. . هل تعرفون ما هي قصة هذه الصورة؟!
. مشروع السيارة الجزائرية ( مينا 4 ) في الستينيات: طموح لم يجسده الواقع
. الجزائر-يثير خروج أول سيارة صنعت بالجزائر المرتقب يوم الاثنين من مصنع رونو بأولاد تليلات قرب وهران الكثير من الشغف و الحماس حيث أنه يجسد تجديد التعاون الصناعي الجزائري-الفرنسي بعد 40 سنة انقضت عن مشروع السيارة الجزائرية "مينا4" الذي لم ير النور.
و يميز الاطلاق الرسمي لصناعة سيارة "سيمبول" بمصنع رينو وادي تليلات عودة سيارات الصانع الفرنسي للسوق الجزائرية بعد اقتصاره في السابق- إلى غاية سنوات السبعينات- على "تركيب قطع الغيار" لثلاثة من أشهر سياراته الموجهة للعامة:
رونو 4 و رونو 8 و رونو 10.
بالفعل فان نشاط صانع السيارات الفرنسي الذي كان يزاوله بورشاته بالعاصمة تحديدا بالمنطقة الصناعية للحراش كان يقتصر خلال الفترة 1960-1972 على تركيب سياراته الشهيرة مثل رونو 8 "ماجور" أو "غورديني" التي اكتسبت سمعة السيارة الغاضبة التي تشد الانتباه أيضا بعجلاتها المائلة بعض الشيء إلى الخارج.
كما شهدت مصانع الجزائر إلى منتصف سنوات السبعينات صناعة سلسلة سيارة رونو 4 الشهيرة. و سبقتها سيارات "4 أحصنة" و "لا دوفين" و هي سيارة بمعدل سرعة بثلاث درجات من بينها نموذج "أوندين" الذي كان مفخرة الصانع الفرنسي.
و كان ذلك في عهد الحاج محمد العنقى و قروابي في فترة رواج رائعة "لحمام" و انتشار ظاهرة الهجرة وعهد جيل خلا من الجزائريين الذين عهدوا الذهاب إلى العمل "بالبدلة الرسمية و ربطة العنق" و مقهى تلمساني و مولودية الجزائر و تمضية العطل الصيفية بجزر البليار.
كانت الجزائر المستقلة تقوم حينها بأولى خطواتها نحو العالم الصناعي و تتأهب لخوض معاركها المستقبلية في سوق النفط بعد موجة التأميم التي شملت المحروقات.
كثيرا ما تقترن صورة "رونو 8 ماجور" بالذكريات الجميلة لاسيما لا دوفين "غورديني" بزينتها الاستثنائية. كانت سيارة رائجة في جزائر ما بعد الاستقلال كانت تتطلع إلى العصرنة.
في هذا الجو من الحماسة الذي كان يميز الجزائر "قبلة الثوريين آنذاك" رأى هذا المشروع الصناعي الخاص بالسيارة الجزائرية النور سيارة "مينا 4" تصميم سيارة رباعية الدفع (4X4) التي قام صانع السيارات الجزائري المقراني بصناعة نموذج منها.
و أحدثت المعلومة التي راجت حول سيارة جزائرية من صنع الجزائريين في ذلك الوقت ضجة كبيرة حيث جاء حينها في الصفحة الأولى من جريدة "المجاهد" أن الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين مولود أومزيان قال "مينا 4 هي انتصار للتسيير الذاتي!" و ذلك غداة تقديم النموذج للصحافة في 23 سبتمبر 1967 بعد أقل من شهر (9 أوت 1967) من انشاء سوناكوم بموجب الأمر رقم 150.67.
التسيير الذاتي
و كتبت يومية المجاهد في الصفحة الاولى من العدد الخاص بيومي 24 و 25 سبتمبر1967: "هاهي السيارة الاولى الجزائرية" حيث كانت هذه العبارة متبوعة بتصريح الامين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين خلال عرض نموذج السيارة:
"مينا 4 انتصار لعمال التسيير الذاتي".
و مع ذلك ركزت اليومية التي نشرت صورا للسيارة على الاحداث السياسية و الرياضية لتلك الفترة معنونة "بعد فوزه على اتحاد العاصمة (3-2) فريق شباب بلكور ينال كاس الصداقة" و كذا "الولايات المتحدة الامريكية تهدد الصين بشن هجوم ذري".
و في الصفحات الداخلية و فوق المقال المخصص لسيارة مينا 4 نجد تصريح للسيد بلعيد عبد السلام الذي كان انذاك وزيرا للصناعة و الطاقة خلال الاجتماع الاول لمجلس ادارة الشركة الوطنية لصناعة الحديد و الصلب "صناعة الحديد و الصلب مدعوة الى الاستجابة للطلب المتزايد على المنتوجات المستوردة حاليا".
و تم تصميم نموذج مينا 4 الذي يشبه شكلها سيارة ميهاري سابقا التابعة للصانع سيترووين من قبل تقنيين شباب جزائريين. و استطردت اليومية تقول "ولدت سيارة جزائرية جديدة من تصميم ثمانية تقنيين شباب و جرى حفل عرض نموذج السيارة الجزائرية يوم السبت بمقر الصانع الجزائري المقراني".
و اعتبر الامين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين مولود اومزيان ان "هذا الانجاز الجديد يمثل حدثا هاما" و قال مخاطبا المؤسسة المسيرة ذاتيا المقراني ان "المنظمة النقابية مستعدة لتقديم كل الدعم الذي تطلبه".
و خلص بالقول ان "عمال و تقنيي المقراني قدموا الدليل الثابت ان التسيير الذاتي الذي يطبق بصفة صحيحة و دون عراقيل يمكن ان ياتي بنتائج جد هامة". و تضمنت الصفحات المخصصة للرياضة في هذه الجريدة حصيلة للجولة النهائية لدوري الصداقة الذي فاز به شباب بلكور (3-2) امام فريق اتحاد العاصمة. و تضمنت تشكيلة الفريقين لاعبين متميزين: ففي فريق اتحاد العاصمة نجد الاخوة البراهمة و العقبي و جرمان و مزياني و الخيار و برناوي و بالنسبة لشباب بلكور فهناك لالماس و عبروق و حميتي و جمعة و سالمي.
و في قاعات السنيما برمجت قاعتا السنيما كوليزيه (الموقار حاليا) و سييرا مايسترا عرضا لفيلم "بور كالك دولار دو بلوس" (من اجل دولارات اضافية) من تمثيل كلينت ايستوود و لي فان كليف و بسنيما كاميرا (بلوزداد) عرض فيلم "مابوز اتاك سكوتلانديار" و بمتحف سنيما الجزائر العاصمة عرض فيلم "لي نوي دو كابيريا" لفريديريكو فيليني.
في جزائر تلك الحقبة كانت محلات بيع الكتب القديمة بباب الوادي تعرض روائع من طراز "أنا كارنين" لتولستوي و"دراكولا" و "موا روبو" لايزاك ازيموف و كذا "لو فياي اوم اي لا مار" (العجوز و البحر) و كذا البومات لكل من بليك و رول تابيل او زمبلا و كذا اقراص من نوع "33 دورة" لفرقة البيتلز و الفيس بريسلي و ادامو و فريد الأطرش و عبد الحليم .
من جزائر ملاعب بولوغين أو 20 أوت حيث كان نجوم كرة القدم الوطنية يتنافسون و جزائر الشعبي و الزرنة و أزقة القصبة التي كانت ماتزال تنبعث منها أجواء "معركة الجزائر" و التي لا تزال تحتفظ في ذاكرتها بنجوم أفلام كبار المخرجين في تلك الفترة لم يبق أي أثر لمشروع سيارة مينا 4 .
. http://www.aps.dz/ar/economie/9412-مشروع-السيارة-الجزائرية-مينا-4-في-الستينيات-طموح-لم-يجسده-الواقع