسكري المصري والعربي شخصيات حفرت اسمها بحروف من نور, مثل الكاتب الصحفي والمؤرخ العسكري للأهرام محمد عبد المنعم, والكاتب الصحفي والمحلل العسكري عبده مباشر, اللذين التقي بهما ملحق الجمعة وطرح عليهما سؤالا عن أهم الركائز التي استندا عليها في تهيئة الرأي العام لحرب استرداد الكرامة, حرب أكتوبر1973, ودور الأهرام كعنصر من عناصر خطة الخداع الاستراتيجي, باعتبارهما شريكين وشاهدي عيان علي انتصار حرب أكتوبر المجيدة.
في البداية كان اللقاء مع الكاتب الصحفي والمؤرخ العسكري محمد عبد المنعم حيث يقول: الموقف قبل حرب أكتوبر1973 كان في غاية الصعوبة والتعقيد.. لماذا؟.. كنت وقتها رئيسا للقسم العسكري بالأهرام, وكانت هناك إرادة شعبية جامعة علي ضرورة أن نخوض الحرب, مهما تكن النتائج, مع ضرورة الانتقام لأنفسنا, وفي نفس الوقت كانت هناك خطة خداع تام لإسرائيل خطة الخداع الإستراتيجي تشيع أن مصر غير قادرة علي الحرب, حتي لا يعلم العدو أننا ننوي الحرب, وهذه الخطة كان يقوم بتنفيذها بداية من رئيس الدولة القائد الأعلي للقوات المسلحة, الرئيس أنور السادات, ونهاية بأصغر مجند من جنود القوات المسلحة.
وعن دوره في خطة الخداع يقول محمد عبد المنعم: بالرغم من علمي بقرار الحرب فإنني كنت طرفا في عملية الخداع, و طلب مني أن أقول إن مصر لن تحارب, وذلك من خلال أخبار معينة أبثها عن طريق الأهرام, وهذا ما أكد لي أننا في سبيلنا إلي الحرب لا محالة, وأن الأهرام يسهم في عملية الخداع الاستراتيجي للحرب, وكان الأهرام سباقا, بل هو الوحيد الذي ساهم واؤتمن علي هذه المهمة.
ويضيف عبد المنعم: في هذا الصدد كان هناك خبران مهمان جدا, الخبر الأول أن الفريق أول أحمد إسماعيل, وزير الدفاع, سمح للضباط والجنود بأداء فريضة العمرة هذا العام, والخبر الثاني جاء علي لسان الرئيس أنور السادات, أن مصر لن تدخل الحرب إلا إذا امتلكت مقاتلة قاذفة تعادل الفانتومf4, والتصرف الثالث هو تصريح الرئيس السادات بأنه ذاهب إلي التأمل في الصحراء الغربية.. ويؤكد عبدالمنعم أن كل ذلك حدث قبل الحرب بأيام قليلة.
ويؤكد محمد عبد المنعم أن الجانب الإسرائيلي في اجتماع له قبل الحرب بثلاثة أيام, وكان يحضر هذا الاجتماع جولدا مائير ومدير المخابرات الحربية ومدير المخابرات العامة الإسرائيلية الموسادوقاموا بتحليل الموقف واقتنعوا بوجهة نظر مدير المخابرات الحربية, بأن مصر غير قادرة علي الحرب في الوقت الراهن, مضيفا أنه في هذا الاجتماع أيضا تلقي مدير الموساد اتصالا هاتفيا من شخص ما, و بعده قال: لابد أن أغادر هذا الاجتماع الآن للسفر إلي لندن اليوم لشيء مهم جدا, وبالفعل غادر إلي لندن في هذا الوقت الحرج, وبعد عودته قال: هناك عميل مهم جدا نثق في كلامه قال: إن الحرب ستقوم خلال ساعات, ويؤكد عبد المنعم أنه يحمل هذا العميل كل نقطة دم أسيلت في هذه الحرب, لأنه كان من الممكن أن نخرج من هذه العملية بطريقة نظيفة تماما لولا هذا الواشي العميل القذر.
ويشير عبد المنعم إلي انفراد الأهرام بخبر إسقاط أول طائرة تعمل بدون طيار في منطقة الدلتا أثناء حرب أكتوبر, وكانت هذه الحالة الأولي من نوعها في تاريخ الحروب العسكرية في الشرق الأوسط, ونشرت صورة الطائرة في صدر الصفحة الأولي بصحيفة الأهرام, وعلق علي هذا الخبر مركز الدراسات الإستراتيجية بلندن قائلا: هذا الحدث يسجل للقوات المصرية, وأن قوات الدفاع الجوي من أكفأ القوات الموجودة علي مستوي العالم أجمع.
الكاتب الصحفي والمحلل العسكري عبده مباشر يقول: الحرب تعتمد علي القوي الشاملة للدولة السياسية والاقتصادية والبشرية والاجتماعية, وهذا يعني أن البلد بقوته الشاملة يخوض صراعا بالدم والنار من أجل تحقيق الأهداف.
ويضيف أن هذا يعني أيضا أن المجتمع بكافة طوائفه يكون شريكا في الحرب, لأن القوات المسلحة جزء أصيل من هذا المجتمع, فلا يخلو بيت في مصر من وجود جندي أو ضابط في القوات المسلحة, وهذا معناه أن الدولة والقوات المسلحة ليستا بمفردهما من ينغمسان في الحرب ولكن المجتمع كله شريك فيها, لأن المقاتل علي الجبهة يكون ابنا أو أخا أو جارا أو صديقا, فجيش مصر ليس مرتزقا والمواطن أيضا من يتحمل كل تكاليف المعركة, وبالتالي كل المواطنين في الدولة أصبحوا طرفا في المعركة إما بالتمويل وإما بالعلاقة.
ويؤكد أن كل البيانات العسكرية علي مر التاريخ كاذبة.. لماذا ؟ لأن البيان هو معلومة فهل من الممكن أن أقول معلومة للعدو, وأنا أخوض الصراع وأقدمها هدية للعدو؟
ويستطرد عبده مباشر: الأهرام ساهم في خطة الخداع الاستراتيجي من خلال بعض الأخبار مثل خبر وزير دفاع رومانيا يزور مصر يوم6 أكتوبر, وهذا يعني أن وزير الدفاع المصري سوف يكون في استقباله.
ويضيف أنه كان يذهب إلي القيادات الجديدة في الجبهة وقدمهم إلي الناس أو الرأي العام من خلال قصص إنسانية..حيث كان يكتب عن أسرة كل منهم وحياته اليومية, وما هي الآيات القرآنية المعلقة علي حائط مكتبه, وأشياء من هذا القبيل, في محاولة لتقريب هؤلاء القادة إلي جيرانهم لأن معظم القادة يقضون أوقاتهم علي جبهة القتال, ومن ضمن هذه الشخصيات التي تناولها كانت شخصية ابن الفنان سيد بدير, وقد كان طيارا مقاتلا للمرج17, ولم يصدق الناس أن سيد بدير لديه ابن طيار من زوجته الفنانة شريفة, إلا بعد استشهاده في حرب أكتوبر وغناء الفنانة شريفة فاضل لأغنية أم البطل.
ويكمل عبده مباشر: من ضمن الشخصيات التي قدمتها للصحافة أحمد نوار الذي كان مجندا علي الجبهة, وكان قناصا ماهرا يرصد أي رأس تتحرك علي الضفة الشرقية للقناة, وكان أحمد من هؤلاء القناصة الذين سببوا الرعب للعدو الإسرائيلي, وكتبت ذلك دون ذكر اسمه حفاظا علي حياته, وخوفا من تعرضه للاغتيال من جانب الأمن الإسرائيلي.
ويضيف أنه أثناء دراسته بألمانيا الشرقية للصحافة علم بخبر اندلاع حرب يونيو67 من خلال الصحف الألمانية الغربية ببرلين, خلال زيارة للتسوق, وأثناء تجوله داخل هذه السوق استوقفته لافتة تقول ادفع ماركا تقتل عربيا, ويقول: صدمت من هذا الإعلان, وذهبت علي الفور عائدا إلي ألمانيا الشرقية, وجمعت زملائي من الطلاب العرب باعتباري رئيس اتحاد الطلاب العرب, وقررنا الذهاب إلي مسئولي الحزب الشيوعي بألمانيا الشرقية, وقلت لهم أريد أن أقوم بعمل حملة لجمع الأموال ويكون شعارها ادفع ماركا تنقذ عربيا, وبالفعل تمت الموافقة علي هذه الحملة وتم تكوين لجنة لزيارة الهيئات المتبرعة, وإلقاء الخطب هناك وجمع الأموال, وبالفعل تم جمع الأموال من ألمانيا الشرقية, ولكنها كانت ضئيلة, فطلبت منهم الذهاب إلي ألمانيا الغربية فقالوا ليس لدينا سلطة هناك, ومع ذلك أرسلوني إلي طالب يساري يقود حركة الطلبة في برلين الغربية اسمه رودي دوتشكا وكان بعد ذلك قائد ثورة الطلبة في عام1968, وبالفعل في آخر الحملة كنت قد جمعت تبرعات تقدر بـــ2 مليون مارك, وذهبت بعدها إلي سامي شرف وقلت له إن هناك عرضا من الألمان بأن يأخذوا2 مليون مارك في مقابل طائرة محملة بالمعدات الطبية, وكان رده بأن أقبل العرض, وبالفعل عدت إلي مصر بصحبة هذه الشحنة ولدي الرغبة في التطوع بالجيش, ويضيف عبده مباشر أنه كانت لديه رغبة في إبلاغ الرئيس جمال عبد الناصر بأن هناك مواطنا يريد التطوع ووزير الدفاع لا يرغب في تطوعي, وبالفعل علم الرئيس بالموضوع ووافق علي تطوعي, وعملت متطوعا في الشئون المعنوية فكنت أكتب رؤية مشارك بالأحداث وشاهد عيان ولهذا كان حجم الثقة كبيرا بيني وبين القارئ والقادة.
ويشير إلي أنه كان يشارك في طوابير السير التي تنظمها الصاعقة المصرية من انشاص إلي بورسعيد سيرا علي الأقدام, مع العلم أن زملائي الصحفيين كانوا يركبون السيارات, وكان ذلك معناه صداقة مع الجنود والقادة, لأنك تسير معهم ومثلهم, وتعرف ما لا يعرفه الصحفيون راكبو السيارات, لأنه ينتظر البيان الصحفي الذي يقال في نهاية اليوم وبعد ذلك تم تنظيم طابور سير آخر كان الجنود والضباط يتنافسون لأكون وسط طابورهم, وكانت أفضل تغطية لطابور الصاعقة.
http://www.ahram.org.eg/News/962/102/235194/%D9%85%D9%84%D9%81/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%87%D8%B1%D8%A7%D9%85-%D9%8A%D8%B4%D8%AA%D8%B1%D9%83-%D9%81%D9%8A-%D8%AE%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%AF%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8.aspx
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الجمعة 28 من ذو القعدة 1434 هــ 4 أكتوبر 2013 السنة 138 العدد 46323
عمـر سـامي
عبد الناصر سلامة
اللواء باقي زكي يوسف:قصة خراطيم المياه التي حطمت خط بارليف
باقي زكي يوسف
أذهلت فكرة فتح الثغرات في الساتر الترابي المحللين العسكريين في العالم خاصة أنها تتميز بالبساطة والعبقرية معا..اللواء اركان حرب متقاعد باقي زكي يوسف رئيس فرع مركبات الفرقة19 هو صاحب فكرة فتح الثغرات في الساتر الترابي بخراطيم المياه. حيث كان يعمل في السد العالي منذ عام1964 وحتي أوائل عام1967.يروي ذكرياته قائلا: في شهرمايو من عام1969 صدرت التعليمات للتشكيل باتمام الاستعداد للعبور قبل نهاية اكتوبر من نفس السنة وبدأنا ندرس مشاكل العبور وعلي قائمتها جاءت مشكلة فتح الثغرات في الساتر الترابي, وقد تم اجراء تجارب بالتفجير سواء مدفعية او صواريخ ولم تنجح, وفي احد الاجتماعات قفزت الي ذهني فكرة استخدام المياة في فتح الثغرات, واستخدام تكنولوجيا التجريف في فتح ثغرات الساتر الترابي وشرحت فكرة استخدام التجريف في السد العالي حيث كان يتم بهدف البناء, اما في الساتر الترابي فقد كان يتم بهدف الهدم..
كانت فكرة التجريف في الساتر الترابي تعتمد علي دفع الماء وتسليطه علي الساتر الترابي فتنزل الرمال وتجرفها الي قاع القناة بهدف هدم الساتر وفتح الثغرة, وهذا التجريف يقلل الخسائر ويوفر في الوقت والمال ايضا وكانت الفكرة بسيطة ومناسبة خاصة ان الساتر الترابي يقع علي الحافة الشرقية للقناة بالاضافة الي انه مائل حيث استغل العدو وجود الكثبان الرملية القديمة وبني عليها حائطا علي الضفة الشرقية للقناة ليفقدنا طموحات العبور, وجاء استخدام الماء من القناة تحت الساتر الترابي مباشرة وذلك يعتبر افضل استخدام لأدوات مسرح العمليات.. اما في السد العالي فقد استغرقنا عدة سنوات في البناء بينما في الساتر الترابي العملية لم تستغرق سوي ساعات قليلة حيث أزالت القوات المسلحة كل المعوقات التي وضعها العدو وتحققت المهمة بنجاح..
كيف تم تنفيذ الفكرة ؟
عرضت الفكرة علي قائدالفرقةالمرحوم اللواء اركان حرب سعد زغلول عبد الكريم وعندما شرحتها طلب مني ان اعيد كلامي مرة اخري بتفاصيل اكثر وبعد12 ساعة تم نقل فكرتي الي اعلي مستوي في القوات المسلحة وذهبت مع قائد الفرقة الي قائدالجيش بحضور رئيس مهندسي الجيش وتقابلنا مع رئيس هيئة العمليات واعطيته صورا خاصة بالتجريف في السد العالي, وبعد يومين طلبني قائدالتشكيل واخبرني بانه قررعرض الفكرة علي الرئيس جمال عبد الناصر وكتبت تقريرا مفصلا عن الفكرة واسلوب تنفيذها وعندما تم عرضها أمر الرئيس جمال عبد الناصربتجربتها وتنفيذها في حالة نجاحها..
كانت الثغرة عبارة عن حفرة يتراوح حجم الرمال فيها من1500 الي2000 متر مكعب و كانت ابرز الصعوبات التي واجهتنا تتمثل في ان الطلمبات المستخدمة في السد العالي ثقيلة فاحضرنا طلمبات اقل في الحجم وذات ضغط عال وهذاساعد كثيرا علي امكانية فتح الثغرة في4 ساعات فقط بينما كانت التجارب تؤكد انه لن يتم فتح الثغرة الا بعد24 ساعة, واذكر انه تم عمل بيان عملي للفكرة بجزيرة البلاح تم تنفيذه في يناير1972 للتأكد من صلاحية الفكرة ومناسبتها للتنفيذ, ومن وقتهااصبحت فكرة فتح الثغرات بواسطة التجريف هي الاسلوب الامثل وقد احتفظنا في هذه العملية بسرية كاملة منذ عام1969 وحتي تم تنفيذها في اكتوبر1973 حيث لم يكتشف العدو اي شيء وبدانا في إحضار الطلمبات وتدريب القوات واستخدمت هذه الطريقة في ملحمة العبور بصورة أذهلت العالم أجمع .
http://www.ahram.org.eg/News/962/102/235192/%D9%85%D9%84%D9%81/%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%88%D8%A7%D8%A1-%D8%A8%D8%A7%D9%82%D9%8A-%D8%B2%D9%83%D9%8A-%D9%8A%D9%88%D8%B3%D9%81%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%AE%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A7%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A-%D8%AD%D8%B7%D9%85%D8%AA-%D8%AE%D8%B7.aspx
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
أكتوبر.. روح الإرادة والنصر
أربعون عاما مرت علي النصر العظيم.. ومازالت الذكري نضرة.. زاهية.. تثير في النفوس أسمي المشاعر الكامنة التي تحملها الأجيال إزاء هذا اليوم العظيم الذي تجلت فيه شجاعة المقاتل المصري وروعة أدائه ومعدنه الأصيل وهو يخوض غمار القتال متسلحا بالعزيمة والإصرار والإيمان والانتماء لتراب هذا الوطن.. ساعات ونحتفل مع قارئنا العزيز بذكري النصر بعيدا عن الانجازات العسكرية الكبري.. فذلك حديث له أبطاله ورجاله الذين كانوا ـــ ومازالوا ـــ يسطرون كل يوم إنجازا لا تراه الأبصار ولكن تدركه البصيرة.. رجال اعتادوا أن تكون الحياة بالنسبة لهم صنوان للموت إذا كانت بلا كرامة أو حرية أو سلام.. حرب أكتوبر وثبة مصر القوية الهادرة.. التي تجسدت فيها الإرادة السياسية المستقلة ووحدة الكلمة وامتلاك زمام المبادرة.. وزرع بذور الأمل في مستقبل أفضل والمقاومة التي لا تلين.. والعمل الدؤوب.. هكذا كان انتصار أكتوبر بعثا جديدا للإنسان المصري والعربي.. فنتائج الحرب الإيجابية لا تقتصر علي الانتصار العسكري أو السياسي أو الاقتصادي فقط.. ولكن روح أكتوبر التي استطاعت أن تنتصر علي كل المستحيلات في أول حرب إلكتر من مذكرات اللواء حسن الجريدلي.. خفايا و أسرار من داخل غرفة العمليات تشرفت بلقاء احد أبطال حرب أكتوبر وهو اللواء ا.ح حسن الجريدلي, مدير عمليات القيادة العسكرية الشرقية في حرب1967, و سكرتير عام وزارة الحربية و أمين عام وزارة الدفاع من1971 حتي1973 و رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة من بعد حرب أكتوبر1973 و حتي1978 رحمة الله علية... وقد قام يومها بفتح خزانة أسراره ليحكي أدق تفاصيل مرحلة ما بعد نكسة1967 و كيفية الاستعداد للحرب و ساعة الصفر التي غيرت وجه التاريخ فسرد أدق التفاصيل من داخل غرفة العمليات و أسباب اختيار هذا اليوم و هذا الشهر و تلك السنة بالتحديد لشن الحرب علي العدو الإسرائيلي. وفي نهاية لقائي وحواري مع هذا البطل منحني نسخة من كتابه مذكرات ضابط مصري...خفايا وأسرار من غرفة عمليات حرب6 اكتوبر والتي اخترنا منها هذه الأجزاء لنضعها أمام قارئنا العزيز..
وقد تم إتباع خطتين لتحقيق هذا الهدف.. أولها سرية التخطيط فقد تم تكليف عدد محدود من الضباط بالتخطيط واقسموا يمينا بألا تخرج أي كلمة عن مهمتهم السرية إلي أي شخص سواء داخل القوات المسلحة أو خارجها حتي أنهم قاموا برسم الخرائط بأيديهم وليس بواسطة خطاطين أو رسامين حتي لا يعرف عنها احد حتي عندما كان يراد الاستفسار عن معلومة كان لابد من الانتقال للحصول عليها وليس عن طريق الاتصالات سواء السلكية أو اللاسلكية وعندما يتم تسليم أي عمل كان عن طريق اليد باليد وليس عن طريق المراسلات. ثانيا, كان عنصر الخداع حيث تم إيهام العدو بعدم قدرتنا علي القيام بحرب وتم تنفيذ هذه الخطة بإتباع عدة اتجاهات أولا علي المستوي السياسي و العسكري من خلال إيحاء العدو بأننا غير مستعدين للحرب وإننا نسعي لحل قضيتنا بالطريقة السلمية وان قواتنا تحتاج لوقت طويل حتي نكتسب القدرة علي القيام بحرب. حتي أن القيادة العسكرية قد أعلنت عن قيام عمرة للضباط كما قام وزير الخارجية المصرية بدعوة وزير دفاع رومانيا لزيارة مصر يوم8 أكتوبر كما تم تسريب معلومات أن هناك زيارة مرتقبة لرئيس الجمهورية لدول عدم الانحياز خلال شهر نوفمبر1973 و الإعلان عن تسريح بعض المجندين قبل الحرب ب48 ساعة. وفي نفس الوقت كان يتم إعداد الأسلحة وإدخالها لمسرح العمليات والمعدات والكباري في سرية تامة كل هذا حقق المفاجأة الإستراتيجية وهي' إخفاء نية العمل' لدرجة أن قرار الحرب تم إصداره يوم5 أكتوبر للقيادات العليا وظل يتدرج حتي وصل إلي الجنود قبل الحرب بساعتين.
وعن يوم6 اكتوبر1973 ذكر الجريدلي أنة قد بدأ عاديا ولكن في تمام الساعة الثانية عشر ظهرا صدرت الأوامر إلي رئيس هيئة العمليات بإبلاغ القيادات بنزع خرائط المشروع الإستراتيجي ووضع خرائط خطة العمليات الحقيقية و تم إغلاق جميع الأبواب و في نفس الوقت توجه احمد إسماعيل إلي قصر الطاهرة لاصطحاب الرئيس إلي المركز دون علم أي احد وكنت في شرف استقباله و كانت كل أعصابي مشدودة وأنا أقوم بتحيته حيث سيتقرر مصير تلك الأمة خلال ساعة واحدة فقط و قلت له: بالتوفيق و بأذن الله ربنا سينصرنا في معركتنا, فرد قائلا: وهو يشد علي يدي: علي بركة الله. ثم اتجه الرئيس إلي الغرفة الرئيسية و اتخذ موقعة علي المنضدة الرئيسية و علي يمينه الفريق احمد إسماعيل وزير الحربية و القائد العام للقوات المسلحة, و علي يساره الفريق سعد الشاذلي رئيس الأركان و بجوار الفريق احمد إسماعيل وحضرت اللقاء وأمامي وسائل الاتصال المختلفة و الخاصة بالقائد العام. بدأت العيون تتعلق بعد ذلك بالساعة في انتظار ساعة الصفر الساعة2 و خمس دقائق و في تمام الساعة الواحدة و خمسين دقيقة بدأ تسجيل خروج الطائرات من قواعدها و تمت الضربة الجوية الأولي بنجاح و بمكالمة بشرنا بها اللواء طيار محمد حسني مبارك قائد القوات الجوية. و علي المنضدة الرئيسية يحدث موقف قاسي حيث همس الفريق احمد إسماعيل في أذن الرئيس السادات وأبلغه باستشهاد شقيقة عاطف السادات و الذي رد بكل شجاعة بعدها: كلهم أولادي و كلهم شهداء في الجنة. بعد قليل, دخل اللواء محمد سعيد الماحي قائد المدفعية ليعطي تمام ببدء تمهيد المدفعية2000 مدفع ميداني تطلق قذائفها معا علي الضفة الشرقية و لمدة53 دقيقة. جدير بالذكر أن المدفعية قد صبت علي مواقع العدو ما يبلغ زنته3000 طن من الذخيرة وكان عدد دانات المدفعية في الدقيقة الأولي10500 دانة أي بمعدل175 دانة كل ثانية. و ليبدأ بعدها عبور القناة بالقوارب المطاطية ليكون علي الضفة الشرقية خلال الدقائق الأولي8000 مقاتل ووصلوا إلي50 ألف قبل غروب يوم السادس من أكتوبر.
ولعل من أجمل اللحظات التي لا تنسي تكليفي بأعداد بيان عسكري لأجهزة الإعلام و لا انسي مطلقا البيان الشهير الذي قلت فيه و رفع علم مصر علي الضفة الشرقية للقناة. تلي كل هذا يوم7 أكتوبر احتواء جميع الهجمات المضادة و بحلول يوم8 أكتوبر تمكنت القوات المصرية من صد الاحتياطي التعبوي الإسرائيلي لجبهة سيناء و تمت اكبر معركة بالدبابات تكبد فيها العدو الإسرائيلي خسائر فادحة و لذا أطلقوا علي هذا اليوم اسم الاثنين الحزين حيث تم أيضا اسر العقيد عساف ياجوري قائد اللواء190 مدرع الإسرائيلي. و بنهاية يوم9 أكتوبر نجحت القوات المسلحة في تحقيق مهمتها حسب الخطة الهجومية ووصلت قواتها الأمامية إلي عمق حوالي15 كيلو متر شرق القناة.
http://www.ahram.org.eg/News/962/102/235188/%D9%85%D9%84%D9%81/%D8%A3%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%A8%D8%B1%E2%80%8F%E2%80%8F-%D8%B1%D9%88%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B1%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%B1.aspx
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
سمير نوح أحد أشباح المجموعة 39 قتال يروي بطولات"غلوش"و"الجيزي"و"هنداوي": نفذنا 91 عملية وأسرنا أول إسرائيلي بعد 67
الجمعة 04.10.2013 - 08:28 م
حوار أحمد رجب وحاتم محسن- تصوير طارق الجباس
- العميد الرفاعي وفدائيين من ك141 نجحوا في تنفيذ أول عملية ضد العدوان الإسرائيلي عقب نكسة 67 وفجروا أكثر من مليون صندوق ذخيرة
- أسرنا أول جندي إسرائيلي بعد 67 في عملية جبل مريم وكان يدعي "يعقوب رونيه"
- النقيب إسلام توفيق كان ينزع فتيل القنبلة ويلقيها إلي الجندي وعلينا أن نتلقفها بيد واحدة ونتخلص منها قبل أن تنفجر
- عبد المنعم غلوش أبهر الخبراء السوفيت حينما طلبوا صاروخ إسرائيلي وضع علي الضفة الأخرى للقناة فأحضر لهم3
- كنا نكتب أسماءنا بالرصاص علي الحوائط أثناء تدريبات الرماية ونعبر النيل عكس الإتجاه حاملين معداتنا
ما قرأته أو سمعته عن حرب أكتوبر وبطولاتها شئ وما تسمعه عن بطولات المجموعة 39 قتال شئ أخر ، هذه المجموعة التي تم تشكيلها عقب نكسة 67 تحت قيادة الشهيد العميد إبراهيم الرفاعي والتي نفذت أكثر من 90 عملية جعلت العدو ينزف لمدة 6 سنوات متواصلة كان أبرزها عملية لسان التمساح وكمين جبل مريم.
الرائد سمير نوح أحد أشباح هذه المجموعة يتحدث في حوار مطول لـ"صدي البلد" عن بطولات أعضاء المجموعة المكونة من الصاعقة البحرية والصاعقة البرية ويكشف عن تسميتهم بالأشباح مؤكداً أن لقب أشباح وصفهم به موشيه ديان لأن المجموعة لم تكن تترك أثر خلفها بعد تنفيذ أي عملية.
ويتحدث نوح أيضاً عن أسرهم لأول جندي إسرائيلي وكيف نفذوا عملية جبل مريم والتي أدت لتطاير أشلاء عدد من الجنود الإسرائيليين وكانت عملية صاخبة أعطت دفعة قوية للجيش المصري عقب النكسة..
في البداية نود أن تحدثنا عن المجموعة 39 قتال ودور العميد إبراهيم الرفاعي فيها ؟أود في البداية أن أوضح أن الجيش المصري لم يحارب في 67 وبعد احتلال العدو الإسرائيلي لسيناء بدأ بالانتشار في منطقة سيناء ونشر أسلحة و صواريخ علي الضفة الشرقية حتى تضرب علي الضفة الغربية لسيناء بالإسماعيلية.
ولكي نتحدث عن بداية عمل العميد إبراهيم الرفاعي فيجب أن نتحدث عن الصواريخ التي كانت تنتشر علي طول خط القناة وتضرب المواقع والسيارات التي كانت تتحرك من وإلي الإسماعيلية وإلي بورسعيد و كان في هذا الوقت الخبراء السوفيت موجودين في مصر وقالوا:" احنا عايزين صاروخ من تلك الصواريخ عشان نعرف مداه و قوة تفجيره و مسافته" ووقتها طلب الشهيد إبراهيم الرفاعي من صديقه النقيب إسلام توفيق قاسم من"الصاعقة البحرية" أشخاص من الصاعقة البحرية علي أساس أنهم يستطيعون السباحة لمسافات طويلة لكي ينفذوا مهمة إحضار الصواريخ فقال توفيق للعميد الرفاعي :" أنا مجهز مجموعة جيدة بعد النكسة و جاهزين لأي عملية".
و في 4 يوليو 1967 عبر النقيب إسلام توفيق وكان معه ملازم أول رأفت جمعة و الملازم أول بهجت خضير اكتشفوا بعد الاستطلاع أن القوات الإسرائيلية استولت علي مخازن للأسلحة و الذخيرة بعد انسحاب القوات المصرية ، فعبر الشهيد إبراهيم الرفاعي وأحضر مجموعة من (ك 141 فدائية) كانوا حوالي 4 "صف ضابط" وجهزوا كل معدات النسف وعبروا القناة و بدءوا يحزمون الأسلحة والذخيرة في منطقة جنيفة في الإسماعيلية في الضفة الشرقية و نسفنا أكثر من مليون صندوق للأسلحة الذخيرة و المعدات وقطار محمل بالأسلحة والذخيرة وكتائب مظلات إسرائيلية وظلت النيران مشتعلة عدة أيام حتى شوهدت في الزقازيق.
هذه كانت أول عملية لكم قبل تكوين المجموعة 39 قتال أليس كذلك ؟نعم كانت أول عملية وكانت ناجحة بنسبة 100% وقادها العميد إبراهيم الرفاعي وكان وقتها برتبة مقدم وكانت أيضاً قبل تكوين المجموعة وهذه العملية جعلت الفريق محمد أحمد صادق وكان وقتها مدير المخابرات الحربية يقول:" إحنا عندنا ناس ابطال ممكن يقوموا بأعمال ضد العدو و مش هنقف مكتوفين الايدي" والجيش المصري كان في وضع الاستعداد و التجهيز بعد الأستيلاء علي معظم الأسلحة و الذخيرة و الطيران.
و كلف وقتها الفريق صادق العميد إبراهيم الرفاعي بتكوين مجموعة لعمل عمليات ضد العدو وفي هذا الوقت كانت قوات الجيش تقف مكتوفة الايدي و قوات العدو تتأرجح في سيناء شمالا و يمينا و تضرب المواقع والسيارات وتقوم بطلعات جوية كثيرة.
وبدأت القوات تنوع في الأسلحة وبدأت العديد من الدول تساعدنا وفي هذا الوقت طلب الخبراء الروس احد الصواريخ فطلب الرفاعي من إسلام توفيق قاسم تنفيذ العملية و كان عندنا بطل من برما من الغربية يسمي عبد المنعم أحمد غلوش و كان قوي جدا في السباحة و كان الأقوي جسمانيا والأمهر في السباحة من بيننا ولديه قوة تحمل وعبروا القناة سباحة وعند عبورهم للقناه كان التيار شديداً وكشف الاستطلاع وقتها أنهم حينما سيعبرون من تلك النقطة سيبتعدون عن الهدف بـ2 او 3 كيلو من شدة التيار وفشلت فكرة الغطس وعبروا عن طريق السباحة فوق المياة بمساعدة المعدات والتجهيزات الموجودة "والذي أعرفه أن الشهيد عبد المنعم احمد غلوش عبر بمفرده وهو الذي طلب منهم هذا و تم ربطة بأحد الحبال من "وسطه" وأخذ كيس بلاستيك وضعه في بدلة الغطس حتي يتمكن من إحضار الصاروخ دون أن تؤثر عليه ملوحة المياه والاستطلاع رأي أنه لا توجد أي تأمينات لهذا الموقع الإسرائيلي واستطاع غلوش السباحة وبدلاً من أن يحضر صاروخ واحد أحضر 3 صواريخ وكان حجم الصاروخ صغيراً فوضع الثلاثة في "الكيس" وأعطي الإشارة في الجانب الآخر عن طريق تحريك الحبل وتم سحبة وبعدها تحركوا بسيارتهم إلي إدارة المخابرات والتقوا اللواء محمد أحمد صادق و وأرسلوا الصواريخ للخبراء السوفيت الذين فوجئوا بدورهم مما رأوه وقالوا :" كنا متأكدين أنكم لن تستطيعوا أن تحضروا صاروخ واحد فقمتم بإحضار 3 صواريخ".
ويضيف نوح:" تم تجربة أحد الصواريخ و وتعرفنا علي مداه وأنه يتراوح ما بين 5 إلي 6 كيلو فقط فقمنا بإبعاد الأهداف أكثر لحوالي 7 كيلو و تم عمل شباك بطول الضفة حتى توقف أي صاروخ يتم ضربه وينفجر في تلك الشباك و تم منح الشهيد غلوش نوط الجمهورية و منحة 2جنية ونصف كمنحة مدي الحياة و طلب الشهيد إبراهيم الرفاعي من اللواء صادق التصديق علي استدعاء صف ضابط و ضباط من الصاعقة البحرية للقيام بعمليات تعرضيه ضد العدو وتم تدريبنا بشكل شاق جدا بقيادة النقيب إسلام توفيق قاسم و الملازم أول وسام عباس حافظ و ملازم أول ماجد مصطفي ومجموعة كبيرة منا وكنا حوالي 25 أو 26 فرد كلنا كنا برتبة "عريف" باستثناء غلوش كان مساعد وهنيدي أبو شريف كان رقيب أول".
وعن تدريباتهم في تلك الفترة يقول نوح :"التدريبات في هذا الوقت مثلاً كنا نحضر بالونات و نفردها علي حبل غسيل و نضربها من علي بعد 200 متر وهي تتأرجح ويجب علي كل واحد أن يصيب الهدف من أول طلقة وتدربنا في نادي الرماية علي الشواخص بأن يكتب كل واحد فينا أسمه بالرصاص ووصلنا لدرجة متقدمة جدا في التدريب وأنا كنت الأول في السباحة و كنا نعبر مع النقيب إسلام في النيل و كنا نعبر بالسلاح و بكامل معداتنا ضد التيار والمياه العذبة أثقل من المياه المالحة بكثير وكان العميد إبراهيم الرفاعي هو والنقيب إسلام يدربوننا علي شئ أخر وهو أن يقوم أحدهم بإلقاء قنبلة دفاعية من الممكن أن تؤدي للوفاة إذا انفجرت بعكس القنبلة الهجومية وكنا نقف في طابور بعيد و هو يجلس علي صندوق ذخيرة ويلقي لكل واحد منا قنبلة بعد نزع فتيلها ويجب علينا أن نمسكها ونتخلص منها خلال 5 ثواني وأن تمسك بها بيد واحدة وتلقيها في المياه قبل أن تنفجر خلال 5 ثواني.
ما هي العمليات التي قمتم بها بعد ذلك ؟هناك عملية مهمة جداً وأطلقنا عليها عملية "كمين جبل مريم" والاستطلاع اللاسلكي المصري كان يرصد دائما وجود سيارتين يأتون من اتجاه الشمال أو الجنوب كل يوم في حدود التاسعة مساء تقوم بعمل دورية بالجهة الموازية للقناة و كلف النقيب إسلام توفيق والرائد احمد رجائي عطية وكان قائد العملية و قبل العملية كلفت بأن أكون قائد التلغيم في الجانب الأيمن و كان زميلي النقيب عادل فليفل من الشمال و كان اللغم مضاد للدبابات و كفيل بتفجير دبابة و كل مجموعة مكلفة بوضع 6 ألغام في كل جانب بمعدل لغمين أعلي بعضهما البعض ولابد من سد كل طريق بلغمين.
وكنا نجيد التمويه جدا لأنه أهم شئ في العملية حتى لا يستطيع العدو كشفنا والوصول لنا وكان معي في العملية الشهيد موسي عبد العاطي و الشهيد محمد عبد الحميد الشامي وكانا ضاربين ار بي جي و قبل أن نعبر عبر المرحوم الملازم أول ماجد ناشد و معه عبد المنعم غلوش و البطل هنيدي مهدي للاستطلاع حتى يكشفوا المكان لأنه من الممكن أن يكون هناك كمين وعبروا القناه و وأعطونا الإشارة بالأنوار و عبرنا بـ"لانش" خلفهم وكل واحد منا يحمل لغمين.
ويضيف نوح :"قمنا بوضع الألغام وأثناء مرور السيارتين انفجرت الألغام في السيارة الأولي وإحنا اشتغلنا بالأربي جي والعربية اللي بعدها دخلت في اللغم اللي أنا وضعته وأول ما دخلت في الألغام نزلنا فتحنا النيران بشدة وكانت أول عملية صاخبة تقوم بها القوات المسلحة وعلي مستوي الجيش كلة وكانت في 26/8/1968 و تطايرت أجساد اليهود في الجو ووجدنا واحد منهم مازال علي قيد الحياة وكان أسمه يعقوب رونيه وتوقيت عبورنا وتنفيذ العملية كان الساعة 9.30 مساءً وبمجرد وقوع الانفجارات استغاث الإسرائيليين وقالوا أن هناك لواء من الجيش المصري عبر القناة و كنا وقتها نضرب طلقات خارقة و حارقة و خارقة حارقة كانت تنير السماء وكان "خلصانين" ولكن أحنا كملنا و "معتقناش" لان هذه كانت أول عملية نقوم بها والنقيب اسلام ضرب طلقة كاشفة في المكان نورت المنطقة فوجدنا هذا الجندي يعقوب رونيه ينازع فحمله البطل هنيدي مهدي أبو شريف والشهيد محمود الجيزي و محمد شاكر و عبروا القناه وجروا به إلي المستشفي لكنه توفي بعدها بحوالي نص ساعة".
كان المقصود من هذه العملية جمع اكبر عدد من المعلومات و جمع خرائط وأي معلومات وبعد تنفذ مهمتنا عدنا إلي مبني المخابرات الحربية و قابلنا اللواء محمد أحمد صادق مقابلة "محصلتش" و كان فرحان جدا وأخذنا وذهبنا للفريق محمد فوزى وزير الحربية ومنحنا الرئيس جمال عبد الناصر نوط الجمهورية و أخذنا مكافئة 30 جنية مدي الحياة لكل المتطوعين وطالب موشيه ديان وقتها بمحاكمة الفدائيين المصريين الذين عبروا و نفذوا العملية و أعلنت منظمة فتح وقتها أنها المسئولة عن العملية.
http://www.el-balad.com/637814
-----------------------------------------------------------------------------------------------------
رئيس "الاستطلاع" الأسبق:السادات قائد تاريخي..والشاذلي مايسترو أكتوبر..وما فعله مبارك بالحرب ملحمة لن تكررها أي قوات جوية
الجمعة 04.10.2013 - 04:51 م
كتب محمود فهمي وأحمد أبوشوشة - عدسة: محمد الأمين
- اللواء نصر سالم:
- "الاستطلاع" هو الجندي المجهول في الحرب وبدأ عمله يوم 5 يونيو 1967 وجعل سيناء كتابا مفتوحا للقيادة العامة
- عبد الناصر أبلغ عامر بهجوم إسرائيل في 5 يونيو ولكن عامر لم يأخذ كلامه على محمل الجد
- قرار عامر بانسحاب الجنود هو السبب في الهزيمة ولو لم ينسحب الجنود ما استطاعت إسرائيل دخول منطقة القناة
- عبد الناصر لعب دورا عظيما في حرب أكتوبر وكان القلب النابض الذي تغذى به الجيش المصري ضد إسرائيل
- كل القادة في حرب أكتوبر كانوا على قلب رجل واحد..وعقيدة الجندي المصري عدم التفريط في شبر واحد من أرضه
- قواتنا كانت قادرة على تدمير ثغرة الدافرسوار وأمريكا كانت على علم بذلك
- السادات أبلغ وزير الخارجية الأمريكي بأننا لن نفرط في شبر واحد من أرض سيناء حتى ولو كلفنا الدفع بأنفسنا
- مبارك لم يستأثر بانتصار أكتوبر لنفسه ونسب الانتصار في كل تصريحاته للجميع
- أتمنى ألا يترشح السيسي لرئاسة الجمهورية حتى يكون عصا في ظهر أي رئيس يريد أن يخرب مصر
- دعوات الإخوان للخروج في 6 أكتوبر بغرض إضاعة فرحة الشعب المصري.. والشعب كفيل بالقضاء عليهم
في كل حدث تاريخي أو حرب يكون هناك دائما "جندي مجهول" دوره لا يقل أهمية عن الذين يقاتلون على الجبهة، هذا هو حال "الاستطلاع" في الجيش المصري وقت حرب النصر في 6 أكتوبر 1973، فهذا الجهاز لعب دورا مهما خلال حرب الاستنزاف، خصوصا مع المجموعات القتالية التي نفذت عمليات كثيرة ضد العدو على طول خط القناة.
اللواء نصر سالم، ضابط الاستطلاع في فترة حرب أكتوبر ورئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، أكد أن "مهمة أجهزة الاستطلاع في الحرب بشكل عام هى البقاء خلف خطوط العدو، في مسرح العمليات، أو منطقة القتال، ورصد كل تحركاته أولا بأول وإبلاغها للقيادة العامة، ورصد جميع أنشطة العدو وحجم قواته، والمعدات الموجودة معهم، حتى تجعل منطقة الصراع كتابا مفتوحا أمام القيادة العامة وهذا ما فعلناه بعد النكسة".
وفي حواره لـ"صدى البلد"، أوضح سالم أن القوات المسلحة كلها كانت على قلب رجل واحد في حرب أكتوبر ولذلك تحقق هذا النصر العظيم، وأشار إلى أن السبب في النكسة هو المشير عبد الحكيم عامر، مؤكدا أن عبد الناصر والشاذلي والسادات ومبارك لعبوا أدوارا عظيمة في حرب أكتوبر.. وإلى نص الحوار..
ما مهمة جهاز الاستطلاع في الحرب بشكل عام؟مهمة أجهزة الاستطلاع في الحرب بشكل عام هى البقاء خلف خطوط العدو، في مسرح العمليات، أو منطقة القتال، ورصد كل تحركاته أولا بأول وإبلاغها للقيادة العامة، ورصد جميع أنشطة العدو وحجم قواته، والمعدات الموجودة معهم، حتى تجعل منطقة الصراع كتابا مفتوحا أمام القيادة العامة وهذا ما فعلناه بعد النكسة.
صرحت من قبل بأن جهاز الاستطلاع بدأ عمله استعدادا لحرب أكتوبر من يوم 5 يونيو 1967.. فماذ فعلتم؟ماحدث في 1967 كان بمثابة أزمة حقيقية عاشها الشعب المصري بأكمله، وليس القوات المسلحة بمفردها، وفي هذا اليوم كانت أجهزة الاستطلاع تغطي منطقة شبه جزيرة سيناء، وبقيت في أماكنها، ولم تستجب لأمر الانسحاب على الرغم من أنه جاء عاما لكل القوات، وقامت بإمداد القوات المسلحة بكل تحركات العدو منذ تلك اللحظة إلى أن قامت الحرب في 6 أكتوبر 1973.
هل عدم الاستجابة لم يثر غضب القيادة في ذلك الوقت؟بالفعل لم يثر غضب القيادة، لأنها وجدت أن جهاز الاستطلاع يقوم بمهامه بشكل جيد جدا، حتى في أصعب الظروف، وطلب بعد ذلك منا الاستمرار في أماكننا وإمدادهم بكل تحركات العدو.
وماذا عن الظروف كنتم تعيشون فيها، خاصة أنكم تراقبون تحركات العدو في منطقة هو يهيمن عليها بالكامل؟بالفعل عشنا لحظات صعبة على الإطلاق، فنحن عندما لم نستجب لأمر الانسحاب، كانت أعدادنا كبيرة جدا، وبدأ بمرور الوقت نستنفد الطعام والشراب، وبدأنا نفقد بعض المعدات، ولكن بمرور الوقت بدأت القيادة تدرك هذا الأمر، وطورت من أدائها، وقامت بعملية إحلال لهذه العناصر بعناصر أخرى تعبر القناة ومعها ما يكفيها من الطعام والشراب على حسب الفترة التي تقضيها، ثم تعود المجموعة الأخرى وهكذا، وبذلك لم تخل سيناء من عناصر الاستطلاع إلى أن انتصرنا عليهم في أكتوبر 73.
ما الدور الذي لعبه جهاز الاستطلاع في حرب أكتوبر؟جهاز الاستطلاع لعب دورا من أهم الأدوار، فهو كان الجندي المجهول في حرب أكتوبر، فقد حدث وقف لإطلاق النار قبل بدء الحرب بثلاث سنوات، وكان كل الاعتماد وقتها على الجهاز، حيث أمد القيادة بكل المعلومات اللازمة عن منطقة سيناء والعدو وقواته وتحركاته، وبناء على هذه المعلومات تم وضع الخطة "بدر" وهى خطة عبور قناة السويس، وبفضل دقة هذه المعلومات، انطلقت 220 طائرة وهى على علم بما ستفعله، وكانت المدفعية على علم كامل بالأماكن التي ستدمرها، وكل جندي على علم كامل بالأماكن التي سيخترقها.
وما الدور الذي لعبه اللواء نصر سالم، بشكل خاص، في حرب أكتوبر؟كانت مهمتي في الحرب هو التواجد خلف خطوط العدو لمدة 6 أيام فقط، ولكن استمر وجودي 6 أشهر، وكان أهم ما قمت به أن الموقع الذي تواجدت به لمراقبة العدو كان به مطار تم قذفه في الضربة الجوية الأولى، وأعادت القوات الإسرائيلية إصلاحه أكثر من مرة، وفي كل مرة كنت أبلغ القوات المصرية بالاستعدادات الإسرائيلية في محيط هذا المطار.
وكان أيضا من المواقف المهمة التي قمت بها، هو استخدام القوات الإسرائيلية لواءً مدرعا لشن هجوم على قواتنا المصرية التي عبرت القناة، فقمت بالإبلاغ عنه يوم 8 أكتوبر، فتوجه الطيران المصري تجاهه وقام بتدميره بالكامل.
ذكرت أنه بناء على المعلومات المقدمة من جهاز الاستطلاع تتحرك القيادة، هل لم تمدوا القيادة بالمعلومات الكافية عن الهجوم الإسرائيلي في 5 يونيو 1967؟الخطأ في حرب 1967 لم يكن معلوماتيا على الإطلاق، فالرئيس عبد الناصر كان على علم كامل بما سيحدث في ذلك اليوم، واجتمع قبلها بالقيادة وأبلغهم بأن إسرائيل ستشن هجوما عسكريا على مصر يوم الاثنين الموافق 5 يونيو وستبدأ بضربة جوية، ولكن القائد العام للقوات المسلحة وقتها، المشير عبد الحكيم عامر، لم يأخذ الكلام على محمل الجد، ولم يكن على قدر المسئولية، وتلقينا درسا قاسيا من إسرائيل في ذلك اليوم وكان السبب فيه هو عبد الحكيم عامر، بالإضافة إلى أن أمريكا هى التي كانت تحاربنا في هذا التوقيت.
ولكن عبد الحكيم عامر في مذكراته ذكر أن المسئول عما حدث في 67 هو الرئيس عبد الناصر، لأنه أبلغه بتوجيه ضربة عسكرية لإسرائيل قبل أن توجه هى ضربتها إلى مصر ولكن عبد الناصر رفض، فما تعليقك؟هذا غير صحيح على ا