في التاسع من شهر ديسمبر / كانون الأول من العام 1970 توفى أرتيوم ميكويان، مصمّم الطائرات السوفييتية البارز الذي سجلت طائراته 55 رقماً قياسياً. وفيما يلي نقدم لكم أهم تصميمات مكتب "ميغ" للتصاميم والاختبارات.
طائرات عالمية
كانت طائرة "ميغ ـ 9" أول مقاتلة سوفييتية نفّاثة، بغضّ النظر عن أنّ الطيارين كانوا يخشون الطيران على متن طائرات من دون مراوح، أما الميكانيكيون فلم تكن لديهم خبرة العمل مع المحركات النفاثة، في حين سمحت الخبرة المتراكمة خلال إنشاء الطائرة لمكتب ميكويان وغوريفيتش للتصاميم بتصميم طائرة "ميغ ـ 15" التي كانت أفضل المقاتلات في ذلك الزمن.
وقد "لمع نجم" طائرات "ميغ" إبَّان الحرب الكورية، وكان ظهور المقاتلات السوفييتية الحديثة مفاجأة كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، حيث استطاعت طائرة "ميغ ـ 15" أن تحطم طائرات "أف ـ 80" البطيئة، وتنجح بمطاردة قاذفات القنابل، الأمر الذي دفع الأمريكيين لإرسال طائرات " أف ـ 88 Sabre" التي كانت قد دخلت التسليح للتو، إلى منطقة الشرق الأقصى.
ويقول قائد سرب سيرغي كرامورينكو الذي حقق 13 انتصاراً في المعارك الجوية: "غالباً ما كان الهجوم الأول يَحسم المعركة، فبعد توجيه الضربة كانت طائرات "ميغ" تتوجه بسرعة إلى الأعلى، أما طائرات " Sabre" فعلى العكس، كانت تحاول الاقتراب من الأرض، وكان كل طرف يحاول استخدام أفضل المزايا الحربية لطائراته، ولذلك كانت المواجهة تقتصر في بعض الأحيان على هجمة واحدة، ثم نصبح بعدها في الأعلى، أما الأمريكيون فيهبطون إلى الأسفل".
وكانت طائرات " ميغ ـ 15" أكثر طائرة نفاثة مقاتلة عدداً في العالم، فإلى جانب الاتحاد السوفييتي، كانت بولندا وتشيكوسلوفاكيا والصين تنتج هذه الطائرة بترخيص، ووصل إجمالي عدد الطائرات التي تم انتاجها إلى 15 ألف طائرة، وعلى مدى أكثر من نصف قرن كانت هذه المقاتلة ضمن ملاك سلاح 40 بلداً.
مدمرة الفانتوم
حققت طائرات " ميغ ـ 19" معظم الانتصارات الجوية في حرب فيتنام وفي النزاع المسلح بين الهند وباكستان، وفي فيتنام كانت النسخة الصينية عن طائرة " ميغ ـ 19" تحت اسم "J-6" التي يقودها الطيارون المحليون تحرق طائرات "الفانتوم" الأمريكية، وفوق منطقة كشمير دمرت طائرات " سو ـ7" قوات الدفاع الجوي الهندية.
وقد كان تسليح المقاتلة القوي بمدافع من عيار 30 ملم يتناسب مع مناوراتها الرائعة وسرعة ارتفاعها الجيدة، وقد أعرب الطيارون أكثر من مرة عن ثقتهم الكبيرة بهذه الطائرة.
في الاتحاد السوفييتي كانت طائرات "ميغ ـ 19" تُستخدم لاعتراض الطائرات التي تخترق المجال الجوي، ويوجد في سجلها طائرة الاستطلاع الأمريكية بعيد المدى "RB-47" التي سقطت في عام 1960 فوق المنطقة القطبية الشمالية، وبضع طائرات أخرى تابعة لقوات الدفاع الجوي الأمريكية كانت قد دُمِّرت في سماء ألمانيا الشرقية آنذاك، وعدد كبير من مناطيد الاستطلاع.
البالالايكا القاتلة
كانت طائرة " ميغ ـ 21" الضربة الموفقة الثانية لميكويان، حيث أصبحت أكثر الطائرات التي تخترق جدار الصوت انتشاراً في العالم، فما زالت هذه الطائرة التي بدأ إنتاجُها التسلسلي منذ نصف قرن تُصنع في الصين، وتُعتبر التكلفة المنخفضة من الخصائص المميزة لطائرة " ميغ ـ 21"، ذلك أن الطائرة المعدلة للتصدير أرخص من تكلفة مركبة " بي أم بي 1" (عربة مشاة مقاتلة).
وفي حلف الناتو حصلت " ميغ ـ 21" على تسمية يصعب تفسيرها "fishbеd"( طبقة جيولوجية غنية ببقايا الأسماك المتحجرة)، أما الطيارون السوفييت فأطلقوا على المقاتلة اسم "بالالايكا" (آلة وترية شعبية روسية ثلاثية الأضلاع) بسبب جناحها الشبيه بالمثلث.
وقاتلت طائرة "ميغ ـ 21" إلى جانب النموذج الأسبق في فيتنام، وأصبحت هذه المقاتلة الصغيرة ذات القدرة على المناورة خصماً خطيراً لطائرات "فانتوم" الأمريكية من الجيل الثاني، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أعدّت تكتيكاً خاصاً للمعارك الجوية ضد هذه الطائرة، في حين كان الطيارون الفيتناميون يتمسكون بالتكتيك الروسي، فقد كانت الطائرات الموجّهة من الأرض نحو الهدف تَلحَق بالطائرات الأمريكية من الأسفل والخلف وتهاجمها بالصواريخ الموجّهة، ومن ثم تعود إلى القاعدة.
العين ذات النظرة الثاقبة
حصلت طائرة "ميغ ـ 27" المهاجِمة على لقب "شرفة مطلة على ساحة المعركة"، وذلك بسبب مجال الرؤية الرائع من القُمرة، ولكن طائرة الاعتراض "ميغ ـ 31" أصبحت بالفعل الطائرة ذات الرؤية الثاقبة، فقد ظهرت فيها للمرة الأولى في العالم محطة رادار مع شبكة هوائية تعمل على مراحل وتسمح باكتشاف الأهداف الجوية، بما فيها قليلة الوضوح، على مسافة 320 كم.
وتستطيع الأجهزة الإلكترونية الموجودة على متن الطائرة متابعة 24 هدفاً، ومرافقة 10 منها، واختيار الأربعة الأهم، وأن تصوّب نحوها صواريخ " جو ـ جو" للمسافات البعيدة، كما أن باستطاعة أربع طائرات ميغ ـ 31" السيطرة على المجال الجوي فوق جبهة 800- 900 كم.
خفيفة الحركة و واسعة
تعتبر طائرةُ " ميغ ـ 29" المحدَّثةُ المقاتلةَ الرئيسية للقوات الجوية الروسية، والمختبَر الطائر لتجربة التكنولوجيات الحديثة في الوقت نفسه، وقد وُضعت فيها محركات ذات مؤشر ثقل منحرف يقود الطائرة إلى مستوى جديد من المناورة.
وكان الطيارون يطلقون على طائرات " ميغ ـ 29" الأولى على سبيل المزاح تسمية " طائرة النقل القريب" قاصدين أن الوقود فيها كان يكفي للتحليق حول المطار، أما الآن فقد حصلت الطائرات المعدَّلة على أجهزة إلكترونيات حديثة على متنها، وخزانات وقود إضافية ومعدات للتزود بالوقود في الجو.
مقاتلة المستقبل
كان يجب أن يحصل التصميم التجريبي للمقاتلة من الجيل الخامس 1.44 في السلسلة على تسمية "ميغ ـ 25" ( مقاتلة جبهوية متعددة الوظائف). وكان من المخطط تزويد المقاتلة بمحركات ذات مؤشر ثقل موجَّه، وقد استخدمت في إنتاجها تكنولوجيات ـ ستلث (stealth technology).
ولكن في عام 2002 صدر قرار حكومي بإنشاء مجمَّع الطيران المستقبلي للطيران الجبهوي، بحيث أوقف تصميم 1.44، أما نموذج الطائرة الوحيد فقد حلق في السماء في 29 فبراير/ شباط من عام 2000، أما اليوم فإنه موجود في معهد الطيران التجريبي الذي يحمل اسم غروموف في منطقة جوكوفسك.
منقول