ج. المبادأة: يؤدي الخداع إلى إخفاء الحقيقة عن الخصم، وإظهار أكثر من بديل محتمل قد يضطره إلى بذل وقت أطول، وجهد كبير في البحث عن الحقيقة، مما يؤخر اتخاذ القرارات المناسبة، وهذا يتيح دائماً للمخادع انتزاع المبادأة من العدو وفرض إرادته عليه.
(1) ويعني الاقتصاد في حجم القوات المنفذة لإجراءات الخداع.
(2) الاقتصاد في تسريب المعلومات الحقيقية، ضمن باقي المعلومات المزَّيفة؛ لإمكان تكوين صورة واقعية للعدو؛ لتحقيق أهداف خطة الخداع.
(3) مراعاة ألا تكون تكاليف خطة الخداع باهظة، مما يزيد من أعباء ميزانية الدولة.
يهدف الخداع، خاصة في أثناء الصراع المسلح، إلى تضليل العدو عن خطة وإجراءات إعداد الدولة للحرب، مع إخفاء فكرة أعمال وطبيعة إدارة الصراع المسلح واستخدام القوات، وكذا إجراءات التنسيق مع الدول الصديقة والحليفة، وذلك من خلال التركيز على:
أ. وضع أجهزة جمع وتحليل المعلومات المعادية والمتعاونة معها، في حالة تصديق للأخبار والمعلومات المزَّيفة والاقتناع بها.
ب. القياس المستمر لردود أفعال العدو وتحليلها.
ج. ضمان تحقيق أحسن النتائج، من إجراءات تنفيذ خطة الخداع.
1. خداع إستراتيجي عام:
2. خداع عسكري:
1. المستوى الإستراتيجي.
2. المستوى التعبوي.
3. المستوى التكتيكي.
(1) ينظم ويخطط، بواسطة القيادة السياسية والعسكرية.
(أ) إخفاء إعداد الدولة للحرب، وإخفاء نوايا الدولة في إدارة صراع مسلح.
(ب) خداع الخصم عن طبيعة استخدام القوات المسلحة والمنظمات العسكرية وشبه العسكرية في العمليات المقبلة، والاحتفاظ بسرية فكرة بدء العمليات وتوقيتها.
(ج) تعظيم دور القوة العسكرية، في مرحلة استخدام إستراتيجية الردع.
(د) خداع العدو، في مرحلة ما بعد الصراع المسلح، عن أهداف المفاوضات ونوايا الدولة للمرحلة التالية.
(3) تقوم القيادة السياسية، وأجهزة الإعلام، والدبلوماسيون، والدول الصديقة، بالدور الأكبر في تنفيذ الخداع الإستراتيجي العام.
(4) يتم وضع خطة الخداع بإشراك عناصر من الجهات المشتركة، ثم تصدر تعليمات لكل جهة للتنفيذ، مع أهمية التأكيد للمنفذين، بأن هذه الإجراءات عادية وحقيقية، تنفذ لصالح الحرب، وليست ضمن عمليات الخداع.
(5) ينفذ على فترات طويلة تسبق العملية بوقت كاف.
(6) أهمية السيطرة على تنفيذ هذه الإجراءات مع الدقة، والتنسيق، والمراقبة بصفة مستمرة؛ لمنع حدوث أي أخطاء، وذلك نتيجة لتعدد الجهات المنفذة، وعدم علمها بخطة العمليات ومضمونها.
(أ) تغذية وكالات الأنباء ومصادر جمع المعلومات للعدو، بصفة منظمة، بمعلومات غير دقيقة، إلى حد ما، لرسم صورة منطقية ومتكاملة.
(ب) إمداد العدو بمعلومات ناقصة عن بعض الحقائق، التي لا يمكن إخفاؤها.
(ج) استمرار إمداد مخابرات العدو بالمعلومات، من وقت لآخر، لزيادة معتقداته، وفي نطاق إطاره الإدراكي.
(8) وسائل الخداع الإستراتيجي العام (أ) وسائل سياسية: وتشمل رئيس الدولة، والمؤسسات السياسية المختلفة بالدولة.
(ب) وسائل دبلوماسية: رجال السلك الدبلوماسي بالدولة والدول الأخرى، خاصة الدول، التي ترتبط بعلاقات وثيقة بأطرف النزاع.
(ج) وسائل إعلامية: وتشمل وكالات الأنباء، والصحافة، والإذاعة، والتليفزيون، ومكاتب الإعلام، والنشرات الإعلامية والإحصائية، والملحقين، والإعلاميين بالسفارات الأجنبية، ومراسلي الصحف، وممثلي الدول الأجنبية.
ب. الخداع العسكري
ينظم ويخطط وينفذ طبقاً لأهدافه وأبعاده، وينقسم إلى خداع إستراتيجي، وخداع تعبوي، وخداع تكتيكي.
(1) الخداع الإستراتيجي
(أ) ينظم ويخطط ويدار بواسطة القيادة العامة للقوات المسلحة وأجهزتها المختلفة، بالاشتراك مع بعض الوزارات والهيئات، لصالح العملية الإستراتيجية
(ب) يهدف الخداع الإستراتيجي لعملية إستراتيجية إلى إخفاء نية قواتنا لشن عمليات مقبلة، وكذا طبيعة وفكرة وتوقيت بدء العملية، وتضليل الخصم عن اتجاهات الضربات الرئيسة، والضربات المضادة، وحجم القوات وإمكاناتها وأساليب قتالها، وإخفاء الفتح الإستراتيجي والتعبوي ومناطق بناء التجميعات الرئيسة.
(ج) تشمل خطة الخداع الإستراتيجي العسكري:
1. هدف الخداع وفكرته.
2. الإجراءات الرئيسة لتحقيق هدف الخداع وفكرته.
3. مهام الخداع وتنفيذ توقيته، خلال مراحل العملية الإستراتيجية.
4. القوات والوسائل المخصصة لتنفيذ خطة الخداع.
5. مسؤولية السيطرة والإشراف والمتابعة.
6. في جميع الأحوال، يتحتم أن تتشابه الأعمال الخداعية والأعمال الحقيقية، قدر الإمكان؛ لخلق صورة متكاملة وشبه واقعية ومنطقية، يتقبلها العدو، ويحتاج ذلك لقدر كبير من القوات لتقليد التحركات والمناطق الهيكلية، بما فيها من أسلحة ومعدات، دون أي إخلال، يؤدي إلى اكتشاف الخطة الخداعية من جانب العدو.
7. يلزم اتخاذ كل الإجراءات الفعالة المضادة لأعمال التجسس، خاصة في المناطق المحددة لتنفيذ الإجراءات الخداعية.
8. يجب أن يتوافق تخطيط وتنفيذ إجراءات الخداع الإستراتيجي العسكري، مع الخداع الإستراتيجي العام، ويتم ذلك بالتنسيق الدقيق بين كل العناصر المشتركة في التخطيط والتنفيذ.
9. طبقاً لفكرة الخداع الإستراتيجي العسكري والمهام المخصصة، تقوم الأفرع الرئيسة والتشكيلات التعبوية، بإعداد خطة الخداع التعبوي.
(2) الخداع التعبوي (أ) ينظم ويخطط وينفذ تحت إشراف قادة الأفرع الرئيسة والتشكيلات التعبوية وسيطرتها، طبقاً لدورها المحدد من القيادة العامة للقوات المسلحة، في إطار خطة الخداع الإستراتيجي العسكري.
(ب) تلعب التشكيلات التعبوية دوراً رئيساً في تنفيذ الجزء الأكبر من إجراءات الخداع التعبوي، بالاشتراك في تنفيذ أعمال هندسية رئيسة، أو إعادة تجمعات خادعة، وتقليد مناطق تجمع خداعية، وبناء تجميعات هيكلية في اتجاهات كاذبة.
(ج) يهدف الخداع التعبوي إلى:
1. الحفاظ على سرية التحضير للعملية، خاصة الهجومية، من حيث فكرة العملية وأسلوب إدارتها.
2. خداع عناصر استطلاع العدو، عن مناطق التمركز الحقيقية للتجميعات الضاربة للجيش، وتأمينها من ضربات العدو الجوية.
3. إيهام العدو بخطة وهمية، بتقليد تجميعات القوات في مناطق هيكلية، والتوسع في إنشاء الأهداف الخداعية.
4. إخفاء توقيت بدء العملية الإستراتيجية / التعبوية.
5. إخفاء نظام القيادة والسيطرة على القوات.
6. الاحتفاظ بسرية اقتحام الموانع المائية.
7. الاحتفاظ بسرية تحضير عمل جماعات الإبرار الجوي / البحري واتجاهاتها.
8. إخفاء تجمع الأنساق الثانية والاحتياطات، واتجاهات عملها، وخطوط دفعها للاشتباك.
(3) الخداع التكتيكي
(أ) يُعد الخداع التكتيكي من مسؤولية جميع المستويات، من مستوى الفرد حتى مستوى التشكيل.
(ب) الاحتياجات اللازمة لتنفيذ هذا النوع من الخداع غالباً ما تكون متوافرة ضمن مرتبات الوحدات والتشكيلات.
(ج) يتم تنفيذه عادة، باستخدام وسائل الإخفاء والتمويه الخاصة بالأفراد، والأسلحة، والمعدات، ووسائل خاصة بنشاط القوات.
ثانياً: الأسس والعوامل المؤثرة على تنظيم وتخطيط الخداع الإستراتيجي والتعبوي
1. أسس التخطيط للخداع على المستوى الإستراتيجي
أ. أسس عامة
(1) السرية الكاملة في التخطيط للخداع الإستراتيجي، بالتخطيط المركزي على مستوى مجلس الدفاع الوطني، في إطار التنسيق الإستراتيجي، مع باقي أجهزة الدولة، والتنسيق المتتالي مع الجهات المختلفة، طبقاً لاحتياجاتهم، مع تخصيص المهام لكل جهة على حدة، طبقاً للمرحلة وتوقيت اشتراكها فيها.
(2) تغطي خطة الخداع الإستراتيجي فترة زمنية محددة مع مراعاة إعادة تقييمها وتطويرها طبقاً للموقف.
(3) توضع، في الاعتبار، الطبيعة البشرية الخاصة بعدم المحافظة على السرية، والاستفادة من خاصية سرعة انتشار المعلومات، واستغلال دور وسائل الإعلام، خاصة صحف المعارضة، لما لها من مصداقية لدى الجماهير، في تسريب ما يلزم من معلومات لخدمة خطة الخداع.
(4) استغلال وجود علاقات دبلوماسية/ اقتصادية... مع دول الجوار، في تضليل الجانب الآخر، وخداعه عن أهدافنا الحقيقية.
(5) أن تتناسب قيمة النتائج المتوقعة من تنفيذ إجراءات الخداع، مع تكاليف تنفيذها، مع عدم المغالاة والإسراف في استخدام الإمكانات المتاحة، حتى لا يؤدي ذلك لنتائج عكسية.
ب. أسس سياسية
(1) عدم تورط الدولة في صراع مسلح، في أكثر من اتجاه إستراتيجي، مع استغلال الاتجاه الإستراتيجي الآخر، في الاشتراك في إحداث أزمة خداعية.
(2) استغلال الأزمات والمشكلات العالمية/ الإقليمية، أو إحداث المشكلات الإقليمية؛ لتحقيق الهدف من الخداع أو تقليل الوقت اللازم لتنفيذه، طبقاً لظروف الموقف الإستراتيجي القائم.
(3) يحاط تنفيذ خطة الخداع الإستراتيجي بالعديد من القيود، وأهمها:
(أ) الروابط القومية (إسلامية/ عربية).
(ب) الروابط الاجتماعية بين السكان المحليين، على جانبي الحدود بين دول الجوار، وتأثيره على تنفيذ الخداع.
(4) مساندة الدول الكبرى للدولة ودول الجوار، طبقاً للموقف.
(5) يتم التخطيط على أساس وجود دول حليفة/ صديقة/ محايدة، مع ضرورة تحديد مهام عامة لها، تتبلور طبقاً للموقف في صورة معلومات، لدفع هذه الدول إلى اتخاذ إجراءات لصالح خطة الخداع الإستراتيجي، دون تصريح مباشر أو كشف النوايا.
ج. أسس عسكرية
(1) تبنى خطة الخداع الإستراتيجي للقوات المسلحة، على أساس ثابت، هو أن الدولة لا تسعى لبدء الحرب، ولكنها لا تتنازل مطلقاً عن المبادأة، طبقاً لأسس إعداد خطة العمليات، مع اتصافها بالمرونة والقابلية للتطوير.
(2) يتم تغيير ميزان التفوق العسكري لصالح قواتنا، باشتراك القوات المسلحة لبعض دول الجوار العربية والدول الحليفة، ويقتصر دور باقي الدول العربية على بعض أعمال الخداع الإستراتيجي والمعاونة المحدودة، على أن تكرر بصفة دورية.
(3) يخطط الخداع الإستراتيجي لتنفيذ الإجراءات تدريجياً، على أن تكرر بصفة دورية؛ لتعويد الجانب الآخر عليها، وتصعيدها في التوقيت المناسب لدفعه إلى اتخاذ إجراءات عسكرية، تضعه في موقف موات، وتتحكم في رد فعله لغير مصلحته.
(4) يوضع في الاعتبار، طبيعة مسرح العمليات، وما يفرضه من صعوبات في خداع الجانب الآخر وإخفاء خطط العمليات المقبلة واتجاهاتها وأهدافها.
(5) يوضع، في الاعتبار، قدرة الجانب الآخر على تحليل الفعل ورد الفعل ودراستهما؛ والخروج باستنتاجات صحيحة عن نوايانا المقبلة، وهذا يتطلب عمق التحليل والتخطيط الدقيق، قبل البدء في تنفيذ إجراءات الخداع، والبعد عن التكرار والنمطية والتعقيد.
(6) تراعى واقعية إجراءات الخداع وتشابهها، قدر الإمكان، مع الأعمال الحقيقية، والمهارة في استخدام الأسلحة والمعدات ووسائل الخداع الإلكترونية الحديثة، بما يحقق تكوين صورة منطقية متكاملة قادرة علىإقناع الجانب الآخر.
2. العوامل المؤثرة على تنظيم وتخطيط وتنفيذ الخداع الإستراتيجي
أ. إمكانات وقدرات وسائل الاستطلاع المعادية
(1) إن التطور الكبير، الذي حدث في وسائل الاستطلاع، خاصة في مجال الفضاء، باستغلال الأقمار الصناعية، وكذلك معدات التصوير وأجهزته ذات التكنولوجيا المتقدمة، يؤثر بشكل كبير على أعمال الخداع، حيث يمكنها من اكتشاف الأوضاع الحقيقية للقوات؛ لذا فإنه من الضروري أن تكون أعمال الخداع على نفس القدرة من التطور، بحيث لا يتمكن الخصم من معرفة وتمييز ما هو غير حقيقي.
(2) دور ومهام الاستطلاع الإلكتروني للعدو في جمع المعلومات:
(أ) اكتشاف الترددات اللاسلكية والرادارية لقواتنا وتحديدها.
(ب) اكتشاف مناطق الحشد وتحديدها، وبناء التجمعات، ورصد نشاط قواتنا وتحركاتها، عن طريق التنصت على وسائل المواصلات المختلفة.
(ج) كشف وتحديد خواص نظام العمل لوسائل دفاعنا الجوي وتحديدها.
(د) تحديد الخواص والمواصفات الفنية والتكتيكية الرئيسة لمعدات الحرب الإلكترونية.
(هـ) العمل على كشف نظام وحل الشفرة لقواتنا.
(و) اكتشاف نظام القيادة والسيطرة لقواتنا، وتحديدها والتشويش عليها.
(ز) إمكانية تنفيذ أعمال الإعاقة، ضد الوسائل اللاسلكية والرادارية لقواتنا.
ب. طبيعة معتقدات العدو ومستواه الإدراكي
(1) الإلمام بمكونات شخصية الخصم وطبيعتها، وأسلوب بناء معتقداته، وتعرّف مستواه الإدراكي.
(2) الفرد يميل بطبعه إلى لإدراك ما يتوقع إدراكه، وهذا يعد عملية ذهنية، تساعد في بناء الحقيقة، وهو يتأثر غالباً بالانطباع الأول، الذي يصعب تغييره، مهما تغيرت الظروف، وهذا ما يمكن استغلاله في الخداع، ببناء صورة مشوشة، يتولد عنها انطباع محدد لدى الخصم، تجعل من الصعب تغييره بتغير الظروف.
(3) يختلف المستوى الإدراكي من شعب لآخر، طبقاً للمكونات الشخصية وبصرف النظر عن الخوض في العديد من المؤثرات الأخرى، فعلى مخططي الخداع إعطاء عناية كبيرة لمكونات المعتقدات وطبيعتها والمستوى الإدراكي للخصم، مع التركيز على جهاز مخابراته ليكون هدفاً رئيساً للخداع.
(4) يجب على مخططي الخداع العمل على تضليل الخصم، عن طريق تقوية معتقداته وتثبيتها بما يجعله يتجاهل البدائل الأخرى، وهذا يساعدنا على إخفاء نوايانا الحقيقية، ويعد هذا الأسلوب أسهل بكثير من محاولة إقناعه بتغيير أسلوب تفكيره، ما لم يتطلب موقف العمليات ذلك.
(5) عندما يتطلب موقف العمليات دفع الخصم لتغيير معتقداته، فإن ذلك يتطلب من المخادع إيجاد الدليل القوى والواضح لجذب انتباه القائمين بتحليل المعلومات إلى هذا الدليل، الذي يجب تثبيته بسلسلة من الأعمال والمعلومات، التي تؤكَّد، باستمرار، حتى يتبنى الخصم هذا الاتجاه، مما يتيح أفضل الظروف لنجاح البديل أو البدائل الأخرى الحقيقية، التي ينوى المخادع اتباعها.
(6) من خلال الدراسة المتعمقة لمستوى إدراك الخصم، يستطيع مخططو الخداع اختيار الأساليب الخداعية، التي تتلاءم مع هذا الخصم، خلال المراحل المختلفة للعملية وتحقيق الأهداف المرحلية، مع الوضع في الاعتبار أن يكون الهدف المباشر للخداع هو عناصر استطلاع العدو، وأجهزة مخابراته، وعملاءه؛ والهدف المتوسط يكون موجهاً للقائمين على تحليل المعلومات وتقديرها، على أن يكون الهدف النهائي للخداع همّ صانعي القرار للخصم، وما يتخذونه من ردود أفعال تجاه العملية الخداعية.
ج. ظروف البيئة المحيطة
(1) يعتمد الخداع، بدرجة كبيرة، على استغلال ظروف البيئة بمسرح العمليات، بالاستفادة من الموارد المحلية المتوافرة، وكذا الخصائص الطبيعية، التي يتميز بها مسرح العمليات لخلق المكونات الأساسية لخطة الخداع وبنائها، من مناطق، ومواقع، ومخازن، ومستودعات، ومطارات هيكلية؛ لتبدو للخصم كما لو كانت حقيقية ومنطقية، تتلاءم مع ظروف الموقف والأحداث الجارية.
(2) كلما كانت الأرض الصحراوية مفتوحة، تندر بها الموارد المحلية، وشبه خالية من السكان، أدى ذلك إلى صعوبة تنفيذ الخداع بكفاءة عالية، مما يتطلب من المخادع جهداً كبيراً وموارد ضخمة لتهيئة الظروف المناسبة لتحقيق خداع ناجح.
(3) بينما تساعد الموارد المحلية والظروف البيئية الأخرى، كالرؤية الضعيفة، والعواصف الرملية، والشبورة المائية، وسوء الأحوال الجوية، على تنفيذ خداع ناجح بجهد أقل.
(4) تؤدى الكثافة السكانية العالية، وكثرة عملاء العدو الممكن تزويدهم بمعلومات مزَّيفة، إلى زيادة فرص نجاح الخطة الخداعية.
د. تأثير طبيعة مسرح العمليات
(1) يتأثر الخداع، بدرجة كبيرة، بالطبيعة الجغرافية، بما تتميز به من خصائص ومكونات رئيسة، كالمرتفعات، والجبال، الغرود الرملية، والوديان، والمزارع، والغابات، والمستنقعات، والمسطحات المائية، والحدائق، والطرق الطولية والعرضية.
(2) طبيعة المسرح، التي تتميز بكثرة التضاريس، أو الغابات والمزارع، توفر أفضل الظروف لتحقيق الإخفاء والاستتار، وبالتالي تمكن المخادع من تنفيذ الخداع بالاستفادة من الموارد والإمكانات المتوافرة، كما أن ذلك يعيق عناصر الاستطلاع عن تنفيذ مهامها.
(3) توافر الطرق الطولية والعرضية يساعد على سرعة إجراء أعمال المناورة وتنفيذ التحركات الحقيقية والخداعية، وهذا يتيح للمخادع إحداث أي تغييرات يريدها، فمثلاً يمكنه تحويل المناطق الهيكلية إلى حقيقية أو العكس.
(4) تؤثر طبيعة الأرض على طبيعة أعمال العدو، المنتظرة أيضاً، على بناء الدفاع وإقامة المواقع الرئيسة والتبادلية والهيكلية لمختلف أنواع القوات، وبالتالي على خطة الخداع، التي ترتبط بأعمال التجهيز الهندسي.
(5) إمكانات وقدرات قواتنا على تنفيذ الخداع
(أ) إجراءات سلبية:
1. تعني تلك الإجراءات التي تنفذ؛ لإخفاء وتمويه الأفراد والأسلحة والمعدات، باستغلال الموارد المحلية والصناعية، سواء بالطرق النمطية أو المبتكرة، بهدف إخفاء تجمع وتحرك القوات.
2. كما تشتمل على إجراءات الإخفاء، والالتزام بتعليمات الأمن، للمحافظة على سرية الوثائق وخطط العمليات، وإخفاء النوايا الحقيقية لقواتنا.
3. تقوم جميع القوات بتنفيذ أعمال الإخفاء، سواء للأفراد والأسلحة والمعدات، وكذا الإجراءات الفنية؛ بهدف حرمان عناصر استطلاع العدو من اكتشافها.
(ب) إجراءات إيجابية
1. هي تلك الإجراءات، التي تنفذ بواسطة القيادات والقوات، طبقاً لخطة خداع محددة، بغرض خداع العدو وتضليله، وزيادة الغموض لديه.
2. تشتمل تلك الإجراءات إقامة المواقع الهيكلية، وتنفيذ التحركات الخداعية، مع الاستفادة من إمكانات الخداع الإلكتروني، والتي تقوم بدور رئيسي في مجال الخداع، وكذا التصدي للأعمال المضادة، وإنشاء الشبكات اللاسلكية الخداعية.
3. يتم الاعتماد، في تنفيذ هذه الخطة، على كل الإمكانات والوسائل المتيسرة، باستغلال جميع قنوات الاتصال مع العدو.
4. تقوم القيادات التعبوية بتنفيذ الإجراءات المحددة لها، ضمن خطة الخداع الإستراتيجي / التعبوي، بعد دعمها بالقوات والوسائل المخصصة للخداع.
5. تنفذ عناصر الاستخبارات والاستطلاع أكثر الأعمال تعقيداً، ضمن الإطار العام لخطة الخداع الإستراتيجي/ التعبوي، بعد دعمها بالقوات والوسائل المخصصة للخداع.
6. تتابع عناصر الاستطلاع والحرب الإلكترونية ردود أفعال العدو المرتبطة بأعمال وإجراءات الخداع؛ لقياس مدة فاعلية الخطة، حتى يستطيع مخططو الخداع اتخاذ ما يلزم من إجراءات؛ لضمان استمرار الخطة، بما يتوافق مع الأحداث الجارية وظروف الموقف؛ بغرض تحقيق الأهداف المنشودة.
هـ. عوامل نجاح الخداع
(1) ضرورة الحصول على المبادأة في تنفيذ إجراءات الخداع، والمحافظة عليها، طوال مراحل العملية.
(2) الإلمام الدقيق بالعدو وقدراته وردود أفعاله المنتظرة.
(3) ضرورة تهيئة العدو لتقبل الخداع.
(4) أهمية التطبيق السليم لمبادئ الخداع وأساليبه.
(5) ملاءمة سيناريو خطة الخداع للموقف، بحيث يلائم أسلوب الخداع الموقف والظروف، حتى يكون منطقياً ومقبولاً من جانب العدو.
(6) الاعتماد على كل قنوات الاتصال مع الخصم، حتى يتمكن المخادع من تأكيد المعلومات التي ترسل إلى العدو؛ لإزالة الشك لديه.
(7) أهمية توافر المواد اللازمة لعملية الخداع.
(8) الاستفادة من الخبرات السابقة لأعمال الخداع الناجحة.
(9) أهمية الاختيار السليم للقائمين على تخطيط الخداع، على أن يتوافر لديهم عدة صفات، تؤهلهم لذلك، منها الذكاء، والمبادأة، والقدرة على التخيل، والإلمام الجيد بفنون الحرب، والمعرفة الكاملة بالعدو ومستواه الإدراكي.
ثالثاً: نظريات وأساليب ووسائل الخداع
1. نظريات الخداع
أ. نظرية الغموض الكامل (الإيهام)
(1) وفيها يحاول المخادع جعل العملية مبهمة وغير واضحة، وذلك عن طريق تغليف كل البدائل المحتملة أمام الخصم، بحالة من عدم التأكد، وتجعله في موقف من لا يعرف ماذا يصدق، ويكون عاجزاً عن تقدير الفعل نحو هذا الموقف في وقت الحرب.
(2) تؤدي المؤثرات المتناقضة، ونقص المعلومات، والتلاحق السريع للأحداث، إلى إضاعة وقت الخصم في جمع المعلومات، والتحليل وإحباط تقديرات مخابراته، وعندما تحاول أجهزته إعداد تقرير محدد لصالح العمليات، فإنه سوف يكون مبنياً على أساس من الوهم، وعدم التأكد، والافتراضات البعيدة عن الحقيقة.
(3) للحصول على تأثير فعال، فإن إجراءات الخداع لهذه النظرية، يجب أن تكون مقبولة ظاهرياً، وشبه معقولة، وتلقى اهتماماً بقدر كاف من الخصم، بحيث لا يمكن تجاهلها وقيام الخصم بمحاولة تقليل حالة عدم التأكد، مما يؤدي إلى تأخره في اتخاذ قراره، مما يتيح للمخادع الإكثار من مكاسبه والاحتفاظ بالمبادأة.
(4) تعمل هذه النظرية على تأكيد هذا المستوى من الغموض والإبقاء عليه، بدرجة عالية؛ لحماية سرية العمليات الحقيقية.
(5) إذا نجح المخادع في الإبقاء على حالة الغموض، فإن الخصم سيضطر إلى توزيع جهوده على كل المتناقضات والبدائل المتاحة أو أهمها من وجهة نظره، مما يضعف أعماله، ويسمح للمخادع بتحقيق أهدافه، بأقل قدر من الجهد والقوات، محققاً بذلك مبدأ الاقتصاد في القوى.
ب. نظرية التضليل
(1) في هذه النظرية، يهدف المخادع إلى تقليل الغموض، وجذب انتباه الخصم نحو بدائل خادعة، مما يؤدي إلى تركيز إمكاناته العسكرية على هذا البديل أو البدائل الأخرى الحقيقية.
(2) أمثلة تطبيقية لنظريات الخداع: 2. تسلسل عملية الخداع
أ. يتكون الجانب المخادع من صانعي القرار، وجهاز التخطيط للخداع، والمنفذين للخداع.
ب. تقوم مجموعة التخطيط بتخطيط كل إجراءات الخداع، من بث لاسلكي مخادع، وخطط التمويه الكبيرة، ومحاكاة التحركات الكبيرة للقوات، وباقي الأعمال الرئيسة الأخرى.
ج. يقوم المنفذون للخداع بإرسال إشارات، وتنفيذ إجراءات الخداع.
د. يستقبل الخصم (هدف الخداع) المعلومات الخادعة، ويقوم بتحليلها وتقويمها والخروج باستنتاجات؛ لعرضها على صانعي القرار، للوصول إلى الهدف النهائي للخداع.
هـ. تسلسل عملية الخداع 3. قنوات الخداع (قنوات الاتصال)