أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.

البوسنة والهرسك (تاريخياً... وعسكرياً... وسياسياً)

حفظ البيانات؟
الرئيسية
التسجيل
الدخول
فقدت كلمة المرور
القوانين
البحث فى المنتدى


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول



 

 البوسنة والهرسك (تاريخياً... وعسكرياً... وسياسياً)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
جندي من الصحراء

رائـــد
رائـــد
جندي من الصحراء



الـبلد : البوسنة والهرسك (تاريخياً... وعسكرياً... وسياسياً) 71010
العمر : 35
المهنة : مصرح لدى الجمارك
المزاج : سريع الغضب
التسجيل : 27/03/2014
عدد المساهمات : 920
معدل النشاط : 1224
التقييم : 28
الدبـــابة : البوسنة والهرسك (تاريخياً... وعسكرياً... وسياسياً) B3337910
الطـــائرة : البوسنة والهرسك (تاريخياً... وعسكرياً... وسياسياً) B91b7610
المروحية : البوسنة والهرسك (تاريخياً... وعسكرياً... وسياسياً) 3e793410

البوسنة والهرسك (تاريخياً... وعسكرياً... وسياسياً) Empty10

البوسنة والهرسك (تاريخياً... وعسكرياً... وسياسياً) Empty

مُساهمةموضوع: البوسنة والهرسك (تاريخياً... وعسكرياً... وسياسياً)   البوسنة والهرسك (تاريخياً... وعسكرياً... وسياسياً) Icon_m10الأربعاء 24 ديسمبر 2014 - 21:13




[ltr]         
[/ltr]


[ltr]البوسنة والهرسك تاريخياً... وعسكرياً... وسياسياً 
[/ltr]
[ltr]
[/ltr]





















مواقف الدول

أولاً: التنديد الإسلامي بالعدوان

نددت الدول، الإسلامية والعربية، بالاعتداء الصربي على البوسنة والهرسك، حكومات وشعوباً، خصوصاً بعد توجُّه الرئيس البوسني، علي عزت بيجوفيتش، بطلب المساعدة من الدول الإسلامية، وزيارات مفتي البوسنة، ووزير خارجيتها إلى دول العالم الإسلامي، لشرح الاعتداء الصربي.

وكان أبرز المواقف، العربية والإسلامية، موقف كلٍّ من مصر وتركيا وإيران وباكستان والمملكة العربية السعودية. وتحركت الدول الإسلامية داخل مجموعة عدم الانحياز، في المؤتمر، الذى عقد، في 17 يونيه 1992، في مدينة بالي، في إندونيسيا، على مستوى وزراء الخارجية، وإنْ كان المؤتمر لم يذكر، في بيانه الختامي، الاعتداء الصربى، تحديداً.

لقد أكدت قرارات المؤتمر أهمية الاحترام الكامل لوحدة أراضي البوسنة والهرسك، والانسحاب الفوري لكافة القوات الأجنبية من أراضيها. ونوهت بأهمية المحافظة على التراث، الثقافي والحضاري، للبوسنة والهرسك. ودعت إلى الوقف الفوري للمعارك. بيد أنها لم تحدد الجهة المسؤولة عن الفتنة، وعكست رغبة مجموعة عدم الانحياز عن تفتيت يوغسلافيا، ذات الدور البارز في المجموعة، سابقاً.

أمّا مؤتمر وزراء الخارجية لدول منظمة المؤتمر الإسلامي، الذي عقد في إستانبول، في تركيا، فقد كان بيانه الختامي أكثر وضوحاً، إذ ندد، علانية، بالاعتداء الصربي على جمهورية البوسنة والهرسك. وطلب فرض حظر، اقتصادي تجاري ودبلوماسي ونفطي، على دولة الاتحاد الجديدة، المكونة من الصرب والجبل الأسود. وطالب بعدم الاعتراف بها، كوريث للدولة الاتحادية اليوغسلافية السابقة. ودعا الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، إلى اتخاذ إجراءات أشد، إذا لم تحقق العقوبات هدفها. وتحركت المجموعة، العربية والإسلامية، في مجلس الأمن، للضغط من أجْل اتخاذ قرار ضد الصرب وهو ما حمل مجلس الأمن على إصدار عدة قرارات، كان أهمها القرار 757، في 30 مايو 1992.

وبادر بعض الدول الإسلامية إلى إجراءات أكثر فاعلية؛ إذ سحب كلٌّ من مصر وإيران والسودان سفيرها لدى بلجراد. ونددت مصر، كذلك، على لسان وزير خارجيتها، عمرو موسى، بالاعتداء الصربي على البوسنة، وطالبت المجتمع الدولي، ومجلس الأمن باتخاذ إجراءات حاسمة، بما فيها الخيار العسكري، لردع صربيا.

وعلى الرغم من أن حصيلة مواقف الدول العربية والإسلامية، تشير إلى اتفاقها على تكييف الصراع، وتحميل صربيا مسؤوليته، والمطالبة بعمل عسكري، يندرج تحت المادة 42، من الفصل السابع، إلاَّ أن موازين القوى الدولية، لم تمكن الدول، الإسلامية والعربية، من اتخاذ عمل إنفرادي ضد صربيا.

ومما يذكر أن اتفاق الدول، العربية والإسلامية، حول موقف موحد، في شأن أزمة البوسنة، يرجع، إلى حدٍّ كبير، إلى إدراكها، أن الصراع اتخذ صبغة دينية، وتأكد ذلك بمراهنة حكومة البوسنة على الدور الإسلامي لوقف القتال، ومساعدتها، عسكرياً واقتصادياً. وفي المقابل، حرصت الدول الإسلامية على تأكيد أن دورها، سيكون في إطار الشرعية الدولية، أي من خلال الأمم المتحدة، وفي مرحلة تالية، دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى عمل عسكري لوقف القتال.

وبدا واضحاً فشل المحاولات، التي بذلتها إيران لأداء دور مباشر في الصراع؛ إذ منعت القوات الغربية وزير الخارجية الإيراني من دخول البوسنة، في 27 أكتوبر 1992.

ودأبت الدول الإسلامية في التحرك، في إطار الشرعية الدولية، فطالب المؤتمر الإسلامي، الذي عقد في جدة، في الأول من ديسمبر 1992، مجلس الأمن بإصدار تفويض فوري، لاستخدام القوة ضد الصرب، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. كما طالب بتقديم شحنة محدودة من أسلحة الدفاع عن النفس، إلى المسلمين. أمّا رئيس منظمة المؤتمر الإسلامي، فقد بعث، في 4 فبراير 1993، برسالة إلى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، محتجاً على خطة فانس ـ أوين، التي تصادق على سياسة التطهير العرقي، التي مارسها الصرب ضد المسلمين. وعندما بدأت الأمم المتحدة تدرس الخيار العسكري، بدا واضحاً، أن الدول الغربية تعارضه، ولا سيما بعد تهديدات اليونان وروسيا بالوقوف إلى جانب يوغسلافيا الجديدة، وتهديد الصرب بتصعيد القتال في البوسنة، ضد المسلمين والكروات، في حالة استخدام القوة العسكرية. وانتهى الأمر، آنذاك، إلى الاتفاق على عدم اللجوء إلى القوة، بعدما نجحت الدول المعارضة لاستخدام القوة في إقناع سائر دول المجموعة الأوروبية، والولايات المتحدة الأمريكية برفض الخيار العسكري.

هكذا، واجهت رغبة الدول الإسلامية في دفع المجتمع الدولي إلى التدخل عسكرياً، من أجْل وقف القتال في البوسنة، العديد من الصعوبات. ولذلك، اقتصر دورها على بعض المساعدات العسكرية المحدودة، وبعض المتطوعين، الذين شكلوا قوات "مجاهدين"، حاربت في صفوف المسلمين، وهو الأمر الذي ساعد الصرب على تأكيد الطابع الديني للحرب، وأن معاركهم، إنما هي للحيلولة دون قيام دولة إسلامية أصولية في قلب أوروبا. وهو ما أكده وزير الخارجية اليوغسلافي، بقوله: "إن يوغسلافيا، لن تسمح للمتطرفين المسلمين، بأن يغيروا تاريخها الطويل".

وفي عام 1993، سعت الدول الإسلامية، مع مجموعة الدول غير المنحازة، الأعضاء في مجلس الأمن، إلى إعداد مشروع قرار مضادّ لإستراتيجية الاحتواء، الأمريكية ـ الروسية ـ الأوروبية. وهو المشروع الذي عكف على صياغته كلٌّ من باكستان والمغرب وجيبوتى والرأس الأخضر وفنزويلا. ويركز في عرض المساهمة في قوات الحماية الدولية، مع توسيع صلاحياتها، لتشمل الأقاليم الثلاثة، المخصصة لمسلمي البوسنة، وفق خطة فانس ـ أوين، وذلك حتى لا يترسخ الأمر الواقع، الناجم عن سياسة التطهير العِرقي.

وفي جدة، جددت منظمة المؤتمر الإسلامى رفضها لخطة تقسيم البوسنة. وقالت على لسان أمينها العام، الدكتور حامد الغابد، إنها ترفض الخطة، التي تروج لها حكومات معينة في أوروبا، لأن هذه الخطة غير عادلة، ولا عملية. ونوه الغابد، في هذا الصدد، بالتحفظات، التي أعلنتها الولايات المتحدة الأمريكية، من الخطة، وأعرب عن مساندة المنظمة لدعوة الرئيس بيل كلينتون إلى بذل جهود جديدة، تشترك فيها روسيا، لوضع خطة سلام مقبولة.

أمّا بالنسبة إلى تركيا، فعلى الرغم من أن مسلمي البوسنة والهرسك، يشكلون بقايا الإمبراطورية العثمانية على هذه الأراضي، إلاَّ أن تركيا لم تكن تستطيع اتخاذ موقف جادّ في مصلحة مسلمي البوسنة، على غرار موقفها إلى جانب آذربيجان، في صراعها ضد أرمينيا، حول إقليم ناجورنو كاراباخ. وذلك حتى لا تتهم، من جانب الدول الأوروبية، بأنها تحتضن "الأصولية الإسلامية"، أو أنها تساند بقايا إمبراطوريتها القديمة، مما يزيد من المصاعب أمام احتمالات ضمها إلى المجموعة الأوروبية. وسارعت إلى إصدار بيان، أكدت فيه، أن تدخلها العسكري، لن يكون إلاَّ في إطار المجتمع الدولي، تحت مظلة الأمم المتحدة.

وحرصت تركيا على أن يكون دورها، في صراع البوسنة والهرسك، داخل إطار حلف شمال الأطلسي، ومجلس الأمن، في محاولة للدفع في اتجاه عمل عسكري ضد العدوان الصربي. فقدمت، في أغسطس 1992، "مشروع عمل" إلى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، ينص على قصف طائرات عسكرية مواقع المدفعية الصربية، حول سراييفو. بعد ما اتضح لها اتساع نطاق التـأييد الإقليمي للجانب الصربي، من قِبل دول بلقانية، كاليونان وبلغاريا ورومانيا، وقوى أخرى كبرى، وفاعلة، مثل روسيا الاتحادية.

ولذلك، اصطدمت جهود المجموعة الأوروبية بمواقف متشددة، من جانب مؤيدي الصرب، للحيلولة دون إيجاد مواقف متشددة ضد صربيا وصرب البوسنة. ففي الوقت الذي وقفت فيه اليونان ضد محاولات المجموعة الأوروبية اتخاذ مواقف متشددة ضد الصرب، فإن روسيا تكفلت بالحيلولة دون صدور قرار من مجلس الأمن باستخدام القوة ضد يوغسلافيا الجديدة (صربيا والجبل الأسود).

ثانياً: جهود إسلامية

لم تستطع القيادات العربية والإسلامية، أن تعزل نفسها، أو أن تبتعد عن مسيرة الأحداث في إقليم البوسنة المنكوب أهله. فانطلق التحرك العربي والإسلامي لمواكبة أحداث البوسنة والهرسك، منذ بدايتها. وكان للجامعة العربية، ومنظمة الدول الإسلامية، مواقفهما. من ذلك، على سبيل المثال، ما دار في المحادثات المصرية ـ البولونية، التي جرت في القاهرة (يوم 17مايو 1992) حيث أعلن وزير الخارجية المصرية، عمرو موسى، مطالبة بلاده ببقاء قوات الأمم المتحدة في جمهورية البوسنة والهرسك، لحماية شعبها  وحدودها. وأن مصر لن تظل مكتوفة الأيدي تجاه ما يجري فيها. وأكد وجود تحالفات ضد البوسنة والهرسك، واعتداءات ضد المسلمين فيها. ووصف،  عمرو موسى، الأوضاع هناك بأنها مؤسفة للغاية، مشيراً إلى ضرورة وقف الاعتداءات بأسرع ما يمكن. وقال: "إن مصر تتابع باهتمام بالغ التطورات في البوسنة، وتحتج عليها. وأوضح أن هذا الاهتمام، لا يشمل الاعتداءات على المسلمين وحسب، بل تلك التي يتعرض لها السكان عموماً".

وفي يوم 20 مايو 1992، أكد مصدر مسؤول في منظمة المؤتمر الإسلامي، في جدة، أن مشاورات عاجلة، تجري بين الدول الأعضاء، من أجل عقد اجتماع استثنائي، على مستوى وزراء الخارجية، للبحث في الوضع الخطير في جمهورية البوسنة والهرسك.  وأن السعودية ومصر وإيران قد أعربت عن تأييدها لعقد المؤتمر. وذكر أن المنظمة طلبت إلى الدول الأعضاء، الاعتراف بالاتحاد اليوغسلافي الجديد، الذي يضم جمهورية الصرب والجبل الأسود، وسحب السفراء من بلجراد، أو خفض مستوى التمثيل الديبلوماسي. وصرح مستشار الرئاسة في جمهورية البوسنة والهرسك، خير الدين سايمون، أن طلب منظمة المؤتمر الإسلامي من أعضائها سحب سفرائهم من بلجراد، يشكل خطوة مهمة على طريق التصعيد مع جمهورية الصرب، لوقف العدوان المستمر على المسلمين في البوسنة والهرسك. وأشاد خير الدين سايمون ببشائر التحرك الإسلامي الواسع، لوقف العدوان الصارخ على الجمهورية المستقلة، وأن لهذا التحرك تأثيراً كبيراً في رفع الروح المعنوية للمدافعين عن سيادة الجمهورية واستقلالها. وأضاف: "علمنا، أخيراً، أن سفراء السودان والأردن وإيران، سيغادرون بلغراد فوراً. وأنه من المتوقع أن ينضم إليهم، قريباً، سفراء آخرون".  وكان ممثلو البلدان الإسلامية في الأمم المتحدة، اجتمعوا في نيويورك، في منتصف، مايو، وطالبوا بإدانة الصرب لكونها المسؤولة عن تدهور الوضع في البوسنة والهرسك، وعدم الاعتراف دوليا بيوغسلافيا الجديدة. ومن جهة أخرى، دعا شيخ الأزهر، جاد الحق علي جاد الحق، المسلمين إلى التضامن في مواجهة أحداث البوسنة والهرسك، وإقامة صلاة الغائب على أرواح شهداء المسلمين، عقب صلاة الجمعة 22 مايو 1992. وجاء في بيان الأزهر: "لا تزال الأنباء تترى عن تصاعد المحن التي ابتلي بها المسلمون في أنحاء العالم. لا سيما هذه المحنة الحادة في جمهورية البوسنة والهرسك".  وانتقد البيان موقف المنظمات الدولية، والأمم المتحدة، بقوله: "تواترت الأنباء عن انسحاب قوات الأمم المتحدة، وتوقف الوساطة بين المتقاتلين، من الجهات الدولية المسؤولة والمؤثرة كافة. ورأى أن ذلك يدعو الأمة الإسلامية، بكافة شعوبها، لأن تستبصر أمورها؛ وتسارع إلى التضامن في مواجهة هذه الأحداث، "ونجدة المضطهدين في أوطانهم، وإغاثتهم بما يحفظ لهم حياتهم وديارهم".

لقد كان قادة المسلمين، في البوسنة والهرسك، يعلقون الأمل على تحرك العالم الإسلامي. فركزوا جهدهم الديبلوماسي لتكثيف اتصالاتهم مع عواصم العالم الإسلامي، وبخاصة تركيا، بحكم الجوار الجغرافي والاتصال التاريخي. وضمن هذا الإطار، قام نائب رئيس وزراء البوسنة والهرسك، محمد جينجيتش، بزيارة تركيا، بهدف: "إقناع سلطات أنقرة، بالتدخل لدى إيران، وإقناعها بوقف شحنات النفط إلى صربيا؛ إذ إن وقود الدبابات الصربية، التي تدمر قرى البوسنة والهرسك؛ والطائرات الصربية التي تقصف مدنها هو وقود إيراني وليبي. وأن البوسنة والهرسك تتوقع من الدول الإسلامية، أن تقف إلى جانبها، أو أن تلتزم على الأقل الحياد". وأضاف محمد جينيكيتش قوله: "من المدهش، أن تستمر إيران في اعتبار صربيا صديقاً وشريكاً قوياً. وعلى إيران عدم الاعتراف بصربيا، كوريثة ليوغسلافيا".

وعلى الرغم من عدم اعتراف ليبيا وإيران بصربيا، على أنها الوريثة الشرعية للاتحاد اليوغسلافي المنحل؛ إلا أنهما استمرتا في تعاملهما مع صربيا، كمثل ما كانتا تتعاملان مع يوغسلافيا. إذ إن أكثر من ثلثي النفط، الذي تستهلكه صربيا، أتى من إيران وليبيا. وإن كميات محدودة جداً منه، تأتي من العراق. وتشير الإحصاءات الرسمية الإيرانية، إلى أن إيران كانت تصدر 55 ألف برميل، بصورة متوسطة، من النفط الخام، يومياً، إلى صربيا، في الفترة ما بين يونيه 1991 وفبراير 1992. ومقابل ذلك، استوردت إيران، ومنذ 12 عاماً، أنواعاً من الأسلحة من يوغسلافيا (سابقاً)، منها دبابات (ت72) ومدافع بعيدة المدى ورشاشات خفيفة. وتصدر إيران إلى يوغسلافيا، علاوة على النفط الخام، مركبات النقل، وعربات نقل الجند والمواد الغذائية. فكانت يوغسلافيا سادس أكبر شريك تجاري لإيران، وبلغت قيمة التجارة الإيرانية ـ اليوغسلافية، في عام 1990، مبلغ 827 مليون دولار. وحظيت صربيا، بعدئذ، بدعم إيران وليبيا والعراق ورومانيا واليونان (التي تأمل في اقتسام مقدونيا مع صربيا).

عقد، بعد ذلك، الاجتماع الطارئ لمنظمة المؤتمر الإسلامي، في استانبول، على مستوى وزراء الخارجية. وألقى وزير خارجية البوسنة والهرسك، حارس سيلاديتش، كلمة، يوم الافتتاح، جاء فيها: "إننا ندعو لتدخل عسكري دولي في البوسنة والهرسك. ونأمل مساهمة دول المنظمة ومشاركتها في هذا التدخل". أما وزير الخارجية التركية، حكمت تشيتين، فقد صرح بما يلي: "إذا لم تحقق عقوبات الأمم المتحدة أي نتائج، فيجب اتخاذ المزيد من الإجراءات، التي ستؤيدها وتساهم فيها منظمة المؤتمر الإسلامي، التي تضم 47 دولة، ولا تملك خططاً رسمية. وهي تقترح تدخلاً عسكرياً من جانب الأمم المتحدة، أو تضع مهلة نهائية لنجاح العقوبات". وعندما صدر البيان الختامي للمؤتمر، يوم 18 يونيه 1992، جاء فيه: "إن منظمة المؤتمر الإسلامي، تدين بشدة العدوان الصربي، وعدم امتثال القيادة الصربية، سواء في بلغراد أو في البوسنة والهرسك، للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن؛ التي تستند إلى المادة 41 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والخاصة بالعقوبات الاقتصادية. وإن منظمة المؤتمر الإسلامي، تحض مجلس الأمن على الاستناد إلى المادة 42 من الفصل السابع، التي تدعو لاتخاذ عمل منسق، بواسطة قوات جوية أو بحرية أو برية، بغية ضمان السلام والأمن الدوليين. وذلك ما أن يتبين عدم ملاءمة الوسائل، التي نصت عليها المادة 41. وإن السلطات الصربية، في كل من بلغراد، والبوسنة والهرسك؛ تتحمل المسؤولية الكاملة عن الفظائع، التي يرتكبها الجيش الاتحادي اليوغسلافي والقوات الصربية، غير النظامية، ضد المسلمين والكرواتيين في البوسنة والهرسك؛ وعن عرقلة ومنع وصول الأغذية وإمدادات الإغاثة أيضً إلى الشعب، الذي يتضوّر جوعاً وضحايا الصراع؛ مما يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني. ونذكّر تلك السلطات أنها ستتحمل تبعة جرائم الحرب".

طلبت منظمة المؤتمر الإسلامي، بعدئذ، يوم 16سبتمبر 1992، استبعاد جمهورية يوغسلافيا الاتحادية (الصرب والجبل الأسود) من جميع هيئات الأمم المتحدة. فيما أيدت المجموعة الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، صدور قرار يتعلق بذلك عن مجلس الأمن الدولي.

قد يكون من الصعب تقويم الموقف الأمريكي بدقة، تجاه دور العالم الإسلامي، والدول العربية، من أحداث البوسنة والهرسك. ففي يوم 2 يوليه 1992، وقف مساعد وزير الخارجية الأمريكي، السفير إدوارد جرجيان، ليدلى بتقريره أمام اللجنة الفرعية لأوروبا والشرق الأوسط، التابعة للجنة الشؤون الخارجية في الكونجرس. وكان مما قاله: "إن العالم الإسلامي، والعالم العربي بخاصة، مهتم كثيراً بما يحدث في البوسنة والهرسك. وإن دولاً، مثل السعودية، أبدت اهتماماً بمصير السكان المسلمين في تلك المنطقة من البلقان. وإن واشنطن ترحب بالموقف البناء من جانب دول الخليج في البلقان؛ لضمان قيام أجواء من الاعتدال، وحصول تطور سلمى في تلك المنطقة من العالم. كما تشيد بالموقف البناء، الذي اتخذته المملكة العربية السعودية، في الحض على إيجاد حل سلمي للنزاعات، وتخفيف معاناة السكان، خصوصاً في البوسنة والهرسك".

وأمام التصعيد المستمر للصراع، ضد مسلمي البوسنة والهرسك، وأمام الحصار، الذي فرضه الصرب على سيراييفو، فقد وجهت الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، في جدة، الدعوة، يوم 31 أغسطس 1992، لعقد اجتماع استثنائي لوزراء خارجية الدول الإسلامية، في جدة، يومي 12 و 13 سبتمبر، للبحث في أوضاع جمهورية البوسنة والهرسك، وسبل تقديم المزيد من الدعم السياسي والمادي إلى مواطنيها، الذين يواجهون الاعتداءات الصربية. وذكر أن المملكة العربية السعودية، أبدت استعدادها لاستضافة المؤتمر الوزاري الإسلامي في جدة. وتقرر أن يبحث وزراء خارجية 47 دولة إسلامية، سُبُل مضاعفة الدعم السياسي والمادي لمواطني البوسنة والهرسك، وتصعيد الضغوط السياسية والاقتصادية على جمهورية اتحاد الصرب والجبل الأسود، وحض الدول الكبرى على اتخاذ تدابير عسكرية فاعلة، لإنقاذ مواطني البوسنة من الحصار والعدوان والتهجير، وتأكيد مقررات اجتماع استانبول، التي اتخذت يومَي 17 و18 يونيه 1992، والتي تضمنت دعوة مجلس الأمن إلى اتخاذ عمل عسكري ضد الصربوالجبل الأسود، وذلك ما أن يظهر عدم ملاءمة القرارات السابقة لمجلس الأمن، التي تفرض عقوبات إلزامية شاملة على الصرب، وفق المادة 41 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

وذكر، بعدئذ، أن المشرف على مكاتب هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، في البوسنة والهرسك وكرواتيا وسلوفينيا، الدكتور عبد الله العبدان، والمسؤول عن اللاجئين في الحكومة الكرواتية، الدكتور ألبرت ربيتش، وقّعا، يوم الأربعاء 5 أكتوبر 1992، اتفاقاً لرعاية مهجّري البوسنة والهرسك في زغرب، وعددهم 90 ألف لاجئ، وذلك في عملية تستلزم ستة ملايين دولار شهرياً. وتقضي المرحلة الأولى من الاتفاق برعاية أربعة مخيمات، تضم 1300 مهجّر.  وكانت قد وصلت، قبل ذلك بيومين، إلى ميناء سبليت الكرواتي، الباخرة السعودية "عرب هند"، حاملة 5200 طن من المساعدات الغذائية، من حكومة المملكة العربية السعودية، لإنقاذ شعب البوسنة. وأعقبتها باخرة أخرى تحمل 20 ألف طن من المساعدات، في إطار استعدادات هيئة الإغاثة الإسلامية، لمواجهة فصل الشتاء.

يمكن، ضمن هذا الإطار، الإشارة إلى ما أعلنه الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، حامد الغابد، في أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة، يوم 9 نوفمبر 1992، أن وزراء خارجية دول المنظمة، سيبحثون في دعم مسلمي البوسنة والهرسك عسكرياً، عندما يعقدون اجتماعهم الاستثنائي في السعودية، في مطلع شهر ديسمبر 1992. وأن المؤتمر سيناقش تقديم كل الوسائل المتاحة، لمساعدة أشقائنا في البوسنة والهرسك، في مواجهة العدوان الصربي. وهناك توجه من قبل جميع أعضاء المنظمة إلى تقديم المساعدات، على المستويين الثنائي والجماعي، لتمكينهم من الدفاع عن أراضيهم. وسيفعل العالم الإسلامي أقصى ما يمكن عمله، لحماية الشعب البوسني، ورفع حظر تزويده بالأسلحة. ويشار، هنا، إلى أن رئيس جمهورية البوسنة والهرسك، علي عزت بيجوفيتش، قد صرح، خلال زيارته الإمارات العربية المتحدة: "بأن البلدان الإسلامية، لا تفعل ما فيه الكفاية لمساعدة البوسنة والهرسك، التي لديها جيش من ستين ألف رجل. إضافة إلى مائة ألف من الاحتياطي لكن التسليح ينقصهم".  وأوضح الغابد أن منظمة المؤتمر الإسلامي، شكلت لجنة اتصال من سفراء إيران والسعودية وباكستان وتركيا والسنغال لدى الأمم المتحدة في نيويورك، من أجل الضغط على المنظمة الدولية، لرفع حظر الأسلحة عن البوسنة؛ والتدخل عسكرياً لوقف الحرب.

استمرت الجهود الإسلامية في متابعة مساراتها. وكان من بينها، ما أعلن، يوم 21 أكتوبر 1992، أن: "إيران قدمت عبْر مندوبها الدائم لدى منظمة المؤتمر الإسلامي، الدكتور صباح زنكنة، مذكرة رسمية، طالبت فيها بعقد اجتماع، فوري طارئ، لوزراء خارجية البلدان الإسلامية، للبحث في وضع المأساة في جمهورية البوسنة والهرسك، وذلك لأن الصرب مستمرون في عدوانهم، على الرغم من قبولهم نتائج مؤتمر لندن الدولي، الذي عقد في 26 أغسطس 1992. وهذا مما يستدعى المطالبة بإلغاء الحظر، المفروض على إرسال السلاح إلى البوسنة والهرسك". وذكر أن الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، حامد الغابد، بعد تسلمه للمذكرة الإيرانية، أعرب عن أمله عقد الاجتماع الطارئ، في أسرع وقت ممكن، إضافة إلى عقد اجتماع، يضم منظمات الإغاثة للبلدان الإسلامية في مقر المنظمة، في جدة، للبحث في كيفية إغاثة مسلمي البوسنة والهرسك، من دون وجود أطراف وسيطة. وأعلن في اليوم عينه، عن توجه قافلة مشتركة لهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، والهيئة العليا لجمع التبرعات، ومقراهما في جدة والرياض في المملكة العربية السعودية، نحو ميناء، سبليت، الكرواتي، المطل على البحر الأدرياتيكي. وتحمل القافلة مساعدات إنسانية عاجلة، من أغذية وأدوية وملابس وأغطية، تم شراؤها من ألمانيا والدول المجاورة، إلى اللاجئين المسلمين، داخل البوسنة والهرسك وخارجها، لمواجهة فصل الشتاء، ومن بينها المساعدات، التي تبرع بها الأمير أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز.

تجدر الإشارة، هنا، إلى أن هذه الجهود الإسلامية، قد أحيطت بنطاق من التعتيم الإعلامي العالمي، للانتقاص من قيمتها وأهميتها. ومن الغريب في هذا الأمر، أن مراكز الإغاثة الدولية؛ ومنظماتها، كانت تتوجه للحصول على الدعم من الأقطار الإسلامية، لتقدمها تحت واجهة إنسانية، دولية، لتحرمها من سمتها الإسلامية. ولكن منظمة المؤتمر الإسلامي، قد أدركت هذه الحقيقة، فسارعت إلى تنظيم "هيئة إغاثة إسلامية"، بهدف دعم الروابط الإسلامية. وهذا بدقة ما أوضحه الرئيس البوسني، علي عزت بيجوفيتش، في تصريح له، يوم 19 أكتوبر 1992، حين قال: "إنني أشكر تلك المساعدات الإنسانية، التي قدمها المجتمع الدولي؛ وأشيد، بإعجاب، بالجهود الكبيرة، التي تبذلها هيئات الإغاثة الإسلامية. وقد قدمت هذه الهيئات الكثير من المساعدات، التي تشكل عنصراً حيوياً لجمهورية البوسنة والهرسك وشعبها. لكن الإعلام بهذه المساعدات محدود جداً؛ وسنبذل الجهود لتحسين الوضع، لأن الكثيرين في العالم، لا يعرفون شيئاً عن المساعدات الإنسانية للبوسنة والهرسك". لم تكن جهود المسلمين لدعم إخوانهم في البوسنة والهرسك، مادية فقط، ولا رسمية فحسب، بل تجاوزت ذلك إلى مستوى جماهير المسلمين، التي كانت تتابع، في كل أرجاء الدنيا، ما يحدث للمسلمين هناك. ولئن تركزت الجهود الدولية لحرمان جماهير المسلمين من تقديم ما تستطيع إلى إخوانهم، فقد وجدت رغبة تلك الجماهير مجالات للتعبير عن وجودها.

واجهت أوروبا، والصرب خاصة، مسألة مساعدة المسلمين لإخوانهم في البوسنة والهرسك، بضجيج انفعالي مثير؛ وبحملات إعلامية منظمة ضد "تدخل المسلمين في القتال". وقد رد الرئيس البوسني، علي عزت بيجوفيتش، على ذلك بقوله: "نحن لا نطالب أحداً بأن يأتي إلى البوسنة ليقاتل معنا، لأن لكل إنسان حقه في أن يدافع عن العدالة. ولذلك لا نرفض أي قادم إلينا من الدول الإسلامية. وهناك في أوروبا من يعد وجود مجاهدين من الدول العربية والإسلامية، دليلاً على مطامح في إقامة "جمهورية أصولية" في البوسنة. إلا أن ذلك لا يعدو أن يكون محاولات من الجهات المعادية، لإثارة المخاوف التاريخية في أوروبا من الإسلام والمسلمين. وإني أوجه شكراً خاصاً إلى إخواننا في البلدان العربية والإسلامية، الذين ساعدونا منذ اليوم الأول للحرب.

إن الشعب البوسني، يأمل الحصول على التأييد السياسي، لإنهاء العقوبات، التي فرضتها الأمم المتحدة، والتي حرمت المسلمين من الحصول على السلاح لقتال الصرب، الذين يعارضون استقلال جمهورية البوسنة والهرسك. نحن نحتاج إلى الأسلحة، وسنقبل هذه الأسلحة من أي طرف يقدِّمها إلينا. كذلك يأمل شعب البوسنة الحصول على المعونات الإنسانية، لإغاثة اللاجئين والمشردين؛ في ظروف الشتاء القارس؛ إذ زاد عدد اللاجئين على 1.3 مليون شخص؛ بينهم حوالي أربعمائة ألف لاجئ في كرواتيا".  وأُعلن أن الرئيس البوسني، علي عزت بيجوفيتش، التقى، أثناء زيارته الإمارات، ممثلي الجمعيات الخيرية، الذين قاموا بحملات واسعة لجمع التبرعات لمسلمي البوسنة. وكان مجلس التعاون الخليجي، الذي يضم المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، وسلطنة عمان، والبحرين، والكويت، قدَّم معونات، قدرت بمائة مليون دولار، كما أرسل إمدادات إغاثة إلى العاصمة البوسنية المحاصرة، سيراييفو. وكان في جملة ما قدَّمه المسلمون في العالم إلى إخوانهم في البوسنة والهرسك؛ ذاك التحرك الجماهيري في كل مكان استطاع فيه المسلمون التعبير عن غضبهم، لما نزل بإخوانهم من صنوف البلاء، فكانت تلك المظاهرات الصاخبة، التي عرفها كثير من عواصم العالم؛ ومنها ما ذكر يوم 6 نوفمبر 1992، "أن المكتب الإسلامي للثقافة والإعلام، في لندن، قد نظم اعتصاماً أمام منظمة الأمم المتحدة في العاصمة البريطانية؛ تضامناً مع مسلمي البوسنة والهرسك؛ واستنكاراً للمجازر الجماعية، التي يتعرضون لها على أيدي الصرب". وأصدر المكتب الإسلامي بياناً " أدان فيه سكون الأسرة الأوروبية، وتقاعس الأسرة الدولية تجاه هذه الاعتداءات اللاإنسانية". وجاء في البيان: "إننا ندعو للاعتصام، الذي يبدأ في الواحدة والنصف وحتى الثالثة من يوم الجمعة 6 نوفمبر 199، تضامناً مع المسلمين المظلومين في البوسنة والهرسك، الذين يتعرضون لإبادة شاملة، تستهدف استئصال الإسلام من أوروبا، وبأبشع الوسائل ولنشجب ونستنكر المجازر الجماعية، التي يرتكبها الصرب، على مسمع وتحت أنظار الأسرة الدولية، التي تلتزم الصمت تجاه هذه الاعتداءات اللاإنسانية".  ولكن، لا الجهود الرسمية، ولا الجهود الجماهيرية، ولا الجهود الفردية، عبر التبرعات، وحتى الالتحاق بالمجاهدين البوسنيين، استطاعت أن تخفف  من معاناة المسلمين في البوسنة والهرسك؛ ولا هي تمكنت من إحباط المؤامرة ضد الإسلام والمسلمين.

ثالثاً: المؤتمر الإسلامي في جدة

أعلن في جدة، يوم 5 نوفمبر 1992، أنه بمبادرة من عاهل السعودية، الملك فهد بن عبدالعزيز، تقرر عقد مؤتمر لـ "منظمة المؤتمر الإسلامي"، في يومَي 1، 2 ديسمبر 1992، "للبحث في محنة المسلمين في البوسنة والهرسك". وأوضح الأمين العام للمنظمة، حامد الغابد، الذي أعلن النبأ من مقر المنظمة في جدة، أن وزراء خارجية دول "منظمة المؤتمر الإسلامي"، سيبحثون في مؤتمرهم: "التدهور الخطير للوضع في البوسنة والهرسك، نتيجة استمرار العدوان الصربي، والإجراءات الواجب اتخاذها، والتي يمكن لها أن تتيح، بسرعة، فرصة إنهاء الكابوس الجاثم على صدور أهل البوسنة. وأنه من المتوقع أن تطرح بقوة فكرة تشكيل قوات إسلامية، للمشاركة في الدفاع عن مسلمي البوسنة والهرسك، أو ممارسة ضغوط دولية، لرفع الحظر المفروض على إدخال السلاح إلى هذه الجمهورية".

ولقد جاءت مبادرة الملك فهد بن عبدالعزيز، استجابة لنداءات مسلمي البوسنة، الذين طلبوا، مرات متتالية، إلى البلدان الإسلامية، إمدادهم بالأسلحة والذخيرة. إلا أن أي دولة، لم تظهر أي التزام رسمي في هذا الشأن. وصادف، في اليوم عينه، (5/11/1992) أن صدر في العاصمة الإيرانية، طهران، نبأ جاء فيه: "إن القوات المسلحة الإيرانية، تعلن استعدادها لمساعدة مسلمي البوسنة على حربهم ضد قوات الصرب. ولن تبخل قيادة القوات المسلحة الإيرانية، في تقديم أي نوع من المساعدة، المادية أو المعنوية، لمساعدة الشقيقات والأشقاء المسلمين في البوسنة والهرسك".  وفي اليوم نفسه أيضاً، كان الرئيس التركي، سليمان ديميريل، يستقبل، في أنقرة، رئيسَي المؤتمر الدولي، الخاص بيوغسلافيا (سابقاً)، الوسيطين ديفيد أوين وسايروس فانس، اللذين صرحا لدى وصولهما أنقرة: "أنهما ما زالا يأملان التوصل إلى حل سياسي في البوسنة والهرسك، وأن المحادثات مستمرة بين المسلمين والكروات والصرب، من أجل إيجاد حل دستوري، إلا أن العملية ليست سهلة". أما الرئيس التركي، فقد تضمن تصريحه ما يلي: "إنني أوجه الدعوة إلى المجتمع الدولي، للاضطلاع بمسؤولياته، في إطار ميثاق الأمم المتحدة، من أجل وقف الفظائع، التي يرتكبها الصرب في البوسنة. ولقد خرقت بلغراد الحظر، الذي فرضته الأمم المتحدة على، يوغسلافيا، وحصلت على بعض الوسائط القتالية الإستراتيجية. ويملك الصرب أسلحة، في حين أن البوسنيين لا يملكونها، إضافة إلى أن الصرب، يستخدمون الحظر لقتل البوسنيين".

أعلن الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، حامد الغابد، في اليوم التالي (7/11/1992)، أن الملك فهد، قد أجرى اتصالات دبلوماسية، شخصية، للتشديد على ضرورة حل مشكلة البوسنة والهرسك، بما يضمن حقوق الشعب المسلم هناك، ويضع حداً للمعاناة اليومية، والقتل الذي يتعرض له. وأن الاتصالات السعودية، تتواصل، سواء بالدول الأعضاء في المنظمة، أو بعدد من الدول الأوروبية، لشرح خطر الأوضاع المأساوية، التي يتعرض لها مسلمو البوسنة، وتأثير ذلك في العلاقات، التي تربط بين دول العالم الإسلامي والأسرة الأوروبية.

وذكر أن وزير الدولة الباكستاني للشؤون الخارجية، محمد صديق خان كانجو، قد التقى بنظيره السعودي، الأمير سعود الفيصل، في جدة، ضمن إطار الجهود المكثفة، التي تبذلها المملكة لضمان نجاح الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية الدول الإسلامية، "منظمة المؤتمر الإسلامي". وقد أعلن الوزير الباكستاني، في الرياض: "أن الباكستان مستعدة لإرسال قوات مسلحة، للدفاع عن مسلمي البوسنة والهرسك، إذا طلب منها ذلك (؟). ولقد جرى البحث مع وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، في تأمين آلية تنشيط القرارات، التي سيتخذها اجتماع منظمة المؤتمر الإسلامي، كي تكون نافذة ومؤثرة، لإنقاذ مسلمي البوسنة. ومطلوب من الأمم المتحدة، تطبيق العدالة، ورفع حظر الأسلحة المفروض على جمهورية البوسنة والهرسك، والسماح لشعبها بالحصول على العتاد الحربي، كي يستطيع الدفاع عن وجوده في مواجهة العدوان الصربي. وهناك دعوة لتشكيل قوات إسلامية للدفاع عن المسلمين. وهي فكرة جيدة تدعمها الباكستان. وإننا نستنكر وقوف المجتمع الدولي موقف المتفرج إزاء شعب يتعرض للإبادة، فأين قوانين حقوق الإنسان، التي يرفعها العالم المتمدن؟  ونحض البلدان الإسلامية على تحمل مسؤوليتها، في نصرة شعب البوسنة والهرسك، الذي تكالب عليه الصرب، وبرد الشتاء، والمؤامرات الدولية. وتنتظر شعوب الأمة الإسلامية، أن يخرج وزراء خارجية البلدان الإسلامية بتوصيات عملية، بعيداً عن الشجب والاستنكار". وفي الوقت عينه، صرح حامد الغابد بما يلي: "إن مجلس الأمن مطالب باتخاذ عقوبات صارمة، ضد العدوان الصربي. وستوجه الدعوة إلى رئيسَي مؤتمر السلام الدولي، الخاص بيوغسلافيا السابقة، سايروس فانس واللورد ديفيد أوين، لحضور الاجتماع الطارئ للمنظمة في جدة. وهناك اقتراح إسلامي لحل معضلة تأمين قوات طوارئ دولية؛ على أن تلتزم، بموجبه، بلدان إسلامية فاعلة، تمويل تلك القوات، والإسراع في تجهيزها لحماية مسلمي البوسنة والهرسك".

قام، بعدئذ، الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، حامد الغابد، بزيارة إلى العاصمة البوسنية، سيراييفو، على رأس وفد من المنظمة (يوم الإثنين 16 نوفمبر 1992)، بالرئيس البوسني، علي عزت بيجوفيتش، وجرى استعراض الوضع، على الطبيعة، وعبر الغابد عن تأثره العميق، وهو يسير في شوارع سيراييفو، لما شاهده من آثار القصف الوحشي، الذي تعرضت له، إذ أصبحت المدينة اقرب إلى مدينة أشباح. ووجّه الغابد دعوة إلى العالم الإسلامي، "لمواصلة الضغط المباشر على الأطراف الدولية، القادرة على القيام بدور حاسم في وضع حد للعدوان الصربي، إذ من حق البوسنيين، بالتأكيد، الحصول على السلاح للدفاع عن النفس". كما وجّه نداء حاراً وعاجلاً، "لتحريك الموقف، وإيجاد مخرج من هذا المأزق، الذي سيغدو، في حال استمراره، وصمة عار في جبين الإنسانية". أما الرئيس البوسني، علي عزت بيجوفتش، فقد صرح بما يلي: "إن قدرات البوسنيين تشح وتتضاءل. وإنهم في حاجة ماسة جداً إلى المساعدات، للدفاع عن أنفسهم، وللصمود في وجْه العدوان الصربي المتواصل".

كذلك، صرح وزير خارجية البوسنة والهرسك، حارس سيلاديتش، بما يلي: "إن المسألة، بالنسبة إلينا، هي مسألة حياة أو موت. وإن من حقنا، أن ننتظر نتائج فورية، وعملية، للدورة الطارئة المرتقبة لوزراء خارجية البلدان الإسلامية. وإني أرى أن وقف إطلاق النار الحالي، لا وجود له في الواقع، ما دام القتال مستمراً حتى هذه اللحظة، في أربع مدن رئيسة هي: ماجلاي وبيهاتش وجراداجاتش وجورازدي. وإن إعلان وقف إطلاق النار، ما هو إلا أداة، يستخدمها العدو الصربي لحشد قواته، وتحقيق أهدافه العسكرية التوسعية".

وفي يوم 1 ديسمبر 1992، افتتح الملك فهد بن عبدالعزيز جلسات "منظمة المؤتمر الإسلامي"، بكلمة، أشار فيها إلى ضرورة تمكين جمهورية البوسنة والهرسك من الحصول على الأسلحة، التي تحتاج إليها لأغراض الدفاع المشروع عن وجودها. "وإن الشعب في هذه الجمهورية، يتعرض لاعتداءات مستمرة من الصرب، من أ جل طمس هويته. وإن المملكة تؤيد التوصيات والقرارات، التي صدرت عن مؤتمر لندن، الخاصة بالوضع في جمهوريات يوغسلافيا (سابقاً). ويجب أن تتضافر جهودنا، من أجل وضع تلك القرارات موضع التنفيذ الجدي، وتأكيد ضرورة ضمان وصول المساعدات الإنسانية، عبْر الأمم المتحدة، إلى مواطني البوسنة والهرسك، في ظل تفاقم المعاناة، التي يعيشونها اليوم. وستواصل السعودية جهودها لتقديم العون إلى شعب البوسنة والهرسك. وإن المملكة تؤيد كل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، وآخرها القرار 787، في 16 نوفمبر 1992، القاضي بإحكام المقاطعة المفروضة على صربيا والجبل الأسود. ولكن تحقيق العدالة، يحتم تمكين حكومة جمهورية البوسنة والهرسك من الحصول على الأسلحة".

ألقى، بعدئذ، رئيس جمهورية البوسنة والهرسك،

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

البوسنة والهرسك (تاريخياً... وعسكرياً... وسياسياً)

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» حرب البوسنة والهرسك - الناجون من مجزرة سربرنيتسا
» كتيبة المجاهدين العرب الذين شاركوا في حرب البوسنة والهرسك!!
» المجاهدين في البوسنه والهرسك…
» هذا ما حدث في 14 رمضان تاريخياً
»  هذا ما حدث في 20 رمضان تاريخياً

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الأقســـام العسكريـــة :: المواضيع العسكرية العامة - General Military Topics-
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي ادارة الموقع ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر

Powered by Arab Army. Copyright © 2019