صدر الامر لقائد الفوج الثاني دروع ( 8 الاف جندي - 125 دبابة ابرامز مع عربات برادلي) للتقدم نحو خط الطول 60 شرقا (60 Easting). و كانت اوامر الفيلق ان لا يزج باكثر من قوات الكشف للاشتباك مع العراقيين الى حين وصول الفرقة الاولى المدرعة (300 دبابة ابرامز). و لكن قائد الفوج توسع في الزج بقواته، ربما خوفا من تكرار ما حصل مع عربات البرادلي في المواجهة السابقة. حيث تقدمت عربات البرادلي و واجهت ارتالا من المشاة العراقيين و المدرعات العراقية (و هو ما كان ضمن قدرات البرادلي) لكن المشكلة الكبيرة كانت وجود دبابات T-72 و هو ما تستطيع البرادلي مواجهته فقط عن بعد و ليس من مدى قريب. و ما حصل ان البرادلي وجدت نفسها بمواجهة قريبة جدا مع الدبابات العراقية و بسبب سوء الجو لم يوجد اي غطاء جوي و اضطروا للانسحاب مما يعني ضربهم من العراقيين من الامام و من الامريكيين خلفهم! و عليه كانت الحصيلة مقتل 2 و جرح 12 و تدمير 4 مدرعات و ترك 3 مدرعات اخرى علقت في الصحراء.
و كانت توقعات فرانكس ان فرقة توكلنا تتواجد عند خط طول 70 شرقا. و تم الرصد في الساعة 7:15 صباحا بواسطة المروحيات التي رصدت دبابة تي-72. و بعد ساعة ضربت قوات الكشف مدرعتين و اسروا نقيب عراقي درس في مدرسة فورت بيننغ العسكرية الامريكية و كان يتحدث الانجليزية بطلاقة. و ازدادت الاشتباكات مع اصطدام قوات الكشف بحواجز عراقية حوالي 10 كم غرب خط الطول 70. و مرة اخرى وقعت قوات الكشف ضمن مواجهات عنيفة شملت بعض الهجمات العراقية المضادة تم فيها اصابة عربة القيادة لاحدى سرايا البرادلي و قتل احد افرادها و جرح اثنين اخرين بجراح بليغة.
امر فرانكس قوات الكشف بالتقدم الى خط الطول 70. و في نفس الوقت اشتدت الرياح الشمالية مما خفف مدى الرؤيا الى عدة مئات من الامتار (مدى المناظير الحرارية). و بدأت القوات تتقدم ببطئ شديد على اساس ان العدو بدأ ينسحب، فلا داعي للاسراع خوفا من الخسائر (عكس رؤية القيادة العليا في الفيلق و فيادة الاركان).
عند الساعة 4 عصرا. خفت حدة الرياح و لكن الغبار لا يزال يخفف مدى الرؤية. و قد وصل الامريكان لمسافة 500 متر من القوات العراقية (نصف المسافة المفضلة للاشتباك للدروع للأمريكان). انطلقت 3 سرايا (كل واحدة 140 جندي - 12 برادلي - 9 ابرامز) للشرق. بدأت اشتباكات بالاسلحة الفردية و تم اسكاتها. و من ثم تم اعادة تشكيل التسع دبابات لتصبح في مواجهة الشرق بينما البرادلي خلفها. و ما ان تم تجاوز التل حتى بدأ القصف. حيث كانت توجد 8 دبابات عراقية متخبئة خلف قمة التل على امل مفاجئة الامريكان بالضربة الاولى.
خلال ثوان تم تدمير 3 دبابات عراقية باستخدام المناظير الحرارية. و كانت الضربة العراقية بعيدة عن الهدف. و استغرق الملقم الالي لدبابة تي-72 10 ثوان كاملة لاعادة التذخير! و كان المراقب الامريكي يلاحظ ارتفاع سبطانة الدبابة العراقية قليلا اثناء التحميل. مما يعني انها لن تطلق النار لعدة ثوان! و لم يكن امام تلك السرية العراقية اي منظاير حرارية. و من خلال الغبار كانت المعركة اشبه بمعركة بين المبصر و الاعمى.
دقائق و انتهت المعركة بتدمير الدبابات العراقية. و تظاهر بعض العراقيين بالموت حتى تمر الدبابات الامريكية من بينهم و من ثم كانوا يحاولون اطلاق القذائف الموجهة على الابرامز من الخلف.
على بعد حوالي 2 كم شرق هذه المواجهة. كان هناك نسق ثاني من قوات فرقة توكلنا: 17 دبابة تي-72. و تم ارسال اشارة بالراديو الى السرايا بالتوقف ﻷنها وصلت حد الخط 70 المرسوم في الخطة حتى الان. و كان الرد انهم لا يستطيعون التوقف ﻷنهم في حالة اشتباك مع العدو. و مع حلول العصر تم ضرب النسق الثاني العراقي و وصلت السرايا الى مسافة 3 كم شرق الخط 70. و نفس الحال تكرر مع السرية الثانية في الشمال. مع خسارة عربة برادلي واحدة قتل فيها السائق بصاروخ تاو من كتيبة مجاورة. خسر العراقيون اكثر من 30 دبابة في المواجهتين و مثلها من عربات مدرعة. و استمرت المواجهتين اقل من نصف ساعة. اما المواجهة القوية و التي استمرت لساعات طوال فقد كانت مع السرية الثالثة في الجنوب. حيث كانت الاطقم العراقية من الذكاء بحيث انها اطفأت كل الدبابات بحيث لا تستطيع ان تراها المناظير الحرارية الامريكية. و عندما وصل الامريكان مسافة 500 متر. بدأت المعركة. كانت مشكلة العراقيين انهم اختبأوا خلف التلال بشكل كامل. و هو ما حجب رؤيتهم هم. و كلنه لم يحميهم من رمايات التاو.
و كان الامر اشبه بتدريب رماية للأمريكيين: الدبابات على شكل اقرب للخط (او V) و الدبابات الخارجية تضرب من الخارج للداخل و الدبابات الداخلية تضرب من الداخل للخارج. و عربات البرادلي في الخلف للحماية - و هي تملك مناظير رؤيا اقوى - تعين الاهداف العراقية بواسطة صلية رشاش تلحقها دبابة ابرامز بقذيفة. حاربت قوات الفرقة العراقية بقوة لكن بدون فعالية. و سجل الامريكان اصابة بدن الدبابات و المدرعات بالرشاشات العراقية و بنيران الهاونات و حتى تم رصد بعد اطلاقات صواريخ الساعر لكن بدون اي اصابات حاسمة. باستثناء اصابة واحدة من عربة BMP عراقية. اطلقت قذيفة عيار 73 ملم لامست عربة برادلي، و خلال ثوان اطلقت قذيفة ثانية و اصابت البرادلي مباشرة و قتلت الملقم و جرحت جندي اخر.
و قد اندفعت قوات الفرقة الاولى (الموجودة شمال الفرقة الثالثة التي كانت منهمكة في قتال فرقة توكلنا) للامام لمحاولة الاشتباك مع الخط الاول لفرقة المدينة. و قد قام العراقيون بارسال كتيبة دبابات في الثغرة التي بدأت تتشكل بين الفرقتين. و قد كانت الثغرة كبيرة لدرجة ان كلا الفرقتين لم تنتبه للقوات العراقية. بل تم تحذيرهم من طائرات الرصد الالكتروني. و لم توجد اي قوات يمكنها صد المناورة العراقية الممتازة على الارض. فكان الانقاذ من الطائرات المروحية التي دمرت الرتل العراقي.
انتهت فرقة توكلنا كتشكيل قتالي متماسك. لكن بسالة الجنود العراقيين استمرت على شكل هجمات فردية بدون اي تنسيق و لمدة 3 ساعات. هم يتقدمون حتى يصلوا منطقة القتل للقوات الامريكية و يتم ضربهم و هكذا. و قد كانت هناك اسهامات من المدفعية و من الطيران في ضرب الفرقة العراقية حتى انتهى القتال حوالي الساعة 10 مساءا.
الحصيلة: اطلاق اكثر من 300 دانة مدفع و صاروخ تاو. تدمير اكثر من 200 الية عراقية. تدمير لواء من فرقة توكلنا و اجزاء من الفرقة 12 المدرعة. و هنا ظهرت نتيجة اول معركة حقيقية بين الجيش الامريكي و الحرس الجمهوري: لا مجال للمقارنة. عموما الخسارة التكتيكية العراقية كانت غير ذلك من الناحية الاستراتيجية (كرأي شخصي). فقد كانت مهمة الفرقة العراقية هي ايقاف تقدم الفيلق المدرع الامريكي لشراء وقت للجيش العراقي لينسحب. و قد اشتروا لهم نصف نهار بمساعدة الجو.
R. Atkinson - Crusade