مجموعة قبائل الفور فى غرب السودان
قبيلة الفور السودانية
قبيلة الفور هي أقدم قبيلة سكنت إقليم دارفور, وأضحي اسمها علما علي المنطقة والإقليم, وتعتبر منطقة جبل مرة والهضاب المجاورة لها مناطق تمركزها القديمة, أما الآن فإن أبناءها يتواجدون في كل أرجاء الإقليم,
بل في كل أنحاء السودان,ويتميز الفرد من الفور بالحجم والقامة المتوسطة, ولونهم في الغالب يميل إلي السمرة الفاتحة, ولهم لغتهم الخاصة الفور وهي لغة قديمة تمتاز بغزارة مفرداتها وقاموسها, وتعتبر الفور قبيلة حضرية تتميز بالاستقرار, بسبب حرفة الزراعة التي يمتهنونها, والتي جعلتهم يحافظون علي عاداتهم وتقاليدهم لفترات طويلة.
وقبل دخول الإسلام إلي دارفور عبد الفور الظواهر الطبيعية, واستقر بهم الحال الي عبادة الرعد, وبحلول الإسلام الي ارض السودان ووصوله حتي دارفور أسلم معظم الفور في مملكتهم التي عاصرت مملكة سنار بشمال السودان, وتعاقب علي عرش سلطنتهم مايزيد علي الثلاثين سلطانا مسلما, بدءا بالسلطان سليمان صولنج, وانتهاء بالسلطان علي دينار, الذي استشهد بعد الاحتلال الإنجليزي لدارفور عام1916, وبانتهاء حكمه انتهت فترة حكم مملكة دارفور وضمت إلي السودان.
ويري بحث أجراه المركز السوداني للثقافة والإعلام أن الإسلام كان العامل الاكثر تأثيرا علي الدوام في سلوكيات الفور, ويلاحظ ذلك في استعانة سلاطين الفور بالعلماء من مختلف أنحاء العالم الإسلامي فقد أقاموا الخلاوي لحفظ القرآن ودراسة علوم الدين والحديث النبوي, وكان العلماء وحفظة القرآن يجدون كل تقدير واحترام, ومن السلوكيات الحميدة للفور إشتهارهم بكرم الضيافة لكل زائر وعابر سبيل, فتجدهم يخصصون أماكن للضيوف في بيوتهم تسمي رقي, وخلوة كبيرة في القرية لعابري السبيل, ويجتمع كل رجال القرية في المنزل,الذي فيه الضيف أو الخلوة وكل يأتي بطعامه.
مصاهرات مع كل القبائل
وقد عرفت قبيلة الفور باحتضانها لكل الأعراق والأجناس,حيث تزوج أبناؤها من مختلف القبائل داخل الإقليم وخارجه وتوثقت صلاتها بهذه المصاهرات بكل المجموعات,وعرف عن الفور أيضا حبهم الشديد للسلم, حيث ينبذون السرقة والقتل, ويكرهون كل مايتعارض مع حرية الفرد, ويبغضون الاعتداء علي الآخرين,فالسارق لايجد مكانا بينهم, والذي يقتل إنسانا ولوخطأ يصير غريبا في مجتمعهم, وربما يكون معزولا لفترة من الزمن,يقضي حياته نادما,ليس ذلك فحسب,بل يكرهون حتي قتل أي من مخلوقات الله حتي الحشرات,لذلك نجدهم مع بداية فصل الخريف وقبل الشروع في الزراعة يقوم أهل القرية بإقامة مايعرف بالكرامة,يذبحون فيها ويطعمون المساكين وعابري السبيل وطلاب العلم المهاجرين,ويدلقون بعضها علي الأرض لتأكلها الحشرات والطيور, آملين ان يغفر الله لهم مقتلهم الحشرات الصغيرة أثناء فلاحة الأرض, وقد جرت العادة والعرف عندهم بتحريم صيد الحامل والمرضع من الأنعام أو الاصطياد بآلة حادة وقطع الشجرة من جذورها أو سوقها, وتحريم قطع الأشجار المعمرة والمثمرة.
وغالبا ماتكون مناطق سكن الفور أو قراهم في الهضاب او سفوح الجبال,بعيدا عن مجاري المياه والسهول الصالحة للزراعة, والبراري الخاصة بالرعي والثروة الغابية وتتكون القرية من100 إلي150 منزلا, والمنزل عبارة عن حوش واسع من سيقان الدخن نبات يشبه الذرة أو عيدان الذرة بمساحة200 إلي500 متر مربع تبني داخله قطاطي جمع قطية, وهي مبان مخروطية الشكل أساسها من الحجارة في المناطق الجبلية والطين أو من القش في المناطق غير الجبلية, وسقف بالمر حابيب, وهي سيقان رفيعة لها شكل جذاب, ويثبت كل ذلك بحبال من السعف علي أعمدة توضع علي هيئة هرم أو مخروط وتتراوح مساحة القطية من10 إلي16 مترا مربعا, وغالبا ماتبني أربع قطاطي داخل الحوش الواحد,الأولي للأب والأم والثانية للأولاد, والثالثة للبنات, والرابعة تستغل كمطبخ, وربما تضاف قطية خامسة للضيوف او راكوبة في وجود شجرة كبيرة, كما يوجد وسط كل قرية مهما صغرت مسجد للعبادةعبارة عن راكوبة كبيرة, ويستخدم دارا لاستقبال الضيوف.
الميلاد
وللفور كواحدة من أقدم القبائل في إفريقيا, التي يشهد لها التاريخ بأن حضارتهم ضاربة في القدم ثقافتها التي تميزها عن غيرها من القبائل والأسرة مقدسة عند الفور, وهي تمثل البنية الأساسية في بناء المجتمع,وهي أول مؤسسة تربوية يقوم عليها المجتمع,ففي إطارالأسرة ينشيء الطفل أولي علاقاته الاجتماعية, يتعلم اللغة, وفيها يتأسس جهاز القيم الأخلاقية عنده, وأبناء قبيلة الفور يحبون الحياة وكثرة المال والعيال, فميلاد طفل جديد يعني الكثير بالنسبة للأسرة عندهم ولاسيما الأب والأم, ولهذا يستقبل المولود بترحاب شديد من جميع أفراد الأسرة, فاذا كان المولود أنثي يستقبل بالزغاريد, أما إذا كان المولود ذكرا فبالإضافة الي الزغاريد يقوم أحد الرجال برفع الآذان, آذان الصلاة, ويتبع هذا الحدث أي الميلاد بطقوس جميلة لهااحترامها فبعد أن تضع الأم وليدها يجد كلاهما أي الأم والطفل رعاية فوق العادة من الأسرة, حيث تقوم إحدي قريباتها, وعادة ماتكون من ذوات الخبرة بملازمتها ورعايتها طوال الأسبوع الأول, حيث تقوم بخدمتها وغسلها بالماء الساخن, حيث لايسمح لها بمغادرة فراشها لمزاولة أي عمل خلال الأسبوع الأول وفي اليوم السابع يحتفلون بمايسمي في السودان يوم السماية, وفي هذا اليوم يقدم الطفل المولود للمجتمع ويمنح اسمه, وكان من عادة الفور منح المولود اسمين احدهما يعرف باسم الكتاب, ويمنح تيمنا باسماء الأنبياء والرسل المذكورين في القرآن الكريم, أما الاسم الثاني فيشتق من نبع ثقافة الفور وتقاليدهم الموروثة وفي صباح اليوم السابع تبدأ طقوس السبوع, حيث تجهز حفرة صغيرة في عتبة البوابة الرئيسية للبيت أو في الساحة أمام المنزل, حيث تقوم النساء خاصة المتقدمات في السن والأطفال بمرافقة الأم من غرفتها مغطاة الرأس حتي لاتمسها الأرواح الشريرة, وتتقدم إحدي النساء بحمل حربة تتبعها أخري تحمل المولود ومعها الأم وتقوم التي تحمل الحربة بالطعن علي الأرض التي سوف تمشي عليها ووليدها, وتارة أخري تشير بالحربة الي الشمس تتبعها الأم علي أثر الطعن حتي يصلوا الي عتبة البوابة الرئيسية حيث الحفرة المعدة سابقا يسنثر حولها قليل من الحبوب والماء والرماد, ويوضع المولود علي جنبه من ناحية حول الحفرة, ويقابل بطفل صغير من الحي إذا كان المولود أنثي, ويقابل بطفلة إذا كان المولود ذكرا, ويفصد المولود عند الرسغ لإخراج الدم الفاسد, وتعلو الزغاريد ويرقص ويغني النساء والأطفال إيذانا بتقديم المولود إلي المجتمع, وبعدها مباشرة يحمل المولود ويسرع به إلي الداخل حيث تلحق به الأم وبهذا يبدأ الإحتفال ويشرع في ذبح الكبش أوالتيس وتجهز المأكولات والمشروبات للجميع, وبعد الاحتفال يسمح للأم بالقليل من التحرك داخل المنزل وتقوم تدريجيا بممارسة واجباتها التقليدية البسيطة, حيث مازالت هناك من تقوم بمساعدتها وخدمتها, وتستمر الأم هكذا داخل المنزل في إرضاع وليدها ورعايته حتي تكمل أربعين يوما, وبعدها يسمح لها بالخروج من المنزل لمزاولة حياتها الطبيعية.
الختان
يعتبر الختان من أهم المناسبات الاجتماعية في مجتمع الفور, وجدير بالذكر أن الختام عند الفور يتم للذكور دون الإناث, عدا المناطق الحضرية والمتأثرين بالثقافات الأخري في السودان, والختان عند الفور له أهمية خاصة مثل الزواج, وفي أغلب الأحيان يتم ختان أكثر من طفل في مناسبة واحدة, وفي اليوم المحدد يرتدي الولد أجمل ثيابه, وعادة ماتكون جلابية وطاقية حاملا سيفه ويحمل علي ظهر جمل جهز بصفة خاصة لهذه المناسبة بجميع أنواع الزينة والزخارف, ويجولون به القرية يحيط به الشباب والكبار والصغار نساء ورجالا, يزفون الولد في موكب مهيب, يأخذ قوته من رقصات الفرنقيبة الشيقة وأغنياتها الإنسانية الخفيفة, وأحيانا ينقل الولد قبل يوم الي منزل أحد أقاربه بعيدا عن منزلهم,لكي يحضر في زفة, ومن هناك يتجولون في القرية الي أن ينتهي بهم الموكب الي مكان الختان, وعادة مايكون بمنزل أسرة الولد, وحينها يبلغ الرقص والغناء قمته وتتخلله الزغاريد ودوي طلقات البنادق.
وقديما كان الختان عند الفور يتم عند طبيب محلي دون تخدير, وعند إتمام العملية يتم الإعلام عنها بإطلاق طلقة وزغاريد ورقص, كما يبدأ تجهيز وتقديم المأكولات والمشروبات للجميع, ويلعب الشباب من الجنسين حتي الفجر ويستمر الفرح لمدة أقصاها أسبوع إلي أن يندمل الجرح, ويلازم الطفل المختون أصدقاؤه وزملاؤه حتي يندمل الجرح, وفي هذا الأسبوع تنهال علي المختون الهدايا من الأقرباء والأهل والأصدقاء, وعادة ماتكون الهدايا من المواشي والغنم.
الزواج
تبدأ عادات الزواج بتعرف الطرفين علي بعضهما البعض, وعادة مايتم التعارف في أماكن التجمع أوالمناسبات في القرية أو أثناء الرعي أوالزراعة, وبعد التعارف يقوم الشاب بالتعرف علي أسرة البنت ويرسل أحد أقاربه, وعادة مايكون العم أو الخال إلي أسرة البنت لأخذ موافقتهم وغالبا ماتطلب أسرة البنت فترة قصيرة للتشاور, وأخذ موافقة البنت والرد علي رسول الشباب, وفي حالة الموافقة يتم تحديد يوم عقد القران,أما الدخلة فتعتمد أساسا علي مدي استعداد العريس وتجهيزاته, حيث يقوم بإعداد منزل الزوجية وعادة مايتكون من قطية للنوم ومطبخ وراكوبة أو قطية أخري خاصة بالاستقبال والضيوف.
وتتم الدخلة عادة في منزل أسرة العروس, وقبيل ليلة الزفاف يقوم العريس بتجهيز مستلزمات العروس وملابس وأحذية وأدوات زينة وإرسالها للعروس,
ويتم أيضا تجهيز متطلبات المناسبة من المأكولات كالذبائح والكسرة والعصيدة وفي بعض الأحيان المشروبات الشعبية كالكجومورو والعسلية وام تبج.
وعادة ما تسبق الدخلة وليمة كبيرة يحضرها أهل العروسين وجميع المدعوين من القري المجاورة, وفي هذه الآونة يكون العريس بعيدا عن الأنظار يلازمه صديق له يعرف بالوزير, ومن ناحية أخري تكون العروس وقبل أسبوع تقريبا من الدخلة في تجهيزات خاصة ونصائح من بنات الحي ومن صديقاتها, وتلازمها مايعرف بالوزيرة أو الوصيفة. وعقب الوليمة بعد غروب الشمس جرت العادة أن يزف العريس إلي منزل أسرة العروس, ويبقي فيه الزوجان في قطية خاصة لمدة شهر أو شهرين كفترة انتقالية, حتي ينتقلا إلي بيت الزوجية, وتزف العريس في زفة يشارك فيها الجميع نساء ورجالا يصدحون فيها بالأغاني, وعندما يصل الموكب إلي منزل أسرة العروس يقوم أقران وأصدقاء العروس باعتراض موكب العريس من الدخول, حتي يدفع موكب العريس مبلغا رمزيا لتأكيد حسن النية, وبعدها يؤذن للموكب بالدخول, وتنضم إليهم العروس التي تكون في صحبة وزيرتها وصديقاتها, ويرقص الجميع ويغنون, حتي إذا انتصف الليل أو بعده يجلس العروسان معا, ويبدأ الجميع في قراءة سورة يس جماعيا.
وفي صباح اليوم التالي عادة تكافأ العروس إذا كانت عذراء, وذلك بإهدائها عقدا خاصا من الخرز الفاخر تلبسه العروس حول عنقها مدي حياتها شهادة ووساما للشرف والعفاف, ومنذ ليلة الدخلة ولمدة تتراوح بين خمسة أيام أو أسبوع يعبر الشباب من الجنسين عن فرحتهم ومشاركتهم للمناسبة برقص لعبة الددس واللوجى الشهيرة.
المأكولات الشعبية
يعتبر الفور من الشعوب الحضرية, وتراث الفور زاخر بأصناف المأكولات والمشروبات الشعبية الشهيرة, وأهمها العصيدة التي تعتبر الغذاء الرئيسي في عموم دارفور مثل بقية أنحاء السودان, وهناك بعض أنواع الملاح التي تضاف إلي العصيدة وتصنع عادة إما من شرائح اللحم المجفف المسحوق أو من بعض النباتات.
خلاوي القرآن
الخلوة وجمعها خلاوي كانت تمثل المؤسسة التعليمية الوحيدة عند الفور وفي دارفور عامة, ورغم تحول الناس إلي التعليم الحديث في المدارس ظلت الخلاوي تحتفظ بمكانتها المرموقة عند الفور, وينقسم التعليم في الخلوة إلي مراحل أو مراتب تتدرج منذ التحاق الطفل بها, ويطلق علي الطالب الذي أكمل حفظ القرآن قراءة وكتابة اسم الفقي.
ويعتمد الفور علي الزراعة بشكل أساسي لتوفير احتياجاتهم, أما الرعي والتجارة فهما نشاطات ثانوية بالنسبة لهم, ويقع العبء الاكبر في إنتاج الحبوب للاستهلاك المنزلي علي النساء, بينما يسعي الرجال لإنتاج المحاصيل النقدية.
كسوة الكعبة
وللفور في تاريخهم علاقات خارجية واسعة مع بعض الدول الإسلامية, لاسيما مصر, فقد خصص لهم رواق خاص في الأزهر الشريف, مازال قائما حتي اليوم, كما كانت لهم علاقات خاصة كذلك مع المملكة العربية السعودية, حيث كانوا يرسلون إليها المصاحف المكتوبة باليد, والتي اشتهرت بها دار فور, وكسوة للكعبة الشريفة, وحراسا لمسجد الرسول بالمدينة المنورة.
وأثناء الحرب العالمية الأولي شارك سلطان دارفور بالجهاد ضد الحلفاء متضامنا مع تركيا التي كانت تمثل آنذاك الخلافة الإسلامية, وقد امتدت مملكة الفور في أوج عظمتها غربا حتي مملكة وادي( تشاد حاليا) وبحر الغزال جنوبا, وحتي النهود في كردفان شرقا, وحتي حدود أم درمان في الشمال الشرقي, وشمالا حتي شندي في نهر النيل, وكان درب الأربعين الذي يبدأ من الفاشر حتي أسيوط بمصر من أهم الطرق التي ربطت مملكة الفور بالعالم الخارجي.
ملامح من تاريخ دارفور ظل تاريخ دارفور مهملا ولم يجد حظا من الكتابة وفقا لما ذهب إليه بحث المركز السوداني للثقافة والإعلام, وحتي الجزء اليسير الذي كتب ركز فقط علي فترة مابعد دخول الإسلام دارفور وغرب افريقيا, حيث ظلت ممالك الداجو والتنجر مجهولة حتي الآن لدي المؤرخين, والمؤرخ من تاريخ سلطنة الفور عمره الآن خمسمائة عام تقريبا, وقد حرص سلاطين الفور علي أن يكون غالبية وزرائهم من غير الفور, وذلك إيمانا منهم بضرورة أن يشارك غالبية الناس, الذين اتخذوا من دارفور موطنا لهم في السلطة, بل حرص سلاطين الفور علي التزاوج مع العناصر الاخري, حتي يقربوها إلي السلطة أكثر ويرفعوا من شأنها, وأوكلوا للوزراء إدارة الشئون السياسية والإدارية والحربية بالنيابة عن السلطان, ولتسهيل إدارة السلطنة قسم سلاطين دارفور سلطنتهم إلي ثمانية حاكورات أو مديريات, وكان علي كل حاكم ان يتخذ القرارات الخاصة بمنطقته, وكان شكل الحكم اقرب لما يطلق عليه اليوم الفيدرالية, وقسمت كل مديرية إلي وحدات صغيرة تراوحت اعدادها ما بين أربع واثنتي عشرة وحدة, وعلي رأس كل منها إداري عرف بالشرتاي, وقد كان تحت الشرتاي عدة ديملونقا, وهو من يساعد الشرتاي في الإدارة.
وكان القانون في سلطنة دار فور يعرف باسم قانون دالي, وقد اشتمل هذا القانون علي أسس الإدارة والعدل في الدولة, وهذا القانون تمت صياغته في عهد السلطان دالي أحد سلاطين مملكة الفور, ثم الحق به قانون الأحوال الشخصية المستقي من الإسلام, وكان للشراتي محاكم يفصلون فيها في قضاياهم, وكان اعضاؤها من الحكام المحليين وكبار السن والفقهاء, وكانت القرارات تتخذ بعد إجماع اغلبية المجلس علي الحكم, أما القضايا المعقدة فكانت ترفع إلي السلطان رأسا, وقد ارسي هذا النوع من الإدارة والقانون تنظيما دقيقا في مجتمع دارفور, مما أدي لانعدام المشكلات كالسرقات والقتل وغيرها, وعند تغيير هذا القانون في دارفور في أواخر السبعينيات من قبل الدولة وإحلال قانون الحكم المحلي محله, أدي ذلك إلي ظهور ظاهرة النهب المسلح والحروب القبلية, وبدأ شكل الدولة يختفي في دار فور لتحل محله الفوضي, خاصة في القري, وكان للسلطنة أيضا نظامها الضريبي, وعملتها التي تسمي ردينا, وكانت متداولة في دارفور والدول المجاورة التي تتعامل تجاريا مع دارفور مثل مصر وتونس ووداي ومالي والسنغال, إضافة إلي تركيا والسعودية, وكان للسلطنة علمها الخاص من اللون الأسود رمزا للقوة وبه صورة غزالة, وكان للسلطنة أيضا جيشها الضخم المقسم علي ألوية.
ونظرا للشك في علاقات السلطان علي دينار آخر سلاطين الفور بدول المحور أثناء الحرب العالمية الأولي غزت قوات الاحتلال البريطاني دارفور عام1916 وقتلت السلطان علي دينار وضمت دارفور لبقية السودان, وأهملت دارفور خلال هذه الفترة إهمالا كبيرا ولم تؤسس البنية التحتية لها مما أعاق عملية التنمية, وأصبح الإقليم منذ ذلك الحين مصدرا للأيدي العاملة للمشاريع التي أقيمت في وسط السودان, وبعد رحيل الاستعمار استمرت نفس الأوضاع بدارفور, بل ودخل الإقليم في سلسلة من الكوارث أخطرها الجفاف والمجاعات والنهب المسلح والحروب القبلية وانعكاسات الحرب في تشاد المجاورة, وهي العوامل التي تفاقمت بمرور الوقت وساهمت مع غيرها في تشكيل الأزمة الحالية بدارفور, والتي كان لها انعكاساتها علي الوضع في السودان كله