يمكن استخدام منظومة الدفاع الصاروخي الأمريكية "باتريوت" في التصدي لمجموعة واسعة من التهديدات القادمة من الجو، ورغم فعاليتها في مواجهة أهداف العدو، فإنها توجه أكثر من مشكلة، فما هي أبرز عيوبها يا تُرى؟
أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأربعاء (21 كانون الأول/ديسمبر 2022) خلال زيارة تاريخية إلى واشنطن هي الأولى له إلى الخارج منذ بدء الغزو الروسي لبلاده في 24 شباط/ فبراير أن حصول كييف على أنظمة باتريوت الأمريكية للدفاع الجوية "سيعزّز بقوة" قدراتها الدفاعية.
وقال زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأمريكي جو بايدن إن "أقوى عنصر في هذه الحزمة هو أنظمة بطاريات باتريوت، التي ستعزز "دفاعنا الجوي". وأضاف "هذه خطوة مهمّة للغاية لخلق مجال جوي آمن لأوكرانيا".
وتتمتع منظومة الدفاع الصاروخية/ باتريوت بتاريخ طويل؛ إذ يتم تطويرها منذ أوائل الستينيات.
وقد بدأت القوات المسلحة الأمريكية في استخدام المنظومة في الثمانينيات. وتتكون باتريوت من عدد من الرادارات ووحدات القيادة والتحكم وأنظمة اعتراض الصواريخ المختلفة.
تقوم شركة رايثيون/ Raytheon الأمريكية بتصنيع منظومة باتريوت وقد أدخلت عليها العديد من التحسينات بمرور الوقت.
وحسب للشركة، فإنها تخطط لمواصلة تطويرها حتى عام 2048 على الأقل. يمكن للمنظومة التصدي للصواريخ التكتيكية، وصواريخ كروز (التي تطير موازية للأرض)، والطائرات وغير ذلك من عناصر تهديد لم تحددها الشركة المصنعة أو تقدم تفاصيل عنها.
يمكن لمنظومة باتريوت اعتراض الأجسام الطائرة التي تستخدمها روسيا في عملياتها العسكرية ضد أوكرانيا. ومن هنا جاءت رغبة كييف الملحة في الحصول على صواريخ باتريوت.
ومع ذلك، تستخدم روسيا أيضاً أجساماً أصغر حجماً، مثل الطائرات بدون طيار الصغيرة، والتي تطير بالقرب من الأرض ويصعب على نظام باتريوت تتبعها واعتراضها.
ويمكن لرادار منظومة باتريوت اكتشاف ما يصل إلى 50 هدفاً والاشتباك مع خمسة منها في وقت واحد.
اعتماداً على الإصدار، يمكن أن تصل الصواريخ الاعتراضية إلى ارتفاع يزيد عن كيلومترين وتضرب أهدافاً على بعد يصل إلى 160 كيلومتراً.
ومع ذلك، في الغالب تكون هناك حاجة إلى العديد من صواريخ باتريوت الاعتراضية لتدمير صاروخ مهاجم واحد، وبالتالي فإن المنظومة مكلفة.
ووفقاً لـ"مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" الأمريكي، هناك حاجة لحوالي 90 جندياً لتشغيل كل وحدة صاروخية من هذه المنظومة.
تم استخدام نظام باتريوت لأول مرة في عام 1991 خلال عملية عاصفة الصحراء لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي.
آنذاك واجهت المنظومة الأمريكية صواريخ سكود العراقية التي استهدفت القوات الأمريكية وحلفائها والمناطق المدنية في إسرائيل.
في ذلك الوقت، أشاد مسؤولو الولايات المتحدة وشركة التصنيع Raytheon بفعاليتها، ولكن تحقيقات مستقلة شككت في وقت لاحق في هذا التقييم.
كان الفشل الأكثر دموية هو هجوم سكود الذي أسفر عن مقتل 28 جندياً أمريكياً في ثكناتهم في المملكة العربية السعودية عندما فشلت صواريخ باتريوت الاعتراضية في تدمير الصاروخ المهاجم.
تم تحسين النظام لاحقاً واستخدام في غزو العراق عام 2003، على سبيل المثال لا الحصر.
ربما لا يكون التحدي الأكبر الذي يواجه منظومة الدفاع الصاروخي باتريوت هو عدم مواكبة التكنولوجيا العسكرية للعدو، بل التكلفة.
على سبيل المثال، أوردت تقارير أن شراء بولندا أول منظومة من هذا النوع كلفها 4.6 مليار يورو، أي أكثر من ربع إجمالي ميزانية الدفاع المقررة للبلاد لعام 2023.
وحسب مجموعة أبحاث الأسلحة الأمريكية/ RAND، يمكن أن يكلف اختبار اعتراض واحد ما يصل إلى 100 مليون دولار.
العديد من التهديدات التي صُمم نظام باتريوت للتصدي لها، مثل الطائرات بدون طيار، تكلف بالكاد جزءاً بسيطاً من ذلك المبلغ الكبير.
ولمشاركة التكاليف، وافقت بعض دول الناتو في تشرين الأول/ أكتوبر على تغطية احتياجاتها الدفاعية الجوية، بما في ذلك شراء وحدات باتريوت إضافية.
DW