باتت التهديدات البحرية التي تواجهها دول الشرق الاوسط تزداد عددا وتعقيدا. تشتري الدول المعنية سفنا حربية حديثة ومرنة في مسعى منها لتأمين نسبة عالية من الامن البحري. يطلب من تلك السفن تنفيذ عدد من المهام ضمن المناطق الاقتصادية الحصرية "EEZ" للبلاد العربية، بما في ذلك حماية المياه الاقليمية، ودوريات المراقبة الموسعة، والتواجد والمنع البحري، وعمليات القوات الخاصة، والبحث والانقاذ، والاسعاف بعد الكوارث البحرية. اضف الى ذلك يتوجب على السفن تأمين قدرة دفاع ذاتي قوية ضد تهديدات السطح والجو، وقدرة لدعم الطوافات الصغيرة او المتوسطة وتشغيلها. تضع طبيعة المسافة الضيقة للمياه الاقليمية في منطقة الشرق الاوسط في الاولوية قدرات عدم الوضوح او الخفاء لتأمين الحماية ضد مراقبة الرادار او تهديدات الاسلحة الموجهة راداريا. تعد الفرقاطات او السفن بحجم سفن الحراسة من السفن الاكثر طلبا من قبل البحريات العربية، وتعتبر كبيرة بما فيه الكفاية لتحمل مجموعة فعالة من الاسلحة والمستشعرات كما تحتاج الى اطقم قليلة العدد. هذا، بالمقارنة مع السفن الحربية الاضخم مثل المدمرات او الطرادات التي وان قدمت خيارات سلاح اكبر، الا ان تكاليف تشغيلها عالية وتتطلب طواقم اكبر.
تجدر الاشارة الى ان لدى البحريات العربية خططا طموحة لبناء قواتها البحرية، بالاضافة الى اطلاقها برامج لشراء سفن حربية حديثة من احواض بناء السفن الاوروبية وتجهيزها بالجيل الاحدث من الاسلحة، والمستشعرات ونظم الاتصالات.
نمو بحرية الامارات بدأت الامارات العربية المتحدة تتسلم سفنها الحربية الجديدة، التي من شأنها ان تعزز قدراتها البحرية الى حد بعيد. فقد سلّمت شركة بناء السفن الايطالية Fincantieri سفينتين جديدتين الى البحرية الاماراتية من حوض Muggiano قرب La Spezia في كانون الثاني الماضي، وهما عبارة عن سفينة الحراسة والمضادة للغواصات Abu Dhabi والتي تبلغ ازاحتها ١٦٥٠ طنا، وسفينة الدورية Ghantut وهي الاولى من فئة Falaj-2 وتبلغ ازاحتها ٥٥٠ طنا. اما السفينة الثانية من فئة Falaj-2 فقد تركت مرافق Fincantieri الى الامارات في وقت متأخر من العام الجاري بعد تجهيزها بالكامل ونيلها الاهلية بالنسبة لنظام القتال. تجدر الاشارة الى ان Fincantieri هي الان في مرحلة متقدمة من المفاوضات لتعديل عقد لتركيب القاذف Mk 49 من Raytheon العائد لنظام الدفاع المعتمد على الصاروخ الدوار المرن (Rolling Airframe Missile - RAM) من نوع RIM-116، والصونار المقطور الهامد والنشط CAPTAS Mk 2 على سفينة Abu Dhabi عوضا عن تثبيتها على نظام CAPTAS Nano الخاص بها. يبلغ طول سفن Falaj-2 ٥٥م وازاحتها ٥٥٠ طنا مع حمولة كاملة وهي تتسم بمقطع راداري منخفض. تنفذ تلك السفن مجموعة من المهمات، بما فيها المراقبة، والدورية، والحماية الذاتية ضد التهديدات الجوية وتهديدات السطح، كما وانها قادرة على توجيه الضربات ضد سفن واهداف برية اخرى. يتضمن تسليح سفن Abu Dhabi مدفع Oto Melara من عيار ٦٢/٧٦ ملم مركب على قبة مخفية وقاذفين عموديين يطلق كل منهما ثلاثة صواريخ سطح - جو VL-MICA من MBDA، واربعة صواريخ مضادة للسفن من نوع Exocet Block 3 من انتاج MBDA ايضا، ورشاشي فئة Gatling عيار ٧،١٢ ملم من نوع Hitrole-G من انتاج Oto Melara يتم التحكم بهما عن بعد. اطلقت ADSB في ١٥ شباط الماضي السفينة الرابعة من اصل ٦ سفن من فئة Baynunah التي طلبتها الامارات. اطلق على هذه السفينة اسم Mezyad. كما اطلقت السفينة الاولى من تلك الفئة في فرنسا ودخلت الخدمة العام الفائت. اما السفينتين الثانية والثالثة فقد اطلقتا في ابوظبي في العام ٢٠١١ ومن المنتظر ان تدخلا الخدمة في وقت متأخر من السنة الحالية.
موقع عمان الاستراتيجي يعني وضع عمان الاستراتيجي في الخليج العربي، ان هذه الدولة تعطي باستمرار قيمة كبيرة لبحريتها وتستثمر بشكل هام جدا للحصول على قدرات جديدة. وصلت سفينة الحماية Corvette الاولى من سفن المشروع "Khareef" الجديد الى قاعدة سعيد بن سلطان البحرية في مسقط في تشرين الاول من العام الحالي. طلبت تلك السفن الثلاث اساسا العام ٢٠٠٧ مما كان يسمى آنذاك VT Shipbuilding تحت عقد بلغت قيمته ٦١٥ مليون دولار، وستكون مقاتلات السطح الاضخم والاكثر تعقيدا في الخدمة لدى بحرية عمان الملكية. ويذكر ان شركة BAE Systems Maritime - Naval Ships امسكت بزمام الامور بعد ان امتلكت شركة VT Shipbuilding. يمكن للسفن من فئة Khareef، بواسطة تجهيزها بقدرات مضادة للتهديدات الجوية وتهديدات السطح، يمكنها الدفاع ضد هذه التهديدات الى جانب حمايتها للمياه الدولية والمنطقة الاقتصادية الحصرية العمانية (EEZ). ستستخدم سفن الحراسة في دوريات المراقبة الموسعة، وعمليات الردع، ومهمات البحث والانقاذ والعمليات المشتركة وعمليات قوات التحالف وعمليات البحث والانقاذ ابان الكوارث. يزود هيكل السفينة بميزات الخفاء تخفيضا للبصمة الرادارية. اما التصميم التضميني المدعوم بنظام ادارة الاسلحة الشامل فيسمح من جهته للزبائن بدمج التجهيزات والنظم لمتطلبات المهام الخاصة. تم تصميم السفينة للعمل في المياه العالية بعيدا عن الشاطىء لفترة اطول من الزمن. يبلغ طول سفينة الحراسة هذه ٩٩ م وعرضها ٦،١٤ م وبغاطس يبلغ ١،٤ م. تبلغ ازاحتها ٢٦٦٠ طنا، اما عدد افراد الطاقم فهو ١٠٠ ضابط بحار. تسلح السفن من فئة khareef بصواريخ سطح - سطح نوع MM40 Exocet Block 3 ونظام صواريخ سطح - جو عمودي الاطلاق من نوع Mica من انتاج MBDA. يمكن ل MM40 Block 3 الاشتباك باهداف على مدى ١٨٠ كلم. تعد Thales Nederland المتعاقد الثانوي الاساسي لتأمين نظام القتال وهو خدمة تتضمن نظام ادارة القتال "Tacticos"، ونظام المراقبة الراداري SMART-S Mk2 وجهاز التوجيه الكهربصري رادار (STING EO Mk2). تجهيز MBDA سفن Khareef بنظم الدفاع بالصواريخ ذات الاطلاق العامودي "VL MICA" والصواريخ المضادة للسفن MM40 block 3 Exocet. تتضمن الاسلحة الاخرى مدفعا ثنائي الاغراض فائق السرعة من عيار ٦٢/٧٦ ملم من انتاج Oto Melara، ورشاشين من عيار ٣٠ ملم احاديي القاعدة من نوع Seahawk A2 من انتاج MSI-Defence. اما سفينة سلاح البحرية الملكية العمانية الثانية Al Rahmani فقد سلمت في تشرين الاول ٢٠١٣ الماضي وستتبعها السفنة الثالثة والنهائية Al Rasikh في اواسط العام ٢٠١٤. تسلّمت عمان العام ١٩٩٦ سفينتي حماية Qahir Al Amwaj وAl Muazzar واللتين يبلغ طول كل منهما ٨٣ م وبنتهما Vosper Thornycroft البريطانية. استغرق العمل ببرنامج Muheet القاضي ببناء السفينتين اربع سنوات فقط. يعتمد تصميم السفينة على النموذج الخفي لسفينة الحماية Mark9. صمم البدن والبنية الفوقية بميزات الخفاء التي تتضمن طلاء السطوح بمواد ماصّة لأشعة الرادار وجوانب تتضمن زوايا حادة لتخفيض مقطع الصورة الرادارية. تبلغ سرعة Qahir Al Amwaj ٢٥ عقدة حتى المستوى ٥ من حال البحر و١٥ عقدة في المستوى ٦ منه. رُكّزَت القاذفات الرباعية الوحدات لصاروخ Exocet MM40 Block 2 على المتن الامامي خلف مدفع Super Rapid. يعد Exocet صاروخاً مضاداً للسفن متوسط المدى تؤمنه MBDA سابقا EADs Aerospatiale Matra، يستخدم توجيها بالقصور الذاتي للمرحلة الاولية، يتبعه التوجيه الراداري. اما الرأس التي تحتوي الرادار فهي احادية النبض، نشطة وقادرة على التبديل السريع للترددات العاملة اما الرأس الحربية المتفجرة فهي عبارة عن حشوة مجوفة شديدة الانفجار بزنة ١٦٥ كلغ. يبلغ مدى الصاروخ MM40 ٧٠ كلم وسرعته تحت صوتية تقدّر ب ١١٤٠ كلم/س. اما النظام الصاروخي سطح - جو الخاص بالسفينة فهو من نوع قاذف ثماني الوحدات Crotale NG من Thales مثبت في المؤخرة. يتضمن البرج رادار مراقبة، وجهاز للتمييز بين العدو والصديق، ونظاماً كهربصرياً ومركزي تخزين لأربعة صواريخ VT-1. يتميز الصاروخ VT-1 برأس حربية بزنة ١٤ كلغ، ويبلغ مداه ١٣ كلم اما سرعته فهي فوق صوتية، ٦،٣ ماخ. اما توجيهه فهو من خلال القيادة على خط البصر بواسطة الرادار والاشعة تحت الحمراء.
القوة البحرية السعودية عملت السعودية، كونها القوة البحرية الاكبر من بين اعضاء مجلس التعاون الخليجي، عملت على توسيع قوتها البحرية بشكل دائم وهي تفاخر الآن بامتلاك البعض من اكثر السفن الحربية تقدماً في المنطقة. تم بناء الفرقاطات الثلاثة من فئة Al Riyadh (F3000S) وهي متعددة الاغراض للحرب الجوية من قبل DCN الفرنسية لصالح القوات البحرية الملكية السعودية. تعتمد تلك الفرقاطات على تصميم الفرقاطة الخفية من DCN ولكنها اكبر بحوالي ٢٥% من الفرقاطة الفرنسية من فئة La Fayette ولها قدرات اضافية، مثلا قدرات للحرب المضادة للتهديدات الجوية والحرب المضادة للغواصات، وذلك لملاءمة المتطلبات العملانية للقوات البحرية الملكية السعودية. بنيت السفن في احواض Lorient الخاصة ب DCN. دخلت السفينة الاولى من الفئة HMS Al Riyadh (812) الخدمة في تموز ٢٠٠٢. اطلقت السفينة الثانية HMS Makkah (814) في تموز ٢٠٠١، وتمّ تجهيزها ثم دخلت بدورها الخدمة في نيسان ٢٠٠٤. اما الثالثة، HMS Al Damman (816) فقد اطلقت في ايلول ٢٠٠٢ وتم تسليمها في كانون الثاني ٢٠٠٤. يتم بناء السفن من خلال تركيب مجموعات البدن المسبقة التجهيز. يبلغ طول البدن ١٣٣م وعرضه ١٧م. تبلغ ازاحة السفينة ٤٥٠٠ طن وهي تحمل ما يلزم من الوقود والحمولات ل ٧٠٠٠ ميل بحري قبل إعادة التعبئة. تبلغ سرعتها القصوى ٥،٢٤ عقدة. تمت إمالة جوانب الفرقاطة الخفية بمقدار ١٠ْ لتخفيض مقطع الصورة الرادارية وطليت السطوح بطلاء ماص لأشعة الرادار وخفضت احجام التجهيزات والأسلحة الخارجية. للسفينة نظام استقرار يعمل بتكنولوجيا عصا التثبيت والدقة. يتم التحكم به بواسطة الكمبيوتر، وهو يبقى سطح الطيران عملانياً للطوافات من فئة ١٠ أطنان حتى المستوى ٦ لحال البحر. تم بناء السفن تلك لتحمل نظامي اطلاق عامودي من نوع Sylver ثمانيي الوحدات لصاروخ Aster 15 سطح - جو من MBDA Eurosam وThales. سلحت الفرقاطة بثمانية صواريخ سطح - سطح من نوع MM40 Exocet Block II من انتاج MBDA. هنالك ايضاً اربع أنابيب طوربيد من عيار ٥٣٣ ملم .سلحت الفرقاطة ايضاً بالطوربيد المضاد للغواصات الثقيل الوزن F-17 من DCNS. تخدم السفن الحربية من فئة Riyadh في الأسطول الغربي للقوة البحرية الملكية السعودية في البحر الأحمر. يهدف مشروع التطوير المقبل في البحرية الى التركيز على الأسطول الشرقي في الخليج العربي. ويعرف المشروع ببرنامج ٢ للتوسيع البحري العربي السعودي، وكان من المعتقد ان يضم مزيجاً من الفرقاطات والمدمرات. ولم تنقل السعودية حتى الآن هذا المشروع الى مرحلة العقد. كان التصور الأولي ان المدمرات ستجهز بقدرة دفاع صاروخية بالستية للمساعدة على تأمين درع مدمجة مع نظم الدفاع البرية لحماية منشآت النفط الحيوية في الولاية الشرقية الغنية بالنفط. شكلت المدمرات Arleigh Burke الأميركية المجهزة بنظم القيادة والرادار Aegis بالاضافة الى صواريخ Standard منافسة قوية في وجه شركة BAE Systems البريطانية التي قدمت نموذجاً من مدمرات Type 45. قدمت الصناعة البحرية الفرنسية النموذج الأحدث لفرقاطاتها من نوع FREMM بغية ملاءمة متطلبات الفرقاطة، في حين قدمت Lockheed Martin، العملاق الدفاعي الأميركي، للسعوديين سفينة القتال على السطح (Surface Combat Ship SCS) لها ازاحة مقدارها ٣٣٠٠ طن، وهي نموذج مشتق أكبر بقليل من سفينة القتال الساحلي (Littoral Combat Ship - LCS) من فئة Freedom والتي تنتجها الشركة لصالح البحرية الأميركية. خلافاً لسفينة LCS، تتميز سفينة SCS بنظام السلاح Aegis مع الرادار المتعدد الوظائف الذي يتميز بالشعاع الموجه SPY - 1F(V) نظام الاطلاق العمودي MK 41 ونموذجين من صاروخ سطح - جو SM-2 Block IIIB، وصاروخ Evolved Sea Sparrow Missile.
الأساطيل المستقبلية تنعم الآن المجاري المائية في منطقة الخليج بمستوى حماية غير مسبوق بفضل السفن الحربية الحديثة المتواجدة اليوم بقوة لدى البحريات العربية. يبدو أن الأمن البحري سيحسن اكثر من اي وقت مضى في السنوات القليلة المقبلة اذ ان عمليات تسليم السفن الحربية الجديدة ستستمر.
http://www.arabdefencejournal.com/article.php?categoryID=23&articleID=1443
|