ماهي نوعية تجهيزات الجيش التونسي و لماذا إلى حد الآن هناك إحساس سائد بأن جيشنا لا يمتلك تجهيزات عصرية ناجعة ؟
يفتقر جيشنا التونسي إلى أبسط التجهيزات و حتى عندما تتوفر البعض منها فهي غالبا ما تكون قديمة و غير فعالة مما يجعل الجنود يسقطون بسهولة في المواجهات التي تجري بينهم و بين الإرهابيين.
بدأت العمليات الإرهابية بعد هروب الديكتاتور مباشرة و تصاعدت وتيرتها مع الوقت حتى أصبحت شبه أسبوعية و مع الأسف ليس لدينا إحساس أن السلطات تحرص على تجهيز جنودنا أحسن تجهيز.
تم توفير بالنسبة لسنة 2015 مبلغ يساوي 267 مليار من المليمات و ذلك لاقتناء تجهيزات لوزارة الداخلية و لا نعرف كم المبلغ الذي تم تخصيصه لتجهيزات الجيش الوطني الذي يواجه الإرهاب بطريقة تكاد أن تكون يومية في الجبال. سمعنا أن المهدي جمعة اقتنى 6 مروحيات من فرنسا و تم كذلك اقتناء 12 مروحية من نوع بلاك هاوك الأمريكية و كل هذه الطائرات لم يقع تسليمها إلى الجيش التونسي إلى حد الآن.
قامت كذلك أمريكا في أواخر 2014 بتسليم تونس بضعة زوارق من النوع الصغير و بضعة نظارات ليلية و أشياء أخرى بقيمة لا تتعدى ال 10 ملايين من الدينارات و قد تم تنظيم حفلة بمناسبة استلام هذه المعدات بحضور غازي الجريبي ، وزير الدفاع آن ذاك و بحضور السفير الأمريكي و مثل ذلك الخبر العنوان الرئيسي لنشرة الأخبار على القناة الوطنية.
تم كذلك الإتفاق بين تونس و فرنسا أن تسلم هذه الأخيرة إلى جيشنا تجهيزات بقيمة تعادل ال 300 مليون أورو و ذلك بتمويل إماراتي و لكن الصفقة لم تتم إلى حد الآن لأن تونس ترفض أن تدفع الإمارات الأموال مباشرة إلى فرنسا و تريد أن يقع دفع الأموال إلى تونس حتى تتصرف فيها بكل حرية.
إلى حد الآن ، الجندي التونسي يحمل بندقية من صنع نمساوي (STEYR AUG). تم اقتناء هذه البنادق في أواخر السبعينات و كانت حينها من أحدث و من أحسن ما يوجد في سوق الأسلحة و لكن ، بعد 35 سنة مازال جنودنا في غالبيتهم يستعملون نفس السلاح و لم يقع تجديده. إلى جانب البنادق ، يبقى الجندي التونسي يفتقر إلى أبسط التجهيزات مثل الصدريات الواقية من الرصاص و النظارات الليلية و النظارات الحرارية و أجهزة الإتصالات الفردية و أجهزة تفكيك الألغام ...
الحرب ضد الإرهاب ليست حرب عادية ، هي حرب شوارع و غابات و جبال و لا يمكن كسبها باستعمال الطائرات ، الجندي على الميدان هو السلاح الأساسي و من الضروري أن يكون تجهيزه من أولوية الأولويات ، أما الطائرات و المروحيات فيكون استعمالها للتغطية و للترصد و للتتبع و حتى من هذه الناحية فجيشنا لا يملك طائرات مجهزة بكاميراوات عالية الدقة يكون بإمكانها القيام بعمليات استطلاعية ليلا نهارا. ال 12 عشر مروحية من نوع البلاك هاوك التي تم اقتناؤها مجهزة بمثل هذه المعدات و لكن كما ذكرنا أعلاه ، لم يقع تسليمها إلى حد الآن.
من المفروض أن تقوم السلطات بإعداد خطة كاملة و مُتكاملة لإعادة تجهيز كل الجنود و ذلك قبل التفكير في أي معدات أخرى فمن غير المعقول أن نفكر في اقتناء الطائرات بآلاف المليارات و نُبقي الجنود على الأرض عرضة لكل المخاطر.
حياة الإنسان ، جنديا كان أو عون أمن ، أو مواطن عادي لا تُقدر بثمن و من المخجل جدا أن تبقى وزارة الدفاع رهينة للهبات الأجنبية و تجد نفسها إثر ذلك بتجهيزات لم يقع اختبارها قبل التسليم و لا تخضع لكراس شروط يقع ضبطه حسب الحاجيات الخاصة بالجيش التونسي ، من ناحية أخرى ، كل الدول العربية من الإمارات إلى المغرب و مرورا بالجزائر في صدد تطوير صناعة وطنية للأسلحة و هذا النوع من الصناعات ذو أهمية قصوى لأنه من جهة يسمح للبلاد بتطوير قدراتها الصناعية و التكنولوجية و منجهة أخرى يمثل في كل البلدان المتقدمة المحرك الرئيسي الذي يدفع الإستثمارات في الصناعات المدنية. فبدون هذا النوع من الصناعات لما قدرت أوروبا على تطوير صناعة الطائرات و وسائل النقل المدنية. بويينغ ، داسو آفياتيون في فرنسا و غالبية الشركات الكبرى في الميكانيك و الإلكترونيك تتلقى دائما طلبات تزويد من وزارات دفاع الأوطان التي تنتمي إليها حتى تنمي قدراتها و تتمكن من الإستثمار في البحث التكنولوجي.
من الغير المعقول أن تبقى تونس خارجة عن السياق كليا في هذا الميدان و لا بد أن تتحرك الدولة بنجاعة و إرادة جادة و صادقة دون أي حسابات جانبية و أن توفر لكل جندي تونسي التجهيزات اللازمة الكفيلة بجعله قادر على حماية نفسه و حماية زملائه و القتال بكل نجاعة و ثقة في النفس و بمعنويات عالية ضد أعداء الوطن.
الحياة البشرية لا تقدر بمال و نحن متأكدون أن شعبنا قابل أن يضحي كل التضحيات اللازمة في سبيل تجهيز جنودنا أحسن تجهيز و أحدثه ... و لكن نتساءل ، هل الإرادة السياسية موجودة بقوة و بصدق ؟
http://infos-tunisia.com/ar/informations-en-arabe-tunisie/item/392-%D8%B9%D9%86-%D8%AA%D8%AC%D9%87%D9%8A%D8%B2%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A.html