التحالف الغربى فى «ورطة» بعد سقوط مدنيين و13 من الثوار فى غارته على البريقة
مع تواصل المعارك بين الثوار الليبيين
والقوات الموالية للزعيم معمر القذافى للسيطرة على مدينة البريقة شرق
البلاد والمواجهات الدامية فى مصراتة شرق طرابلس والقصف الجوى ضد الكتائب
الأمنية فى طرابلس، رفضت الحكومة الليبية العرض الذى تقدمت به المعارضة
لوقف إطلاق النار بشرط رحيل القذافى وأبنائه عن ليبيا وانسحاب القوات
الحكومية من المدن التى سيطرت عليها ووصفت طرابلس تلك الشروط بأنها
«تعجيزية ونوع من الجنون»، فيما أفادت تكهنات صحفية بإمكانية انشقاق سيف
الإسلام القذافى، نجل العقيد الليبى، على خطى وزير الخارجية موسى كوسا
والعديد من المسؤولين والدبلوماسيين.
وفى تطور يهدد تماسك التحالف الغربى الهش فى العمليات العسكرية على
ليبيا، ويضع حلف شمال الأطلنطى «الناتو» الذى يقود العمليات فى ورطة، أفادت
أنباء متضاربة بمقتل مدنيين و13 من الثوار فى البريقة بقصف طائرات غربية،
فبينما أعلنت الثوار أن 13 من مسلحيهم لقوا حتفهم فى غارات لحلف شمال
الأطلنطى «الناتو» بين أجدابيا والبريقة، اتهمت الحكومة الليبية القوات
الغربية بارتكاب جريمة ضد الإنسانية وقتل 6مدنيين، على الأقل، غرب البريقة،
بينما قالت مصادر طبية إنهم قتلوا فى قصف لقوات القذافى، فيما أعلن مصدر
طبى أن 7مدنيين قتلوا وأصيب 25 فى قصف غربى الأربعاء الماضى على البريقة
النفطية الاستراتيجية.
ودارت معارك عنيفة بين قوات القذافى والثوار قرب مدينة البريقة النفطية
شرق البلاد وبينما أفادت أنباء بسقوط المدينة فى أيدى كتائب القذافى، قالت
مصادر أخرى إن أحدا لا يسيطر عليها بشكل كامل، وقصفت القوات الحكومية
بالمدفعية الثقيلة وقذائف الهاون مواقع الثوار فى المدينة وقللت من استخدام
الدبابات حتى لا تقصفها قوات التحالف الغربى، بينما استخدم المتمردون
قاذفات صواريخ ووصل صدى الانفجارات حتى أجدابيا، التى أصبحت خط الدفاع
الأمامى للمعارضة أمام تقدم قوات القذافى، بينما فرت عشرات العائلات من
أجدابيا خشية تعرضها لقصف قوات القذافى. وتأتى هذه التطورات بعد إعلان
المجلس الوطنى الانتقالى تشكيل قيادة عسكرية موحدة للثوار برئاسة وزير
الداخلية السابق اللواء عبدالفتاح يونس، فى ظل مراجعة الوضع الميدانى بعد
تقدم كتائب القذافى إلى عدة مدن شرقى البلاد.
وتعيش مصراتة شرق طرابلس، المعقل الوحيد للثوار فى الغرب، أسوأ أيامها،
إذ هاجمتها الكتائب الأمنية بشراسة وقصفتها بالدبابات والمدفعية وصواريخ
جراد، مما أوقع دماراً هائلاً فى عدة أحياء، وسقط 28 قتيلا وعشرات الجرحى
غالبيتهم من المدنيين خلال الأيام الثلاثة الأخيرة وتصدى الثوار لمحاولات
مستمرة للكتائب لاقتحام المدينة، لكن الكتائب نجحت فى دخولها من شارع
طرابلس ونهبت وسرقت عشرات المحال التجارية، وتسعى الكتائب للسيطرة على
المرفأ النفطى بمصراتة للتزود بالوقود، كما تسعى للسيطرة على الميناء لمنع
وصول أى إمدادات مدنية أو عسكرية للثوار.
بدورها، أعلنت الحكومة الليبية رفضها شروط المجلس الانتقالى، الذى يمثل
المعارضة بوقف إطلاق النار، ومن تلك الشروط انسحاب قوات القذافى من المدن
التى سيطرت عليها ورحيل القذافى وأولاده عن ليبيا والسماح للمعارضة
بالتظاهر السلمى، وأكد موسى إبراهيم المتحدث باسم الحكومة الليبية أن قوات
القذافى لن تغادر المدن التى تسيطر عليها. وقال إن «المتمردين لم يقترحوا
السلام أبدا، إنهم يقترحون طلبات مستحيلة وتعجيزية، وأضاف: «لن نغادر
المدن. نحن الحكومة وليس هم». بينما يبحث الثوار استثناء النفط من قائمة
العقوبات الدولية المفروضة على بلادهم، أعلنت المعارضة أنها أبرمت اتفاقا
مع قطر تسوق بموجبه النفط من الشرق، مقابل تقديمها الوقود والدواء والغذاء
للمعارضة.
ونقل التليفزيون الليبى عن مسؤول عسكرى قوله إن قوات التحالف قصفت
مواقع مدنية وعسكرية فى مدينتى الخمس شرق طرابلس، والرجبان جنوب غرب
العاصمة وأفادت أنباء بأن القصف استهدف قواعد عسكرية.
وعلى صعيد التطورات السياسية، قال مقربون من القذافى، لشبكة «سى.
إن.إن» الإخبارية الأمريكية إن الزعيم الليبى لم يستبعد، بشكل كامل بعد،
التوصل إلى حل سياسى مع الثوار لإنهاء الأزمة الدائرة حالياً، وأضافوا أن
الحل قد يتضمن قيام القذافى بنقل سلطاته إلى أشخاص من الدائرة المقربة منه،
مع الإشارة إلى أن نجله سيف الإسلام «سيلعب دوراً مهماً فى هذا الأمر».
وقال المقربون إن القذافى يعتقد أن الوقت لايزال متاحاً للحوار مع
المعارضة، ولكنه يرغب فى إنهاء الصراع المسلح قبل أن ينتقل الحديث إلى الحل
السلمى.
وفى الوقت نفسه، تساءلت صحيفة «ديلى ميل» البريطانية بقولها هل يغدر
سيف الإسلام بأبيه؟، وقالت إن جواسيس بريطانيين يزعمون أن سيف الإسلام
القذافى قام بمحاولات عديدة للاتصال بالاستخبارات البريطانية والإيطالية،
وهى تحركات تعزز الآمال فى أنه قد يخون والده.
وقال مسؤولون بريطانيون وعدد من ضباط جهاز الاستخبارات «إم آى 6» إنهم
أجروا محادثات «عدة» مع مقربين من وريث القذافى خلال الأسابيع الثلاثة
الماضية، وأبدوا مؤشرات لاستعدادهم توفير مخرج للعائلة، كما بعثوا برسالة
قوية مفادها أن سيف الإسلام ليس له أى دور فى مستقبل ليبيا، لكنهم أبدوا
استعدادهم للسماح له بالهبوط فى بريطانيا، على غرار سيناريو انشقاق وزير
الخارجية، موسى كوسا.
كان رئيس الوزراء الليبى السابق، عبدالعاطى العبيدى قال «نحاول التحادث
مع البريطانيين والفرنسيين والأمريكيين لإيجاد حل مقبول من جميع
الأطراف».إلا أن مصادر أمنية قالت إن محاولات سيف الإسلام، الذى يتمتع
بعلاقات وثيقة مع بريطانيا، ليست سوى مساع لجس نبض الغرب بشأن كيفية
استقباله حال قراره الانشقاق والفرار من ليبيا.
وفى لندن، قال مصدر حكومى بريطانى إن محمد إسماعيل أحد مستشارى نجل
القذافى زار عائلته فى لندن، وعاد إلى طرابلس بـ«رسالة قوية» من الحكومة
البريطانية إلى النظام الليبى فى محاولة لإيجاد مخرج للقذافى، فيما أفادت
أنباء غير مؤكدة بدخول ابنة العقيد القذافى عائشة معمر القذافى إلى تونس.
وفى هذا الصدد قالت صحيفة «الجارديان» البريطانية إن جهاز الاستخبارات
البريطانى يقوم بدور كبير فى استجواب كبار الشخصيات الليبية وتشجيع المزيد
منهم على الفرار والانشقاق عن القذافى، فى الوقت الذى تبدى فيه قيادات
عسكرية مخاوفها إزاء إطالة أمد الحملة العسكرية الغربية.
http://www.akhbarak.net/article/2420664