مصر وفرنسا .. شراكة عسكرية لمواجهة الإرهاب العابر للحدود
أدركت فرنسا أن مصر هى الدولة الاولى فى المنطقة التى استطاعت أن تقف فى وجه الفكر الارهابي، وأنها القوة الوحيدة القادرة على محاربة الارهاب فى منطقة الشرق الاوسط،
ومنذ تلك اللحظة قررت فرنسا ان تكون حليفا استراتيجيا لمصر، وأن تحقق معها شراكة فى المجال العسكري، وتزويد القوات المسلحة المصرية بأحدث ما توصل اليه الفكر العسكرى الفرنسي، لتحقيق الأمن القومى المصرى ومواجهة الخطر الحقيقى وهو الإرهاب العابر للحدود.
لقد ساندت فرنسا مصر فى وقت حاولت فيه الولايات المتحدة الضغط على الدولة المصرية من خلال تجميد المعونة العسكرية، والامتناع عن تسليم مصر الطائرات الاباتشى التى كانت تجرى لها الصيانة هناك، بالاضافة الى التوقف عن إمداد الجيش المصرى بقطع الغيار الخاصة بالتسليح الامريكي، لذا كان الموقف المصرى واضحا وصريحا فى أنها لن تمتثل لمثل تلك الضغوط، وتعاقدت مصر على الفور مع فرنسا على 24 طائرة فرنسية من طراز الرافال المتعددة المهام، ثم بعدها الفرقاطة من طراز فريم، ولنشات الصواريخ من طراز جويند بعدها حاملتا الطائرات من طراز ميسترال، وذلك فى اكبر صفقة اسلحة فى تاريخ البلدين، لتحقق بها مصر طفرات فى المجال العسكرى والبحرى خاصة.
ومع إدراك مصر وفرنسا لخطورة التهديدات الجديدة واهمها الارهاب العابر للحدود وكذا الهجرة غير الشرعية التى بالتبعية تلقى بآثارها السلبية على فرنسا، اهمها زيادة البطالة والتأثير على الاقتصاد، علما بأن الهجرة غير الشرعية اصبحت وسيلة لتنقل الإرهابيين ووصولهم من بلد الى آخر، فقد نفذت مصر وفرنسا العديد من المناورات العسكرية المشتركة، التى تهدف فى المقام الأول إلى مكافحة الإرهاب، وأهمها المناورات البحرية «كليوباترا» و«رمسيس» وبالتعاون مع القوات الجوية فى البلدين، وحققت التدريبات أهدافها كاملة فى التصدى لجماعات إرهابية والحد من الهجرة ، للسيطرة على الوضع كاملا .
والمعروف أن فرنسا تتعرض لموجة إرهابية تهدد الأمن والاستقرار داخل الدولة، وذلك نتاج الفكر الضال الذى انتشر خلال الفترة الأخيرة، بجانب احتواء بعض الدول الأوروبية عددا من المتطرفين الذين استطاعوا من بعدها نشر فكرهم وتكوين مجموعات إرهابية أصبحت تنفذ هجمات فى بعض الدول، وكان النصيب الأكبر منها لفرنسا، والخطر الحقيقى ممن يطلقون على أنفسهم مسمى «مجاهدين» وانضموا إلى تنظيم داعش وغيره من التنظيمات فى سوريا والعراق وليبيا، ومن المؤكد أنهم سيعودون مرة أخرى إلى بلدانهم حاملين الفكر الإرهابي، بجانب أيضا تسلل إرهابيين بواسطة الهجرة غير الشرعية.
كل تلك المخاطر تضعها فرنسا نصب عينها لحماية أمنها القومى من الارهاب المنظم العابر للحدود، وبما تمتلكه مصر من خبرات حقيقية لمكافحة الارهاب وأنها الدولة القوية الوحيدة التى تمتلك قوات مسلحة قادرة على دحر الارهاب، فإن هناك تعاونا استراتيجيا بين مصر وفرنسا للحد من تلك الظاهرة والقضاء عليها فى القريب العاجل.
ومن المعروف أن مصر هى القوة العسكرية القوية المتماسكة فى جنوب المتوسط ، والقادرة بالتعاون مع دول الشمال على الحد من تلك الظواهر التى تهدد الامن والسلم فى تلك الدول واهمها فرنسا، لذا فهناك تطور حقيقى فى العلاقات العسكرية بين مصر وحلف شمال الاطلنطي، ونفذت العام الماضى للمرة الاولى تدريبات عسكرية مشتركة بين قوات الحلف والقوات المصرية، ويأتى ذلك فى اطار التنسيق والتعاون بين دول شمال المتوسط ومصر، من اجل توحيد المفاهيم العسكرية.
إن مصر وفرنسا أدركتا تماما ان التهديدات التى تحيط بالدولتين واحدة، وان التنسيق والتعاون والتشاور والتدريبات لمواجهة تلك التهديدات اصبح امرا ضروريا، كما ان الموقف فى دول المنطقة يؤثر بشكل مباشر على الدولتين، فما يحدث فى ليبيا من تنامى ظاهرة الجماعات الارهابية، ومحاولات تقسيم الدولة يلقى بتبعات كارثية على الوضع فى المنطقة وايضا على الامن القومى الفرنسي، وأيضا، تزايد الجماعات الارهابية فى الدول الافريقية مثل القاعدة وداعش وبوكو حرام وغيرها من أصحاب الفكر الضال.
لذا فان مصر كان لها الدور المهم فى المصالحة الليبية من اجل القضاء على الإرهاب والسيطرة على الوضع من خلال الجيش الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر، كما ان مصر استطاعت ان تحقق طفرات عديدة فى القارة الافريقية من خلال تجمع الساحل والصحراء، لتشكيل قوات موحدة لمواجهة الارهاب فى تلك الدول الذى سيؤثر بشكل مباشر على الامن القومى المصري، وبما ان فرنسا لها مصالحها فى اغلب الدول الافريقية فان القضاء على الارهاب من المنبع سيفيد كثيرا الامن القومى الفرنسي.
إن التنسيق المصرى الفرنسى فى الوقت الحالى سيحقق نتائج ايجابية عديدة على البلدين وبخاصة فى مجال مكافحة الارهاب العابر للحدود.
مصدر