أقر وزير الأمن الإسرائيلي السابق موشيه أرنز، في كتاب تضمن مذكراته صدر أخيراً، تحت عنوان "في خدمة الأمن الإسرائيلي"، بأن جيش الاسرائيلي استعد للقيام بعمليات لضرب قدرات العراق الصاروخية قبل اندلاع الحرب وقبل الهجوم الصاروخي العراقي على تل أبيب، في مطلع كانون الثاني من عام 1991.
وبحسب صحيفة العربي الجديد ان اعتراف أرنز جاء في كتابه الجديد بفقرة صغيرة في صفحة (194)، عندما كشف أن فريق سرب الأباتشي الذي قتل 4 من طياريه في حادثة تحطم طائرة عسكرية أقلتهم من موقع تدريبات في النقب، كان يتدرب عملياً على عمليات تعتزم تل ابيب القيام بها في غرب العراق، لضرب القدرات الصاروخية هناك.
وكانت الصحف الإسرائيلية قد أشارت في 16 كانون الأول من عام 1990 إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي فقد أربعة طيارين وضابطة أخرى في تحطم الطائرة التي أقلتهم من موقع تدريبات في جنوب البلاد.
ولم تشر الصحف الإسرائيلية إلى معلومات إضافية وظل سر هؤلاء الطيارين محفوظاً إلى أن ذكره موشيه أرنز في كتابه المذكور الصادر أخيراً.
وبحسب ما اعترف به آرنز، فإن الحادثة المذكورة شكّلت ضربة قوية لسلاح الجو، لكونها أتت على نصف أعضاء سرب طائرات الأباتشي الذي كانت إسرائيل قد اشترته قبل الحرب بوقت قصير، وبدأ طياروها التدرب على استخدام هذه الطائرات المروحية، لكن فقد في حادثة واحدة طاقمين من أطقم تشغيل سرب طائرات الأباتشي المتطورة، في ذلك الوقت، بعد تدريبات لأشهر عدة.
وفي السياق، ذكر موقع "مكور ريشون"، اليوم الأحد، أن حكومة تل ابيب كانت تتوقع من الإدارة الأميركية أن تقوم هي بالقضاء على الترسانة الصاروخية للعراق، كما أن أرنز كان قد أعلن أن بمقدور القوات الأميركية التي تجمعت في الخليج بعد غزو العراق للكويت، خلال 48 ساعة، فعل ذلك، بحسب ما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، في الخامس عشر من كانون الأول من العام ذاته، بعد شهر من الإنذار الدولي الذي وجهه مجلس الأمن للعراق.
ويتضح من تقرير "مكور ريشون" أن إسرائيل كانت قد تلقت في أيلول من عام 1990 سرباً كاملاً من مقاتلات الأباتشي، وأرسلت أطقماً من طياري سلاح جوها للتدريب على هذه الطائرات في الولايات المتحدة، بموازاة تدريبات في قواعد الجيش، وتحديداً في النقب، وأطلق على سرب طائرات الأباتشي الإسرائيلي اسم السرب 113، "سرب الدبور".
ويشير التقرير إلى أنه على الرغم من المعارضة الشديدة التي أبدتها الولايات المتحدة، تحت إدارة جورج بوش الأب، لأي نشاط إسرائيلي في العراق حتى لا يضر ذلك بالتحالف الدولي، بما فيه من دول عربية، إلا أن الجيش الاسرائيلي كان يضع خططاً لضرب مواقع إطلاق الصواريخ في غرب العراق وتحديداً في الموقع المعروف باسم "H3".
وكان يفترض، بحسب التقرير، أن تقوم طائرات أباتشي بدور كبير في هذه الخطط، لكن حادثة تحطم الطائرة التي أقلت أطقم سرب الأباتشي وقعت في ذلك الوقت، أي قبل شهر من سقوط أول صاروخ سكود أطلقه العراق يومها باتجاه إسرائيل، وسقط في تل أبيب، مسبباً ذعراً كبيراً، دفع آلاف الإسرائيليين إلى مغادرة المدينة، بل إن قسماً كبيراً منهم سافر إلى أوروبا خوفاً من الحرب، في ظل تهديدات صدام حسين بإمطار إسرائيل بالصواريخ الكيميائية.
ونقلت الصحيفة العبرية عن قائد سلاح الجو الإسرائيلي، آنذاك أفياهو بن نون، الأجواء الصعبة التي سادت في سلاح الجو بعد فقدان طاقمين من أصل 10 أطقم كان يفترض أن تقود العمليات في غرب العراق، إذ كان الجيش الإسرائيلي مشغولاً، بحسب التقرير، بوضع خطط مفصلة لإمكانية شن هجوم في العراق.
وبحسب بن نون "فإن أرنز والكابينت السياسي والأمني لم يحددوا بالضبط ما الذي يريدونه، لم يحسموا في أي مرحلة بشأن عملية محددة، ويوم السبت 15 كانون الأول، كانت هناك جلسة للحكومة، لكن شمير الذي لم يرغب في اتخاذ خطوات فعلية لم يطلب تصويتاً في الحكومة، وعندما خرجت أنا وأرنز من الغرفة اتصل أرنز بوزير الدفاع الأميركي ديك تشيني، وقال له قررنا شن هجوم، ونحن مستعدون للتنسيق معكم، فرد تشيني بالقول (انتظر يجب إبلاغ الرئيس، لكنه نائم الآن)، ولم يعد لنا بجواب ولم يكن بمقدورنا فعل أي شيء".
مع ذلك، ينفي بن نون أن يكون للحادثة تأثير على القرار الإسرائيلي لشن هجوم غرب العراق، معتبراً أن دور سرب الأباتشي كان هامشياً، خلافاً للدور الحاسم الذي أولاه أرنز في كتابه لدور سرب طائرات الأباتشي، وإن كان قد أشار هو الآخر إلى أنه كان بالإمكان تنفيذ الهجوم في غرب العراق بالرغم من حادثة تحطم الطائرة. لكن الاثنين يتفقان على أن من أحبط أي هجوم إسرائيلي في غرب العراق هو الفيتو الأميركي القاطع.
مصدر