بمناسبة مرور أربعين عاما على توقيع اتفاقية فض الاشتباك الأولى يوم 18 يناير 1975 بين مصر وإسرائيل في جنيف، كشفت هيئة الأرشيف الحكومي الإسرائيلي السرية عن نص رسائل متبادلة بين الرئيس أنور السادات ورئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير، والتي مهدت لتوقيع الاتفاقية، لينسحب جيش الاحتلال الإسرائيلي للمرة الأولى من أرض عربية احتلها عام 1967.
وزير الخارجية الأمريكي، هنري كيسينجر، هو من خطط لنقل تلك الرسائل بين السادات ومائير بهدف «تخفيف عدم الثقة بين الطرفين». وخلال لقائه بها يوم 17 يناير، والذى تحددت فيه البنود النهائية للاتفاقية، نقل إليها رسالة شفوية من السادات، الذى كان قد التقى به فى اليوم السابق بالقاهرة.
في هذه الرسالة، قال السادات: «هذه هى المرة الأولى منذ عام 1948 التي يبعث فيها رئيس مصرى برسالة إلى زعيم إسرائيلى، صحيح أن عبدالناصر أرسل فى السابق رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلى، موشيه شاريت، فى عام 1954، لكن ذلك لم يكن سوى خدعة من جانب عبدالناصر، وسوف تعلم رئيسة الوزراء عما أتحدث».
السادات مضى قائلا: «عندما طرحت مبادرتى السياسية عام 1971 كنت أعتزم ذلك، وعندما هددت بالحرب كنت أعنى الحرب، وعندما أتحدث الآن عن سلام دائم بيننا، فإننى أعنى ذلك». واختتم رسالته إلى مائير بالتعبير عن رغبته فى استمرار الاتصالات بينهما عبر كيسنجر «الذى يثق فيه الطرفان».
فى اليوم التالى، وهو اليوم الذى وقعت فيه الاتفاقية، نقلت مائير إلى كيسنجر ردها الشفوى على السادات، وعبرت عن تقديرها العميق لرسالته، وعن أملها فى استمرار الاتصالات بينهما، عبر كيسنجر، معتبرة إياها «نقطة تحول فى العلاقات».
مائير، وبناء على اقتراح من كيسنجر، تعهدت بأن تبذل جهودا لبناء الثقة والتفاهم مع السادات، وقالت إنه «يجب بذل كل الجهود من أجل التوصل إلى سلام يحتاج إليه الشعبان المصرى والإسرائيلى.. وعندما أتحدث عن سلام دائم بيننا، فإننى أعنى ما أقول».
بعدها بعشرة أيام، عاد السادات وبعث برسالة ثانية إلى مائير ووزير دفاعها موشيه ديان نقلها الأمريكيون إلى السفير الإسرائيلى فى واشنطن.
ولذلك، طلب السادات من مائير ألا تضع العراقيل أمامه فى العالم العربى، وأن تمضى قدما لتوقيع اتفاقية فصل القوات مع سوريا؛ لأن «الأرضية أصبحت مهيئة لذلك». وعلى هامش الرسالة، كتب السفير الإسرائيلى ملاحظة قال فيها إنه يعتقد أن «رسالة السادات جاءت بناء على مبادرة من كيسنجر المتحمس لتوقيع اتفاقية مع سوريا، وهذه فرصة لإسرائيل كى تشترط على السوريين الحصول على قائمة بالأسرى الإسرائيليين.
وبالفعل، أخذت مائير بملاحظات السفير الإسرائيلى فى ردها على رسالة السادات، فأعربت عن استعدادها للدخول فى مفاوضات مع السوريين فى مقابل هذين الشرطين. وفى بداية عرضه لتلك الرسائل، اعترف الأرشيف الإسرائيلى بأن «الحكومة الإسرائيلية هى التى سعت إلى توقيع اتفاقية فض الاشتباك الأولى ووقف الحرب».
وتابع بقوله إن «إسرائيل، التى كانت تنزف وتتألم من نتائج الحرب، استنجدت لوقف إطلاق النار وعودة الأسرى، وإيجاد حل لمشكلة المفقودين الذين بلغ عددهم المئات، وعودة الجنود إلى منازلهم.. وبحثت القيادة الإسرائيلية عن وسيلة للإسراع بحل تلك المشكلات، وسعت إلى دفع عملية سياسية تسمح للقوات الإسرائيلية بالانسحاب من المواقع الخطيرة وغير المريحة فى الضفة الغربية للقناة، وتحاشى الانزلاق إلى حرب استنزاف تكلفها ثمنا باهظا، ولكن دون بقاء القوات المصرية فى المواقع التى احتلتها (استعادتها) شرقى القناة». وختم بأن موشيه ديان، «كان أول من اقترح فصل القوات وفض الاشتباك خلال اجتماع الحكومة الإسرائيلية يوم 27 أكتوبر، وقد وافقت جولدا مائير على اقتراحه، واعتبرت ذلك بداية للاتصالات السياسية مع مصر».
اقرأ المزيد هنا: http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=18012014&id=998324c9-646c-4ade-b1dd-3548d6abdba8