الخطة الجوية الإسرائيلية : خططت إسرائيل ضربتها الجوية
المفاجئة (الخطة كولومب) لتنفذ فى نسقين يهاجم النسق الأول منها على
امتداد 75 دقيقة القواعد الجوية والمطارات المصرية فى وقت واحد قدر الإمكان
على موجات متلاحقة .. على أن تكون أسبقية القصف والتدمير للممرات بقنابل
خاصة جزء منها بطبات تأخير زمنية، ثم طائرات حالات الاستعداد الرابضة بجوار
أول الممر، وأخيراً تدمير باقي الطائرات والأهداف الأخرى .. ويعقب ذلك
تكرار الهجمة الثانية على امتداد 75 دقيقة بواسطة نفس الطائرات وعلى نفس
الأهداف لتأكيد وزيادة تدمير الأهداف المصرية، على أن يتم مهاجمة وتدمير
كتائب الصواريخ ووسائل الدفاع الجوي المصري بعد تأكيد نجاح الضربة الجوية
بالنسق الأول والنسق الثاني. وتضمنت الخطة الإسرائيلية
تفصيلات الرحلة الجوية من مطارات الإقلاع داخل إسرائيل إلى الأهداف المصرية
وكذا رحلة العودة بحيث تتم دون أن تلتقط أو تكتشف الطائرات الإسرائيلية
المهاجمة بواسطة شبكات الإنذار والرادار المصرية. وتم هذا فعلاً أثناء
التنفيذ استناداً إلى نجاح وسائل المخابرات الإسرائيلية فى تحديد أوضاع
وقدرات الدفاع الجوي المصري ومحطات الرادار وقدرتها على الكشف الذي كان لا
يلتقط أي أهداف جوية تحت ارتفاع 500 متر. ونجحت القيادة الإسرائيلية
فى التخطيط لهذه الضربة باستغلال كل المعلومات المتوفرة لديها كما استغلت
نقاط ضعف عديدة فى القوات الجوية المصرية. فحددت الخطة ممرات الاقتراب
لتبدأ من سواحل إسرائيل فى اتجاه الغرب وعلى ارتفاع يتراوح بين 30-50 متر
بمحاذاة ساحل سيناء. وعند الوصول إلى المنطقة بين العريش ودمياط تنقسم
الطائرات المهاجمة إلى ثلاث مجموعات معتمدة فى تحديد موقع انفصال كل مجموعة
على منارات إرشاد لاسلكية موضوعة فوق سفن إسرائيلية واتخذ الهجوم الشكل التالي :-• المجموعة الأولى
تنفصل من ممر الاقتراب فوق البحر عندما تصل إلى شمال مدينة العريش وتتجه
طائراتها لتهاجم فى وقت واحد مطارات سيناء (العريش - السر – المليز- بير
تماده).• المجموعة الثانية تنفصل من ممر الاقتراب فوق البحر عندما تصل إلى شمال مدينة بورسعيد وتتجه طائراتها لتهاجم مطارات القناة (أبو صوير - فايد - كبريت).• المجموعة الثالثة تنفصل من ممر الاقتراب عندما تصل إلى المنطقة شرق مدينة دمياط وتخترق الدلتا لتهاجم مطارات (غرب القاهرة - بني سويف - أنشاص).وكانت الخطة الجوية
الإسرائيلية تستهدف بهذا شل قدرات القوات الجوية المصرية منذ اللحظة الأولى
بتدمير عشر قواعد ومطارات مصرية تضم حوالي 90% من طائرات القتال المصرية. وبذلك تفقد مصر قواتها
الجوية من اللحظة الأولى بعد تدمير المطارات والطائرات على الأرض. ثم عند
التأكد من تحقيق هذا الهدف يتحول الجزء الأكبر من القوات الجوية
الإسرائيلية لتقديم المعاونة للقوات البرية القائمة بالهجوم فى سيناء. مع
مداومة الضغط على القوات الجوية المصرية بهجمات متتالية بالجزء الباقي من
طائراتها.ونظراً لأهمية الضربة
الجوية الإسرائيلية ومدى تأثيرها الحاسم على نتيجة المعركة بأكملها فقد
وضعت القيادة الإسرائيلية كل ما تملك من طائرات - عدا 12 طائرة فقط لحماية
سماء إسرائيل - فى الضربة الأولى لتضمن النتيجة المرجوة. وكانت المخاطرة محسوبة بوضع
12 طائرة فقط للحماية فوق إسرائيل وذلك اعتماداً على تقدير سليم لنتيجة
المفاجأة التي ستحدث بواسطة الضربة الجوية الأولى. وأيضاً اعتماداً وبشكل
كبير على وجود عدد وفير من طائرات القتال الأمريكية فوق حاملات الطائرات
الأمريكية المتمركزة فى شرق البحر الأبيض وجاهزة للانطلاق والدعم والحماية
فى دقائق معدودة. ولما كانت الساعات الأولى من المعركة بل الدقائق لها أهمية بالغة. لذلك عنيت القيادة الإسرائيلية بالتوقيت أيما عناية فكان على النحو التالي :"الساعة 8.25 (الثامنة وخمسة وعشرون دقيقة) بداية اتجاه الموجة الأولى إلى أهدافهاالساعة 8.35 (الثامنة وخمسة وثلاثون دقيقة) اختراق الموجة الأولى للحدود المصرية - بداية اتجاه الموجة الثانية إلى أهدافهاالساعة 8.45
(الثامنة وخمسة وأربعون دقيقة) هجوم الموجة الأولى على أهدافها - اختراق
الموجة الثانية للحدود المصرية - بداية اتجاه الموجة الثالثة إلى أهدافهاالساعة 8.52 (الثامنة واثنان وخمسون دقيقة) انتهاء هجوم الموجة الأولى ومغادرة الأهدافالساعة 8.55 (الثامنة وخمسة وخمسون دقيقة) بدء هجوم الموجة الثانية - اختراق الموجة الثالثة للحدود المصريةالساعة 9.02 (التاسعة ودقيقتان) انتهاء هجوم الموجة الثانية ومغادرة الأهدافالساعة 9.05 (التاسعة وخمسة دقائق) بدء هجوم الموجة الثالثةالساعة 9.12 (التاسعة واثنا عشر دقيقة) انتهاء هجوم الموجة الثالثة ومغادرة الأهداف - وصول طائرات الموجة الأولى إلى قواعدهاالساعة 9.22 (التاسعة واثنان وعشرون دقيقة) تقريباً بدء اتجاه الموجة الأولى (وقد أصبحت الموجة الرابعة) إلى أهدافهاالساعة 9.42 (التاسعة واثنان وأربعون دقيقة) الموجة الأولى (الرابعة) تهاجم الأهداف للمرة الثانية"وتحددت ساعة الهجوم مساء
يوم 4 يونيو فى اجتماع بين رابين رئيس الأركان وقادة الأسلحة المختلفة
"وكان هذا التوقيت هو السابعة وخمسة وأربعون دقيقة من صباح يوم الاثنين
(بالتوقيت المصري الصيفي هو الثامنة وخمسة وأربعون دقيقة) حسب طلب قائد
سلاح الجو العميد/ موردخاى هود فقد قال: لقد تتبعنا طيلة الأسبوعين
الماضيين التحركات الدقيقة لسلاح الجو المصري وكانت طائرات سلاح الجو
المصري تقلع مع الفجر فى دورة جوية تستمر ساعة وبعد ذلك يهبطون ويذهبون
لتناول الإفطار والوقت بين الساعة السابعة والساعة الثامنة هو وقت ميت".العوامل السياسية الدولية : المباحثات بين شمس بدران والماريشال جريتشكو وزير الدفاع السوفيتي
أدت السياسة الدولية فى
أزمة يونيو 1967 دوراً مؤثراً وفعالاً، وكانت أصابع الاتحاد السوفيتي
والولايات المتحدة تلعب فى مجريات الأمور حتى وصلت إلى اشتعال الحرب بين
مصر وإسرائيل. بل أن الأزمة بدأت فى مايو 1967 عن طريق معلومات مزيفة صادرة
من الاتحاد السوفيتي إلى مصر عن أن سوريا تتعرض لخطر غزو إسرائيلي. وكان
هذا يعني دفع مصر إلى تصعيد الأزمة بالتضامن مع سوريا.
فبداية من آخر أبريل 1967
حين كان أنور السادات مارا بموسكو فى طريقه إلى كوريا الشمالية والمعلومات
تنهال على مصر تارة من الخارجية السوفيتية وتارة من رئيس الوزراء اليكس
كوسيجين وأخرى من رئيس الدولة بادجورنى .. وقد حاولت إسرائيل نفي وجود حشود
إسرائيلية عن طريق سفيرها فى موسكو لكن كوسيجين عنف السفير الإسرائيلي
قائلاً "إن الاتحاد السوفيتي ليس فى حاجة إلى إرسال أحد إلى الجبهة
الشمالية لكي يعرف الحقيقة. فلديه الوسائل التي يستطيع بها معرفة الحقيقة
دون زيارة المواقع".
وما أن اشتعل الموقف فى 14
مايو بإعلان التعبئة فى القوات المسلحة المصرية حتى توالت إشارات التأييد
من الحكومة السوفيتية عن طريق رسائل وتصريحات ولقاءات مع القادة السوفيت
والسفراء .. كانت إحداها حين قابل الرئيس جمال عبدالناصر السفير السوفيتي
بالقاهرة يوم إعلان إغلاق خليج العقبة حاملاً إليه رسالة تحمل تأييداً
كاملاً من الحكومة السوفيتية ومن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي
للدوافع التي حدت بمصر أن تطلب سحب قوات الطوارئ الدولية وكان أهم ما قاله
السفير للرئيس عبد الناصر "أنكم يا سيادة الرئيس أنتم وبقية العالم العربي
لابد وأن تعرفوا أن الاتحاد السوفيتي وحكومته يقفون بحزم وراء الدول
العربية المستقلة وأن الاتحاد السوفيتي سوف ينتهج فى الأيام القليلة
القادمة خطاً حازماً، وأنه إذا تطورت الأمور فى اتجاه العدوان بواسطة القوى
الاستعمارية وابنها بالتبني - إسرائيل - فأننا سنتخذ الخطوات اللازمة".
وحاول الرئيس جمال عبد
الناصر التأكد من موقف الاتحاد السوفيتي فبعث بوفد عسكري برئاسة شمس بدران
وزير الحربية لاستطلاع موقف الاتحاد السوفيتي وطلب شحنات أسلحة جديدة
والإسراع فى وصول الشحنات القديمة .. واجتمع الوفد بالقيادة العسكرية
السوفيتية برئاسة وزير الدفاع الماريشال اندريه جريتشكو كما اجتمع بوزير
الخارجية وأيضاً برئيس الوزراء إليكس كوسيجين وتم بحث الأزمة الناشئة بين
مصر وإسرائيل بكل أبعادها بعد سحب قوات الطوارئ وإغلاق خليج العقبة. وكان
رأى جريتشكو أن القوات المسلحة المصرية يعمل لها العدو ألف حساب وأن
إسرائيل لن تجرؤ على شن الحرب. وأيد كوسيجين هذا الرأي بل زاد عليه بأن مصر
قد انتصرت سياسياً وعسكرياً وأن رأيه أن تكتفي مصر بهذا .. وكأن الأمور
كلها فى يد مصر وكأنه ليس هناك طرف آخر يخطط ويتحرك. وتمت الموافقة على
طلبات مصر من الأسلحة على ثلاث مراحل منها ما هو فوري ومنها ما يتم تسليمه
خلال شهري يوليو وأغسطس والجزء الثالث سيتحدد موعد تسليمه لاحقاً.
وجاء ختام الزيارة بأكبر
مما كان الوفد المصري يتوقع وتم إبلاغ الرئيس جمال عبدالناصر بهذا فور وصول
الوفد إلى القاهرة. بنص ما جاء فى كتاب الانفجار لمحمد حسنين هيكل. فقد
أقيم حفل وداع للوفد المصري بمطار موسكو وانتحي الماريشال جريتشكو وزير
الدفاع السوفيتي جانباً مع وزير الحربية المصري شمس بدران قائلاً :
<blockquote>
"اطمئنوا
لكل طلباتكم .. سنعطيها لكم. أريد أن أوضح لك أنه إذا دخلت أمريكا الحرب
فسوف ندخلها بجانبكم .. هل فهمت ما أعنيه؟ واستطرد قائلا وصلتنا معلومات
اليوم أن الأسطول السادس فى البحر الأبيض أعاد إلى كريت جنود مشاة الأسطول
السابق تحميلهم على ظهر مجموعة الإنزال ..
إن
أسطولنا فى البحر الأبيض قريب من شواطئكم الآن، وبه من المدمرات والغواصات
المسلحة بالصواريخ وبأسلحة لا تعلموها.. هل فهمت تماماً ما أعنيه؟.. أريد
أن أؤكد لكم إنه إذا حدث شيء واحتجتم لنا فمجرد إرسال إشارة نحضر لكم فوراً
فى بورسعيد أو فى أي مكان. وانتهى الحديث وصافحته مودعا لكنه عانقني
بحرارة.
إمضـاء
شمـس بـدران
وزيــر الحربيــة
</blockquote>
وصدقت
القيادة المصرية سياسياً وعسكرياً ما جاء فى بيانات الاتحاد السوفيتي
وكلماته المعسولة الضخمة عن التأييد لمصر وردع من يحاول المساس بها .. لكن
التناقض فى موقف السوفيت كان واضحاً. ففي بداية الأزمة تم دفع مصر دفعاً
إلى تصعيد الموقف وبعد عدة أيام كان ضبط النفس وعدم البدء بالضربة الأولى
مطلباً سوفيتياً ملحاً إلى مصر وكان أشهرها مقابلة السفير السوفيتي
بالقاهرة بوجداييف للرئيس جمال عبدالناصر فى الثالثة من فجر يوم 27/5 يطلب
منه ويلح على عدم القيام بالضربة الأولى.. وجاء أول يونيو ولم تصل الشحنات
السوفيتية إلى مصر بحجة أن يوغسلافيا لا تسمح بعبور الطائرات السوفيتية
لأجوائها مما حدا بالرئيس جمال عبد الناصر بالاتصال بالرئيس تيتو لحل هذه
المشكلة .. لكن أغرب الأمور هو أن الاتحاد السوفيتي لم يقدم أي معلومة عن
قوات الجيش الإسرائيلي للقيادة المصرية تفيد فى التخطيط للحرب رغم امتلاكه
للكثير من هذه المعلومات.
أما عن الولايات المتحدة الأمريكية ودورها فى هذه الحرب فالأحداث كثيرة
.. فالحرب كانت بين مصر من جانب وإسرائيل التي حاربت نيابة عن الولايات
المتحدة من جانب آخر.. وكان من عجائب القدر أن تتوفر تلك اللحظة الدرامية
التي تتوافق فيها مصالح كل من الولايات المتحدة وإسرائيل والاتحاد السوفيتي
على ضرب مصر.. كل له مصلحة مختلفة وخاصة لكن الجميع اتفق على أن ضرب مصر
ضروري لتحقيق هذه المصلحة.
قبل سنوات من بدء الحرب فى
يونيو 1967 نالت إسرائيل دعماً سياسياً وعسكرياً من الولايات المتحدة لا
حصر له .. وسنعرض فى اختصار بعض وليس كل مواقف هذا الدعم، وسوف نستعرض
لاحقاً كل أشكال الدعم العسكري الذي مكن إسرائيل من النصر قبل أن تبدأ
الحرب.
فبعد كشف صفقة الأسلحة
الألمانية إلى إسرائيل وتعثر تسليمها تعهدت الولايات المتحدة بتعويض
إسرائيل عن هذه الصفقة وأوضح رابين فى مذكراته حين طلبت إسرائيل من
الولايات المتحدة تزويدها بطائرات سكاى هوك ودبابات باتون م48 "وقرر جونسون
الرجل السياسي أن يربط هذا بذاك أي تزويد الأسلحة لإسرائيل والأردن وأن
يزيل بذلك معارضة إسرائيل وأصدقائها فى الولايات المتحدة لتسليح الأردن ..
وكان التسليح فى البداية نقطة نقطة. لكن مع مر الزمن أصبح بحجم زائد
باستمرار وفتحت أمام إسرائيل مصادر المشتريات الأمريكية إلى حد أن الولايات
المتحدة تعهدت بصراحة وعلنا بالتزام بعيد الأثر وهو توزين القوى بين
إسرائيل وجاراتها فى الشرق الأوسط".
وتوالت مواقف الولايات
المتحدة المؤيدة لإسرائيل فى نفس الوقت الذي كانت العلاقات تتدهور وتسوء مع
مصر وحكومتها .. حتى وصلنا إلى بداية الأزمة فى شهر مايو 67 وظهر التأييد
الكامل لإسرائيل على أرض الواقع .. فدعوة الرئيس الأمريكي جونسون إلى إنشاء
قوة بحرية دولية تقوم باقتحام خليج العقبة والمرور فيه كانت بمثابة قنبلة
دخان للتعمية حتى تعتقد القيادة المصرية أن الأزمة قد أصبحت فى يد المجتمع
الدولي وليست فى يد إسرائيل مما يبعد شكوك الحرب عن تفكير القيادة المصرية
فتقع فى فخ الاسترخاء واستبعاد قيام إسرائيل بالهجوم.
وفى 25 مايو 1967 التقى ابا
ايبان وزير الخارجية الإسرائيلي مع ايرل هويلر رئيس هيئة الأركان المشتركة
والذي يعد هو المنصب العسكري الأعلى فى أمريكا، قال لايبان "إنني لا أريدك
أن تقلق من أي اعتبار سواء بدأوا هم (المصريين) أو بدأتم أنتم، فليس لدينا
شك فى النتيجة، فنحن نعرف حجم ما هو متاح لكم، كما أننا نقدر كفاءتكم فى
إدارته، ثم أضاف حسابات المعركة كلها فى صالحكم .. هذه تقديرات جميع
خبرائنا ولم يعترض منهم أحد، فلديكم كل ما هو لازم وزيادة".
وفى اليوم التالي جاء تأكيد
الرئيس الأمريكي جونسون لايبان بأن أمريكا مع إسرائيل بصورة مؤكدة .. ولما
ألح ايبان على التأكيد باستخدام القوة المسلحة الأمريكية، قال له جونسون
كلماته الواضحة والمحددة والتي اختتمها بنعم نعم نعم.
وفى 27 مايو يدعى السفير
المصري فى واشنطن على عجل للاجتماع بنائب وزير الخارجية الأمريكية الذي
يبلغه بأن هناك احتمال مؤكد للهجوم على إسرائيل بواسطة مصر وسوريا ويدعوه
إلى إبلاغ الرئيس المصري بضبط النفس وتجنب أي أعمال عسكرية..وفى الفجر يأتي
السفير السوفيتي فى القاهرة ليوقظ الرئيس عبدالناصر من نومه ويبلغه نفس
الرسالة ويزيد عليها أن الرسالة وصلت إلى رئيس الوزراء السوفيتي من الرئيس
الأمريكي مباشرة على الخط الساخن بين البيت الأبيض والكرملين.
وفى خضم الاتصالات الجارية
بين مصر والولايات المتحدة عن طريق الخارجية المصرية والسفير المصري فى
واشنطن ومندوب مصر فى الأمم المتحدة وصلت رسالة الرئيس الأمريكي جونسون إلى
الرئيس جمال عبد الناصر فى 23 مايو 1967 والتي يدعوه إلى تجنب الأعمال
العدوانية وأن الصراعات الكبرى لا تحل بالقتال .. وأنه يقترح إرسال نائبه
ليتحدث مع عبد الناصر والقادة العرب والقادة الإسرائيليين .. ورد الرئيس
جمال عبد الناصر على الرسالة فى 3 يونيو 1967 مرحبا بمبادرة الرئيس جونسون
وأنه يقترح إرسال نائبه السيد زكريا محيي الدين إلى واشنطن للقاء الرئيس
الأمريكي وشرح وجهة النظر المصرية فى الأزمة.
ولا يمكن التعليق على
العوامل السياسية العالمية المحيطة بمصر إلا أن القيادة المصرية سياسيا
وعسكريا بسوء تقديرها، وخطأ الحسابات، وضعف الأداء الاستخباراتي، والخلل
الاستراتيجي .. والاتحاد السوفيتي يدفع مصر إلى الأزمة والولايات المتحدة
ترتب مع إسرائيل للهجوم فى نفس الوقت الذي تقيد مصر وتحذرها من القيام بأي
هجوم .. كل هذا أدى إلى أن القيادة المصرية أشعلت الأزمة ووضعت قواتها
المسلحة فى سيناء وجلست تنتظر رد الفعل الإسرائيلي وتؤكد المرة تلو الأخرى
أنها لن تكون البادئة بالهجوم.
يتبع .........................