الحرب ضد الإرهاب ماضية في تركيا على جبهات مختلفة. والتعامل مع مقاتلين سابقين من تنظيم داعش قادمين من سوريا والعراق المجاورتين ليس مطروحا كموضوع، لكن هذا قد يتغير، حسب الخبراء.
كيف يجب التعامل مع مقاتلين سابقين من تنظيم داعش؟ فبعكس ألمانيا لم يثر طلب الرئيس الأمريكي ترامب الداعي إلى استقبال مقاتلين سابقين من بلدانهم الأصلية جدلا داخل تركيا. لكن هذا الوضع قد يتغير.
يتوقع خبير الأمن التركي، متين غورجان: "بما أن مقاتلي داعش السابقين من مختلف البلدان استخدموا تركيا كبلد مرور للانتقال إلى سوريا، فإنهم سيستخدمون تركيا مجددا لمغادرة سوريا". وانطلاقا من هذا السبب وجب على أجهزة الاستخبارات من تركيا والاتحاد الأوروبي أن تتعاون. ويقول غورجان:" رحلة المرور ستكون مكلفة، وتركيا وجب عليها أن تنتبه أن لا يستقر عدد قليل من المقاتلين في تركيا". ومن المهم أن يتم طرح هذا الموضوع في لقاءات القمة حول سوريا.
مراقبة حدود متساهلة
حقيقة تعرض تركيا في السابق لاعتداءات من داعش، لا يغير حقسقة أنها قد أنها واجهت انتقادات في تعاملها مع التنظيم الإرهابي منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا. ويبدو أن تركيا استُخدمت كبلد مرور لمجموعات إرهابية مثل داعش والنصرة والقاعدة، والاتهام يدور حول عدم مراقبة أتباع هذه التنظيمات بما يكفي على الممرات الحدودية. وبالنسبة إلى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يعكس الوضع جانبا آخر، إذ أعلن مرارا أن تركيا تقاتل في سوريا ضد عدة منظمات إرهابية في آن واحد ضد تنظيم داعش وكذلك وحدات حماية الشعب الكردي. كما أن الشرطة التركية تنفذ مداهمات ضد أعضاء مفترضين لداعش. لكن لا توجد أرقام رسمية حول المشتبه بهم الذين اعتُقلوا.
محاكمة عناصر داعش جرت دون حضورهم إلى المحكمة!
والحرب ضد داعش ومقاتليه السابقين تحصل جزئيا في تركيا أمام المحاكم. فعلى هذا النحو نفذ داعش في 2014 واحدا من بين 13 اعتداء في تركيا في بلدة نجدة وسط الأناضول حيث توفي ثلاثة أشخاص وجُرح ثمانية آخرون. وتم الحكم على تسعة معتدين، بينهم الألماني بنيامين كسو والسويسري سندريم رمضاني والمقدوني محمد زكيري.
"المهاجمون لم يتم الحكم عليهم سابقا بسبب العضوية في منظمة إرهابية، وهذه نقطة هامة"، يؤكد علي جيل، أحد محامي الضحايا. "رفعنا استئنافا، إلا أنه لم يلق قبولاً".
كما حصلت مخالفات أثناء جلسة الاستماع، كما يقول جيل. فالمتهمون مثلا لم يحضروا شخصيا في قاعة المحاكمة، بل تم إشراكهم في الجلسة عبر الفيديو. وهذا الحق الذي استفاد منه المتهمون كان له تأثير سلبي على إصدار الحكم. "فالمتهمون لم يجيبوا عن سؤال واحد من القاضي، حتى السؤال عن أسمائهم. فقط مرة واحدة صرخ واحد منهم الله أكبر".
"التحقيقات تعطلت"
أحد الاعتداءات الدموية في تركيا نفذها داعش في أنقرة في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2015. فخلال مسيرة سلمية فجر شخص نفسه وسط الحشد ليقتل 102 من المشاركين في المسيرة. المحامية، سفينج هوجاغلو مثلت حينها ذوي الضحايا وهي تنتقد مع زملائها أنهم حصلوا على منفد ضيق للوثائق. "التحقيقات تم حجبها عنا في جزئها الأكبر"، تقول المحامية. "فهم لم يكشفوا عن الشبكة التي بناها داعش في تركيا. والمحاكمات تمت بشكل متحفظ، وهذه هي الحالة القائمة إلى حد الآن". وترفع المحامية اتهامات ثقيلة، فهي تفيد أن فروعا لداعش كانت موجودة في السابق في غازي عنتاب على الحدود السورية. " لم يكن سرا أين توجد خلايا داعش، وكان أيضا واضحا من كان يدخل ويخرج. لو أن المحكمة انتبهت أيضا لتسجيلات الكاميرا، لكان ممكنا ملاحقة داعش في غازي عنتاب، لكن هذا لم يحصل"، تقول سفينج هوجاغلو.
كما توجد أدلة في شكل تسجيلات هاتفية تؤكد أن بعض مقاتلي داعش المحكوم عليهم كانت لهم اتصالات مع موظفي التحريات الجنائية التركية. "كيف كان بإمكان هؤلاء الأعضاء في داعش الدخول والخروج من تركيا، وما هو دور موظفي الملاحقة الجنائية؟ هذا كله لم يتم التحقق منه"، تنتقد سفينج هوجاغلو.
وبالنسبة إلى خبير الأمن متين غورجان يجب النظر إلى الجدل حول التعامل مع مقاتلي داعش السابقين في إطار أوسع. فداعش فقد السيطرة في الحقيقة على مناطقه في سوريا، لكن التنظيم الإرهابي مازال موجودا في العراق وسوريا حيث مازال يشكل "ظاهرة اجتماعية"، كما يفيد غورجان.
وعلى عكس تنظيم القاعدة الإرهابي الذي يركز على أعضائه ويحثهم على القتال، فإن داعش يقوم بإشراك عائلات المقاتلين، وبالتالي من المهم التساؤل حول "مصير الزوجات والأطفال. هل هؤلاء يشكلون خطرا أم أنهم ضحايا قدرهم؟"
1