«حفتر» يعلن «حرب التحرير» من الميليشيات الإرهابية
الجنرال الليبى هاجم الميليشيات بغطاء جوى وسيطر على الأوكار الرئيسية للمتطرفين.. ومصادر ليبية لـ« »: يجهز للمرحلة الثانية
كتب : محمد حسن عامر
الإثنين 19-05-2014 11:32
قوات الجيش تنتشر فى مدينة بنى وليد
بدأت العملية العسكرية «كرامة ليبيا» فجر يوم الجمعة الماضى، بقيادة القائد السابق للقوات البرية بالجيش الليبى اللواء خليفة حفتر، لاستهداف
معاقل التنظيمات الإرهابية، وسط تأييد واسع فى مدينة بنغازى والمدن المجاورة لها، بينما اعتبرت الحكومة الليبية وهيئة أركان الجيش الليبى
العملية بمثابة انقلاب على الشرعية، نظراً لأنها تمت دون تفويض من «السلطة الشرعية وهيئة الأركان».
وبدأ «حفتر» عمليته العسكرية بطائرة تولت مهمة قصف أوكار الميليشيات الإسلامية، وبعدها تقدمت القوات البرية على الأرض واشتبكت مع المسلحين ما أسفر عن مقتل قرابة 60 من العناصر الإرهابية وإصابة 300، بينما سقط 8 قتلى من القوات الموالية للواء خليفة حفتر، و37
مصاباً، وسط تأكيدات على استمرار العملية العسكرية إلى حين تطهير المدينة بالكامل. بينما أعلن مسئول فى وزارة الصحة الليبية لوكالة
«فرانس برس»، مساء أمس الأول، سقوط 79 قتيلاً على الأقل و141 جريحاً فى المواجهات.
وفى المقابل، رفضت الحكومة الليبية والقيادة العسكرية فى طرابلس، أى عمل عسكرى دون تفويض من السلطات الشرعية، واصفة العملية
العسكرية، التى شاركت فيها قوات حكومية ليبية، بأنها ترقى إلى مستوى «الانقلاب»، ووصفه القائم بأعمال رئيس الوزراء، عبدالله الثنى، بأنه
«خرج على الشرعية»، وصرح للتليفزيون الليبى: «تحركاتهم ضد أوامر الجيش الصادرة عن السلطات الشرعية». وأضاف «الثنى» أن «طائرة
تابعة لسلاح الطيران الليبى و120 مركبة عسكرية شاركت فى العملية العسكرية غير المرخصة». ومن جانبه وصف قائد الجيش الليبى،
عبدالسلام جاد الله، العملية العسكرية بأنها محاولة «انقلاب على الشرعية»، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الليبية الرسمية.
وفى تصريح للتليفزيون الوطنى، دعا «جاد الله» الجيش وكتائب شاركت فى ثورة 17 فبراير إلى التصدى لأى مجموعة مسلحة تحاول السيطرة
على بنغازى بقوة السلاح. من جهته، أعلن اللواء خليفة حفتر، الذى كان قائداً سابقاً فى حركة التمرد التى أدت إلى الإطاحة بنظام معمر القذافى فى
2011، أن «هذه العملية ترمى إلى تطهير بنغازى من المجموعات الإرهابية»، كما أعلن «محمد الحجازى»، وهو ضابط سابق فى الجيش
النظامى الليبى، أصبح متحدثاً باسم القوة التى يقودها «حفتر» وتطلق على نفسها اسم «الجيش الوطنى»: «هذه ليست حرباً أهلية، إنها عملية
للجيش ضد المجموعات الإرهابية».
وحظيت قوات «حفتر»، وفق وكالة الأنباء الفرنسية، بدعم طائرات ومروحيات قتالية استهدفت مواقع تحتلها مجموعات إسلامية تقدم نفسها على
أنها «ثورية» قاتلت نظام القذافى فى 2011، ثم صارت تعمل كـ«ميليشيات» فى ليبيا لاحقاً. وقال شهود عيان لوكالة الأنباء الفرنسية إن «المقر
العام «للواء 17 فبراير، وهو ميليشيا إسلامية، كان هدفاً لغارات جوية من قوات حفتر، وردت الميليشيا بإطلاق مضاداتها الأرضية».
ودارت المجموعات فى محيط مواقع تحتلها ميليشيات فى منطقة سيدى فرج جنوب بنغازى، والقوارشة والهوارى، وتمكنت القوة التابعة
لـ«حفتر» من السيطرة على المقر العام للميليشيا الإسلامية بقيادة راف الله السحاتى. وأمام موجة الاغتيالات والهجمات التى تستهدف الجيش فى
الشرق الليبى، تحالفت قبائل وعسكريون مع قوة «حفتر» التى يدعمها أيضاً ثوار انفصاليون.
أما القوات الموالية لحكومة طرابلس، فأعلنت حالة النفير العام فى بنغازى، وحالة التأهب القصوى تحسباً لأى اختراق أمنى، وكذلك أعلنت كتائب
تابعة للحكومة فى بنغازى حالة الاستنفار القصوى فى مقراتها، بعد ظهور اللواء «حفتر»، مساء أمس الأول، وإعلانه استمرار العملية العسكرية
فى بنغازى.
ثم أعلن الجيش الليبى النظامى، فى بيان أمس الأول، حظر الطيران فوق مدينة بنغازى وضواحيها، مهدداً بإسقاط أى طائرة تحلق فوق المنطقة،
وذلك غداة غارات جوية نفذتها قوة شبه عسكرية على مواقع تنظيم إسلامى متطرف. وأضاف البيان أنه «سيتم استهداف أى طائرات عسكرية
فوق المدينة وضواحيها من قبَل وحدات الجيش الليبى والوحدات التابعة للغرفة الأمنية المشتركة وتشكيلات الثوار التابعة لها».
وقالت مصادر أمنية ليبية لـ«الوطن» إن «اللواء خليفة حفتر يستعد لتنفيذ المرحلة الثانية من عملية «كرامة ليبيا» التى تستهدف قصف مزيد من
أوكار تنظيم القاعدة والإرهابيين، بالتزامن مع سعيه وسعى القوات الموالية له للحصول على مزيد من الدعم من مدن الغرب الليبى».
وتهدف العملية العسكرية لقوات الجيش بقيادة اللواء «حفتر»، وفق سلسلة من البيانات والتصريحات المختلفة، إلى تطهير البلاد من الجماعات
الإرهابية والكتائب المسلحة، والهدف الثانى بعد التطهير هو تنفيذ مبادرة اللواء خليفة حفتر التى أعلنها من قبل والمتمثلة فى «إسقاط المؤتمر
الوطنى العام (البرلمان المؤقت)، الذى تسيطر عليه جماعة الإخوان، والذى انتهت ولايته فى 7 فبراير الماضى وفقاً للمبادرة، وإسقاط الإعلان
الدستورى الحالى ووضع إعلان دستورى جديد، وتعيين رئيس مؤقت، على أن يجرى فتح حوار سياسى موسع بين مختلف التيارات والأحزاب
والكفاءات السياسية لبدء عملية سياسية جديدة وانتخاب مؤسسات دائمة. والعمل على توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية بحيث تكون هناك
قوات قادرة على حفظ استقرار وأمن ليبيا». وتضاربت الآراء فى ليبيا حول مبادرة «حفتر». ويرى مراقبون أنها ربما تكون تمهيداً لانقلاب
عسكرى وأن هدف حفتر هو الاستيلاء على السلطة. لكن بعض الليبيين يرون فيه الرجل القوى الذى يمكن أن يخلص البلاد من الجماعات
المتطرفة خصوصاً مع وجود سلطات انتقالية ضعيفة وخاضعة لنفوذ الإسلاميين.
ولعل هذا ما دفع قطاعات كبيرة إلى إعلان دعم قوات الجيش التى انضمت للواء «حفتر» وتولت معركة كرامة ليبيا، أبرزها تلك القوات الموجودة
فى مناطق الحدود الليبية، وقوة دفاع برقة التى تخضع لما يُعرف بـ«إقليم برقة الفيدرالى». وتعانى ليبيا من اضطرابات أمنية وسياسية متواصلة
منذ سقوط نظام «معمر القذافى»، ووصلت تلك الاضطرابات إلى درجة انفلات غير مسبوقة بعد أن عجزت السلطات الانتقالية الليبية عن السيطرة
على مجموعات الثوار السابقين، الذين تجمعوا فى ميليشيات يهيمن عليها الإسلاميون وباتوا يملأون الفراغ الأمنى الذى تركه غياب أجهزة الدولة
التى تعانى صعوبات جمة فى بناء مؤسساتها الجديدة. ومنذ سقوط نظام القذافى فى 2011، تشكل بنغازى مسرحاً لهجمات واغتيالات شبه يومية
تستهدف الجيش والشرطة. وهذه الهجمات التى لم تعلن أى جهة مسئوليتها عنها، تُنسب إلى المجموعات الإسلامية المتشددة العديدة والمدججة
بالسلاح فى المنطقة. وفى مارس الماضى، أقرت الحكومة الانتقالية للمرة الأولى بوجود «مجموعات إرهابية» خاصة فى بنغازى ودرنة على بعد
280 كم إلى الشرق، وأعلنت «الحرب على الإرهاب». إلا أنه لم يسجل اتخاذ أى إجراء ملموس منذ ذلك الوقت، وهكذا تدور مواجهات باستمرار
بين الجيش والجهاديين
جريدة الوطن