أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر

حفظ البيانات؟
الرئيسية
التسجيل
الدخول
فقدت كلمة المرور
القوانين
البحث فى المنتدى


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول



 

 قراءة فى رسائل نابليون فى مصر

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
mi-17

المدير
وزيــر الدفــاع

المدير  وزيــر الدفــاع
mi-17



الـبلد : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Qmdowc10
المزاج : الحمد لله
التسجيل : 23/02/2013
عدد المساهمات : 43322
معدل النشاط : 57879
التقييم : 2398
الدبـــابة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر B3337910
الطـــائرة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Dab55510
المروحية : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر B97d5910

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر 1210

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Best11


قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Empty

مُساهمةموضوع: قراءة فى رسائل نابليون فى مصر   قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Icon_m10الخميس 20 أكتوبر 2016 - 20:51

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر (1) بسببه تغير تاريخ مصر وجاء محمد على ليحاربه فحكمنا!

على مدى التاريخ انشغل الباحثون بعدد من القادة العسكريين، الذين أياً كان عددهم فسوف يكون نابليون بونابرت بالتأكيد أحدهم، إن لم يكن أهمهم. وقد لعب نابليون دوراً أساسياً فى تاريخ مصر بسبب غزوته لمصر التى لم يكن يقصدها طمعا فيها، وإنما لمجابهة بريطانيا، العدو الأكبر للإنجليز فى ذلك الوقت، والسيطرة على الطريق إلى الهند للقضاء على مصالح بريطانيا التجارية هناك. فلولا بريطانيا ما فكر نابليون فى غزو مصر، ولولا أن السلطان العثمانى، الذى كانت مصر فى ذلك الوقت ولاية تتبعه، بعث يطلب معونة الولايات الأخرى، التابعة له، لمحاربة نابليون، لما جاء محمد على إلى مصر، ولكنه بدلا من محاربة نابليون حكم مصر!
ومن حسن حظ مصر أن نابليون لم يكن قائداً عسكرياً يحصر اهتمامه فى كسب المعارك بصرف النظر عن أى اعتبار آخر، بل كان باعتباره مهتما بالعلوم وعضوا فى الأكاديمية الفرنسية للعلوم، مقدرا لتاريخ وحضارة مصر التى كان كل تعدادها فى وقت الحملة عام 1798 لا يتجاوز ثلاثة ملايين نسمة. ولهذا نجد أنه ضم فى حملته 167 عالما من علماء الرياضيات والبيئة والكيمياء والآثار والمعادن والجغرافيا والطب وغيرهم.

وإلى جانب قوة ضخمة ضمت 36 ألف مقاتل استقلت «عمارة من السفن» ضمت 300 سفينة يحرسها 55 سفينة حربية، وقع اختيار نابليون على صفوة القواد الذين اختارهم، وسبق أن تجلت خبرتهم فى حروبه السابقة فى إيطاليا وحرب الراين، مما جعلنا نقرأ أسماء برتييه، وكافيريللى، وكليبر، ورينيه، وديزيه، ودوجا، وفوبوا، وبون، وغيرهم من ألمع القيادات العسكرية فى ذلك العصر.

هذه الحملة أقلعت من طولون يوم 10 مايو 1798، وانضمت إليها سفن أخرى قدمت من جنوا وأجاكسيو، ورست كلها فى جزيرة مالطة يوم 9 يونيو بعد شهر. وكان يحكم هذه الجزيرة (نقلاً من كتاب المؤرخ الكبير عبدالرحمن الرافعى الجزء الأول من تاريخ الحركة القومية/ إصدار دار المعارف) طائفة من الرهبان يعرفون بفرسان القديس حنا، ثم عرفوا بفرسان مالطة. وكان موقعها على جانب كبير من الأهمية الحربية، فاحتلها نابليون وأقام بها عشرة أيام، ومنها تحركت الحملة تجاه الإسكندرية فوصلتها أول يوليو 1798، أى بعد شهر من إقلاعها من طولون.

مقدمة لرسائل نابليون اليومية

أكتب هذا كمقدمة سريعة للحديث عن واحد من أعظم الأعمال الثقافية والعلمية التى قام بها مؤخرا المجمع العلمى المصرى، الذى سبق أن احترق فى فوضى الأحداث التى عشناها بعد يناير 2011، ومن حسن الحظ تمت إعادة إصلاحه وترميمه وتولى رئاسته رجل من أفاضل العلماء، هو الراحل الدكتور إبراهيم بدران، يساعده أمين عام على درجة بالغة من العلم والإخلاص هو الأستاذ الدكتور محمد عبدالرحمن الشرنوبى. وقد كان آخر إنتاج المجمع مجلدين فاخرين كل منهما فى أكثر من 500 صفحة تحت عنوان «الأوامر العسكرية اليومية لنابليون بونابرت فى مصر بين 1798 و1799. وهذه الأوامر تمثل- فى رأيى- يوميات نابليون يوما بيوم طوال أيام الحملة.

قام بترجمة العمل الكبير فى فترة تجاوزت سنة كاملة الأستاذ الدكتور أحمد يوسف، الأستاذ بالجامعات الفرنسية، وعضو المجمع العلمى المصرى، والكاتب القدير بصحيفة الأهرام. وقد سبق أن تعرض لأزمة صحية أحاطته فيها قلوب محبيه الذين يقدرون علمه وأخلاقه، ومن حسن حظنا أن أنعم الله عليه بالشفاء ليقوم بهذا العمل الضخم فى ترجمة رسائل نابليون، بعد أن أفرجت عنها وزارة الدفاع الفرنسية منذ عشر سنوات، وأصبحت وثائق ناطقة بالمشاعر والحقائق كما عبر عنها صاحبها فى وقتها وليس عن طريق المعلقين وأصحاب الرأى. فلأول مرة من خلال هذه الأوامر تتكشف شخصية نابليون بمختلف أوجهها، حتى وإن بدت متناقضة بين القائد العنيف الذى يصدر أمره بحرق قرية كاملة، والقائد الذى يتتبع أخبار رقيب أبلى فى الحرب ويهتم بترقيته.

يقول الدكتور أحمد يوسف، فى مقدمة موجزة للعمل الضخم: أعتقد جازما أن هذه الترجمة ستغير ليس فقط من نظرتنا إلى الحملة الفرنسية ككل وكمشروع استعمارى مبكر سيكون نموذجا فيما بعد لهجمات استعمارية أوروبية أخرى على مصر والعالم العربى، بل ستغير أيضا نظرتنا إلى شخصية نابليون بونابرت المعقدة والمركبة، والتى يرى الكثيرون، ومنهم المؤرخ الكبير «جان تيولار»، أن هذا القائد الشاب، والذى احتفل فى القاهرة بعيد ميلاده التاسع والعشرين، قد انتابته طموحات الإمبراطورية عندما كان مجرد حاكم، وأنه لو لم يكن حاكما على المصريين لما أصبح إمبراطوراً على الفرنسيين.. وللحديث بقية.


م

يتبع .....



عدل سابقا من قبل mi-17 في الثلاثاء 8 نوفمبر 2016 - 21:03 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mi-17

المدير
وزيــر الدفــاع

المدير  وزيــر الدفــاع
mi-17



الـبلد : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Qmdowc10
المزاج : الحمد لله
التسجيل : 23/02/2013
عدد المساهمات : 43322
معدل النشاط : 57879
التقييم : 2398
الدبـــابة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر B3337910
الطـــائرة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Dab55510
المروحية : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر B97d5910

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر 1210

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Best11


قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Empty

مُساهمةموضوع: رد: قراءة فى رسائل نابليون فى مصر   قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Icon_m10الخميس 20 أكتوبر 2016 - 20:58

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر(2)

بدأت أوامر أو رسائل نابليون إلى مختلف القيادات وأركان الحملة التى قادها لغزو مصر بالرسالة التى تحمل رقم 2284، التى أصدرها من مقر قيادته فى باريس يوم 5 يناير 1798، وتنتهى بالرسالة رقم 4769، التى وقعها فى باريس أيضا يوم 15 نوفمبر 1799، بعد عودته إلى بلاده، وهى الفترة التى غطاها العمل الضخم الذى قام بترجمته الأستاذ الدكتور أحمد يوسف، الأستاذ بالجامعات الفرنسية، عضو المجمع العلمى المصرى، وتولى مراجعته الأستاذ الدكتور محمد عبدالرحمن الشرنوبى، أمين عام المجمع.
وترجمة هذه الرسائل عمل صعب، ولا يقل صعوبة اختيار ما أنشره ليضيف إلى القارئ ويعرفه بنابليون مباشرة فى حملته على مصر، من خلال أوامره المباشرة، وهو ما جعلنى أختار الرسائل التى تسجل أهم أحداث الغزو.

وتسجل الرسالة 2593 بتاريخ 6 يوليو 1798، التى بعث بها نابليون إلى حكومته، تقريرا يحكى فيه ما حدث منذ وصوله إلى الإسكندرية بعد أن غادر جزيرة مالطة، التى كانت محطة تجمع تحرك منها إلى مصر، فيقول: رحل الجيش من مالطة (فى 24 يونيو)، حيث كانت الرياح باردة والبحر هائجا، وكان الجنرال «مينو» على رأس فرقته أول من نزل على بعد فرسخ ونصف (نحو سبعة كيلومترات) من الإسكندرية. وقد نزلت أنا مع الجنرال كليبر وجزء من الجنود فى الساعة 11 صباحا، وانطلقنا على الفور، وعندها بدأ تشكيل من المماليك والأعراب فى المناوشات مع طلائعنا، ولكننا تجاوزناهم بسرعة... وقد اتجه الجنرال كليبر من عمود السوارى إلى تسلق السور (سور حربى طوله 13 كم كانت الإسكندرية محاطة به)، فى الوقت الذى كان الجنرال «بون» يحطم فيه باب «مدينة رشيد»، وفى هذه الأثناء ذهب «الجنرال مينو» بجزء من قواته لتحطيم السور، وكان أول من دخل إلى المدينة (يقصد الإسكندرية)، وكانت النتيجة أنه تلقى 7 طعنات لم تكن لحسن الحظ خطرة على حياته. أما الجنرال كليبر، الذى كان متواجدا أسفل السور، فقد تلقى رصاصة فى جبهته ألقت به على الأرض، رغم أن جرحه ليس خطيرا ولا مميتا. وعندها ضاعف جنوده من حاملى القنابل اليدوية من جرأتهم واقتحموا السور ودخلوا المدينة. (كل ذلك عن الإسكندرية).

أما جنود الكتيبة الرابعة، بقيادة الجنرال مارمون، فقد حطمت باب «مدينة رشيد» باستخدام البلط، وبعدها دخلت كل قوات الجنرال «بون» إلى المدينة العربية. وقد قتل المواطن «ماس» قائد كتيبة من الفرقة 32، أما الجنرال المساعد «إسكال» فقد جُرح جروحا خطيرة. وعندما سيطرنا على الأسوار والمدينة سيطرة كاملة احتمى العدو فى القلعة ثلاثية الأضلاع وفى الفنار وفى المدينة الجديدة. وكان كل بيت من بيوت الناس قلعة فى حد ذاته. ولكن قبل أن ينتهى النهار كنا قد فرضنا الهدوء وأصبحنا سادة المدينة بقلاعها وميناءيها.

وفى هذه الأثناء كان الأعراب والبدو يطلقون علينا تشكيلات من فرسانهم تتراوح بين 30 و50 رجلا لمناوشة مؤخرة جيشنا. ولم يكفوا عن التحرش بنا مدة يومين حتى توصلت إلى اتفاق معهم، ليس فقط اتفاق صداقة بل تحالف. وقد حضر عندى أمس 13 من أهم زعمائهم وجلست وسطهم وتبادلنا الحديث مطولا، وبعد أن اتفقنا على بنود الاتفاق تناولنا الطعام الذى أقسمنا عنده أن يذهب إلى الجحيم من سوف يخالف هذا الاتفاق من طرفنا أو من طرفهم.

وها هى بنود الاتفاق: من طرفهم التوقف عن التحرش بمؤخرة جيشنا، وأن يمدونى بكل أنواع المعونة التى فى إمكانهم، وأن يمدونى بالعدد اللازم من الرجال الذى سأطلبه لمقاتلة المماليك.

ومن طرفى أنا: عندما أصبح سيدا على مصر أرد إليهم الأراضى التى كانت فى حوزتهم من قبل (يقصد التى استولى عليها المماليك من الأعراب والبدو)، وأن تقام الصلاة فى المساجد كالعادة، وأن يكون عندى فى البيت كثير من الأئمة والقضاة والأشراف والمفتين وكل الزعماء الدينيين. وتجدون مرفقا: نسخة من محضر الجلسة بحضور المفتين وزعماء البلاد، ونسخة من أوامر مختلفة أعطيتها حتى نستطيع أن نضمهم رويدا رويدا إلى صفوفنا. إن هذه الأمة هى تماما كما توصف فى كتب الرحالة وكتابات المسافرين، هادئة ومعتزة بنفسها وشجاعة.

وينهى نابليون بونابرت رسالته لحكومته مقرراً:

■ سيصل الأسطول اليوم إلى أبى قير حتى ننتهى من إنزال المدفعية.

■ إننى فى حاجة أن ترسلوا لى بأقصى سرعة السفن الثلاث المصنوعة فى البندقية والمتواجدة فى ميناء طولون.

■ لقد وصلت فرقة «الجنرال ديزيه» إلى دمنهور متعبة بعد أن عبرت صحراء قاحلة طولها 14 فرسخا (حوالى 60 كيلومترا)، وسوف تصل إليها فرقة الجنرال «رينييه» هذا المساء، وفرقة الجنرال «دوجوا» إلى رشيد.

■ يقود حاليا قائد الفرقة الجنرال «بيرييه» أسطولنا الخفيف فى النيل، وسوف يرسل جزءا من سفنه للصعود فى النهر.

■ لقد طلبت منكم الموافقة على منح «جانتوم»، رئيس أركان البحرية بالجيش، رتبة لواء بحرى، نظرا لأنه ضابط عظيم الكفاءة ويتميز بشجاعته وخبرته وثقافته.

■ لقد بلغ عدد قتلانا عند الاستيلاء على الإسكندرية من 30 إلى 40 رجلا، وعدد الجرحى من 80 إلى 100 رجل، وأطلب منكم أيضا منح رتبة قائد أسطول للمواطن «سولكوفيسكى»، وهو ضابط ذو جدارة عالية، وقد سقط مرتين عند فتح الثغرة فى سور المدينة.


م

يتبع .....

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mi-17

المدير
وزيــر الدفــاع

المدير  وزيــر الدفــاع
mi-17



الـبلد : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Qmdowc10
المزاج : الحمد لله
التسجيل : 23/02/2013
عدد المساهمات : 43322
معدل النشاط : 57879
التقييم : 2398
الدبـــابة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر B3337910
الطـــائرة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Dab55510
المروحية : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر B97d5910

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر 1210

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Best11


قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Empty

مُساهمةموضوع: رد: قراءة فى رسائل نابليون فى مصر   قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Icon_m10الخميس 20 أكتوبر 2016 - 21:00

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر (3)

كانت أول رسالة فى صورة تقرير أرسلها نابليون إلى حكومته من الإسكندرية يوم 6 يوليو 1798 (انظر الحلقة السابقة)، وبعد 18 يوما، بعث نابليون لحكومته الرسالة الثانية من مقر قيادته فى الجيزة التى كان قد وصلها يوم 22 يوليو بعد توقفه فى دمنهور ثم الرحمانية.
يقول نابليون فى رسالته بتاريخ 24 يوليو 1798: «فى يوم 7 يوليو رحل الجيش من الإسكندرية ووصل إلى دمنهور اليوم التالى بعد معاناة شديدة فى عبور الصحراء بسبب درجة الحرارة الشديدة ونقص المياه».

■ معركة الرحمانية: فى يوم (10 يوليو) وصلنا إلى نيل الرحمانية، حيث التحمنا بفرقة الجنرال «دوجوا» القادمة بأقصى سرعة من رشيد. وقد هزم جيش من المماليك يبلغ تعداده من 700 إلى 800 مملوك جيش «الجنرال ديزيه».. وبعد معركة حامية بالمدافع وخسارة بعض الرجال انسحب المماليك.

■ معركة شبراخيت: علمت أن مراد بك على رأس جيش مكون من عدد ضخم من الفرسان، ومن 8 إلى 10 مراكب مزودة بالمدافع، بل أيضا ببطاريات مدافع مثبتة على النيل، كان ينتظرنا فى قرية شبراخيت. وفى مساء 12 زحفنا للقاء جيشه ووصلنا فجر اليوم التالى لنجد أنفسنا فى مواجهة هذا الجيش. ولم يكن لدينا سوى 200 فارس مرهقين متعبين بعد عبورهم الشاق للصحراء، بينما كان المماليك فى أبهى حالاتهم، تغطى ملابسهم الذهب والفضة، ومسلحين بأفضل البنادق والمسدسات المصنوعة فى لندن، وأفضل سيوف الشرق، ويمتطون خيولاً ربما كانت أفضل خيول القارة.

اصطف الجيش المكون من خمس فرق، وقد كونت كل فرقة كتيبة مربعة الشكل، وكانت الكتيبتان 2 و4 مصطفتين خلف الكتيبتين 1 و3، والفرق الخمس مصطفة على شكل هرم، وقد استند بعضها إلى بعض وقد أحاطتها من الخلف قريتان تحتلهما قواتنا.

ويمضى نابليون فى وصفه قائلا: كان المواطن «بيريه» قائد أسطول النيل الخفيف قد هاجم أسطول المماليك بثلاثة قوارب محملة بالمدافع، وقارب مسلح وفرقاطة خفيفة، وكان القتال بينهما عنيفا، حيث أطلق كل من الطرفين أكثر من 1500 طلقة مدفع. وقد جرح «بيريه» فى ذراعه بطلقة مدفع، وبفضل إصراره وشجاعته استطاع استرداد مراكب المدفعية الثلاثة والفرقاطة الخفيفة التى كان المماليك قد أخذوها منه، كما استطاع أن يشعل النار فى سفينة القيادة المملوكية.

وقد أغرق فرسان المماليك بخيولهم كل السهل، ثم اجتاحت أجنحة جيشنا وحاولت بكل الوسائل اختراق خطوطنا من الجانبين أو من الخلف والبحث عن نقطة ضعف فيها لاختراقها، ولكن كانت خطوطنا صلبة وقاومت بشجاعة النيران التى كانت تطلق عليها من الأطراف ومن الأمام. وعاود المماليك عدة مرات الهجوم، لدرجة أن الشجعان منهم حاولوا المجىء حتى صفوفنا للقتال المباشر، ولكنهم استُقبلوا بنيران صفوف متراصة فى المسافات بين الكتائب. وأخيرا وبعد أن ظلوا على مرمى مدافعنا جزءا من نهار اليوم، بدأوا انسحابهم ثم اختفوا، ويمكن تقدير خسائرهم بـ300 رجل بين قتيل وجريح. ثم واصلنا سيرنا لمدة 8 أيام ونحن محرومون من كل شىء وتحت طقسٍ الأشد حرارة فى العالم. وفى يوم (20 يوليو) عند الصباح، لمحنا عن بُعد الأهرامات. وفى نفس اليوم عند المساء كنا على بعد 6 فراسخ (36 كيلومترا) من القاهرة، وعلمت أن 23 من البكوات من المماليك ومعهم كل قواتهم قد تحصنوا عند إمبابة وتوجوا هذا التحصين بـ60 قطعة مدفع.

أتوقف هنا، فمازال للتقرير بقية يصف فيها نابليون معركة الأهرامات، لأشير فيما سبق إلى عدم تقليل نابليون من استعدادات المماليك وكفاءتهم القتالية والتخطيطية، واعترافه بأنهم كانوا منظمين وأنهم أرهقوا الفرنسيين. ولكن نابليون لا يفصح عن خسائره بنفس القدر الذى يتحدث فيه عن خسائر المماليك الذين وصفهم بأنهم كانوا فى أفضل استعداد، تغطى ملابسهم الذهب والفضة وكأنهم خرجوا واثقين من النصر الذى سيحققونه على الفرنسيين...


م

يتبع...

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mi-17

المدير
وزيــر الدفــاع

المدير  وزيــر الدفــاع
mi-17



الـبلد : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Qmdowc10
المزاج : الحمد لله
التسجيل : 23/02/2013
عدد المساهمات : 43322
معدل النشاط : 57879
التقييم : 2398
الدبـــابة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر B3337910
الطـــائرة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Dab55510
المروحية : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر B97d5910

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر 1210

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Best11


قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Empty

مُساهمةموضوع: رد: قراءة فى رسائل نابليون فى مصر   قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Icon_m10الخميس 20 أكتوبر 2016 - 21:02

مجزرة فاصلة مع المماليك تسمح لنابليون بدخول القاهرة

لم يكن نابليون، كما هو واضح من أوامره، يتوقع أن تواجه قواته مقاومة من الأهالى المصريين الذين سيحسنون استقباله على أساس أنه جاء لتخليصهم من المماليك، إلا أن الطبيعة المصرية لمقاومة أى ظهور أجنبى تغلبت، ما جعل نابليون يرتاب فى نوايا السيد محمد كريم، حاكم الإسكندرية، الذى اتهمه بأنه ينظم مقاومة من المصريين ضد قواته فى الإسكندرية، فأمر بالقبض عليه.
وكما ورد فى التقرير المطول الذى بعث به نابليون إلى باريس، فقد حكى نابليون عما واجهه جيشه فى طريقه إلى القاهرة، بقيادة الجنرال «دوجوا» فى معركة الرحمانية، ثم فى معركة شبرا خيت التى كان «مراد بك» قد جهز لها جيشا قويا من المماليك (انظر التفاصيل عدد الثلاثاء الماضى). ويواصل نابليون تقريره فى الرسالة رقم 2625 فيتحدث عن المعركة الحاسمة لدخول القاهرة، وهى «معركة الأهرامات» فيقول:

فى (21 يوليو 1798) عند بزوغ الفجر التقينا بطلائع جيش المماليك، وقد دحرناها من قرية إلى قرية إلى أن وجدنا أنفسنا فى مواجهة تحصينات جيش العدو. وقد أعطيت الأمر لفرق الجنرالين ديزيه ورينييه بأخذ مواقعهم على اليمين بين الجيزة وإمبابة حتى يستطيعوا قطع اتصالات العدو مع الصعيد الذى كان المهرب الطبيعى له. وكان الجيش مصطفا بنفس الطريقة التى كانت فى موقعة شبرا خيت. وعندما لاحظ مراد بك تحركات فرقة الجنرال ديزييه قرر أن يهاجمها، فأرسل واحدا من أشجع مماليكه ومعه كتيبة من الفرسان الخاصة التى هاجمت بسرعة البرق الفرقتين الفرنسيتين، فتركناهم يقتربون منا حتى 50 خطوة، ثم استقبلناهم بعاصفة من الرصاص وطلقات الرشاشات التى أسقطت عددا كبيرا منهم، ثم ألقى جيش المماليك بنفسه فى الفراغات الموجودة بين الفرق، ولكنه استُقبل بوابل من طلقات النيران التى أتمت هزيمتهم.

ويضيف نابليون، الذى يكشف التقرير أنه هو شخصيا الذى أدار معارك دخول قواته القاهرة: وقد انتهزت الفرصة وطلبت من الجنرال بون، الذى كان متمركزا على النيل، ومن الجنرال «فيال»، الذى كان يقود فرقة الجنرال «مينو»، بالهجوم على دفاعات المماليك وتحصيناتهم، ومساندة طابور الهجوم الذى كان يقوده الجنرال الشجاع «رانبون»، وعندما خرج جنود المماليك من خنادقهم استقبلهم جنودنا بسونكى ورصاص بنادقنا. وبينما انتشرت جثثهم على أرض المعركة كانت قواتنا تحتل مواقعهم. ثم اندفعت فلول جيشهم ناحية اليسار للفرار دون أن يعلموا أنه كانت هناك كتيبة من حاملى البنادق تنتظرهم، فأطلقت عليهم وابلا من النيران، وكانت مجزرة بشعة حتى إن من بقى منهم فضل أن يلقى بنفسه فى النيل ويغرق. وقد استولينا منهم على 400 جمل محملة بالأمتعة، و50 قطعة مدفع، وقدرت خسائرهم بألفى رجل من الفرسان الخاصة إما جُرح أو قُتل. أما خسائرنا فكانت بين 20 و30 قتيلا و120 جريحا. وفى نفس الليلة تم إخلاء القاهرة من كل السفن الحربية والزوارق والمراكب، بل وفرقاطة كانت قد تم حرقها. وفى يوم (22 يوليو) دخلت قواتنا القاهرة. وأثناء الليل خرج العامة من المصريين وأحرقوا بيوت المماليك وارتكبوا فظائع كبرى. إن القاهرة التى يسكنها 300 ألف نسمة يسكنها أيضا أقبح الرعاع فى العالم(!)

ويقول نابليون: بعد هذا العدد الكبير من المعارك التى طلبت من قواتى خوضها ضد قوة أكبر منها، لابد أن أقول وأمدح ثباتهم ورباطة جأشهم فى هذه الظروف. والواقع أن هذا النوع من الحرب الجديدة إن لم يكن قد تطلب منهم هذا الصبر الذى يتعارض مع اندفاع الشخصية الفرنسية المعروفة، ولو كانوا قد تركوا العنان لحماسهم ما استطاعوا أبدا أن يحوزوا هذا الانتصار الذى لم يكن من الممكن الوصول إليه إلا برباطة الجأش والصبر الجميل. لقد أظهر فرسان المماليك فى هذه المعركة شجاعة فائقة، لأنهم كانوا يدافعون عن ثرواتهم. لم يكن واحد منهم يقع فى أيدى جنودنا إلا وجدنا معه 300 أو 400 أو 500 عملة ذهبية (مبالغ ضخمة جدا بمقياس ذلك الوقت، ويدل ذلك على أن المماليك حملوها استعداداً للهرب فى حالات الضرورة).


م

يتبع .....

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mi-17

المدير
وزيــر الدفــاع

المدير  وزيــر الدفــاع
mi-17



الـبلد : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Qmdowc10
المزاج : الحمد لله
التسجيل : 23/02/2013
عدد المساهمات : 43322
معدل النشاط : 57879
التقييم : 2398
الدبـــابة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر B3337910
الطـــائرة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Dab55510
المروحية : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر B97d5910

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر 1210

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Best11


قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Empty

مُساهمةموضوع: رد: قراءة فى رسائل نابليون فى مصر   قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Icon_m10الخميس 20 أكتوبر 2016 - 21:06

قراءة فى رسائل نابليون من مصر (5)

أستكمل ما بدأته فى الأسبوع الماضى عن رسالة نابليون رقم 2526، التى بعث بها إلى حكومته بتاريخ 24 يوليو 1798، والتى سجل فيها المعارك الحربية التى خاضها، والتى تولى بنفسه قيادتها فى مواجهة المماليك الذين كانوا أعدوا عدتهم لملاقاته ويعترف نابليون بأنهم كانوا على درجة من الشجاعة، ثم لا يكتفى بذلك، بل يتحدث عن الملاحظات التى سجلها بعد دخوله القاهرة ورأيه فى المصريين فى ذلك الوقت قبل أكثر من مائتى سنة.
يصف نابليون حياة المصريين كما شاهدها فيقول: من الصعب أن ترى أرضا بهذه الخصوبة وشعبا بهذا الفقر وهذا الجهل وهذا الحمق. إنهم يفضلون «زراراً» فى سترة أحد جنودنا على عملة تبلغ قيمتها 6 فرنكات. أما فى القرى فلا يعرفون اختراعا اسمه «المقص»، ومنازلهم مصنوعة بقليل من الطين، وكل الأساس الذى لديهم هو مرتبة من القش و3 أو 4 أوانٍ من الفخار. إنهم يستهلكون ويأكلون بشكل عام أقل القليل جدا، ولا يعرفون استخدام الطواحين، حتى إننا كنا نصر فى أحيان كثيرة أن ننام على أكوام من القمح دون أن يستخرج منه الدقيق. ولم نكن نأكل إلا الخضار واللحوم. أما القليل من الدقيق الذى كانوا يصنعونه فكانوا يستخدمون فيه الطحن بالحجر، وفى القرى الكبيرة فقط توجد طواحين تجرها الثيران.

ويضيف نابليون: لقد كنا دائما معرضين للتحرش من قبل أسراب من الأعراب الذين يُعتبرون من أكبر اللصوص وأشر أنواع البشر. وهم يغتالون الفرنسيين اليوم كما اغتالوا الأتراك بالأمس، ويغتالون كل من يقع فى أيديهم. لقد سقط الجنرال «ميرور» والعديد من الضباط وضباط الأركان والياوران بعد أن اغتالتهم هذه الحثالة، وهم يتخفون خلف السدود وفى الخنادق على خيولهم الصغيرة ليذهب ضحيتهم أى جندى يبتعد 100 خطوة عن طابوره. إن الجنرال «ميرور» بالرغم من وجود حراسة معه اندفع وحده وكأنه كان قدرا محتوما عليه، وكنت قد لاحظت هذا كثيرا فى تصرفاته، وقد أراد الإمساك بأحد الخيول على بعد 200 خطوة من المعسكر ولم يكن يعرف أنه على بعد خطوات كان هناك 3 من البدو ينتظرونه لاغتياله. لقد خسرت فرنسا بفقده خسارة حقيقية، لأنه كان واحدا من أشجع الجنرالات الذين عرفتهم.

ويمضى نابليون فى تقريره عن مصر لحكومته قائلا: ليس فى هذه البلاد إلا القليل جدا من العملة، وعلى أى حال فقد كان يكفى لدفع رواتب الجنود. ولكن هناك الكثير من القمح والأرز والخضروات والماشية. والطقس فى مصر صحى جدا لأن الليل بارد. فبرغم أننا مشينا 15 يوما وعانينا من كل أنواع التعب والحرمان المطلق من النبيذ ومن أى شىء يمكن أن يخفف عنا عناء التعب، فإنه لم يسقط مريض واحد، لأن الجنود وجدوا الماء فى أفضل منابعه فى أنواع البطيخ والشمام الموجودة بوفرة هائلة. لقد كان أداء المدفعية متميزا على وجه الخصوص، وأطلب ترقية الجنرال دومارتان قائد كتيبة إلى رتبة جنرال قائد فرقة. كما رقيت إلى رتبة جنرال كتيبة قائد الكتيبة «ديستان»، أما الجنرال «زيونشيك»، الذى أبلى بلاء حسنا فى المهام المختلفة التى كلفته بها، فقد رقيته إلى رتبة قائد الفرقة الرابعة مختلطة.

لقد وصل المدير الإدارى للجيش «سوسى» على ظهر مركب فى النيل- يضيف نابليون- حتى يستطيع أن يحمل إلينا المؤن والأطعمة القادمة من الدلتا، إلا أنه عندما رأى أن المعركة قد بدأت فإنه ألقى بنفسه فى قارب مدفعى، وقد حاصرته سفن الأعداء (المماليك) وكادوا يفتكون به لأنه كان يريد اللحاق بى على أرض المعركة، إلا أنه ألقى بنفسه فى النيل رغم الجرح الخطير الذى تعرض له فى ذراعه واستطاع أن يعطى المثل فى الشجاعة بعد أن تمكن من سحب قاربه وإنقاذه من الموقف الصعب الذى كان فيه.

لم تصلنا أى أخبار من فرنسا منذ رحيلنا، سأرسل لكم باستمرار ضابطا يحمل كل المعلومات عن الوضع الاقتصادى والنفسى والسياسى فى هذه البلاد، وسوف أعرفكم أيضا بكل تفاصيل الجنود الذين أبلوا بلاء حسنا والترقيات التى قمت بها. أرجو الموافقة على منح الأميرال المساعد بيريه رتبة قائد فرقة، والواقع أنه واحد من أفضل ضباط البحرية المتميزين بإصرارهم. وأرجو أن تدفعوا مكافأة قدرها 1200 جنيه إلى زوجة المواطن «لارى» قائد الجراحين بالجيش، حيث أدى لنا فى عز الصحراء أكبر الخدمات وتفانى أشد التفانى، وهو أفضل ضابط بالجيش يمكن أن يكون على رأس إسعافاته. نابليون


م

يتبع .....

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mi-17

المدير
وزيــر الدفــاع

المدير  وزيــر الدفــاع
mi-17



الـبلد : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Qmdowc10
المزاج : الحمد لله
التسجيل : 23/02/2013
عدد المساهمات : 43322
معدل النشاط : 57879
التقييم : 2398
الدبـــابة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر B3337910
الطـــائرة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Dab55510
المروحية : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر B97d5910

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر 1210

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Best11


قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Empty

مُساهمةموضوع: رد: قراءة فى رسائل نابليون فى مصر   قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Icon_m10الخميس 20 أكتوبر 2016 - 21:07

قراءة فى يوميات نابليون فى مصر (6):تدمير الأسطول الفرنسى فى معركة لا يعرف نابليون تفاصيلها!

كان الإنجليز قلقين من وصول نابليون إلى مصر، وقد حاولوا بالأساليب البدائية فى الاتصالات التى كانت موجودة فى ذلك الوقت قبل 200 سنة تتبع أخباره، وبعثوا أسطولهم إلى الإسكندرية يستطلع إذا كان قد وصل إليها، إلا أنهم لم يجدوا أثرا له. وبعد أن غادر الأسطول الإنجليزى المياه المصرية وصل نابليون ونزل فى الإسكندرية وتمكن من الوصول إلى القاهرة. وعرفت إنجلترا بالخبر فعادت توجه قواتها البحرية إلى أبوقير التى كانت مياهها عميقة وقادرة على رسو البواخر الحربية التى جاءت فى حملة نابليون.
وصل الأسطول الإنجليزى بقيادة الأميرال نلسن إلى أبوقير يوم أول أغسطس 1798، وكان مكوناً من 15 سفينة حربية تحمل 1050 مدفعا و8240 بحارا، ليواجه الأسطول الفرنسى بقيادة «الأميرال برويس»، والذى كان مكونا من 17 سفينة حربية عليها 1180 مدفعا و8900 بحار، وهى أرقام تشير إلى تعادل الطرفين. إلا أن كفاءة القيادة وحسن الاستعداد والنظام مكنت الأسطول البريطانى من أن يصيب الأسطول الفرنسى إصابات ضخمة تم معها تدمير معظم السفن الفرنسية ومقتل الأميرال «برويس»، قائد الأسطول، ونحو أربعة آلاف من البحارة الفرنسيين. وكانت خسارة كبيرة أصابت البحرية الفرنسية وقضت على آمال فرنسا ونابليون فى فرض سيادتهما على البحر الأبيض، كما أصابت بشدة الحملة الفرنسية فى مصر.

والغريب أن أخبار هذه المعركة البحرية لا تظهر فى رسائل نابليون التى كانت تتضمن الكثير من التفاصيل، فيما عدا رسالة إنسانية وجهها نابليون إلى أرملة الأميرال برويس، الذى كان يقود الأسطول الفرنسى، وأصابته قنبلة فصلت فخذه الأيسر وقضت على حياته. ويبدو أن نابليون تأثر كثيرا من الطريقة التى قُتل بها فكتب هذه الرسالة لأرملته التى تحمل رقم 2869 بتاريخ 19 أغسطس 1798، أنقلها نصا، ويقول فيها:

«لقد قُتل زوجك بطلقة مدفع وهو يقاتل على ظهر سفينته. لقد مات دون أن يتألم، ميتة هادئة يتمناها كل عسكرى. إننى أشعر بشدة ألمك. إن اللحظة التى تفصلنا عن أحبائنا لهى لحظة قاسية، وهى تعزلنا عن الأرض، وتجعلنا نشعر فى أجسامنا بخلجات الاحتضار التى كان يعانيها الأميرال. وتنهار كل القوى التى منها الروح، ونشعر فى هذا الموقف بأن لا شىء هناك يستحق الحياة، وأنه سيكون من الأفضل أن نموت. ولكن وبعد هذا التفكير ننزع إلى ضم أطفالنا إلى صدورنا، وتعطى الدموع والمشاعر الرقيقة روحا جديدة للطبيعة، وندرك أننا نعيش من أجل أطفالنا. نعم يا سيدتى إنك تبكين معهم وسوف تقومين بتربيتهم وتثقيف شبابهم وعندها ستحدثينهم عن أبيهم وعن الألم الذى عانيته منهم، وعن الخسارة التى عانوا منها وعانت منها الجمهورية. وبعد أن تعيدى ارتباط روحك بالعالم بهذا الحب الأبوى وحب الأمومة سوف تقدرين حق التقدير والصداقة والاهتمام الذى أشعر به تجاه زوجة صديقى. كونى على ثقة بأن هناك رجالا عددهم قليل يستحقون الأمل الناتج عن الألم، لأنهم يشعرون بالحرارة التى تولدها آلام الروح. نابليون».

وفى 21 أغسطس يكتب نابليون رسالة إلى الأميرال جانتوم، قائد القوات البحرية، أهم ما فيها اكتشاف أنه- أى نابليون- لا يعرف تفاصيل المعركة التى دارت بين أسطوله والأسطول البريطانى، فنجده يقول لقائد البحرية: أصبحت أجهل تماما عدد البحارة الموجودين بالإسكندرية. ويقول البعض إن الإنجليز أعادوا كل أسرى الحرب، وهو ما يعنى أن هناك 5000 إلى 6000 فى أسطول الإسكندرية، فأرجو أن تعطينى تقريرا مفصلا جدا عما حدث حتى أستطيع أن أخبر الحكومة بذلك. إن كل ما تلقيته حتى الآن لا أستطيع أن أكون منه أصغر تقرير. كيف كانت قوة الإنجليز؟ هل كانت لديهم سفن ذات ثلاثة طوابق؟ كم عدد السفن ذات الـ80 طنا؟ وكم عدد التى أقل من 74؟ فى الوقت الراهن أعتقد أنهم رحلوا. كم عدد السفن التى أخذوها معهم أو أحرقوها وما هى؟ من هم أهم القادة لدينا الذين استطاعوا النجاة، ومن هم الذين قُتل منهم؟ ومن الذين وقعوا فى الأسر؟ لماذا استسلمت الفرقاطة «لو فرانكلين» دون قتال تقريباً؟ وهل الفرقاطة «لو جينيرو» التى استطاع الجنرال «فيلنوف» إنقاذها فى حالة جيدة؟ هل تستطيع سفينة حمولة 80 طنا الدخول عمليا فى ميناء الإسكندرية؟ لقد أرسلت الأميرال «بيريه» (المدير الإدارى للبحرية الفرنسية) إلى رشيد من أجل ملاحظة الموقف بالنسبة للإنجليز، وأن يقدم لى بدوره تقريرا عما شاهده.

وكما يتضح من تساؤلات نابليون فقد جرت معركة بحرية دُمر فيها الأسطول الفرنسى، ولكن دون أن تصل معلومات لقائد الحملة سوى مقتل قائد الأسطول «برويس»، فيسرع نابليون بالكتابة إلى أرملته متأثرا قبل أن يعرف أى شىء عن تفاصيل المعركة.


م

يتبع ......

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Abd_elrahman2011

لـــواء
لـــواء
Abd_elrahman2011



الـبلد : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Egypt110
العمر : 39
المهنة : ( مدرس لغة فرنسية )
المزاج : لله الحمد والمنة
التسجيل : 09/02/2011
عدد المساهمات : 2766
معدل النشاط : 2690
التقييم : 190
الدبـــابة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Nb9tg10
الطـــائرة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Dab55510
المروحية : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر 3e793410

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر 111


قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Empty

مُساهمةموضوع: رد: قراءة فى رسائل نابليون فى مصر   قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Icon_m10الجمعة 21 أكتوبر 2016 - 7:14

حقيقة لا أدري بم أبدأ الرد على هذه السلسلة من المقالات سوى بالتعبير عن شديد خيبة الأمل ..
فما زالت جماهير أمتنا العربية الإسلامية ترزح تحت وطأة الاستعمار .. نعم الاستعمار الثقافي الفكري وليس بالضرورة العسكري
إن ثقافتنا التي نسقيها أولادنا عن تاريخنا لهي ثقافة يغلب عليها الزيف والخلط .. نستمد أصولها من أعدائنا الذين نجحوا بالفعل في تدجين
العديد منا .. وإقناع أكثرنا بضرورة الرضا بحالة الجهل المستفيض، والتنطع والتعالم بناء على ذلك الفتات الثقافي المزيف الذي يلقونه لنا!
وأما من يكشف الله -عزوجل- عنه غمامة الجهل ويمنُّ عليه بنور الحقيقة فإنه ولا شك يعيش المعاناة في أبشع صورها، ولا ينفك يلقي بنفسه
في معركة تلو معركة لا يجد في ذلك وقتا لجراحاته أن يعالجها حتى تندمل .. آملا أن تستيقظ أمته من سُباتها العميق وغفلتها التي تنبي بالغيبوبة الكاملة!
ومن باب إحقاق الحق وإبطال الباطل أجدني مضطرا لسَوق ردود تبين كثيرا من الخلل الذي انتاب تلك القصة الواردة في المقالات، بادئا فيها ببيان
أصل الصراع، ومثَنّيًا فيه بالرد على بعض من استُدِلّ بهم في المقالات كعبد الرحمن الرافعي في كتابه: تاريخ الحركة القومية ، ومنتيها بقصة التفريغ الثقافي
التي وقع أكثرنا فيها من حيث لا يدري..
..........................................


الرد الأول: ( بداية القصة التي ملؤها المضحكات المبكيات!)
إن أمتنا العربية الإسلامية أمة مستهدفة منذ بزغ نجمها في عهد النبوة وما بعده .. أمة استطاعت تغيير مفاهيم العالم في عقود قليلة من الزمان
أمة استطاعت انتشال العالم من الجهل والعماية إلى سبيل العلم والرشاد .. أمة بهرت الدنيا بأخلاقها وعلومها وسماحة دينها
ولا سبيل لي الآن وفي معرض سطور قلائل أن أحكي لك القصة منذ بدايتها إلى منتهاها .. ولكني أقنع بالبيان كما قلت وبالرد على بعض المغالطات التي أتت
في المقالات التي سقتَها مع إحالتك على علم أعلام أمتنا العربية - الإسلامية في اللغة والأدب والتاريخ .. وهو الأستاذ العلامة/ محمود محمد شاكر
-رحمه الله تعالى- والذي أفنى حياته في سبيل رفع غطاء الجهل والعماية عن أمته وتبصيرها بما يحاك لها بليل .. وهو الذي كان يدري أن
أخطر ميادين المواجهة بين أمتنا وبين ما اصطلح هو على تسميته (المسيحية الشمالية) هو ميدان الثقافة والفكر والأدب .. ذلك الميدان الذي
صرنا فيه ضُحَكة الأمم ومثالا يدرس في طريقة خضوع وخنوع المهزوم للمنتصر خضوعا وخنوعا ثقافيا وفكريا قبل خضوعنا عسكريا!

..................................

ولكيلا يكون الحديث بمعزل عن أصله أبدأ معك من حيث يستطيع الجميع فهم أصول الصراع..
في قصة وصفها لنا الأستاذ العلامة محمود محمد شاكر -رحمه الله- في كتابه الفذ: رسالة في الطريق إلى ثقافتنا بأنها (قصة ملؤها المضحكات المبكيات)
سألَنا فيها أن نقنع منه بالاختصار المفهم، والإيماء الخاطف، واللمحة الدالة .. وخيرنا فيها بين خطتين لا ثالث لهما:
= بين أن نتقصى المكنون الغائب من تفاصيلها المشتتة في تاريخنا وكتبنا، بعقل وهمة وجِد ويقظة وبصر وإدراك، وبأنفة من قبول الذل والعار والمهانة
وبين أن نَملَّ القصة فنطرحها عن كواهلنا قابلين لمزيد من الذل والعار والمهانة، مستحْلِين في ذلك خداع النفس بأوهام سولتها لنا حياتنا هذه الأدبية الفاسدة
والتي ألقت بكل فسادها في حياتنا اللغوية والثقافية والسياسية والاجتماعية والأخلاقية، بل في صميم حياتنا الدينية أيضا، حتى أوشك أن يضيع كل
شىء كان غير قابل للضياع!


فقص علينا لمحات خاطفة -رحمه الله- من ذلك الصراع الدامي الذي نشب بين الأمة العربية - الإسلامية من جهة وبين أوربة الصليبية منذ عهد
عهد النبوة الخاتمة وحتى يومنا هذا ..
صراع اندحرت فيه فلول الصليبية الشمالية من مستعمراتها في قارتي آسيا وإفريقيا لتحاصر هنالك في الشمال .. في أوربة .. لتعاني ما تعاني
من زوال ملكها وضياع هيبتها التي زالت على أيدي المسلمين!
ومن هذه النقطة نشأ بدواخل قادة ورهبان أوربة الصليبية حقد دفين وبغض بغيض لدار الإسلام بما ومن فيها .. فهم يرون أن كل ما هم بصدده
من الجهل والتخلف وما كان بعدُ من الارتكاس في حمأة القرون الوسطى .. كان بسبب الإسلام والمسلمين..
ونتيجة لذلك الحقد وذياك الاعتقاد كان أن شمرت الحروب الصليبية عن ساقها سنة 1096 م = 489 هـ كان الصراع قبلها مشتعلا مدة خمسة قرون
بين الصليبية المحصورة في الشمال وبين الإسلام الذي يتاخمها جنوبا، فلم تستطع جيوش أوربا الصليبية أن تفعل شيئا ذا بال .. فتدبر قادة
أوربا من رجال الكنيسة وملوك الإقطاع الأمر وخافوا من زوال سلطانهم عن جنوب أوربا .. فاتجهوا إلى شمالها، يدخلون في النصرانية الهمج الهامج
الذي لا دين له يجمعه، ليكون بعد قليل مددا لجيوش جرارة تطبق على ثغور الإسلام وعواصمه في الشام ومصر.
وكان جزءا من هذا الإعداد: تبشيعُ الإسلام في عيون أولئك الهمج من شعوب شمال أوربة وأن أهل الإسلام وثنيون وأن نبيهم كان وكان ..
وجاءت سنة 1096م = 489 هـ وجُيّشت الجيوش من هذا الهمج الهامج من النورمانديين والصقالبة والسكسون بقيادة الرهبان وملوك الإقطاع
وبدأت الحرب بمعارك مروعة سُفحت فيها دماء كثير من المسلمين واستمرت قائمة قرنين من الزمان إلا أنها في النهاية انتهت بالإخفاق واليأس
سنة 1291م = 690 هـ ...
لم يقف الأمر عند حد إخفاق جيوش أوربا الصليبية الجرارة من اقتحام دار الإسلام في الجنوب وعودتها منكسة الرؤس تجر أذيال الخيبة إلى
قواعدها في الشمال، فقد تركت الحروب الصليبية في أنفس المقاتلين من الهمج بصيصا من اليقظة والتنبه باحتكاكهم المستمر بحضارة راقية
كانت تفتنهم، وتبعث في نفوسهم الشك فيما كانوا قد سمعوه من رهبانهم وملوكهم، وتثير في نفوس العائدين إلى مواطنهم ضروبا مختلفة
من القلق، هي على قِلّتها يُخشى أن تنتشر في جماهير هذه الأمم الجاهلة، فتضعف حميّتهم ونخوتهم. وكانت حسرة وغُصّة في قلوب الرهبان
والملوك والمثقفين، وحاولوا أن يستبْقوا هذه الصورة المشوهة عن الإسلام والمسلمين قائمة راسخة في أنفس الجماهير المتحمسة للدفاع
عن نصرانيتها الجديدة..
بعد أن بطل عمل السلاح بالإخفاق واليأس، وخمدت الحروب تقريبا بين الإسلام والصليبية نحو قرن ونصف القرن، وقعت الواقعة!
اكتُسحت الأرض الصليبية في آسيا في شمال الشام، ودخلت برُمتها في حوزة الإسلام؛
وفي الـ 29 من مايو 1453 م = الـ 20 من جمادى الأولى 857 هـ سقطت القسطنطينية عاصمة المسيحية، ودخلها السلطان محمد الفاتح
بالتكبير والتهليل، وارتفاع الأذان في طرف أوربة الشرقي!
إذن، فقد وقعت الواقعة!! واهتز العالم الأوربي كله هِزّة عنيفة ممزوجة بالخزي والخوف والغضب والحقد، ولكن قارن ذلك إصرار مستميت على دفع
هذا الخزي، وإماطة هذا الخوف والرعب، وإشعال نيران الغضب والحقد، بحميّة تأنف من الاستكانة لذل القهر الذي أحدثه محمد الفاتح
ورجاله من المسلمين الظافرين.
ومن يومئذ بدأت أوربا تتغير، لتخرج من هذا المأزق الضنك. وبهمة لا تفتر ولا تعرف الكلل،
فبدأ الرهبان وتلاميذهم معركة أخرى أقسى من معارك الحرب، معركة المعرفة والعلم الذي هيّأ للمسلمين ما هيّأ من أسباب الظفَر والغلبة..
لقد علموا الآن أن معركة السلاح لن تغني عنهم شيئا، وهذه أمواج المسلمين تتدفق في قلب أوربا غربًا، ويدخل الإسلامَ سِلمًا بلا إكراه جماهيرُ غفيرة،
كانوا بالأمس نصارى متحمسين في قتال المسلمين، الوثنيين ، كما أوهمهم الرهبان، فلم يُغن هذا الإيهام عنهم شيئا..
===================
يتبع إن شاء الله

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Abd_elrahman2011

لـــواء
لـــواء
Abd_elrahman2011



الـبلد : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Egypt110
العمر : 39
المهنة : ( مدرس لغة فرنسية )
المزاج : لله الحمد والمنة
التسجيل : 09/02/2011
عدد المساهمات : 2766
معدل النشاط : 2690
التقييم : 190
الدبـــابة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Nb9tg10
الطـــائرة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Dab55510
المروحية : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر 3e793410

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر 111


قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Empty

مُساهمةموضوع: رد: قراءة فى رسائل نابليون فى مصر   قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Icon_m10الجمعة 21 أكتوبر 2016 - 9:04

الرد الثاني: (بحث المسيحية الشمالية عن مخرج/ظهور المستشرق بيكُن وطبقته، والراهب توما الإكويني وطبقته واستمدادهم من المسلمين)


هذا المأزق الضنك في حياة المسيحية، له تاريخ قديم سابق لا يمكن إغفاله، بل ينبغي أن يكون واضحا لنا كل الوضوح، لأن غموضه سبب كبير من أسباب
فساد حياتنا الأدبية إلى هذا اليوم..
فعند مجئ الإسلام، كان سلطان المسيحية الشمالية مبسوطا على الشام، ومصر، وشمال إفريقية، وأرض الأندلس منذ قرون طويلة سبقت.
وفي طرفة عين، في أقل من ثمانين سنة، تقوّض فجأة سلطان المسيحية على هذه الرقعة الواسعة المتراحبة وزال زوالًا سهلًا، وتقوّض أيضا سلطانها
على نفوس الجماهير الغفيرة من رعاياها، ودخلوا دخولا سهلا يسيرا في الإسلام طوعًا بلا إكراه = بل أعجب من ذلك، صاروا هم جند الإسلام وحماة ثغوره وعواصمه، وقارعوا النصرانية وحصروها في الشمال الأوربي = بل أعجب من ذلك أيضا، أن دخلوا في العربية دخولا غريبا وصار لسانهم لسانها
= بل أعجب من ذلك أيضا أن خرج من أصلابهم كثرة كاثرة من العلماء الكبار الذين يجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، وبالعلم وبالسيف.
وصارت دار الإسلام كلها ديار ثقافة وعلم وخلق وحضارة تبهر الأنظار والعقول، في المشرق حيث مقر الخلافة في دمشق وبغداد، وفي المغرب
حيث ديارُ الأندلس.
كيف حدث هذا؟ سؤال جوابه طويل ليس هذا مكانه، ولكنه كان سؤالا يتردد في ضمير المسيحية كلها.
كان جزءا من جواب هذا السؤال أن جاهدت الدولة البيزنطية في الشمال أن تسترد ما ضاع، وظلت أربعة قرون تحاول أن تعود فتخترق هذا العالم
الإسلامي من طرفه الشمالي عند الشام، وذهب جهدها هدرا، ولم يغنِ عنهم السلاح شيئا. وكل يوم يمر، يزداد رعايا الرهبان والملوك انبهارا بالإسلام
وخُلُقه وثقافته وحضارته، ولم ينجُ من هذا الانبهار الملوكُ ولا الرهبانُ أنفسهم. وضاق الأمر، وكاد اليأس يخامر قلب المسيحية، لا تدري ماذا تفعل في تساقط رعاياها في الإسلام، أو في ثقافته وحضارته، طوعا بلا إكراه. ما معنى هذا؟
أيكون معناه أن المسيحية على ما هي عليه غير مقنعة لجماهير الرعايا؟ ولم يُحيروا جوابا، ولا وجدوا لأنفسهم مخرجا، والتقت حلقتا البطان! (*)
ثم جاء ما يبدد هذا اليأس؛ هذه هي الجيوش الجرارة من الهمج الهامج تتدفق من قلب أوربا، تريد أيضا مرة أخرى اختراق العالم الإسلامي من شماله
 في الشام .. ونشبت الحروب الصليبية لقرنين كاملين (1096-1291 م) / (489-690 هـ)
في خلالها استولوا على جزء من أرض الشام، وأقام به بعضهم إقامة دائمة، وأنشأوا ممالك، وخالطوا المسلمين مخالطة طويلة، وأحرزوا من كنوز العالم الإسلامي ثروة هائلة يستمتعون بها، وعرف الهمج الهامج ما لم يكن يعرف، وامتلأت قلوبهم شهوة ورغبة فيما فتنتهم به ديار الإسلام وحضارته.
ويعود العائدون بعد كل حملة من الحملات السبع الصليبية إلى ديارهم وأهليهم، يتحدثون بما رأوا، ويصفون ما حازوا، ويبالغون في كل ذلك،
وينبهر السامعون ويتوقون إلى الرحلة والانضمام إلى كتائب الغزاة الصليبيين، لتحقيق آمالهم في الغنى والثروة والاستمتاع، ولكن طول معاشرة هذه
الجماهير للمسلمين أحدث لكثير منهم قلقا في صدقِ ما كانوا يسمعونه من الرهبان المتحمسين المحرضين على الحرب، وهم يُبشِّعون لهم أمرَ المسلمين
ودينَهم وأخلاقَهم، وحمل العائدون أيضا هذا القلق وتحدثوا به. هكذا كان شأن جماهير الهمج الهامج في ديارهم، فإذا طال هذا وتكاثر، فإنه مما يهدد المسيحية في عقر ديارها في الشمال كله، بلا شك.
وانتبه بعض الرهبان والملوك وعقلاء الرجال وبحثوا عن مخرج قبل أن يتفاقم الأمر. فكان بيِّنًا لعقلائهم أن سر قوة الحضارة الإسلامية هو العلم،
علم الدنيا وعلم الآخرة، وهو الدين، مقنعٌ لجماهير البشر، فهم يدخلونه طوعا واختيارا = وعلم الدنيا، كما رأوا ، هو الذي مكن لهذه الحضارة الإسلامية أن
تمتلك هذه القوة الهائلة المتماسكة التي شعروا أنها مستعصية على الاختراق، وهذه الأُبّهة الهائلة التي تعيش فيها دار الإسلام.

ومضى نحو قرن ونصف من الحملات الصليبية، وأصبح الأمر أشد حرجا، وصار بيِّنًا أن الحروب الصليبية توشك أن تؤوب بالإخفاق مرة أخرى. فانبعث
منهم رجال يطلبون العلم والمعرفة في أرض الإسلام ما استطاعوا، في المشرق وفي الأندلس، وظهر رجال من طبقة (روجر بيكُن) الإنجليزي
(1214 - 1294م) = (611 - 693 هـ) ، ممّن شامُّوا العرب والعربية، وجاهدوا في التعلم جهاد المستميت بصبر ودَأَب، ليزيحوا
عن أنفسهم وأهليهم غوائل الجهل. وهبّ رجال من الرهبان ذوي الحميّة، أحسُّوا بالخلل في المسيحية التي لم تحمِ رعاياهم من التساقط السهل في الإسلام على طول القرون، هبوا لإصلاح هذا الخلل. فكان من أكبرهم رجل ذكيٌّ متوقّد جاهد جهادا عظيما في سبيل النصرانية، أراد أن يزيل جهالة الرهبان والملوك،
ويمكّن لهم حجة مقنعة تحول بينهم وبين هذا الانبهار بالإسلام وثقافته وحضارته. ذلك الرجل هو (توما الإكوينيّ) الإيطاليّ الكاثوليكيّ
(1225 - 1274م)= (622 - 673هـ) ، وبذكائه وحميّته وإخلاصه، استطاع أن يُحصّل قدرا كبيرا من العلم والمعرفة، متَّكئا على القدر
الذي استطاع أن يفهمه ويظفر به من عند كُتّاب الإسلام وعلمائه وفلاسفته ومتكلميه، مريدا بذلك إصلاح الخلل الواقع في الحياة المسيحية
الذي أضعف سلطان الكنيسة والرهبان على نفوس رعاياهم الذين لا سبيل لهم إلى معرفة شىء من دينهم إلا عن طريق الكنيسة والقسيسين
والرهبان. ولكن كان العائق عن أن تؤتي هذه النهضة ثمارها يومئذ أن لغة الرهبان ثم العلماء كانت هي اللاتينية القديمة، وهي لغة لا تعرفها
جماهير رعايا الكنيسة، وكانت أوربا كلها تتكلم لغات كثيرة مختلفة، ولهجات شديدة التباين ولكنها لغات قلقة في طور التكوين. وكان أكثر
هذه الجماهير أمِّيًا لا يقرأ ولا يكتب، فأصبح الرهبان والعلماء يسيرون في طريق، ورعايا الرهبان يسيرون في طريق آخر، فهم قطيع ينعِق فيه ناعق بما
لا يسمع إلا دعاء ونداء صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم لا يعقلون!
وقضى الله قضاءه في الـسابع عشر من جمادى الآخرة سنة 690هـ الموافق للـسابع عشر من يونيه سنة 1291 م، وسقط آخر حصن كان للصليبيين في الشام
ورجعت آخر فلول الحملات الصليبية إلى مواطنها متهالكة يائسة مستخذية صُفْرَ الوجوه من الخزي والعار، وفي قلوبها حسرة قاتلة على ما خرج من أيديها من
متاع الدنيا وبهجتها وزخرفها، وفي سِرِّ أنفسها يأسٌ محير ويقينٌ مفزع: أن دار الإسلام ديار ممتنعة على الاختراق امتناعا لا سبيل إلى تجربته مرة ثالثة.
وأيضا قضى الله قضاءه المستور الذي لم يكشف عنه الحجاب بعدُ: أن لا تكون الحروب الصليبية شرا محضا على المسيحية الشمالية المحصورة في الشمال،
بل قَدَر قَدَرًا يحمل لها في طيّاته خيرا محجوبا، ليكون غدًا ، بهذا الخير الجنين ، عقوبة لعباده في دار الإسلام ، إذ أعجبتهم كثرتهم ، وغرّتهم قوتهم ، وتاهوا
بما أوتوا من زخرف الحياة الدنيا ، وركب كثير من عامتهم محارم الله ، وخالطوا معاصيَ قد نُهوا عنها ، ونسُوا حظا من الحق الذي في أيديهم لا يأتيه الباطل من بين
يديه ولا من خلفه ، وتركوا محجة بيضاء لا يضلّ سالكها ، واتبعوا السبل فتفرقت بهم عن سبيله سبحانه ، فأورثهم بذنوبهم غفلة سوف تطول بهم حتى يفتحوا
أعينهم فجأة على بلاء ماحق. فقضى ربُّك أن تعيش أوربا كلها قرنا ونصف قرن بعد إخفاق الحروب الصليبية (1291 - 1453م) = (690 - 857هـ)
في إصرار لا يتزعزع، وفي دأب لا يعوقه ملل ، على أن تصلح الخلل الواقع في الحياة المسيحية ، وعلى تحصيل العلم والمعرفة من دار الإسلام بكل وسيلة ما استطاعت
إلى ذلك سبيلا ، رجاءَ أن تجد مخرجا من هذا المأزِقِ  الضّنك الذي حصرت فيه. وهو تاريخ طويل حافل يعجزني أن أقصه عليك الآن.  
...................................
(*) البطان: هو حزام الرحل على البعير، وهو مثل ضربته العرب للأمر إذا اشتد وضاق


========================
يتبع إن شاء الله

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Abd_elrahman2011

لـــواء
لـــواء
Abd_elrahman2011



الـبلد : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Egypt110
العمر : 39
المهنة : ( مدرس لغة فرنسية )
المزاج : لله الحمد والمنة
التسجيل : 09/02/2011
عدد المساهمات : 2766
معدل النشاط : 2690
التقييم : 190
الدبـــابة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Nb9tg10
الطـــائرة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Dab55510
المروحية : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر 3e793410

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر 111


قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Empty

مُساهمةموضوع: رد: قراءة فى رسائل نابليون فى مصر   قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Icon_m10الجمعة 21 أكتوبر 2016 - 12:00

(الرد الثالث: فاجعة فتح القسطنطينية وأثرها في أوربة)


وبغتة، وقعت الواقعة في يوم الثلاثاء 20 جمادى الآخرة سنة 857هـ/ 29 مايو 1453م ، ودخل محمد الفاتح حصن المسيحية الشمالية المنيع الشامخ،
مدينة القسطنطينية ، وقُضِى الأمرُ الذى فيه تستفتيان ، دخلها قُبَيل العصر على صهوة جواده المطَهَّم (الضخم البارع الجمال) ، واتجه إلى
"كنيسة أيا صوفيا" ، وجماهير رعايا الكنيسة يصلّون ويبتهلون ويسألون الله أن يدفع عنهم بلاء التُّرك (أي المسلمين). فلما علم الراهب بقدومه أمر بفتح باب
الكنيسة على مصراعيه ، وارتاع المصلون وماجوا واضطربوا ، ودخل السلطان محمد الفاتح ، فتقدم إليهم أن يتموا صلاتهم آمنين غيرَ مُروَّعين ،
وأمَّنهم على أموالهم وأعراضهم ، وأن يعودوا إلى بيوتهم سالمين. ودنت صلاة العصر ، وقام أحد العلماء فأذن للصلاة ، وصلى المسلمون العصر في كنيسة أيا صوفيا ، ومن يومئذ حُوّلت فصارت مسجدا. وانتشر الخبر كالبرق في أرجاء أوربة ، ومادت الدنيا بالخبر ، واهتزت دنيا المسيحية الأوربية هِزة لم تعرف
مثلها قط ، ولم يبقَ عليها راهبٌ ولا ملك ولا أمير ولا صعلوك إلا انتفض انتفاضة الغضب لدينه. وما هو إلا قليل حتى انطلق محمد الفاتح ، وانساحت كتائب
الإسلام في قلب أوربة ... يا لها من فجيعة!! وكان ما كان ....
بَيْدَ أن هذه الواقعة الباطشة على عنفها ، وعلى سرعة ما تلاها من تدفق كتائب الإسلام مُنساحة في قلب أوربة ، لم تَفُتَّ في عضُد المسيحية الشمالية ، بل
على العكس ، زادها الإحساسُ بالخزيِ والعارِ حماسةً وتصميما وحقدا خالط كل نفس من الخاصة والعامة ، وصار همُّ المسلمين همًّا مؤرّقًا للعالِم والجاهل
والصغير والكبير والذكر والأنثى ، وهام الرهبان وغير الرهبان في جنبات أوربة غِضابًا  يحرضون رعاياهم على قتال المسلمين ، بكل لسان قادر على
الإثارة وعلى التبشيع ، تبشيع المسلمين. وكلما ازداد المسلمون توغلا في أرض أوربة ، ازداد الخوف ، وازداد التحريض على البغضاء والحقد ، ومع البغضاء
المكتومة والتحريض ، زاد التصميم على المقاومة.
وتمضي الأيام والسنون وتتطاول ، وأوربة بأسرها لا تنام إلا على فِراشٍ من الرَّمْضاء اللاذعة ، لا يدع لجنبٍ ساعةً من طمأنينة ، يفزعه شبح المسلمين ، وذكرى قرون طويلة من الإخفاق والمهانة والعار ، ولا قرارَ على دَويِّ أصوات صارخة تُهيب بهم إلى رفع هذا العار ودفعه عن دينهم وعن أنفسهم
وعن أوطانهم بكل سبيل.
وكذلك رسخت في العظام الحيّة ، لا في النفوس وحدها ولا في العقول ، بغضاء سارية مشتعلة للفظ (المسلمين) ، لا تزداد على الأيام إلا توهجا وانتشارا
ونزلت من النفوس منزلة الدين الراسخ  في أعماق الفطرة

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Abd_elrahman2011

لـــواء
لـــواء
Abd_elrahman2011



الـبلد : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Egypt110
العمر : 39
المهنة : ( مدرس لغة فرنسية )
المزاج : لله الحمد والمنة
التسجيل : 09/02/2011
عدد المساهمات : 2766
معدل النشاط : 2690
التقييم : 190
الدبـــابة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Nb9tg10
الطـــائرة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Dab55510
المروحية : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر 3e793410

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر 111


قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Empty

مُساهمةموضوع: رد: قراءة فى رسائل نابليون فى مصر   قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Icon_m10الجمعة 21 أكتوبر 2016 - 12:25

(الرد الرابع: الإصلاح الديني في أوربة .. "لوثر" و "كلفن" ، واستمدادهم من المسلمين)

هذه البغضاء المشتعلة النافذة في غَوْر العظام هي التي دفعت أوربة دفعا إلى طلب المخرج من المأزق الضنك ، وهي التي أيقظت الهمم يقظة لا تعرف الإغماض.
وباليقظة المتوهجة دار الصراع في جنبات أوربة بين جميع القوى التي كانت تحكم جماهير الهمج الهامج.
ومن قلب هذا الصراع خرجت طبقة إصلاح خلل المسيحية الشمالية مرة أخرى ، فخرج الراهب الألماني " مرتن لوثر " (1483-1546م) =
(894-953هـ) ، والراهب الفرنسي " جون كِلِفن " (1509-1564م) = (914-971هـ) ، وخرج السياسي الإيطالي الفاجر
" نيكولو مَكيافِلّي " (1469-1527م) = (870-934هـ) ، وخرج أيضا صراع اللغات واللهجات المتباينة ، طلبًا لاستقرار لغة موحدة
لكل إقليم ، وإخراج سيطرة اللاتينية العتيقة من طريق الرهبان والعلماء والكُتاب ، لكي يمكن نشر التعليم على أوسع نطاق بين جماهير الهمج الهامج
من رعايا الكنيسة ... وتاريخٌ طويلٌ حافلٌ  متنوع ، وجهادٌ مريرٌ قاسٍ ، في سبيل اليقظة العامة والتنبه والتجمع لإعداد أمة مسيحية قادرة على دفع رعب
(المسلمين) عن عرض أوربة (المقدسة!).
وبدأت اليقظة ذات الهدف الواحد الذي لا يغفُل عنه راهب ولا عالم ، ولا صغير ولا كبير ، ولا عامّي ولا متعلم ، ولا رجل ولا امرأة.
ومع اليقظة تفجر أعظم سيل يكتسح أُمِّية الهمج الهامج ويخرجه من أغلال الجهالة ، ويجعل هذا الهدف واحدا مستقرا في جوف العظام ، مع البغضاء
والحقد ، ومع التصميم والإرادة ، ومع اليقظة والتنبه ، وطالت الأيام والليالي ، فما هو إلا قليل حتى كان ما كان .....
وبغتة، كما كان اقتحام المسلمين قلب أوربة بغتة ، تهاوت الحواجز التي كانت تمنع حركة اليقظة والتنبه في أعقاب الحروب الصليبية لأن تؤتي ثمارها
وخرجت أوربة من أصفاد القرون الوسطى ، ودخلت بعد جهاد مرير في (القرون الحديثة) كما يسمونها.
ومع تقوُّض هذه الحواجز ، ظهرت براعيم الثمار الشهية ، وبظهورها غضة نضرة ، زادت الحماسة وتعالت الهِمم ، ومُهِّد الطريق الوعر ، ودبّت النشوة
في جماهير المجاهدين ، وتحددت (الأهداف والوسائل) ، وتبين الطريق اللاحب. ومن يومئذ بدأ الميزان يشول ، فارتفعت إحدى الكِفّتين شيئا ما
وانخفضت الأخرى شيئا ما. ارتفعت كِفّة أوربة بهذه اليقظة الهائلة الشاملة التي أحدثتها الهزائم القديمة والحديثة ، وانخفضت كِفة المسلمين بهذه
الغفلة الشاملة التي أحدثها الغرور بالنصر القديم وبالنصر الحديث وفتح القسطنطينية.
وكذلك شال الميزان ، وكانت فرحة محسوسة في جانب ، وكانت غفلة لا تُحس في جانب. تاريخٌ طويل ممضى وغب ، وتاريخٌ طويلٌ سوف يأتي ، ثم
لا يعلم إلا الله متى يكون غيابه
....................................
يتبع إن شاء الله

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Abd_elrahman2011

لـــواء
لـــواء
Abd_elrahman2011



الـبلد : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Egypt110
العمر : 39
المهنة : ( مدرس لغة فرنسية )
المزاج : لله الحمد والمنة
التسجيل : 09/02/2011
عدد المساهمات : 2766
معدل النشاط : 2690
التقييم : 190
الدبـــابة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Nb9tg10
الطـــائرة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Dab55510
المروحية : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر 3e793410

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر 111


قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Empty

مُساهمةموضوع: رد: قراءة فى رسائل نابليون فى مصر   قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Icon_m10الجمعة 21 أكتوبر 2016 - 12:57

(إعداد أوربة نفسها لحرب صليبية رابعة ، ومدد عصر النهضة المأخوذ كله من دار الإسلام)


من يومئذ ، عند أول بدء اليقظة ، تحددت أهداف المسيحية الشمالية ، وتحددت وسائلها. لم يغِب عن أحد منهم قط أنهم في سبيل إعداد أنفسهم
" لحرب صليبية رابعة " ، لأنهم كانوا يومئذ يعيشون في ظل شبح مخيف متوغل في أرض أوربة المقدسة ببأس شديد وقوة لا تُردع ، بل هو شبح متجول يطوف
أنحاء القارة كلها ، لا يطرِف فيها جَفنٌ حتى يراه ماثلا في عينيه آناء الليل وأطراف النهار ، " التركَ التُّركَ "!!
وهذه "التُّرك" ، وهم المسلمون ، طلائع عالم إسلامي زاخر هائل مخيف غير معروفٍ لهم ما في جوفه ، مسيطرٍ على رقعة متراحبة ممتدة من الأندلس إلى أطراف تحيط بأرض روسيا ، إلى جوف قارة آسيا ، إلى جوف قارة إفريقية.
وهم يعلمون الآن علما ليس بالظن ، أن السلاح في هذه المرحلة الرابعة ، (وهو يومئذ قريب من قريب) ، ليس يغني غَناءً حاسما ، فقد وعظتهم المراحل
الثلاث الأُوَل ، فنحَّوا أمره جانبا إلى أن يحين حينه ويصبح قادرا وحاسما. لم يبقَ لهم إذن ، إلا سلاح العقل والعلم والتفوق واليقظة والفهم وحسن التدبير ،
ثم المكر والدهاء واللِّين والمداهنة وترك الاستثارة ، استثارة عالم ضخم مجهول ما في جوفه ، ولا قِبَل لهم بتدفق أمواجه الزاخرة ، والتي كان "التُّرك"
الظافرون طلائعها الظاهرة لهم عِيانا في قلب أوربة. وهذه رعايا المسيحية تتساقط أمامهم ، في الإسلام ، مرة أخرى ، طائعة مختارة ، وتدخل بحماسة
ويقين ثابت في جحافل الإسلام الطاغية!
يالها من فجيعة!! ويرتاع مع كل فجر قلب المسيحية ، ويَغلي رهبانها ورعاياها بغضًا للإسلام ، وحماسة وغضبا للمسيحية ، ويرسُخ الإصرار في القلوب
على دفع غائلة الإسلام ، وعلى التماس قهره بكل وسيلة ومن كل سبيل ، وتتلهّب أماني الاستيلاء على كنوزه الباهرة التي لا تنفد ، والتي غالَى في
تصويرها لهم العائدون من الحرب الصليبية الثالثة ، (وهي الحملات السبع المعروفة باسم "الحروب الصليبية") ، وصارت أحلاما بهيجة يحلم بها
كل صغير وكبير ، وعالم وجاهل ، وراهب ورعية ، بل صارت شهوة عارمة تدب دبيبا في كل نفس ، بل صارت غريزة مستحكمة من غرائز النفس الأوربية.
كان كل مدد اليقظة مستجلبا من علوم دار الإسلام، من العلم الحي في علمائه ، ومن العلم المسطَّر في كتبه والسبيل إلى ذلك في الأمرين جميعا كان معرفةَ
لسان العرب. ولن أقص عليك التاريخ الطويل، ولكن اعلم أن لسان العرب كان له السيادة المطلقة على العالم ، قرونا قبل ذلك طِوالا ، وكانت المسيحية الشمالية مجاورة لهذا السلطان المطلق ، ومصارعة لأهله صراعا طويلا تارة ، ومخالطة لهم بالتجارة والرحلة وغيرهما زمنا طويلا تارة أخرى ، ولذلك كان هذا اللسان
العربي معروفا معرفة جيدة لطوائف من العامة والخاصة في ديار بيزنطة من ناحية ، وفي قلب أوربة نفسها لمجاورة الأندلس. ولن أشغل نفسي بالحديث عن هذا التاريخ ، وقد مضت من قبل إشارة إليه خاطفة ، فالذي يعنيني هنا ما كان عند بدء اليقظة في أوربة.
فبالهمة والإخلاص والعقل أيضا ، كان لابد من أن يزداد عدد الذين يعرفون اللسان العربي ويجيدونه زيادة وافرة لحاجتهم يومئذ أن يعتمدوا اعتمادا مباشرا على الاتصال بالعلم الحيّ في علماء الإسلام ، لكي يتمكنوا من حلّ الرموز اللغوية الكثيرة المسطّرة في الكتب العربية ، ولا سيما كتب الرياضة والجبر والكيمياء
والطب والفلك وسائر علوم الصناعة التي قلّ من يعرفها
...............................
يتبع إن شاء الله

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Abd_elrahman2011

لـــواء
لـــواء
Abd_elrahman2011



الـبلد : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Egypt110
العمر : 39
المهنة : ( مدرس لغة فرنسية )
المزاج : لله الحمد والمنة
التسجيل : 09/02/2011
عدد المساهمات : 2766
معدل النشاط : 2690
التقييم : 190
الدبـــابة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Nb9tg10
الطـــائرة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Dab55510
المروحية : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر 3e793410

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر 111


قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Empty

مُساهمةموضوع: رد: قراءة فى رسائل نابليون فى مصر   قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Icon_m10السبت 22 أكتوبر 2016 - 9:11

(إرهاصات النهضة الإسلامية في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين ورجالهما)
غبَر ما غبَر ، ودخلت دار الإسلام في سِنة لذيذة أورثتها نشوة النصر المؤزر ، ودخلت أوربة كلها في عزيمة حاسمة لترد عن عرضها العار ، وبلغ السيل
الزبى ، فكانت يقظة محسوسة في جانب ، وغفوة لا تُحس في جانب ، وشال الميزان ، وانطلقت الأساطيل الأوربية تطوق دار الإسلام من أطرافها البعيدة ،
فإذا دار الإسلام محصورة في الجنوب بعد أن كانت حاصرة للمسيحية في الشمال ، وشيئا فشيئا فقدت دار الخلافة في القسطنطينية هيبتها وسيطرتها ، وصارت
لأوربة هيبةٌ مرهوبةٌ وسيطرة.
يومئذ كان قد مضى على فتح القسطنطينية قرنان ، مئتا عام .... ويومئذ آنَسَ قلبُ دار الإسلام رِكزًا خفيا فأرهف له سمعه. سمع نقيضَ أركان دار الخلافة وهي
تتقوَّض ، فتوجس توجسا غامضًا لشر مستطير آتٍ لا يدري من أين؟ فهبَّ من جوف الغفوة الغامرة أشتاتٌ من الرجال أيقظتهم هَدَّة هذا التقوض ، فانبعثوا
يحاولون إيقاظ الجماهير المستغرقة في غفوتها. رجالٌ عظام أحسوا بالخطر المبهَم المحدِق بأمتهم ، فهبوا بلا تواطؤ بينهم. كانوا رجالا أيقاظًا مفرَّقين في
جنبات أرضٍ مترامية الأطراف ، متباعدةٌ أوطانهم ، لا يجمعهم إلا هذا الذي توجّسوه في قرارة أنفسهم مبهمًا من خطر محدِق.
أحسوا الخطر فرَامُوا إصلاح الخلل الواقع في حياة دار الإسلام: "خلل اللغة" و "خلل العقيدة" و "خلل علوم الدين" و "خلل الحضارة". وبأناة وصبر
علِموا وألّفوا وعلّموا تلاميذهم ، وبهمّة وجِدّ أرادوا أن يدخلوا الأمة في (عصر النهضة) ، نهضةِ دار الإسلام ، من الوَسَنِ والنوم والجهالة والغفلة عن
إرث أسلافهم العظام.
من هؤلاء خمسةٌ من الأعلام أذكرهم لك هنا مجرد ذكرٍ باختصار:

1- الإمام عبد القادر بن عمر البغداديّ .. في مِصر ، صاحب كتاب "خِزانة الأدب" (1030-1093هـ) = (1620-1683م)
2- الإمام الجبرتي الكبير ، حسن بن إبراهيم الجبرتيّ العقيليّ .. في مِصر (1110-1188هـ) = (1698-1774م) وسيأتي الحديث عنه بعد قليل
3- الإمام محمد بن عبد الوهَّاب التميميّ النجديّ .. في جزيرة العرب (1115-1206هـ) = (1703-1792م)
4- الإمام المرتضى محمد بن عبد الرزّاق الحُسيني الزَّبِيديّ .. في مِصر والهند (1145-1205هـ) = (1732-1790م)
5- الإمام الشّوكانيُّ ، محمد بن عليّ الخولانيّ الزيديّ .. في اليمن (1173-1250هـ) = (1760-1834م)
وإذا أنعمت النظر في هذه التواريخ علمت أن (عصر النهضة) عندنا واقع بين منتصف القرن الحادي عشر الهجري إلى منتصف القرن الثاني عشر ، ويقابله
منتصف القرن السابع عشر الميلادي إلى أوائل القرن التاسع عشر الميلادي ، تذكّر هذا ولا تنسَهُ أبدا ، فهو الذي يكشف لك اللثام عن التغرير الفاضح الذي
طفحت به حياتنا الأدبية الفاسدة المهلكة.
هبّ (البغداديّ) في منتصف القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي) ، فألّف ما ألّف ليردّ على الأمّة قدرتها على "التذوق" ، تذوق اللغة والشعر
والأدب وعلوم العربية = وهبّ (ابن عبد الوهَّاب) يكافح البدع والعقائد التي تخالف ما كان عليه سلف الأمة من صفاء عقيدة التوحيد ، وهي ركنُ الإسلام الأكبر ، ولم يقنَع بتأليف الكتب ، بل نزل إلى عامة الناس في بلاد جزيرة العرب ، وأحدث رجّةً هائلةً في قلب دار الإسلام = وهبّ (المرتضى الزَّبِيديُّ) يبعث
التراث اللغوي والديني وعلوم العربية وعلوم الإسلام ، ويحيي ما كاد يخفَى على الناس بمؤلّفاته ومجالسه = وهبّ (الإمام الشوكانيُّ) محييًا عقيدة السلف
أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورضي الله عنهم ، وحرّم التقليد في الدِّين ، وحطّم الفُرقة والتنابز الذي أدّى إليه اختلاف الفِرق بالعصبية = أما
خامسهم ، وهو (الجبرتيُّ الكبير) ، فكان فقيها حنفيا كبيرًا نابهًا ، عالمًا باللغة ، وعلم الكلام ، وتصدّر إمامًا مفتيًا وهو في الرابعة والثلاثين من عمره ، ولكنه في سنة 1144هـ /1731م ولّى وجهه شطر (العلوم) التي كانت تراثا مستغلقًا على أهل زمانه ، فجمع كتبها من كل مكان ، وحرَص على لقاء من يعلم سرّ ألفاظها ورموزها ، وقضى في ذلك عشر سنوات (1144-1154هـ) ، حتى ملك ناصية الرموز كلها ، في الهندسة والكيمياء والفلك والصنائع الحضارية كلها ، حتى النّجارة والخِراطة والحِدادة والسّمكرة والتجليد والنقش والموازين ، وصار بيته زاخرًا بكل أداة في صناعةٍ وكل آلة ، وصار إمامًا
عالمًا أيضًا في أكثر الصناعات ، ولجأ إليه مَهَرَة الصُّناع في كل صناعة يستفيدون من علمه ، ومارس كل ذلك بنفسه ، وعلّم وأفاد ، حتى علّم خدمه في بيته
ويقول ابنه عبد الرحمن الجبرتيّ المؤرخ ، في كتابه (تاريخ الجبرتيّ 1 / 397 ):

" حضر إليه طلابٌ من الإفرنج، وقرأوا عليه علم الهندسة ، وذلك في سنة (1159هـ / 1746م) وأهدَوا إليه من صنائعهم وآلاتهم أشياء نفيسة ،
وذهبوا إلى بلادهم ونشروا بها العلم من ذلك الوقت وأخرجوه من القوّة إلى الفعل ، واستخرجوا به الصنائع البديعية مثل طواحين الهواء ، وجر الأثقال ،
واستنباط المياه ، وغير ذلك."

وهؤلاء (الإفرنج) ، هم (المستشرقون) ، كما قصصت عليك من أخبارهم ، ومن اتصالهم بالعلم الحيّ عند علماء دار الإسلام ، لحل رموز الكتب العربية.
والجبرتي الكبير -رحمه الله- كان على خُلُق أهل الإسلام ، فلم يضِنَّ على واحد من هؤلاء الإفرنج بشىء من علمه ، ولا أساء بهم الظن ، بل عمل بما أدّبه
به نبيه -صلى الله عليه وسلم-: " من سُئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار " ؛ ولو علم (الجبرتي) بخبيئة أنفسهم وم يتملّقونه
ويتخشّعون بين يديه ، فلا أدري ماذا كان يفعل ، وهو الفقيه المفتي رحمه الله؟
هذا طرف لا يُجزئ عن (النهضة) التي كانت في دار الإسلام في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجري ، (السابع عشر والثامن عشر الميلاديّ) ،
قصصته عليك خطفًا ، لتعلم بعد ذلك ما كان كيف كان؟
.....................................
يتبع إن شاء الله

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Abd_elrahman2011

لـــواء
لـــواء
Abd_elrahman2011



الـبلد : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Egypt110
العمر : 39
المهنة : ( مدرس لغة فرنسية )
المزاج : لله الحمد والمنة
التسجيل : 09/02/2011
عدد المساهمات : 2766
معدل النشاط : 2690
التقييم : 190
الدبـــابة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Nb9tg10
الطـــائرة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Dab55510
المروحية : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر 3e793410

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر 111


قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Empty

مُساهمةموضوع: رد: قراءة فى رسائل نابليون فى مصر   قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Icon_m10السبت 22 أكتوبر 2016 - 11:33

الفرق بين نهضتنا ونهضة أوربة في ذلك الوقت (القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلادي/الحادي عشر والثاني عشر الهجري)
دوّت أسماء هؤلاء الخمسة -الذين سبق ذكرهم- في أرجاء دار الإسلام ، وأشتات غيرهم ، مؤذنة بيقظة جديدة ، وإحياء لعلم الأمة ولغتها وثقافتها ، واستعادةٍ لسيطرة الأمة على أسباب حضارتها الزاهرة القديمة ، وإرادة لبعثها بعثا جديدا ، دون شعورٍ واضحٍ أو علمٍ مستبين بالذي كان يجري في ديار المسيحية الشمالية
من يقظة ونهضة وبعث جديد.
ونصيحةٌ وتنبيه: لا تنظر إلى الفرق الهائل الكائن اليوم بين الشمال المسيحي والجنوب الإسلامي ، فإنك إن فعلت ضلِلْت عن الحقيقة.
والحقيقة يومئذ: أن الفرق بيننا وبينهم كان خطوة واحدة تستدرك بالهمة والصبر والدأب والتصميم لا أكثر ، بل أكبر من ذلك ، فإن اليقظة الأوربية كانت بعدُ في أول الطريق وتتكىء اتكاء شديدا على ما كان عندنا من العلم المسطور في كتبنا برموزه التي تحاج إلى استبانة وفهم ، وعلى العلم الحي الذي عند أهل دار
الإسلام ، كما حدثك الجبرتيُّ المؤرخ عن أبيه الفقيه الجليل الجبرتي الكبير ، وقراءة (المستشرقين) عليه ليهتدوا به اهتداءً ما إلى حل هذه الرموز واستبانتها
وفهمها. وكل الفَرْق بين اليقظتين يومئذ كان هو أن يقظتنا كانت هادئةً سليمةَ الطويّة منبعثة من داخلها ، ليس لها هدف إلا استعادة شبابها ونَضرتها في
حدود الإسلام ، وإن كانت يومئذ (يقظة متباعدة الديار) غير متماسكة الأوصال ، ولكنها كانت قريبة التواصل ، وشيكة الالتئام =وأما يقظتهم هم ، فكانت متفجرة بحقد قديم مكظوم شِيمته السَّطو الخفيّ ، وشملها مجتمع بالضغينة المتقادمة ، وهدفها إعداد العُدة لاختراق دار الإسلام بالدهاء والخداع والمكر ، كما حدّثتك آنفا فأطلت الحديث ... أي هما يقظتان كانتا في زمن واحد ، إحداهما من طبيعتها الرفق المهذب ، والأخرى من طبيعتها العدوان الفاجر ، فانظر الآن ماذا كان بعد ذلك ، لأمرٍ أراد الله أن يكون. ودعْ عنك ما تقوله اليوم حياتنا هذه الأدبية الفاسدة.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mi-17

المدير
وزيــر الدفــاع

المدير  وزيــر الدفــاع
mi-17



الـبلد : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Qmdowc10
المزاج : الحمد لله
التسجيل : 23/02/2013
عدد المساهمات : 43322
معدل النشاط : 57879
التقييم : 2398
الدبـــابة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر B3337910
الطـــائرة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Dab55510
المروحية : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر B97d5910

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر 1210

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Best11


قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Empty

مُساهمةموضوع: رد: قراءة فى رسائل نابليون فى مصر   قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Icon_m10الثلاثاء 25 أكتوبر 2016 - 11:22

قراءة فى رسائل نابليون (7): عندما علم نابليون بتدمير أسطوله فى أبوقير!

ظل نابليون جاهلاً بتفاصيل المعركة البحرية التى نجح فيها القائد البريطانى الأميرال نلسون فى مباغتة الأسطول الفرنسى فى أبوقير، وتدمير معظم سفن الفرنسيين ومقتل نحو أربعة آلاف من الفرنسيين، وهو عدد كبير جداً يصل إلى نحو نصف الفرنسيين الذين كانوا موجودين. ولنا مراعاة أن وسائل المواصلات فى هذا الزمن كانت تعتمد على الرسائل التى يقوم بتوصيلها أشخاص، ويستغرق وصولها عدة أيام بل أسابيع، وهو ما تكشفه رسالة نابليون إلى الجنرال «كليبر» قائد الإسكندرية يوم 4 سبتمبر 1798، بعد أكثر من شهر من المعركة (رسالة رقم 3080) ويقول فيها نابليون: لقد تلقيت أيها الجنرال فى آن واحد رسائلك بتاريخ 9 و11 و12 (أغسطس). لم يفاجئنى أبداً ما حدث للزورق لاتوريد la torride (يوم 25 أغسطس كان هذا الزورق راسياً أمام قلعة أبوقير عندما اقترب منه الإنجليز واقتحموه بينما كان جنوده فى وقت الراحة).
ويقول نابليون فى رسالته: يجب مرور شهر آخر حتى تنهض البحرية من حالة «كسر النفس» التى هى فيها الآن، وحتى هذا الحين لا يجب أن نعرض سفننا لأى خطر.. أعط الأمر بقوة بألا يطلق الجنود المدافع عندما لا تكون السفن فى مرمى نيرانهم، لأن هذا يعنى أنك خائف وأنه يجب أن نتركها تقترب حتى تصل إلى نصف مدى المدافع لتنطلق بعدها القنابل الحارقة فى نفس الوقت بهدوء وبشكل منهجى، وأؤكد لك أن هذه السفن ستتوب بعد ذلك عن الاقتراب من هذا المكان.

ويضيف نابليون: عندما تأتى السفن (الإنجليزية) «لتلعب أمامك» مر بإطلاق نار خفيف لإغرائها على التقدم ثم ابدأ بإطلاق النار من كل البطاريات. إذا لم نترك السفن تقترب حتى منتصف مرمى المدافع سيكون لدينا الوقت حينئذ لإطلاق 5 أو 6 قنابل ومن 8 إلى 10 قنابل حارقة من مدفع ثقيل. وإذا كان المصوبون بارعون ويقودهم ضباط ذوو دم بارد فإنه من الأكيد أنه سيكون هناك من هذا العدد من الطلقات ما سيسبب للعدو خسائر فادحة وسيفقد عندها سفينته. يجب أن تمنع إطلاق القنابل الباردة إلا إذا كان هذا فى إطار طلقات متقطعة لكى يستريح المدفع، وبدون هذا سيظل الجنود فى إطلاق القنابل الباردة لأنهم لا يحبون إطلاق القنابل الحارقة. طمئن السكان أن كل الرجال الذين يسلكون معنا مسلكا حسنا ويخدموننا سيصبحون أثرياء وذى سلطان. لقد أعطيت الأمر بأن ترسل إليك أعداد من الشالات والبنشز (جاكت مشهور فى المكسيك ولدى الهنود الحمر) التى طلبتها، وعند أول فرصة سأرسل لك حصانا. إننى أنتظر الأميرال جانتوم حتى أتخذ قرارا نهائيا فى موضوع العمال الذين يستخدمون فى البحرية.

وبعد أن يصبر نابليون فى رسالته على آلامه لا يطيق الانتظار فيكشف عن مشاعره قائلا: لا نستطيع أن نخفى أن ما حدث فى موقعة أبوقير هو أن الذى انهزم هم جنرالاتنا وليس أسطولنا. لأنه كان عند الإنجليز 3 أو 4 مقابل واحد من عندنا. إننى لا أرى فى كل هذا إلا مناورة سيئة، وتعطينى فكرة حسنة عن الأميرال نيلسون، ولكن لا تعطينى فكرة سيئة للغاية عن بحريتنا. ومازلت أعتقد أنه لو كان الإنجليز هاجمونا أثناء عبورنا البحر المتوسط لكنا هزمناهم بالتأكيد. أعط الأمر بأن تجرى تدريبات كل يوم بمختلف قطاعات المدفعية على القنابل الحارقة. ليس من المفيد عمل أفران بأشعة الشمس (يلاحظ قدم استخدام الطاقة الشمسية) إذ أن هذا سيقتضى استخدام كمية كبيرة من الحديد ثم تكون عديمة الجدوى بعد ذلك. إن فرناً مكوناً من شبكة حولها الطوب الحرارى أكثر فاعلية وأقل تكلفة. كل شىء يسير هنا على ما يرام وقد احتفلنا أمس بأمير الحج بشىء من الأبهة وهو «مصطفى كخيا الباشا»: نابليون.

ويبدو أن كليبر فهم من رسالة نابليون أنها تعنفه وهو ما يظهر فى رسالة جديدة رقم 3151 كتبها نابليون إلى كليبر بتاريخ 12 سبتمبر، بعد ثمانية أيام من الرسالة السابقة، يقول فيها: لقد تلقيت للتو رسائلك التى آلمنى أنك أعطيت لرسالتى بتاريخ 4 سبتمبر معنى غير مقصود أبداً. لو كان بيدى فعلاً أن أمسك بالأزميل الذى ننحت به التاريخ فإن آخر الأشخاص الذين سيعانون من هذا هو أنت: نابليون.

وأنهى هذه الحلقة برسالة بعث بها نابليون يوم 4 سبتمبر فى نفس يوم رسالته إلى الجنرال كليبر، ولكن إلى «سوسى»، المدير العام الإدارى لجيش الشرق، يقول فيها: أبلغنى الجنرال «ديزيه» أنه فى تعيينات البسكويت وعددها 6000 ينقص الثلث منها عند الحساب. أخبرنى من هو المسؤول المكلف بهذا التموين. أرسل اليوم 4000 تعيين من البسكويت وتأكد من أن المندوبين الإداريين للحرب يقومون بعملهم كما ينبغى، وأخبرنى أيضا ماذا سوف تقرره بشأن الـ2000 تعيين من البسكويت الناقصة لأن هذا يعنى أن بعضها ذهب بعيداً فى النذالة والوقاحة: نابليون.


مصدر

يتبع ........

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mi-17

المدير
وزيــر الدفــاع

المدير  وزيــر الدفــاع
mi-17



الـبلد : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Qmdowc10
المزاج : الحمد لله
التسجيل : 23/02/2013
عدد المساهمات : 43322
معدل النشاط : 57879
التقييم : 2398
الدبـــابة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر B3337910
الطـــائرة : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Dab55510
المروحية : قراءة فى رسائل نابليون فى مصر B97d5910

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر 1210

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Best11


قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Empty

مُساهمةموضوع: رد: قراءة فى رسائل نابليون فى مصر   قراءة فى رسائل نابليون فى مصر Icon_m10الثلاثاء 1 نوفمبر 2016 - 21:14

قراءة فى رسائل نابليون من مصر (8) نابليون يطلق صواريخ غضبه على الجنرالات بعد هزيمة أبوقير

أخذت رسائل نابليون بعد معركة تدمير أسطوله فى أبوقير على يد الأسطول البريطانى تعبر عن غضبه، خاصة بعد أن بدأت الأخبار تصله عن تفاصيل ما حدث.
 يقول فى رسالة إلى الجنرال كليبر، قائد الإسكندرية، بتاريخ 10 سبتمبر 1798: إن سفينة حربية مثل «لى فرانكلين»، والتى تحمل على متنها الأدميرال لا يجب أيها الجنرال المواطن أن تبحر عند الساعة الحادية عشرة مساء، مادمنا فقدنا سفينة القيادة «لوريان». إن الذى سلم هذه السفينة (للإنجليز) مذنب وبشدة، حيث تبين من المحضر أنه لم يقم بأى محاولة لرسوها أو وضعها فى مكان آمن يمنع استيلاء الإنجليز عليها، وهو ما يشكل عارا إلى الأبد فى سجل البحرية الفرنسية. ليس هناك حاجة لأن نكون على درجة عالية من المهارة فى المناورة البحرية، ولا درجة عالية من الذكاء، حتى نقرر أن نقطع الكابل من أجل إرساء السفينة فى مكان بعيد عن المعركة، وهو ما يتلقاه قادة السفن كإجراء يجب أن يقوموا به فى مثل هذه الظروف. أما فيما يخص تصرف الأدميرال «دى شايلا» (كان على ظهر لى فرانكلين) فقد كان من الأجدر له أن يموت على ظهر سفينته كما فعل «دو بتيتوار»، ولكن الذى لا يغفر له تصرفه الجبان مع الإنجليز منذ أخذوه كأسير. إن هناك رجالا يجرى فى عروقهم شىء غير الدم، ولابد أنه سمع خلال أسره وهو يسكر بشراب البنش الإنجليزى أغانى الإنجليز التى يعايرون فيها البحرية الفرنسية، وأنهم سيرسلونه إلى نابولى، حيث سيعتبرونه إكليلا للنصر. لقد كان من الأفضل أن يبقى فى الإسكندرية كأسير للأسطول الإنجليزى دون أن يطلب أو يأمل فى شىء، وهو ما فعله «أوهارا»، الذى كان رجلا عاديا عندما وقع أسيرا لدينا فى طولون. وعندما طلبت منه إذا ما كان يرغب فى شىء أجاب: أريد أن أبقى وحيدا دون الحاجة إلى الشفقة. إن التعامل بلطف والسلوك النزيه يشرف المنتصر، ولكنه يحط من شرف المهزوم. لقد كان عليه أن يتحلى بشىء من التحفظ وشىء من عزة النفس. نابليون


وفى 15 سبتمبر 1798 (رقم 3213) يكتب نابليون رسالة حانقة إلى «لوروا»، المدير العام الإدارى للبحرية، يبدأها بقوله: إنه من السخرية أيها المدير المواطن أن تتسلى وتدفع مصروفات الولائم، بينما نحن عاجزون عجزا شديدا عن دفع رواتب البحارة وثمن المعدات. أرجو أن تلتزم التزاما صارما بالأمر الذى أصدرته لك باستخدام ثلاثة أرباع الأموال التى أرسلتها لك فى الإنفاق على المعدات والربع الأخير فى الإنفاق على الموظفين. إنه بالقيام بمثل هذه التضحيات الكبيرة من أجل البحرية سوف ننتهى بأسرع وقت ممكن من بناء الفرقاطات الثلاث والسفينتين الحربيتين (واضح أنه يتحدث عن خسائر معركة أبو قير).

وتعكس الرسالة رقم 3384 بتاريخ 4 أكتوبر، التى كتبها نابليون إلى الجنرال كليبر، حاكم الإسكندرية، أن حالة كليبر النفسية قد بلغت حداً لم يعد يتحمله نتيجة الضغط النفسى الذى أصبح يواجهه بعد معركة أبوقير، فطلب من الجنرال كافاريللى إبلاغ نابليون الذهاب إلى رشيد للحصول على قسط من الراحة، فيرد عليه نابليون قائلا: إننى غاضب جدا من انحراف مزاجك، وأرجو أن يكون هواء النيل مفيدا لك، وأن تجد فى الخروج من رمال الإسكندرية أن بلدنا مصر هو أقل سوءا مما يمكن أن يتركه الانطباع الأول. لقد وقعت عدة معارك صغيرة مختلفة مع أعراب إقليم الشرقية وبحيرة المنزلة، وقد هزموا فى دمياط، أمس، كما هزموا، أمس الأول، فى ميت غمر. أما «ديزيه» فقد ذهب حتى أسيوط ودفع المماليك إلى الصحراء، وجزء من جيشهم لجأ إلى الواحات. أما إبراهيم بك فى غزة فإنه يهددنا بالغزو، ولم يحدث هذا ولكننا لا نهدد أحدا لأننا قادرون على دحره. أرجو أن تتأكد من رغبتى فى أن أراك وقد شفيت تماما وبسرعة وإننى أثمن غاليا ما يربطنى بك من تقدير ومن صداقة. لقد تخوفت من أن تكون العلاقة بيننا قد تشوشت، وستكون ظالما إذا تشككت يوما فى الألم الذى عانيت منه بسبب ذلك. على أرض مصر تمر الغيوم عندما تكون هناك غيوم فى عشر ساعات. ومن ناحيتى كان لدى بعض منها ولكنها مرت فى 3 ساعات. إن التقدير الذى أكنه لك لا يعادله إلا ذلك الذى عبرت أنت به تجاهى عدة مرات. أرجو أن أراك خلال الأيام القادمة فى القاهرة كما أخبرك بذلك الجنرال كافاريللى. نابليون.


مصدر

يتبع .....

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

قراءة فى رسائل نابليون فى مصر

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 2انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية

 مواضيع مماثلة

-
» نابليون بونابرت
» نابليون بونابارت
» خطاب نابليون بونابرت الي شعب مصر
» خطبة نابليون قبيل غزو مصر
» تشكيلات تاريخية: عن جيش نابليون

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الأقســـام العسكريـــة :: التاريخ العسكري - Military History :: شمال افريقيا-
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي ادارة الموقع ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر

Powered by Arab Army. Copyright © 2019