أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.

مذكرات علاء حسين علي رئيس الحكومة الكويتية المؤقتة من 2 إلى 8 آب اغسطس 1990

حفظ البيانات؟
الرئيسية
التسجيل
الدخول
فقدت كلمة المرور
القوانين
البحث فى المنتدى


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول



 

 مذكرات علاء حسين علي رئيس الحكومة الكويتية المؤقتة من 2 إلى 8 آب اغسطس 1990

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
mi-17

المدير
وزيــر الدفــاع

المدير  وزيــر الدفــاع
mi-17



الـبلد : مذكرات علاء حسين علي رئيس الحكومة الكويتية المؤقتة من 2 إلى 8 آب اغسطس 1990 Qmdowc10
المزاج : الحمد لله
التسجيل : 23/02/2013
عدد المساهمات : 43294
معدل النشاط : 57843
التقييم : 2395
الدبـــابة : مذكرات علاء حسين علي رئيس الحكومة الكويتية المؤقتة من 2 إلى 8 آب اغسطس 1990 B3337910
الطـــائرة : مذكرات علاء حسين علي رئيس الحكومة الكويتية المؤقتة من 2 إلى 8 آب اغسطس 1990 Dab55510
المروحية : مذكرات علاء حسين علي رئيس الحكومة الكويتية المؤقتة من 2 إلى 8 آب اغسطس 1990 B97d5910

مذكرات علاء حسين علي رئيس الحكومة الكويتية المؤقتة من 2 إلى 8 آب اغسطس 1990 1210

مذكرات علاء حسين علي رئيس الحكومة الكويتية المؤقتة من 2 إلى 8 آب اغسطس 1990 Best11


مذكرات علاء حسين علي رئيس الحكومة الكويتية المؤقتة من 2 إلى 8 آب اغسطس 1990 Empty

مُساهمةموضوع: مذكرات علاء حسين علي رئيس الحكومة الكويتية المؤقتة من 2 إلى 8 آب اغسطس 1990   مذكرات علاء حسين علي رئيس الحكومة الكويتية المؤقتة من 2 إلى 8 آب اغسطس 1990 Icon_m10الأربعاء 27 مارس 2024 - 16:06

الحلقة الاولى: في الطريق إلى الزبير
 
+

بالرغم من مرور ما يقرب من العشر سنوات على الاحتلال العراقي ( المذكرات كتبت عام 2000)  وبالرغم مما كتب وقيل وما افصح عنه أو ما أمكن الوصول إليه من المعلومات، إلا أن تلك التجربة المريرة مازالت تحمل بين طياتها الكثير من الحقائق والدقائق الصغيرة التي اسدل عليها النظام العراقي ستاره الحديدي وتعتيمه الإعلامي المعتاد.

فتخرج علينا بين فترة أخرى دفعة من الحقائق والمعلومات التي يحملها بعض الهاربين من براثن ذلك نظام أو الناجين بأنفسهم و ويفصحون عما يستطيعون الإفصاح عنه.

وقد كثر الحديث عن تجربة الاحتلال وتشكيل صدام لما سماه انذاك الحكومة الكويتية المؤقتة والتي أنيطت رئاستها بشخص على حسين علي.

ومع التحرير افرج عن جميع أعضاء الحكومة باستثناء رئيسها الذي أعرب عن رغبته في البقاء في العراق، أو كما نقلت وسائل العلامة العراقية عنه ذلك، ومنذ ذلك الحين بقيت قضية علاء حسين علي مليئة بالطلاسم والأسئلة المحيرة فهل هو متعاون سلفا مع نظام البعثي في العراق وقبل دخول الكويت؟ وهل كان له علم مسبق بما حدث، وما علاقته بمخابرات النظام العراقي؟!

أسئلة كثيرة .. منها ما يثير الريبة ومنها ما يبقى غامضا لا يحمل إجابة قاطعة.

إبتداءً من اليوم تنشر القبس بالاتفاق مع الزمان التي تصدر في لندن سلسلة مذكرات كتبها علاء حسين علي عن تلك التجربة بعد أن تمكن من الخروج من قفص النظام العراقي واللجوء إلى أوروبا على حد ادعائه.

إن نشر تلك المذكرات لا يتضمن موقف مدافعا عن رئيس الحكومة المؤقتة لانه لا يصح في نهاية الأمر غير الحقيقة ومهما طمست تلك الحقائق فإن يوما سيأتي كفيل بالإفراج عنها وايا  كان الادعاء فإن حقائق الأيام المقبلة هي الكفيلة بتأكيد مصداقيته أو تكذيبه.

لقد تعاملنا منذ ساعة التحرير الأولى مع حقائق الغزو وتفاصيله بما أتيح لنا من معلومات وتفاصيل، ومازلنا نتعامل مع تلك التجربة المريرة من ذلك المنظور بعرض ما يتوفر من معلومات وحقائق جديدة بقصد معرفة تفاصيلها.

في هذه المذكرات يتحدث علاء حسين علي عن تجربة محددة يفضح فيها خبايا قد تكون مجهولة الكثيرين منا، وعلينا أن ننظر إليها نظرة متفحصة تاركين حكمنا لاحقا لا سابقًا، ونحن في كل الأحوال نملك ثقة عالية بقدرة القارئ وحسن إدراكه لتمييز الصح من الخطأ والغث من السمين.

⭕ كانت أسئلة كثيرة تدور في ذهن كل مواطن ولا شك أنها كانت أسئلة بلا إضاءة وبلا إجابة.

في الشارع العراقي ازداد الجدل عصر ذلك اليوم، وكان كل واحد كان يتابع نشرات الأخبار العالمية والعربية والمحلية ويسال الآخر أية واقعة هي المحتملة؟

كان كل واحد يجيب بلا قدرة على تحديد الجهة الراجحة.

ساد رأي عام في الشارع العراقي وفي الشارع الكويتي وفي الشارع العربي عموما، أن الأزمة سيتم احتوائها في المفاوضات المعدة في مدينة جدة بين سمو الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء وعزة إبراهيم الدوري نائب رئيس مجلس قيادة الثورة في العراق والتي مهدت لها وساطة مصرية -  سعودية على أعلى المستويات فهل كنت واحدا من أولئك الذين رجعوا انتهاء الأزمة أيضًا؟

علاء حسين: في مساء اليوم ذاته، ذهبت إلى ديوانية أحد الأصدقاء كالمعتاد ودارت بعض التساؤلات، إلا أن أحد لم يستطع تحديد جهة الأحداث.

كان الرأي العام في الشارع الكويتي يرى أنها أزمة عابرة سيتم حلها من خلال المفاوضات والحوار ألعقلاني بالرغم من تصعيد الأحداث من قبل الإعلام العراقي، على الرغم من عدم الوجود أي أساس لهذه الأزمة.

لقد كانت الحياة في الكويت عادية جدا إلى أبعد الحدود بالمقارنة مع ما صارت إليه في اليوم التالي، ومن ناحيتي كنت ممن يشاركون اعتقادات الرأي العام في الشارع الكويتي، وخرجت من الديوانية مساء ذلك اليوم للاستراحة من يوم العمل مطمئنا ليوم الغد.

⭕ لم أتفق مع العقيد الملازم على حسين على هذا التصور فلم يكن يوم الأول من اغسطس يومًا عاديًا على الأقل على الحدود العراقية الكويتية.

صحيح ان الكثير من الناس في الكويت والعراق قد كانوا مطمئنين لغدهم فذهبوا في تلك الليلة لقضاء سهراتهم المعتادة من اجل التخلص من إرهاق النهار إلا ان غالبية الناس قد شعر بصعود الكآبة إلى النفوس ،وإلى الأوضاع كلها، فقد كان هناك حشد من الأشياء يطوق الكويت خاصة وحشد من الأشياء الأخرى يقلقها،  وهذا ما دفع الكثير من الناس في البلدين إلى التفكير بإتخاذ بعض الاجراءات تحسبًا لمواجهة بعض الاحتمالات كسحب أرصدتهم من البنوك مثلا، ويبدو أن علاء لم يضع مثل هذه التصورات في ذهنه أليس كذلك؟

العقيد علاء حسين: ذهبت إلى الفراش مبكرا في محاولة لكسب المزيد من النوم استعدادا لليوم التالي، وهو الثاني من آب من عام 1990 لأذهب إلى العمل صباحا ومن المؤسف إنني صحيت متأخرا تقريبا عند العاشرة صباحا ولا أدري لماذا؟ فالعمل يبدأ مبكرا في الصباح، ولكنني صحوت متأخرا لا أدري لماذا.

لم أفكر بالوضع المتأزم المحيط بيوم الأول من آب أغسطس الذي لم يدع الكآبة تفلت من وجه السياسة العربية طوال النهار والليل ومن وجوه قادتها كلهم.

كان التساؤل يكبر لحظة بعد أخرى بشأن المصير الذي فرض على الناس جمودًا في التفكير بشأن الاحتمالات العسكرية وحلولها.

فالأخبار المتاحة للجميع أن اجتماعات جدة يومي الثلاثاء الحادي وثلاثين من تموز يوليو والأربعاء الأول من اغسطس 1990 انفرطت من دون التوصل إلى حل لأن الوفد العراقي لم يساعد جراء مواقفه على إنجاح المفاوضات كما أشارت الأخبار العالمية إلى ذلك من قبل محلليها خاصة بعد أن وضع العراق تشكيلات عسكرية هجومية على الحدود.

إذن ماذا يجب أن يفعل مواطن عادي مثل على حسين علي غير الذهاب إلى النوم خاصة بعد أن تيقن ان كل الاحتمالات العسكرية في المواجهة غير واردة أو أنها مستبعدة.

كان المحللون الغربيون في أكبر وسائل الإعلام وفي الصحافة والإذاعة والفضائيات يشيرون إلى أن اقصى شيء في الطموحات العراقية هو الاستيلاء على جزيرتي وربة وبوبيان وربما بعض حقول النفط في الرميلة لذلك ذهب هذا المواطن إلى الفراش مبكرًا.
السؤال الآن ماذا بعد ذلك ماذا حصل صباح يوم الثاني من أحداث؟

العقيد علاء حسين: أخبرتني الوالدة بأن العراق قد غزا الكويت وكنت قد لبست الدشداشة والعقال للذهاب إلى العمل وفي لحظة سماعي لهذا الخبر المفجع توقف عندي كل شيء ولم اتردد ولم أراجع نفسي ولم التفت إلى أحد.. رجعت إلى غرفتي وقمت بارتداء الملابس العسكرية وودعت  أهلي وقبلت طفلي سعد وهدى وقالت لي والدتي الله معك.

كان الأهل ينظرون إلي بحالة من الخوف والذهول والحزن على الكويت الحبيبة وما سيكون مصيرنا.

صار أهم شي عندي في هذه اللحظة هو الوصول إلى المعسكر في الجهراء.

كنت أسمع صوت مدفعية عندما صحوت من النوم لكنني لم أعرف معنى هذا الصوت، وبعد أن عرفت بحدوث الغزو لم اكن أعرف أن كان هذا الصوت هو صوت مدفعية عراقية هجومية أم صوت مدفعية كويتية دفاعية.

أذكر أنه في لحظة استيقاظي من النوم عندما وجدت الساعة متاخرة اتصلت بشركة صناعة الكرتون ورد على الهاتف حارسها، ثم جاء الاتصال من الجيران عندما نزلت إلى الدور الأرضي.

خرجت من البيت مرتديا ملابسي العسكرية لأدافع عن وطني الكويت كاقل واجب أقدمه وما أزال على ذلك بمشيئة الله أبدا.

وفي خارج البيت شاهدت بعض الأصدقاء في المنطقة ممن يسكن بجوارنا في الشارع نفسه بمنطقة العمرية، وكان بينهم اسماعيل عباس وآخر اسمه علي جوهر، تحدثت معهما بسرعة، وقلت لهما: اذهبا لأداء واجبكما.

ركبت سيارتي من نوع هوندا عنابية اللون موديل 1990 وخرجت باتجاه شارع الغزالي نحو الدائري الخامس باتجاه طريق الجهراء.

كنت أتوقع أن القوات العراقية موجودة قريبة من الحدود الكويتية ولأنني كنت في منطقة مدنية وليست عسكرية فقد استبعدت وصول القوات العراقية إلى هذه المناطق .. إلا أن القدر الذي وجد في تلك اللحظة لم يكن حسب هذه التقديرات.

ومن بداية سيري في الدائري الخامس كانت هناك نقطة تفتيش توقعت أنها كويتية لتشابه الملابس والهيئة وتم إيقاف في هذه النقطة وكانت صدمة كبيرة حين وجدت أنها مكونة من قوات الحرس الجمهوري يرأسها ضابط نقيب وهي تقف بين منطقة الرقعي والرابية.

⭕ لاشك انك شعرت بألم شديد وأنت تتذكر أصعب لحظات حياتك  هذه.. هل تحدثنا عن تلك اللحظات؟

العقيد علاء حسين: إنني على يقين أن الذين كانوا في ذلك المكان من الشباب الكويتيين الحاضرين في تلك الساعة القريبة من العاشرة من صباح يوم الثاني من آب لن ينسوا هذا الحدث والمنظر.

لقد كان هناك بعض الشباب المدنيين ومن صغار السن من الكويتيين واقفين بجانب رصيف الشارع بالقرب منا في هذه النقطة ويشاهدون العسكريين الكويتيين الاسرى والجنود العراقيين المدججين بالأسلحة الرشاش والقاذفات.

ولهول الصدمة سألت الضابط العراقي النقيب حيث كنت الوحيد بين العسكريين الكويتيين برتبة ضابط، اما البقية فقد كانوا جنودًا وعرفاء من وحدات عسكرية كويتية مختلفة، تحدثت مع النقيب العراقي وقلت: أننا أخوة وعرب فما هذا الذي تفعلونه؟..  هل هذه هي الأخوة العربية؟!

إلا ان هذا الضابط الذي كان متمرسًا كما يبدو في عملية إخضاع البشر لم يبال بما قلته من كلام ورد بهدوء بحيث لم أسمع منه جوابا.

بعد ذلك سألني الضابط نفسه عما إذا كنت سأترك سيارتي في المنطقة أم لدي أحدا يأخذها من هنا فقلت له ان بيتنا قريب وبإمكان أحد الشباب الكويتيين الواقفين بجانبنا على رصيف الشارع أن يأخذ رقم تلفون أهلي ويتصل بهم لأخذ السيارة.

أعطيت رقم التلفون لأحد الشباب وطلبت منه أن يسرع ويستعجل بالاتصال وخلال ربع ساعة كان اخي وأبي في موقف يصعب على الإنسان تصوره.

كانت عين والدي محمرة من شدة الغضب والانفجار وحاول أكثر من مرة تخليصي من ايديهم وتحدث مع الضابط بشدة، وكان أخي أكثر شدة أيضا وصار يتحرك بصورة هستيرية إلا أن والدي طلب منه الهدوء ثم أدرك والدي أن الأمر انتهى بالأسر، فغادر المكان وكنت على يقين في تلك اللحظة أن والدي وأخي لم تكن أقدامهما تحملاهما على مغادرة المكان فالأمر انتهى وأصبحت أسيرًا.

من الأمور التي أتذكرها لحظة أسري في الثاني من عام 1990 أن هناك شخصًا كويتيًا مدنيًا وكان شابًا صغيرًا كان يرتدي دشداشة وهو من منطقة الرابية حمل سلاحًا من نوع شوزن، وأطلق النار على الجنود العراقيين في نقطة التفتيش نفسها التي تم اسري فيها، وقد رد الجنود العراقيون بإطلاق النار عليه بالرشاشات فأردوه قتيلا في الحال.

وقد سمعت بهذه الحكاية في نقطة التفتيش ومن بعض الشباب الكويتيين الواقفين بجانبنا ولا أدري مدى حقيقة هذه القصة.

⭕ ألم تشاهد من بعيد تجمع الجنود العراقيين وانت متجه بسيارتك في الشارع نفسه.. ألم تشاهد اعتراض وإيقاف للسيارات الأخرى ..لماذا وصلت السير باتجاه نفسه ألم يكن بإمكانك تغييره؟

العقيد علاء حسين: نعم شاهدت ذلك من بعيد وأنا أقود سيارتي بسرعة ولكني كنت أتصور أن هؤلاء هم جنود الكويت نزلوا إلى الشارع دفاعا عن الوطن، حتى إنني كنت أنوي الاستفسار منهم عن بعض الأشياء والمواقف ظنا مني بأنهم جنود كويتيون.

الشيء الوحيد الذي شاهدته مسيطرا تماما هو الصمت لكل ما يحدث في الشوارع.. تتحرك الأشياء بالصمت ولا يوجد سرد لما يحدث.

الظواهر التي نشاهدها هي القصف والاعتقال والجو الحار ووقوع الناس الأبرياء أسرى.

⭕ لا شك أن ممارسة القوة هي التي تجبر الناس على الصمت وليس مظهر القوة وحده.. فهل بالإمكان وصف هذه النتيجة بالوجود التي تعين عليك أن تصير فيه معتقلا وأسيرًا لماذا لم تقاوم؟!

العقيد علاء حسين: في لحظة إيقافي من قبل النقطة التي أوجدتها المفرزة العراقية للتفتيش ايقنت أن الكويت قد تم احتلالها، فهذا الحادث (الأسر) قد تم داخل مدينة الكويت، وهذا يعني أنهم قد احتلوا المراكز المهمة كلها داخل المدينة، وقد كنت وقتها مجردا من السلاح، وكان هناك حزن العميق قد استبد بي على بلدي وأهلي وعدم مواتاة الفرصة لي والمباغتة السريعة التي تعرضت لها من هذا الاعتداء.

كنت وقتها أريد الانفجار من الغضب وأنا ارى بلدي الجميل الذي قضيت فيه أغلى ذكرياتي تحت الاحتلال.

كنت في حالة من التعب والارهاب  والحزن الشديد.

أن أول شي أصاب الناس هو الدهشة، وما هؤلاء المدججون بالسلاح إلا جنود احتلال.

ها هم الجنود من قوات الحرس الجمهوري يصلون من الطريق السريع إلى الشوارع المتفرع داخل ازقة وشوارع الكويت، وساعاتها سيطر الذهول على الكويتيين جميعا.. أنه واقع سياسي مخرب من هذه اللحظة والدليل على ذلك أن الجميع مصاب بالدهشة ويمكن مشاهدة علامات الدهشة على وجوه وضباط الاحتلال ايضاً.

المرتبة الوحيدة التي وصل إليها الجميع بإنفعال الدهشة هي الصمت لا توضيح ولا ايضاح لما يحدث .. ولا سؤال يصدر ولا إجابة عن أي سؤال تصدر .. والكل يتحرك باتجاهات مختلفة، كما تتحرك الآلات.

حتى الجنود العراقيين كانوا في حالة صمت.

من يستطيع أن يصف الشعور الحقيقي في لحظة في لحظات الوقوع بالاسر إنها لحظات ومشاعر فوق التصور.. فوق الإحباط ..فوق العجز وبالتالي فوق أية قوة واية طاقة.

كل إنسان يجد نفسه شخصية جديدة أمام عدو وهو مجرد كائن بشري لا حول له ولا قوة.

في تلك الساعة الرهيبة من صباح 2 أغسطس 1990 تسأل الكويتيون من هم هؤلاء الذين يقطعون الطريق بالدبابات.

مرة أخرى صبت الانفس في مجرى الإحباط لكن أحدا لا يملك إلا شجاعة القول:
هؤلاء هم عرب أبناء جيرتنا وعمومتنا.
هؤلاء هم أبناء الأخوال والأنساب.
هؤلاء هم المعارف والأصدقاء يا الله أي ضلال هذا الذي نراه في هذا الصباح

إن مشيئة الطغيان هي الآن أقوى من كل مشيئة ..فهؤلاء الجنود مأمورون ولا يوجد طغيان أعظم من طغيان الاحتلال والقسر والاسر.

هؤلاء أسرى إذا هم موجودون هكذا فرضت فلسفة الواقع نفسها عليهم .. أنهم الآن ضحية المكان القاهر والزمان العاهر.

كان عدد الأسرى في زيادة، وكل واحد منهم كان يشكو المًا حادًا في رأسه أو في صدره أو في معدته.

كانوا في حالة شديدة من الاكتئاب وهم يتوقعون وجود كارثة ليس فقط في المكان الذي هم فيه (نقطة السيطرة العراقية) بل في الكويت كلها.

لقد تم أسري وبعض الجنود الكويتيين من ضباط الصف (كل على انفراد) في هذا المكان داخل حدود مدينة الكويت .. وهذا يعني أنهم قد احتلوا المراكز المهمة الاستراتيجية داخل الكويت كلها.

لقد استبد حزن عميق في نفوس هؤلاء الأسرى في الدائري الخامس بين منطقة الرقعي والرابية.

لقد تم إيقافي وأسري في تلك المنطقة المدنية داخل الكويت من قبل جنود قوات الحرس الجمهوري العراقية وكان هناك بعض الأسرى الكويتيين قد تم القبض عليهم قبلي، وقد وضعوهم في سيارة (وانيت) يبدو أن الجنود العراقيين قد صادروها من أحد المواطنين، وربما كان هذا المواطن هو أحد الأسرى من الموجودين معنا في تلك اللحظة على ظهر السيارات نفسها فالجو السائد في تلك اللحظة هو قلة الحديث بيننا بسبب هول كارثة الاحتلال.

صدر أمر النقيب العراقي إلى الأسرى الكويتيين بالصعود إلى السيارة الونيت، فصعدت بتثاقل كما صعد إليه آخرون ثم صعد إليه جندي عراقي وصعد إلى الخلف جنود الآخرون مسلحون بعدة أنواع من الأسلحة الرشاشة والمسدسات.

كانت هواجس كثيرة قد انتابتني .. ربما بعد ساعة أو ساعتين سيطلقون سراحنا.. لم اكن أعرف إلى أين المصير.

ثم بدأ الوانيت يتحرك من مكانها .. حتما أن هذه الحالة نفسها قد جرت مع كثير من الكويتيين الآخرين في مناطق مختلفة من الكويت.

سار الوانيت من شارع إلى شارع بلا هدف وبلا هدى ثم عاد إلى المكان نفسه .. وهذا يعني أنهم لا يعرفون طرقات المدينة ولا يعرفون المكان الذي يريدون الذهاب إليه.

وقفت السيارة، وكان سائقها وضابطها يبحثون عن الاتجاه المطلوب، وكانت عيون الكويتيين المدنيين المسالمين تنظر إلينا من البيوت المطلة على الشوارع وعيونهم دامعة غاضبة.

كانت سيارة الوانيت تسير من شارع إلى شارع وترجع إلى المكان نفسه تحدث بعض المرة مع الجنود العراقيين عن سبب هذه المهزلة ويذكرونهم بالعروبة وبالشهامة العربية لكن دون جدوى.

تحرك الوانيت مرة ثانية باتجاه طريق الجهراء إلا أنها توقفت في منتصف الطريق ورجعت باتجاه مدينة الكويت بسبب وجود قصف مدفعي على شارع الجهراء العام وكان ذلك وقت الظهيرة وقد رجعت السيارة اضطراريا كما بدأ لنا وعادت إلى المكان نفسه الذي تحركت منه.

بعد ذلك بقليل سار الوانيت بمحاذاة طريق معسكر الجيوان.

كان هناك قصف شديد جدا على هذا المعسكر، وقد تألمت كثيرا لمنظر القصف المدوي على أرض بلدي، ولا أعتقد أنني سأنسى هذا المنظر مدى الحياة.

سألت نفسي لماذا هذا القصف المكثف في آخر النهار الأليم يوم الثاني من آب 1990.. ألا يعني هذا أن القصف يريد الدمار والخراب والتعسف والموت من أجل الهدم ليس غير.

شعرت بالم من شديد حينما شهدت القصف النازل على المعسكر، وعلى المنطقة القريبة منه فقد كان لي ارتباطات كثيرة مع المعسكر، ولي فيه إخوان أعزاء وتعلمت فيه قضية الدفاع عن الوطن واديت فيه شرف وواجب الدفاع عن الوطن.

اتجهت السيارة إلى طريق دوار العظام في الصليبيخات وكان هناك عدد كبير من الأسرى الكويتيين.

هذا الدوار يقع داخل الكويت أيضا ومليء بالباصات الكبيرة وكانت مليئة بالأسرى، ثم قام الجنود العراقيون بنقلنا إلى هذه الباصات الكبيرة التي تحركت من الدوار باتجاه حدود العراق.

لقد أحسست في تلك اللحظة التي غادرنا فيها الدوار أن حبلًا غليظًا قد التفّ حول عنقي.

لقد شهدت الدبابات واقفة على جوانب الشارع العام في الصليبيخات وهي مختفية وراء الأشجار .. أليست مستعدة لصنع الموت؟!

إلى أين

وجدت السيارة تقلنا في طريقها الضال نحو أرض الاحتلال، ووجدت في نفسي تشابه مع كلمات أخرى جرت في أجزاء أخرى من هذا الوطن العربي فقد وجدت اتحادا لا ينفصل بين أفكار عديدة خاصة بعد أن تذكرت بلدان العربي أخرى محتلة وتذكرت فلسطين.

لا أدري لماذا ورد هذا التشابه في ذهني وأنا اجتاز الصحراء الحارة في تلك الظهيرة الحارة التي كان فيها دوي الدبابات والمدافع والطائرات العراقية يلغي كل إحساس بالفكرة الشاملة عن العروبة.

عندما تحركت الباصات باتجاه طريق الجهراء ادركت أننا متجهون إلى العراق.

لقد اوحت لي هذه المسيرة وهذه الباصات بأشياء وأفكار خطيرة، فقد اجتازت الحدود من دون جوازات السفر ومن دون جمارك ..لم يعد للجمارك الكويتية وجود في العبدلي.. ولم يعد على نحو آخر وجود للجمارك.. ولم يعد على نحو آخر وجود للجمارك العراقية في صفوان .. معنى هذا ان السيارات السائرة مسلوبة بمن فيها من الأسرى كمحصلة أولى للغازي.

لقد عبر الكويتيون على ظهرها من دون جوازات فهذا يعني أننا مختطفون، وعندما كنا نجتاز الصحراء في الكويت كنا نشاهد بعيوننا السيارات الكويتية والمدنية الصغيرة والكبيرة تسير بتجاه العراق يقودها ضباط وجنود عراقيون .. أليست هذه أول مكاسب الغزاة.

حصرت نفسي في الباص بشيء واحد هو الموت .. لأننا اساسا نسير باتجاه الموت .. تقودنا نحوه سيارتنا الكويتية المسلوبة بقوة بضعة جنود مسلحين عراقيين.

تألمت كثيرا لأنني سأموت كما يريدون هم وليس كما يريد الوطن بعد إرادة الله سبحانه وتعالى.

كانت حالة إخواني الكويتيين الأسرى في أشد الألم والمرارة، كما شهدت العديدة من السيارات المدنية المحروقة .. لماذا أحرقوها أليس حبا بالموت؟!

اتجه بنا الباص إلى داخل العراق وكان الوقت ظلامًا في أول الليل في اليوم الأول من الغزو، وفي هذا الوقت بالذات وفي مكان ما عند مفترق الطرق بين أم قصر والزبير عرفت أننا لسنا وحدنا في هذا الأسر، بل شهدت عددا من السيارات الأخرى من التي كانت واقفة في دوار العظام قد جاءت إلى هنا أيضا.

حصل الكويتيون الجالسون داخل الباصات العديدة القادمة من الكويت باتجاه الزبير على صفات عديدة .. فقد قال أحد الضباط العراقيين للأسرى الكويتيين أنتم أسرى لدينا منذ هذه اللحظة، بينما قال جنود العراقيين آخرون صراحة إنكم ضيوف في أحداقنا نحافظ عليكم كما نحافظ عليها .. وقال جنود بسطاء طيبون هامسون في أذان أسرى آخرين ..لا تخشوا شيئًا قلوبنا معكم .. الأمر الذي أنتم فيه سوف لا يستغرق طويلا.

هكذا ظلت عيون الأسرى تفيض بهموم الشعور بالقلق وأحيانا بهموم مواجهة الموت القريب.

لقد شفت وجوههم تمام الشفوف وقد وضح أنها تعاني من هجوم الألم وألم عليها، فالأشياء الحسية التي تنقلها وتحدث بها الأسرى فيما بعد تقول أن جميع الأسرى يفكرون في تلك اللحظة بموضوع واحد هو الموت المحقق.. ولا أحد من جميع ركاب هذه السيارات التي تسير باقصى سرعتها في الطريق الصحراوي الطويل يتقبل مضمونًا آخر غير الموت، فالموت هو الصورة المطلقة لمصير الذي يعقد جميع الأسرى إنهم سيبلغون مهما بلغت كلمات التطمين الصادرة من جنود بسطاء ما زالت دهشة الحدث تعلوا على وجوههم.

كان الأسرى يشعرون أن كلمات التطمين لم تكن غير صدقة يتصدق الجنود (العراقيون) بها عليهم.

يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mi-17

المدير
وزيــر الدفــاع

المدير  وزيــر الدفــاع
mi-17



الـبلد : مذكرات علاء حسين علي رئيس الحكومة الكويتية المؤقتة من 2 إلى 8 آب اغسطس 1990 Qmdowc10
المزاج : الحمد لله
التسجيل : 23/02/2013
عدد المساهمات : 43294
معدل النشاط : 57843
التقييم : 2395
الدبـــابة : مذكرات علاء حسين علي رئيس الحكومة الكويتية المؤقتة من 2 إلى 8 آب اغسطس 1990 B3337910
الطـــائرة : مذكرات علاء حسين علي رئيس الحكومة الكويتية المؤقتة من 2 إلى 8 آب اغسطس 1990 Dab55510
المروحية : مذكرات علاء حسين علي رئيس الحكومة الكويتية المؤقتة من 2 إلى 8 آب اغسطس 1990 B97d5910

مذكرات علاء حسين علي رئيس الحكومة الكويتية المؤقتة من 2 إلى 8 آب اغسطس 1990 1210

مذكرات علاء حسين علي رئيس الحكومة الكويتية المؤقتة من 2 إلى 8 آب اغسطس 1990 Best11


مذكرات علاء حسين علي رئيس الحكومة الكويتية المؤقتة من 2 إلى 8 آب اغسطس 1990 Empty

مُساهمةموضوع: رد: مذكرات علاء حسين علي رئيس الحكومة الكويتية المؤقتة من 2 إلى 8 آب اغسطس 1990   مذكرات علاء حسين علي رئيس الحكومة الكويتية المؤقتة من 2 إلى 8 آب اغسطس 1990 Icon_m10السبت 30 مارس 2024 - 22:30

الحلقة الثانية: قصة الشمري الذكي

+

⭕ما الشيء الذي راود أفكارك يا علاء، وأنت ترى مدينة الزبير؟

العقيد علاء حسين علي: كنا في الأوقات السابقة، نأتي إلى هذه المدينة كرجال كرام اليد والنفس، أما اليوم فنحن أسرى، نحن مقيدون.. فيا الغرابة، ويا للعجب.
وصلت السيارة إلى أحد معسكرات الجيش في الزبير، وبدأ نشاط واسع في هذا المعسكر، بعد نزول جميع الأسرى من السيارات، لكن هذا النشاط لم يكن أعمى، بل له عينان.
العين الأولى: نظرت للأسرى نظرة عطف واستعطاف، فقالت لهم أنتم ضيوفنا لفترة وجيزة، والعين الثانية، فصلت الضباط الكويتيين الأسرى عن الجنود الكويتيين الأسرى، ثم صدر الأمر من قائد المعسكر: أيها الضباط الأسرى.. اذهبوا إلى هذا المهجع، وأنتم أيها الجنود الأسرى، اذهبوا إلى ذلك المهجع.
في دقائق معدودة.. كانت الأجساد المتعبة من ضيم الأسر قد ألقت نفسها على الأفرشة المتسخة التي كان للغبار يعلوها، أما درجة الحرارة فكانت لا تطاق.
كانت حالتنا النفسية والصحية متردية، وكانت ليلة صعبة للغاية.
في الصباح، نقلونا إلى مهجع آخر، ثم جاء أحد الضباط العراقيين برتبة مقدم، وهو تكريتي ابرص الوجه، وقال لنا أنتم ضيوف.
ناقشه بعض الضباط الكويتيين الأسرى بأن الحالة التي نحن فيها لا تؤيد قوله بشأن الضيافة، بل هي شكل من أشكال العسف الناتج عن احتلال الكويت.

⭕هل كان في تصورك أي فكرة يعدونها لترتيب مستقبل وضعكم كأسرى؟ هل جاء في ذهنكم أنهم يريدون استغلالكم من اجل تحقيق سياسة معينة؟

العقيد علاء حسين علي: لم يكن بإمكاني تصديق أية فكرة كانت تخطر ببالي.
الشيء الوحيد الذي فكرت فيه هو إيماني بالله العلي القدير طوال الوقت، ومنذ اللحظة الأولى لوقوعي أسيرا لم أترك لحظة دعاء وصلاة.
كنت أتفاءل في كثير من الأحيان أننا سنرجع سريعا إلى الكويت، وأنه سيستحيل أن يستمر هذا الأمر طويلا.. فقد كانوا ينقلوننا من مكان إلى آخر، ولم نستقر في مكان واحد، وكان هذا الشيء الذي يشعرني بنوع من الاطمئنان بأننا سنرجع إلى الكويت قريبا، وإلا لماذا هذه التنقلات العديدة والسريعة في ذلك الوقت؟
كان يشغلني كثيرا التفكير في بلدي الكويت، وشعرت بأن غيابا عن الوطن لمدة 24 ساعة، كأنما كان دهرا طويلا، حيث كنت أتساءل مع نفسي ماذا سيحل بعائلتي؟ ماذا حل بالجيش الكويتي؟ ماذا حل بالحكومة الكويتية؟ ما هو موقف الحكومات العربية والشعوب العربية؟ ما هو موقف الأمم المتحدة؟
كانت الأسئلة كثيرة تمر بالذهن دون الحصول على الجواب، لا راديو يسعفنا بالجواب ولا جنود.
بقينا في معسكر الزبير إلى اليوم التالي، وهو الثالث من اب (أغسطس) 1990، وفي اليوم نفسه تم نقلنا إلى مكان آخر، إلى منطقة الشعيبة، وقد قضينا الليلة كله في منطقة الشعيبة في داخل الباصات، ولا بد أن أذكر أنه في مدينة الزبير كان معنا في الأسر الشيخ أحمد الخالد الصباح، وقد شاهدته أول مرة عندما نزلنا من الباصات في الزبير.
اديت له التحية العسكرية مع كلمة سيدي، وكان موقفا صعبا عليه وعلى الأسرة الكويتيين جميعا أن نرى الشيخ أحمد أسيرا بما أحمله ونحمله جميعا من احترام كبير له، فلقد كان مسؤول الكلية العسكرية الكويتية، التي تدربت فيها، وكان يشرف على تدريبنا في فترة الخدمة العسكرية بشكل مباشر. كان مثالا يقتدى به في العسكرية الكويتية، وقد ساءني جدا أن أراه في مهاجع الأسرى في تلك المعسكرات القسرية.
لم يكن من بين الجميع من الأسرى والآخرين من يعرف شيئا مما يجري، أو مما يعد له، حتى الضباط العراقيون الصغار كانوا يصدرون أوامرهم إلى الأسرى أو إنهم ينفذون أوامر الأعلى منهم، لكنهم يجهلون أي شيء عما هو معد للأسرى، فقد كانوا ينقلونهم من مكان إلى مكان آخر لمجرد ورود أمرا من الجهة العسكرية العليا.
كل نشاط وكل حيوية يقوم بها الجنود أو الضباط، المسؤولون عن الأسرة كانت تدفع بهم إلى مزيد من الغموض بشأن النتيجة، والمصير.
ظل الوضع لأكثر من 24 ساعة يميل إلى المصير المجهول، وبدا واضحا أن يقين الأسرى الواضح عيانًا في وجوههم، وكان صوابا، أنهم في داخلهم يخشون الموت كحالة وحيدة، يمكن أن تواجههم قريبا.
لقد شاهدوا بأم اعينهم السيارات المتجهة من الأراضي العراقية إلى الكويت، وكانت جميعها عسكرية من مختلف الأنواع، وهذا يعني تعزيز قواتهم هناك، كان الأسرى يفهمون من الإشارات ومن كلام الجنود العراقيين وتعليقاتهم التلقائية أن الحرس الجمهوري قد سيطر على كل شيء داخل الكويت وفي جميع محيطات الحدود الكويتية.
كان الشيء الذي يؤلمهم في تلك اللحظات هو تعرضهم أحيانا للسب والشتم أثناء صعودهم أو نزولهم من الباصات.. يصدر السب من واحد أو إثنين من العراقيين، لكن الأكثرية كانوا أنفسهم يتألمون.
كان هناك ضابط أحمر الوجه، أكثرهم حبا للشتيمة، شتم الكويت وحكومتها، وشتم العراق وحكومته، وكانت تخرج من أفواه بعض الجنود بين الحين والاخر، كلمات أسف واعتذار.
وحين تحركت الباصات الكبيرة من الزبير متجهة إلى الشعيبة، شكا العديد من الأسرى من آلام المعدة والرأس، وفي منتصف الطريق طلب أحد الأسرى السماح له بالتبول خارج الباص، فمنعه الضابط الجالس في المقعد الأمامي الذي قال بصوت مسموع وهو في مقعده بجانب السائق: ستموت قريبا، فبول على نفسك أحسن.. ستموتون جميعا خذوا بولكم معكم.
كان هذا الضابط يتصرف مع الأسرى كالرعاة، يهددهم بأشياء مختلفة.
في كل لحظة.. كانت الباصات تسير كقافلة واحدة بعد اخرى ومعها سيارات الحراسة، وبعد حين توقفت السيارات، وفي مكان مختلف عن السابق متميز بالعناية الفائقة في مبانيه وممرات وممراته، وكانت تقف أمامه وحواليه سيارات قيادية من النوع الممتاز وحديثة الموديل أكثرها مارسيدس جديدة تذهب أو تجيء، يسبقها أو يتبعها حراس.
نزل من واحدة منها أحدهم، بعد أن فتح له أحد الضباط باب السيارة الخلفية، وقد التفت ناحية الشمال، بينما انشغل الجميع من الحاضرين جنودا وضباط بتحيته تحية عسكرية منظمة، كلهم الجنود والضباط العراقيون، وأغلب الأسرى الكويتيين كانوا يعرفون عن حسين كامل وعن شهرته العسكرية وطبعا، عن قساوته أيضا، وكلهم شعروا أن هذا الإنسان سيحاكمهم في تلك اللحظة، وقد وحدتهم نظرة واحدة، وفكرة واحدة، فقد تفوق الموت على أي شيء آخر، ونما في عيون الجميع، بريق الصحو الذي يتولد قبل لحظات الموت، وضاقت النفس في صدر كل أسير، حتى في صدر الحراس.

⭕هل تحدثنا أيها الملازم على عن تلك الساعات؟

العقيد علاء حسين علي: في منطقة الشعيبة كان يوم الرابع من اب (أغسطس) 1990 صباحا، نزلنا من الباصات، وقام الضباط العراقيون بتسجيل أسمائنا جميعا، وقدموا لنا وجبة الطعام.
شاهدت بعض الأصدقاء في هذا المكان، كان منهم صديق أعرفه منذ الصغر من أيام الطفولة، عندما كنا نسكن في منطقة القبلة بالكويت مقابل مدرسة الزهراء، اسمه أنور، وفي ذلك الوقت كان ضابطا في قوات المغاوير بالجيش الكويتي، وهي قوات خاصة، لاحظت دماء كثيرة على ملابسه وخاصة على كتفه.
تحدثنا كثيرا، سألته ماذا جرى له؟ فروى لي ما حدث في معسكر المغاوير، حيث حاصرهم الحرس الجمهوري، وبدأ يكلمهم بمكبرات الصوت مما كان يعني أن الموقع قد سقط، وانتهى وقال إنه نقل بعض الجرحى، لأن المعسكر قاوم الاحتلال في البداية، إلا أن كثافة القوات التي حاصرت المعسكر جعلتهم في موقف صعب، حيث لا فائدة من المقاومة، لأن المعسكر محاصر تماما من كل الجهات.
ثم شاهدت صديق آخر، وكان من جيراننا في منطقة العمرية التي أسكن فيها وأعرفه منذ أيام الطفولة، اسمه فؤاد، وهو ضابط في قاعدة علي السالم في الكويت، ولا أذكر القصة التي رواها لي عن كيفية اسره، فقد نسيتها تماما.
بعد ذلك بدأنا نلاحظ حركة غريبة بين الضباط العراقيين، حيث لم يعرف أحد معنى وتفسير تلك الإشارات وشاهدنا أيضا وجود عدد من السيارات المرسيدس الفاخرة بيضاء وصفراء اللون، فعرفت وقتها أن في هذا المعسكر قيادات كبيرة للحرس الجمهوري.
بعد ذلك بدأت الأمور على غير منوال حيث تم أخذ مجموعات من الأسرى محددين بالأسماء إلى مكان آخر، ولا يرجعون هم إلى المكان نفسه.. كان هذا الأمر في بدايته غريبا جدا، ولم نعرف له معنى أو تفسير، وقد كنا نتساءل فيما بيننا، لكننا لم نتوصل إلى جواب عما يحدث.
بعد ذلك، تم أخذي مع مجموعة من الضباط الكويتيين الأسرى، وبدأت الأمور تتضح لنا تدريجيا حيث تم إبقائنا في باص في حالة انتظار، فشاهدنا بعضا من إخواننا الضباط يخرجون من مكان معين، ومعهم جنود عراقيون، لا نعرف إلى أين يأخذونهم، وفجأة جاءنا الضابط الكويتي العقيد يوسف العبيد، وكنت قد شاهدته أول مرة في دوار العظام، وقال لنا انتبهوا ولا تسمعوا كلامهم.
كان يريد قول شيء بعد ذلك، ولم يستطع، فلقد التفت إلى الوراء، حيث الجنود العراقيون، فقطع كلامه ونزل من الباص.. كان يريد تنبيهنا إلى شيء ما خطير لكنه لم يقل هذا الشيء واكتفى بتحذيرنا من سماع كلام العراقيين.
بعد ذلك جاء دورنا نحن الضباط الأسرى في الباص، وقد اقتادني ضابط برتبة عميد قصير وسمين فض الكلام، جرني من كتفي إلى قرب المكتب الذي يجري فيه التحقيق، كما كان يبدو، وقال لي أن أقف بشكل جيد كعسكري وأوقفني بنفسه داخل المكتب، وقد كنت بحالة يرثى لها.
كان الجالس على المكتب شخص ذو رتبة كبيرة، ولم أعرف وقتها إنه كان وزير الدفاع العراقي حسين كامل، وكان معه قيادات الجيش والحرس الجمهوري، وحسب الوجوه التي ترسخت في ذهني آنذاك، أياد فتيح الراوي قائد الحرس الجمهوري، وصابر الدوري رئيس المخابرات، وأبو الحكم قائد القوة الجوية، وقد عرفت أسمائهم ووظيفتهم فيما بعد عند بقائي في العراق.
ورغم ذلك، كانت المقابلة سريعة، ولم تتعدى دقائق، وكان حسين كامل ينظر لي بتمعن، وقال الكويت انتهت، وسنعمل لكم حكومة بهذه الصورة.
كان حديثه، كان هذا الكلام غريبا علي، ومفاجئا، ولم أتوقع مثل هذا الكلام، وحاولت الاستفسار منه عن معنى ما يقول، فرد علي بطريقة غير لائقة "لا تعمل نفسك غشيم"، أي لا تتظاهر بعدم الفهم، ثم أمر الضابط بأخذي إلى الخارج وتم وضعي تحت شجرة في الخلاء.
كان الوقت ظهرا، والشمس حارة خارج المكتب، وكان هناك بعض الضباط الكويتيين منفصلون يجلسون تحت الأشجار، وكان منهم الضباط الذين كانوا في الحكومة المؤقتة، وبعد وقت قصير تم استدعاء مرة ثانية، وفي هذه المرة كان الشخص يختلف في هذه المقابلة، المسؤول هو عبد حمود، ولم أكن اعرفه في حينه، وقد كان هو سكرتير صدام حسين، وهنا اختلفت المواضيع واختلف الموقف، فلم يكن عبد حمود يجلس على المكتب، بل كان يسأل وهو يمشي في الوقت نفسه ويقف خلف ظهري، ولم أكن أستطيع الاستدارة إليه وهو يتحدث ويقول إننا سنكون حكومة داخل الكويت.
وعندما حاولت الاستفسار منه، وقلت له أنني مدني أصلا، اقترب مني بسرعة وتحدث معي بهدوء، وبدأ التهديد بالقتل بعبارات حادة وهادئة، وبأنه ليس علينا إلا القبول، وكان واضحا أنه لا معنى لرأينا حسب الطريقة كلامه، لأنه لم يكن يسمح لي بالكلام آنذاك.
رغم استيعابي البسيط لما يقول بسبب حالة الخوف والتعب والإرهاب الشديد، إلا أن إلا أنني كنت مذهولا وقتها، وصدمة الاحتلال تشل كل تفكيري، وجو الإرهاب الذي فرضوه علينا.
لقد أمر عبد الحمود، سكرتير صدام حسين، الضابط بأخذي إلى الخارج، وكانت الحالة أشبه بالتمثيلية، وبشكل سريع عند خروجي من المكتب كان عبد الحمود يتحدث بالهاتف مع بغداد بصوت عال جدا، وكان بعض الأسرى الكويتيين خلف باب المكتب، وإني على يقين إن من كان هناك قد سمع هذه المحادثة، كان يكلم بغداد بأن سجلوا عندكم الحكومة الكويتية، رئيس الوزراء هو علاء حسين علي.
في تلك اللحظة كانت صدمة قاسية علي، وقفت في مكاني جامدا، أريد الالتفات إليه، فبادرني الضابط بالضرب من الخلف، وأخذني إلى الخارج مرة ثانية تحت الأشجار، ونبه علي بشتى بعدم التمرد وألا أتحرك أي حركة، وكان هذا الحال نفسه الذي جرى مع أخوتي الكويتيين الأسرى، الذين تم تعيينهم كوزراء بهذا الشكل.
انتهى الأمر، ولم نشاهد بعد ذلك إلا جنودا وضباطا، مهمتهم فقط حراستنا من مكان إلى آخر، لا نستطيع مناقشتهم أو الاعتراض على شيء.

⭕لا شك أن رؤية حسين كامل أثارت لديك العديد من الأفكار، فما هي؟ هل تكشف لنا عن مفارقات ما نهض بداخلك في تلك اللحظة؟ هل إن ما اكتشفته كان مطابقا لفكرة سابقة متولدة عندك عن هذا الرجل؟

العقيد علاء حسين علي: لم تكن لدي معرفة من هو حسين كامل حين قابلته أول مرة في الشعيبة، لكن لدي معرفة بطبيعة النظام العراقي وسياسته الدكتاتورية وقسوته في حكم العراق، وتسلطه على الشعب العراقي، وخاصة عندما كنت أدرس في العراق في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات، وقد عاصرت الحرب العراقية الإيرانية، وكل من يعرفني في الكويت آنذاك، على مدى حياتي الدراسية، وما بعد ذلك، خلال الحياة العملية، يعرفون ويدركون موقفي تجاه النظام العراقي وسياسته الخاطئة.
أما حسين كامل فما هو إلا تحصيل حاصل هذا النظام المتسلط اعتبر موقفي من هذا النظام طوال مسيرة حياتي شهادة لي، تبرهن موقفي تجاه هذا النظام المتسلط.
إنني على يقين بأن كل من يعرفني في الكويت سيتذكر هذه المعاني والذكريات والمواقف، لأننا أهل الكويت مسلمون، وكنا نستنكر أفعال وسياسة النظام العراقي تجاه شعبه أو الدول المجاورة، كما أنني أيضا لم أكن مؤيدا للسياسة، إيران العدائية في بداية الثورة الخمينية وخاصة تجاه الخليج ودول الخليج العربية والتي هي الآن أفضل بكثير مما سبق أن صوره النظام العراقي الذي بقي على منوال التعسف وعدم احترام حقوق الآخرين.
إن هذه ليست معلومة جديدة أضيفها إلى خزينة القارئ ومعرفته، وبالأخص إلى الناس الذين يعرفونني في الكويت، بل هي شهادة لي أعتز بها كموقف معارض تجاه الظلم والتعسف، إلا أن القدر هو الذي بدل حالة دفاع عن وطني الكويت، إلى رقم محسوب على النظام العراقي الدكتاتوري.

⭕هل شاهدت في الشعيبة أسرى كويتيين مدنيين؟ وكم كان عددهم تقريبا؟

العقيد علاء حسين علي: لقد شاهدت عددا محدودا من المدنيين، وأذكر هنا أحد الضباط الكويتيين الاسرى، وهو يسألني هل انت ضابط مجند؟ فقلت له نعم، وكان يقف إلى جانب بعض المدنيين الذين يرتدون الدشاديش.

⭕أود أن أسألك عن المكان الذي كان الأسرة يخشونه، وأعني مكتب القيادة في الشعيبة، هل كان يتميز بالمظهر والقوة والبأس؟ ما شكل الإحساس عند دخولكم إلى مقر قيادة حسين كامل؟

العقيد علاء حسين علي: لا أتذكر الأحاسيس في ذلك الوقت غير التعب والإرهاق الشديد، وجو الإرهاب والحزن على بلدي، ورحيلي عن أهلي.
كنت ألاحظ شخصًا غريب الأطوار في مكتب القيادة الذي تم التحقيق معي فيه، وقد عرفت فيما بعد أنه كان يدعى عباس الوحش، وهو قاتل مشهور في العراق، وقام بأعمال عدوانية كثيرة، وبالتعدي على حقوق الآخرين وهو من تابعي النظام القمعي المنزوعين من الضمير.
كان يتابع الأسرى داخل المكتب، وكانت نظراته الغريبة وبشكل غير طبيعي لذا رسخ هذا الموقف في تغني لغرابته ولخروجه عن الطبيعية البشرية العادية.
كان ما هو ملفت للنظر أن الوقت الذي يقضيه الأسير في غرفة القيادة لا يزيد على دقائق معدودات، وذلك من خلال مشاهدتنا لمجموعات من الأسرى التي تذهب للتحقيق وترجع بعد وقت قصير.

⭕أعد الآن نظرك في تلك اللحظات التي وقفت فيها أمام حسين كامل.. ماذا كان موجودا بينكما؟ هل هو سوء الحظ؟ كما تعتقد أنت؟ أم هو القسر الذي لا يعتقد به حسين كامل؟ ما الذي جعل الفهم صعبا في موقفك؟ ما الذي جعل الفهم سهلا في موقفه؟ ما الذي جعله يختارك من بين جميع الأسرى كعلاقة متداخلة مع كثير من موجودات الغرفة الأخرى.

العقيد علاء حسين علي: أنا على يقين بأنه تم فرض هذا الشيء عليه لسوء حظي وقدري الذي كتب علي.
لقد كان اللقاء سريعا في الكلام والعصبية التي تعبر عن القسر والتهديد والإرهاب، أما صمتي فلا صلة له بذلك، فمنذ أسرنا فنحن لا نملك إلا الصمت، ولا نستطيع التعبير عما في داخلنا، أما هذه المهزلة المسماة (الحكومة المؤقتة)، فمؤكد أنها تعبير عن مأزق الحكومة العراقية، وهذا الطريق المنحرف الذي سلكته أمام الرأي العام العربي والعالمي لتسوية لتسويق هذه الحجج لتبرير غزو الكويت باعتباره تصديًا لمؤامرة أمريكية، ثم بعد ذلك يعلن أنها انتفاضة، وقمنا بمساعدتها، وقبل ذلك، أعلنوا أنها حرب اقتصادية.
لقد كانت هذه الطريقة التي صنعوا بها الحكومة المؤقتة بالاحتيال والتهديد والإرهاب على أرضهم، وليس على أرض الكويت، وفي معسكر الشعيبة، وليس في أي معسكر كويتي.
لقد كانوا يبحثون عن أسماء كويتية لأناس بسطاء توضع على ورق يذاع في الراديو والتلفزيون، حتى يصدقها بنظرهم مواطنو دول العالم كله، فهم يبحثون عن مضامين غير أخلاقية وعن رغبات تدخل في خططهم، وعن مواقف لا تستطيع رفض أساليبها، لقد كانوا يواجهون خطرا أكبر مما نواجهه نحن الأسرى الكويتيين، لقد كانوا يواجهون آ مهمة استخراج الضمير من الموضوع كله، ولو فشلوا في ذلك فسوف يتحول عندهم كل شيء إلى مسرح جريمة، كان يبدو في صوتهم، وفي شرر عيونهم.
كنت أعرف سابقا أن الإنسان مجموعة من الصفات، لكنني اكتشفت ذلك اليوم بواقع المنعكس في صفة واحدة هي الإرهاب، تلك كانت صفة الوضع، الخوف وحده في جهتنا نحن الأسرى، ولديهم القادة، تم فرض عنوان بالتهديد والإرهاب اسمه الحكومة الكويتية المؤقتة، حيث بدأت بذلك أول فصول المسرحية الهزلية.
ولا أنسى مشهدا متميزا في هذه المسرحية، كان مشهدا رائعا وذكيا، جسد عبقرية تمثيلية، وشجاعة فذة، قام بأداء المشهد، ضابط كويتي اسمه علي حسين الشمري، فقد تم اختياره ضمن الحكومة المؤقتة، لكن سرعان ما أعلن عن إصابته نوبة قلبية، فأوقع نفسه على الأرض في حركة تمثيلية، أقنعت المشاهدين من الضباط الكبار وأعضاء القيادة العسكرية العراقية أن هذا الشخص لا يصلح لعضوية الوزارة بحكم ظروف المرض، وفقد أهميته بنظرهم، وقد علمت فيما بعد أن الأخ علي حسين الشمري قد نجا من الأسر وعاد إلى الكويت.
هكذا ولدت حكومة كويتية مؤقتة لتواجه أهم واعنف الأحداث المأساوية في التاريخ العربي المعاصر.
خلال ساعات معدودة، تجسدت كالصاعقة في رؤوس تسعة أسرى كويتيين، وانضمت في الوقت ذاته بخاصية محدودة في أسلوب حسين كامل في ذلك اليوم، وهي خاصية السرعة في الحديث مع هؤلاء الشباب غير المجربين، والسرعة بالتالي في فرض اليقين عليهم، والسرعة في تصديق نفسه، والسرعة في انتظار صمت أعضاء الحكومة.
لم تكن الساعات القليلة التي مرت منذ فجر الثاني من اب أغسطس، وقت اعتياديا بالنسبة لحسين كامل وجماعته الحاضرين معه في تلك الغرفة.
وكانت الحكومة العراقية امام موقف محرج جدًا لا تحسد عليه امام العالم كله. كانت الحجة الأولى التي أعلنتها لتبرير غزو الكويت سلسلة مختلقة، وساذجة، ومرتبكة، وغير مترابطة من الذرائع.
في البداية، كانت الذريعة الرئيسية هي التصدي لمؤامرة أمريكية ترتب ضدهم من أراضي ودوائر وأجهزة دولة الكويت، وفي ظهيرة الثاني من أغسطس كانت الذريعة هي مساعدة عناصر ثورية قادت انقلابا على نظام الحكم، وعلى آل الصباح وطلبت معونة العراق ولإعلان الحكومة الكويتية المؤقتة.
وحسب معلومات صحفية خاصة في وقت لاحق، قيل أن صاحب مقترح وفكرة الحكومة الكويتية المؤقتة هو طارق عزيز نائب رئيس الوزراء العراقي، وقيل أنه عرض الفكرة على الرئيس صدام بعد ساعات الغزو الأولى، فوافقه عليها، ثم كلف القيادة الميدانية العراقية في معسكرات الحدود القريبة مع الكويت لتنفيذ الفكرة وتشكيل الحكومة المؤقتة، ولكن بعد يوم واحد فقط، وربما أقل، ثبت فشل هذه الفكرة فشلا ذريعا، وظهرت فكرة الوحدة الاندماجية من قبل نائب رئيس الجمهورية طه ياسين رمضان، التي عرضها على الرئيس صدام أيضا، بصيغتها الساذجة عن عودة الفرع في الكويت إلى الأصل، أي العراق.

يتبع


مذكرات علاء حسين علي رئيس الحكومة الكويتية المؤقتة من 2 إلى 8 آب اغسطس 1990 GJ8dNG6bkAA8Na3?format=jpg&name=900x900

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

مذكرات علاء حسين علي رئيس الحكومة الكويتية المؤقتة من 2 إلى 8 آب اغسطس 1990

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» مذكرات زيد بن شاكر: الملك حسين لصدام: العالم كله ضدك وسيخرجك من الكويت
» روايه كويتيه عن الغزو العراقي للكويت في 2 اغسطس 1990
» معركه إحتلال الكويت 2 اغسطس 1990- بقلم الفريق الركن رعد الحمداني
» معركه إحتلال الكويت 2 اغسطس 1990- بقلم الفريق الركن رعد الحمداني
» محضر الاتصال الهاتفي بين الرئيس جورج بوش والرئيس السوري حافظ الأسد بعد قمة القاهرة الطارئة في 10 آب اغسطس 1990

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الأقســـام العسكريـــة :: التاريخ العسكري - Military History :: الشرق الأوسط :: حرب الخليج الثانية-
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي ادارة الموقع ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر

Powered by Arab Army. Copyright © 2019