20.06.2014
باتت حرب الانترنت في الفضاء الإلكتروني نموذجاً جديداً من نماذج المعارك الحديثة التي حولت العالم إلى ساحة حرب مفتوحة، اتسعت خطورتها بشكل كبير في الفترة الأخيرة حتى صارت تؤثر على الكثير من مؤسسات الدول والحكومات، التي أصبحت تعاني الكثير من المشاكل بسبب اتساع رقعة هذه الحرب الخطيرة والهجمات الإلكترونية المنفذة من أطراف وجهات مختلفة، ولأسباب متعددة منها ما يكون لأجل التجسس أو إلحاق أضرار إستراتيجية بعيدة المدى بالخصوم، أو في سبيل تحقيق أهداف خاصة.
تلك الحرب المتفاقمة التي اعتمدت أساليب حديثة متطورة أصبحت مصدر قلق للكثير من المؤسسات الحكومية والأفراد وهو ما دفع بعض الدول الى اتخاذ خطط مضادة لأجل تحسين قدراتها الدفاعية والحفاظ على معلوماتها المهمة كما يقول بعض المراقبين الذين أكدوا على ان الحرب الإلكترونية ستكون هي الحروب المستقبلية، خصوصا وان الجميع قد أصبح يعتمد أكثر فأكثر على شبكة الانترنيت وفي شتى المجالات الاقتصادية والعسكرية وغيرها.
وبهذا تصبح حرب الانترنت ركنا رئيسيا في التخطيط الاستراتيجي الحربي المعلوماتي والاستخباري في البلدان المتقدمة، التي ربما تكون بديلة لمعركة الصواريخ في المستقبل.
الحرب العالمية الجديدة
وفيما يخص هذه الحرب العالمية الجديدة فقد قالت أكبر وكالة لأمن الإنترنت في الصين إن هجمات التسلل على أجهزة الكمبيوتر الصينية زادت عام 2013 بنسبة تزيد على النصف مقارنة بالعام السابق وإن الهجمات القادمة من الولايات المتحدة شكلت نسبة كبيرة. وتختلف بكين وواشنطن منذ عدة أشهر بشأن قضية هجمات التسلل الإلكتروني وتتبادلان اتهامات باختراق مواقع حكومية حساسة. وكثيرا ما تقول الصين إن الولايات المتحدة أكبر مصدر للتسلل الإلكتروني على أجهزة الكمبيوتر الصينية.
وقال المركز الوطني لتنسيق الاستجابة لحالات الطوارئ على شبكة الإنترنت في الصين إن الشبكة واجهت "العديد من التهديدات الأمنية" مما أثار "تحديا" شاملا لأمن الصين. وقال المركز في بيان على موقعه على الإنترنت "هناك حوادث متكررة على مستوى الدولة لهجمات تسلل منظمة عبر الإنترنت واخترقت بعض أنظمة المعلومات المهمة لبلادنا على الإنترنت."
وأضاف المركز أن برنامج (تروجان) الخبيث سيطر على 15 ألف جهاز كمبيوتر العام الماضي وأن خروقات مستترة من الخارج سيطرت على 61 ألف موقع على الإنترنت بزيادة 62 بالمئة عن العام السابق. وأشار المركز إلى أن خوادم في الخارج معظمها من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وهونج كونج سيطرت على حوالي 11 مليون جهاز كمبيوتر وأن الولايات المتحدة تمثل ثلث هذا الرقم.
حماية البيانات
من جانب اخر قد تبدأ أوروبا قريبا تحصين بياناتها من الإنترنت إذا تمت الموافقة على مقترحات المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل. وكانت ميركل قد طرحت في رسالتها الأسبوعية للشعب الألماني خطة تهدف إلى الإبقاء على البيانات الأوروبية على الشبكات الأوروبية ذاتها. وأشارت إلى أن هذا يتطلب تعزيز شبكات البيانات في أوروبا، وتنفيذ سياسات وتوظيف تقنيات تحد من كمية البيانات التي تعبر الأطلسي.
وجاءت مقترحات المستشارة الألمانية بسبب المعلومات السرية التي كشفها موظف الاستخبارات الأمريكي إدوارد سنودين بشأن حجم التجسس الأمريكي. وثارت ضجة في ألمانيا خاصة بعد الكشف عن معلومات تتحدث عن طريقة تجسس الولايات المتحدة على ميركل نفسها. لكن خبراء في الشبكات والحواسيب يقولون إن تنفيذ هذه الخطة يتجاهل بعض الحقائق حول الشبكة، وقد تؤثر في مرونتها وفاعليتها.
فرنسا وبريطانيا
الى جانب ذلك كشفت فرنسا النقاب عن خططها لتدعيم دفاعاتها المهملة منذ فترة ضد الهجمات الالكترونية على الانترنت باستثمارات بقيمة مليار يورو (1.36 دولار) لمواكبة نظيراتها في دول حلف شمال الاطلسي. وعرض وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لو دريان اجراءات منها استخدام هواتف آمنة والاستعانة بتقنية التشفير ومراقبة الشبكات بغرض تعزيز الحماية لنظم الكمبيوتر الحساسة المعرضة حاليا للاختراق.
ويهدف الإنفاق لبناء قدرة فرنسا على التصدي للهجمات الالكترونية المتزايدة وتدعيم نظم المراقبة بعد سنوات من الاهمال. وباتت القضية اكثر إلحاحا بعد ما كشفه المتعاقد السابق في وكالة الامن القومي الامريكية ادوارد سنودن عن ممارسات امريكية على الانترنت. وقال الوزير "هذه اولوية لوزارة الدفاع لان قدراتنا التشغيلية وقدرتنا على اجراء عمليات قد تكون عرضة بشكل خطير لهجمات على الانترنت." واضاف قائلا "أشير (هنا) لنظم الاسلحة ومراكز القيادة والمعلومات والانظمة التي تربطها ببعضها البعض."
على صعيد متصل قالت صناعات المال والنقل والطاقة في بريطانيا انها ستعزز دفاعاتها ضد هجمات الانترنت مستفيدة من نتائج محاكاة لهجوم على بنوك. وتزداد هجمات الانترنت في انتظامها وشدتها فيما يصبح "النشطاء من مخترقي المواقع" والمجرمون أكثر تقدما. واستهدفت البنوك مرارا بهجمات منسقة على الانترنت أو باختراق مواقع مقرضين بعينهم.
وقال بنك انجلترا (المركزي) في تقرير بشأن النتائج التي استخلصت من الحدث إن مجتمع المال في لندن اختبر قدرته على المواجهة من خلال محاكاة لهجوم حيث تم اختبار البنوك وبورصات الاستثمار في مواجهة هجوم منسق على الانترنت من جانب "دولة معادية بهدف التسبب في تعطيل كبير أو تشويش". وشارك في هذ التمرين نحو 220 خبيرا مصرفيا ومراقبا ومسؤولا حكوميا ومقدما لخدمات البنية الاساسية للسوق. ونفذ تمرين مماثل في عام 2011 وأجرته نيويورك أيضا في العام الماضي وأطلق عليه "كوانتم دون 2".
http://yagool.dz/Ar/article_573.html