إنتصاراتنا فى أكتوبر
بأقلام العدو
*****
فى ذكرى تحرير سيناء الغالية فى الرابع والعشرون من إبريل 1982نسترجع بذاكرتنا أحداث حرب أكتوبر المجيدة التى مهدت لعودة الأرض إلى أصحابها بعدما شعر به العدو على أرض الواقع من قوة شكيمة المقاتل المصرى، ومايمكن أن ينزله به من هزائم ساحقة.
ولم أجد أفضل مما شهد به العدو نفسه على هول مأصابه من دمار من جراء هذه الحرب مستعرضاً أقوالهم قبل الحرب ، وعند نشوبها ، ثم بعد يومين من قيامها كما جاء فى كتاب الاعلامى الكبير والمراسل العسكرى للإذاعة المصرية خلال حرب 73 الأستاذ حمدى الكنيسى.. وهو بعنوان " الطوفان" والذى صدر عن دار المعارف عام 1976م .
كان يلاحظ وضع التعالى والعجرفة المدعومة بالقوة العسكرية التى كانت عليه إسرائيل بعد حرب الخامس من يونيو 1967م بفضل التسليح الأمريكى والغربى الذى كان يسمح لإسرائيل بمواجهة القوات العسكرية العربية مجتمعة ,والشعور بالزهو الذى إنعكس على تصريحات مؤسستهم العسكرية والسياسية فجاء بتصريح لأحد جنرالاتهم:
" إن إسرائيل الآن واحدة من الدول الكبرى"
. وفى تصريح آخر للجنرال شارون
: " إن إسرائيل مستعدة لحرب حلف وارسو.. وهى مستعدة لتوجيه ضرباتها القاسية حتى القطب الشمالى" .
ويلاحظ أن نغمة التعالى والغرور هذه ظلت مصاحبة لهم فى أول 48 ساعة بعد إندلاع شرارة حرب أكتوبر ..
فقالت جولدا مائيير بمجرد إندلاع الحرب :
"لقد كانت المخابرات الاسرائيلية تعلم منذ بضعة أيام أن الجيوش السورية والمصرية حشدت للقيام بالهجوم فى وقت واحد ..
وقد إتخذت قواتنا الاستعدادات العسكرية لمواجهة الخطر
".. ونحن لا نشك فى إننا سننتصر
وفى اليوم التالى حين سألها كيسينجر عن الموقف قالت:
"إعطنى ياعزيزى كيسينجر أربعاً وعشرين ساعة اخرى لكى يتمكن جيش الدفاع من حل مشكلة المساكن، والمواصلات فى مصر
وذلك بإلقاء جيشها فى قناة السويس".
وبعد ساعات من نشوب الحرب صرح موشيه ديان عبر الاذاعة :
"إننا سوف نلحق بالعرب هزيمة مجلجل
أنها مسألة ساعات فقط . كليتيهم إننا سوف نضربهم ضرباً مبرحاً ولسوف نسحق. "
وقال ديفيد اليعازر رئيس أركانه فى عرضه لما تم فى الـ 48 ساعة الأولى للحرب سوف نطارد المصريين والسوريين فى كل مكان سنلاحقهم ونسحق عظامهم "
" .
ولكن بعد مرور 48 ساعة إنهارت القيادة الاسرائيلية ، وتبدلت تصريحاتها .. فقالت جولدا مائير :
" ليس أقسى على نفسى من كتابة ما حدث فى 73 إنها كانت مأساة عاشت وسوف تعيش معى حتى الموت".
وفى محاضرة دعيت إليها فى تل أبيب قالت:
" إن دولة إسرائيل دولة صغيرة أكثر من اللازم , والشعب الذى يعيش فى إسرائيل صغير جداً".
وفى اليوم الرابع للقتال 9اكتوبر صرح موشيه ديان للصحف اليومية بلهجة مآسوية وروح معنوية محطمة:
"لا أخفى عليكم إنى لم أكن أتمنى أن يكون رجالى فى مثل هذا الموقف ..أن قواتنا فى الجولان وفى قناة السويس فى حالة ذعر تام, ولم يعد لخط بارليف وجود, كما أن أجهزة إشعال المياه فى القناة صارت خرافة ..
أما سلاحنا الجوى فقد تم تحييده وبلغت خسائرنا فيه 36 طائرة فى اليوم الأول فقط , وبلغت خسائرنا فى المدرعات 60 دبابة "
.. وهبطت شعبية ديان فى إستطلاعات الرأى إلى 2% فى نهاية عام 1973 فى حين كانت فى عام 1971م قد بلغت 91% .
أما ديفيد اليعازر صاحب التهديد الشهير بسحق عظام المصريين هو نفسه الذى أعد بياناً بعد فشل الهجوم المضاد كان سيذيعه فى التليفزيون الاسرائيلى مساء
8/10/1973م
لولا تدخل المسؤلين عن رفع المعنويات ومنعه من إذاعته
ولكنه نشر فيما بعد بواسطة الصحفى الاسرائيلى حاييم إيزاك فى صحيفة معاريف
جاء فيه : " بتاريخ 28/12/1973م
" خرج اليوم جيش الاحتياط فى هجوم مضاد ولكن علىّ أن ابلغكم بصدق أن هذا
الهجوم قد فشل فشلاً ذريعاً
, وأن قوات العدو فى البر والجو قوات هائلة حتى أنى مضطراً إلى الخوف من أن يحطموا هم عظامنا " ,
وأن أقصى ما أستطيع قوله فى الظروف الحالية هو أن يكتفى المصريون بصدنا فى سيناء " !!
كما خرجت صحيفة دير شبيجل الألمانية الغربية بعد أيام من حرب اكتوبر فى 22/11/1973م لتقول :"
إن إجتياح المصريين لخط بارليف جعل الأمة العربية بكاملها تنفض عن نفسها آثار المهانة التى تحملت آلمها"
وفى حديث هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى بعد الحرب فى عام 1976 قال للرئيس السادات:
: " عندما علمنا ببدء الحرب خشينا عليكم فلم يكن عندنا أدنى شك فى إنتصار إسرائيل , وحينها لن يستطيع أحد أن يتحدث مع الاسرائيليين بخصوص أية تسوية ". وفى حديث آخر له لنائب رئيس الجمهورية محمد حسنى مبارك : " إنكم فى مصر لاتقدّرون ماذا فعلتم فى اكتوبر ولا تعرفون صداه الذى لا يزال يتردد هناك على الناحية الأخرى (إسرائيل) إنهم معذورون فى القلق والخوف الذى يشعرون به , وليس عندهم أدنى أمان من المصريين فهم يخشون أن يتكرر اكتوبر مرة اخرى فى سيناء لذلك تراهم يدققون فى كل شئ ويختلفون على أى شئ".
هذا بعض ما قيل عن الحرب بألسنة قادة العدو والقيادة الأمريكية .. فى وقتها .. وهو ما يحاولون تناسيه الآن .. ولكن ستضل هذه الحرب الخالدة تلقى بظلال من الخوف والرعب داخل نفوس الاسرائيليين مها حاولوا أن يتظاهروا به من مظاهر قوة وردع .. فأقسى ما يرعبهم هو إنتفاضة الجندى المصرى الجسور..
.. وأرجو أن أكون بذلك قد ساهمت فى إعطاء بعض المعلومات الجديدة لشبابنا
تحياتى وأطيب أمنياتى,,,
الكاتب / أحمد على عطية الله
عضو إتحاد الكتاب
25 إبريل 2011