هكذا يكون الانفراد وهكذا يكون السبق ، نحن من يصنع الحدث ، ولسنا من ننقله فقط ، وانتظروا في الفترة القادمة مواضيع ستكون تاريخية بمعني الكلمة باذن الله .
ادار الحوار :
محمد علام .
رائد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــفي حياة الامم رجالا صدقوا ماعاهدوا الله عليه ، رجالا ضحوا باحلي ايام وسنوات عمرهم من اجل ان تبقي راية اوطانهم عالية خفاقة ، رجالا حملوا الامانة علي اعناقهم وادوها باروع مايكون ، ونحن اليوم اذ نعود اليهم فاننا نؤدي واجبا مفروض علينا ، واجب تجاه هولاء الابطال ، وان كان هو اكثر مايمكننا تقديمه ، فانه يبقي اقل مايجب ان يقدم لمثل هولاء الابطال ، حوارنا اليوم مع نسر النسور من دق اعناق اليهود واذاقهم المر بقنابله وصواريخه " اللواء طيار / محمد عكاشة " البطل المصري الحائز علي نوط الشجاعة ، ونوط الواجب ، ونوط الجمهورية ، وترقية استثنائية اثناء معارك حرب الاستنزاف ، وصاحب مؤلفات عديدة منها " القفص الطائر " و " صراع في السماء " و " جند من السماء " و " قصر في الجنة " و " قصة الصراع العربي-الاسرائيلي من بازل الي كامب ديفيد " ، الذي ذهبنا الي منزله وساعدنا في ذلك الاخ العزيز احمد زايد فله جزيل الشكر ، ولكن ما احب ان اسجله قبل ان اعرض الحوار هو الادب الجم والتواضع الذي اذهلنا به هذا الرجل وخصوصا عند دخولنا لمنزله ، ومن حرب اليمن الي النكسة الي حرب اكتوبر الي اتفاقية السلام الي ثورات الربيع العربي ، اثقلنا الرجل بالاسئلة ولكنه لم يضيق او يتملل بل كان كله حماس وبريقا وكأنه يحكي لنا عن احداث تقع لتوها ، وهذه شهادة حق يجب ان اسجلها له . بداية فلنعلم ان حرب اليمن بدأت في 26 سبتمبر 1962 ، وفي الثالث من اغسطس 1963 بعد تخرج الملازم طيار/محمد عكاشة بعام من الكلية وقتها طار الي اليمن ، وكان
السؤال الاول لنا ان مصر دفعت بقوات كبيرة في هذه الحرب ومع ذلك لم تحسم المعارك ؟صراحة مصر هزمت في حرب اليمن ، وكانت اليمن كارثة كبري ولكن للاسف لايتحدث احد عنها بتاتا .
س : اذن مالسبب الذي ادي لهذه الهزيمة ؟
كان الرئيس عبد الناصر وقتها داعيا الي القومية العربية والوحدة والذي كان دائما مايذاع عبر وسائل الاعلام الحكومية او كما نستطيع ان نسميه " اعلام السلطة " ، والذي كان يروج لاي شئ يقوله عبد الناصر ، والذي كان قد غطي الخسارة العسكرية في عام 1956 الي نصر ، والذي حدث انه لظروف عالمية انتصرنا سياسيا .
ولا انسي خطبة للرئيس عبد الناصر عندما قال " شباب مصريين حولوا دول من الدرجة الاولي الي دول من الدرجة الثالثة " وكان بالطبع يقصد انجلترا وفرنسا ، وبالطبع كنت مقتنعا بكلام الرئيس عبد الناصر وقتها ، فثورة 1952 قامت وانا لدي 9 سنوات فقط وكان تفتحي كله معها ، وكان الرئيس عبد الناصر بالنسبة لي حلم وامل وقائد ، لكني عندما ذهبت الي اليمن وعدت تغير كل ذلك 180 درجة ، حيث كنت وقتها في العشرين من عمري وصدمت هناك مبكرا ، وعدت من هناك وانا ضد عبد الناصر علي طول الخط ، و كان قد قيل وقتها اننا ذهبنا الي اليمن لنناصر اخوتنا هناك ضد حكم الملكية وضد الامام البدر ، ولكي نتخيل الموقف فهو تماما مثل ان نبعث جيشنا في وقتنا هذا لمساندة اليمنيين في الثورة ضد علي عبد الله صالح ، فهل يقبل احد ذلك ؟ اعتقد ان هذا شأن اليمنيين انفسهم ، ولكن الرئيس عبد الناصر لان قبل ذلك بعام بالضبط في 28 سبتمبر 1961 فشلت الوحدة مع سوريا ، والتي كانت حققت له مكانة وشهرة ضخمة جدا في جميع الدول العربية ، وكانت اليمن هي اول ماظهر له ليقوم بشئ مشابة ، والدليل ان اليمن اصلا من عام 1958 : 1960 كانت في الوحدة مع مصر وسوريا ، وكان ذلك طلب يمني للانضمام ، ولكن كانت وحدة كونفيدرالية ، حتي تستقر الوحدة المصرية-السورية اولا ثم تدخل اليمن ، ولا اعتقد ان يكون الامام البدر رجلا صالحا حتي عام 1961 ثم اصبح عام 1962 ذلك الحاكم الظالم لشعبه .
والرئيس عبد الناصر لم يذهب من اجل القومية العربية ولا من اجل تحرير الشعوب ، وكان المستشارين السيئين ايضا متواجدين ايضا كعادتهم دائما بجوار كل حاكم ، وقالوا للرئيس عبد الناصر ان الوضع في اليمن سيحسم فقط بسرية صاعقة وطائرة واحدة فقط ، وهذه كانت بداية قواتنا هناك ، وفي عام 1967 عندما سحبنا قواتنا من اليمن اصبحت السرية التي تتكون من 90 فرد اصبحت 40 الف مقاتل ، واصبحت الطائرة حوالي 50 طائرة ، علاوة علي الانفاق المالي الذي اعتبره بداية الانحدار الاقتصادي لمصر ، فنحن ننفق طعام وشراب وذخيرة ووقود وعلاج وسيارات واليات جديدة بديلة للتي يتم تدميرها ، بالاضافة الي بناء المدارس والمستشفيات والمطارات ، كل ذلك كان من الميزانية المصرية وبالطبع كان ولابد ان تصاب بخلل كبير ، وانعكس ذلك الخلل علي ميزانية القوات المسلحة ، وبدأ تخفيض ميزانية القوات المسلحة ، فأصبح هناك الكثير من الاشياء الحيوية التي لانقوم بها ، مثل المواقع الدفاعية في سيناء من المفترض ان يكون بها تجهيز هندسي معين ، ولكن هذا التجهيز لم يحدث تحت بند انه لايوجد اعتماد مالي ، كما ان الفريق صدقي قائد القوات الجوية وقتها طلب انشاء دشم لحماية الطائرات ، وكان الرد انه لايوجد اعتماد مالي ايضا .
س : المحلل العسكري الامريكي انتوني كوردسمان ذكر في كتابه " التوازن العسكري في الشرق الاوسط " والصادر عام 2006 ذكر فيه ان عبد الناصر استخدم في معارك حرب اليمن غاز الخردل وغاز الاعصاب عبر قصف للقوات الجوية ، فهل حدث ذلك فعلا ؟
شخصيا انا لم اقم بمثل هذه الاعمال ، لان طائرتي لم تكن مجهزه لحمل هذه الاسلحة ، فكنت اطير علي " الياك-11 والميج-17 " ، وهذه الطائرات لاتستطيع حمل هذه الحمولات ، ولا اعلم ان كان قد حدث هذا عموما ام لا ؟ .
س : ثم تحول الامر في اليمن الي حرب عصابات ؟
تقريبا ، فاليمن بلد ذو طبيعة جبلية ، والشعب نفسه لم يكن مؤيدا للثورة ولا حتي ضد الثورة ، والحقيقة ان القبائل كانت تتحول بين ليلة وضحاها من تأييد الي الجمهورية الي تأييد الملكية ، وكان هناك العديد من العوامل التي تؤثر علي ذلك ، ووسط كل ذلك كانت حرب العصابات شرسة واصبح الهدف ان نؤمن انفسنا فقط ، ثم قدم للرئيس عبد الناصر خطط صحيحة مثل خطة الفريق / انور القاضي - رحمه الله - وكانت تقضي بالانسحاب من المحاور والتمركز في الثلاث مدن الرئيسية " صنعاء والحديدة و تعز " ، ولكن هذه الخطة تم رفضها ، ولو كان قد تم تنفيذ هذه الخطة لكان الامر قد اختلف تماما عما خرجنا به من اليمن في 67 ، وخسرنا بالفعل في حرب اليمن الكثير من الشهداء والمصابين والمعدات ، وكان كل ذلك للاسف بلا ثمن .
س : هل كنت ضد عبد الناصر علي طول الخط حتي في عهده ؟
بالطبع ولكن نتيجة القهر لم نكن نستطيع ان نفعل شئ ، كما ان رتبتي وقتها كانت صغيرة حيث كنت لا ازال ملازم ، ومع اني كنت اري الكثير من الاخطاء امامي فلم اكن استطيع ان اتحدث عنها ولم يكن هناك من سيستمع الي ، كان كل مانستطيع ان نقوم به هو مجرد احاديث مع اصدقائي الطياريين .
س : تحدثت عن انك بداية من حرب اليمن اصبحت ضد عبد الناصر وتري الحقيقة التي كانت غائبة وقتها ، وان هذه الحرب كانت صدمة بالنسبة لك ، فما هو اكثر شئ سبب لك صدمة في هذه الحرب ؟
رايت قادة الجيش المصري ، والذي كنت اعتبرهم قادتي الكبار ، فوقتها كنت ملازم واري الذين يحملون رتبتي اللواء والفريق ، والمشير عامر ، وكانوا يمثلون لي شئ ضخم للغاية ، ولكن هذه الحرب جعلتني اعرف عنهم وقائع غير سارة ، مما اصابني بصدمة جعلتني افقد ثقتي فيهم نهائيا ، وتغيرت نظرتي اليهم ، وظهر ما احسست به النكسة ، وارفض ان اخوض في هذا الامر اكثر من ذلك .
س : الطياريين المصريين قبل النكسة في احاديثهم معا او في داخلهم هل كانوا يشعرون بأن هناك نقص في المعدات او نقص في الطائرات ؟
شخصيا ، انا كنت اري الهزيمة قادمة لامحالة ، وذلك من خلال الوقائع التي كانت تحدث ، ولم يكن حديثي رجما بالغيب ، فلم نكن نتدرب بشكل صحيح ، وتقريبا لم نكن نمتلك اي معلومات نهائيا عن العدو ، كما ان الاشتباكات الفردية التي حدثت بيننا وبين العدو من 1962 الي 1967 اظهرت قصور رهيب جدا لدينا ، وكمثال بسيط حدث ان طائرة اسرائيلية اخترقت مجالنا الجوي وقالوا لنا اننا تصدينا لها عند رشيد .
حكمي الخاص وقتها لم يكن عاطفيا ، مثل الجرائد التي صدرت في اليوم التالي وكانت المانشيتات " اعترضنا طائرة اسرائيلية واجبرناها علي الفرار امام رشيد ، ولم تكن الجماهير تفهم بشكل صحيح معني ذلك الاعتراض ،ولكني اندهشت كيف تصل هذه الطائرة حتي رشيد ؟ ، كيف تعبر هذا الساحل الطويل دون اعتراض عند العريش او البردويل او بورسعيد ، كيف لانعترضها الا عند رشيد ؟ ، وادركت وقتها اننا في غيبوبة ، وبالقياس علي ذلك كانت الاشتباكات التي حدثت بيننا وبينهم ، فصرحنا اننا اسقطنا طائرة ولم يحدث ذلك ، وعقب ذلك اسقطوا هم لنا مقاتلتين ، اي ان الوقائع جميعها كانت تؤكد ان الهزيمة قادمة .
س : هل كانت علاقة الطياريين المصريين بسيناء قبل النكسة مقطوعة ؟
من قال ذلك ؟ من الاساس كان هناك مطارات في سيناء وهي العريش وكان يتواجد به سرب ، مطار المليز كان به سرب هو الاخر ، واحيانا مطار تمادا كان به سرب هو الاخر .
س : واين كنت تحديدا في اثناء النكسة ؟
كنت قد عدت الي مصر عام 1963 وقضيت الاربعة سنوات التي فصلت بين هذا التاريخ والنكسة كمدرس في الكلية الجوية ، وعندما اعلنت حالة الطؤاري في الرابع عشر من مايو ، عدنا الي اسرابنا ، وكان ذلك الامر احد الشواهد التي اكدت لي اننا لن ننتصر ، لاننا كنا قد تركنا الطائرات التي عدنا اليها مثل " الميج-17 والميج-19 " ومنذ 4 سنوات لم نقودها ، ثم حلق كل منا طلعة واحدة فقط ، وهذا الامر في عرف الطيارين يعد " تهريجا " ، لان ذلك لايصح لدخول معركة والاشتباك مع طائرات اخري ، ولايجوز انه بعد انقطاع اربعة اعوام ان احلق في طلعة واحدة فقط ، وتيقنت وقتها اننا مهزمون لامحالة ، وما اكد لي ذلك اكثر انه في الفترة بين 15 مايو الي 1 يونية ، تم نقلي خلالها بين اربع وحدات ، ولا اعتقد ان هناك ضابط طيار يجوز ان ينقل هذه التنقلات ثم ننتظر ان يكون هناك مردود ايجابي من هذا السرب .
وفي كل سرب انتقل اليه اجد الجميع يقول " سوف نضرب اليهود " ولكن " اين سنضربهم ؟ واين المعلومات عنهم ؟ وماهي الخطة ؟ " كل هذه الاسئلة لم يكن احد يرد عليها ، فقط " سوف نضرب اليهود " ، كل هذا كان يصب في صالح الهزيمة " التنقلات ، عدم وجود خطط ، عدم وجود معلومات " وانعكس ذلك فعلا علي ماحدث في الحرب وحدثت الهزيمة ، ولكن ايضا في هزيمة 1967 ، كان اليهود يعملون بشكل جيد جدا ، ومع ذلك كان الجانب الاكبر من هذه الهزيمة الاهمال والتقصير من جانبنا ، وبعد ان تنقلت في هذه المطارات ، اذ اجد طلب مفاجئ لي بالذهاب الي اليمن مرة اخري ، فذهبت الي اليمن بدلا من سرب كان قد سحب من هناك ، واندلعت الحرب ونحن هناك .
س : بين الاعلام الاسرائيلي ان 5 يونية 1967 هي الهزيمة الساحقة للجيش المصري التي لن يقوم له قائمة بعدها ، ولكن وسط كل ذلك كان هناك بطولات لطياريين مصريين ، هل لنا ان نتعرف علي بعض منها كجزء من تاريخنا اثناء النكسة وماتلاها ؟
الطياريين المصريين في 1967 قاموا ببطولات رائعة للغاية ، ومع ذلك خرجنا من الحرب مسئولين عن الهزيمة ، فالطياريين هم السبب ، والطياريين كانوا نائمين وقت الضربة ، فكل شئ قد يقال قيل علينا كما يحدث مع الثوار في وقتنا هذا ، فكل شئ حدث كان سببه الطياريين ، ومع ذلك كانت بطولاتنا رائعة ونادرة وانتحارية ، وعلي الرغم من انني لم اكن متواجدا وقتها ، ولكني اعرف بالدقيقة وبالساعة ماحدث في الخامس من يونية في كل مطارات مصر ، ويومها لم يتواني الطيار المصري ، ولكن حجم الهزيمة لم يكن يسمح بذكر هذه البطولات ، فالبطولات كانت فردية.
يومها كان اول مطار تمت مهاجمته هو مطار " تمادا " واعقبه " المليز " ثم العريش ، والمصيبة ان جميع المطارات تمت مهاجمتها دون اي سابق انذار ، فلم يستعد الطياريين لاي هجوم ، وهذا يظهر لنا مستوي القيادة في هذا الوقت ، فأول مطار تم ضربه كان في الثامنة و 42 دقيقة ، واخر مطار كان مطار بني سويف في التاسعة وعشر دقائق ، اي انه كان هناك فارق 28 دقيقة بين اول مطار واخر مطار ، وكان من الطبيعي ان المطار الاول قد ابلغ القيادة ، واذا افترضنا انه من الجائز ان المطار الذي ضرب في الثامنة و 45 دقيقة كان لايمتلك انذار ، فأن المطار الذي ضرب في الثامنة وخمسين دقيقة كان يجب ان يكون لديه انذار بالهجوم، وكذلك المطار الذي ضرب في الثامنة و55 دقيقة ، ولكن ماحدث انه لم يكن لدي اي مطار انذار ، مع ان كل المطارات قد ابلغت القيادة بحدوث هجوم عليها ، ولكن القيادة كانت تتلقي البلاغات دون اي رد فعل ، وهذا يوضح لنا مستوي القيادة في هذا الوقت ، فاصابهم الارتباك من الموقف الذي لم يكن متوقعين حدوثة بحالة من الشلل ، ففؤجي المطار الذي ضرب في التاسعة وعشر دقائق بالطيران الاسرائيلي يهاجم المطار ، رغم ان هناك مطارات وطياريين مصريين ضربوا قبله بثمانية وعشرون دقيقة كاملة .
وحدث ماكنت اتوقعه واخشاه ، ووقتها كان الطيارين المصريين بمجرد رؤيتهم للطائرات الاسرائيلية فوق المطار يقفزون في طائرات الحالة الاولي ويقوموا بالاقلاع بها للتصدي لهم ، وهذا انتحار صريح ، فأن يقوم طيار بالاقلاع بطائرته وفوقه طائرة معادية فهذا كما قلت انتحار ، ونجح جزء منهم في الاقلاع ولم ينجح جزء اخر ونال الشهادة ، ومنهم الشهيد ملازم طيار / سعيد عثمان والطيار /ممدوح الملط ، وفي مطار ابو صوير تمت الهجمة الاسرائيلية الاولي ، ولكن عقبها اقلاع الرائد / عوض حمدي والملازم طيار / عاصم غازي ، للتصدي للهجمة الثانية ونجحوا في اسقاط طائرة من الهجمة الثانية وافشلوا الهجمة بالكامل ، وتشجع ابطال اخرون واقلعوا بالمقاتلات ، مع ان الممر كان قد دمر ثلثيه ، فكان الطياريين يقفون عند بداية الممر ويقومون باعطاء الحد الاقصي من السرعة للطائرة after burner ، مع الضغط علي الفرامل لمنع الطائرة من الحركة ، وعند الوصول لاقصي سرعة للمقاتلة يتم ترك الفرامل فتنطلق الطائرة بسرعة علي الثلث المتبقي من الممر ، وهذه الطريقة طريقة في غاية الخطورة ، وهناك طياريين استشهدوا بالفعل نتيجة ذلك منهم الشهيد طيار/ عبد المنعم مرسي والذي اقلع بنجاح واسقط طائرة اسرائيلية وعند هبوطه سقط في حفرة في الممر مما ادي لاستشهادة ذلك كله في مطار ابو صوير ، وفي مطار كبريت اقلع منه المقدم طيار / طليبة ثلاث مرات ، اول مرة اقلع بمفردة ، وفي الثانية مع الشهيد طيار / محمود الحديدي الذي قفز بالمظلة بعد ضرب طائرته اثناء الاقلاع ، وفي المرة الثالثة اقلع بمفردة ، وفي انشاص اقلع الطيار / نبيل شكري واسقط مقاتلة اسرائيلية هو الطيار / سامي فؤاد وقاموا بافشال الهجمة ، فكانت البطولات في غاية الروعة ، ولكن الهزيمة كانت كبيرة ، كان الطياريين المصريين يضربون داخل المقاتلات مثل ماحدث في مطار قويسنا فاستشهد طياري الحالة الاولي داخل المقاتلات وكان منهم الشهيد نقيب طيار / نبيل رضوان ، وهم في انتظار انذار بالهجوم وهو الامر الذي لم يحدث ، وتلي ذلك اعمال جيدة في 6 و 7 و 8 يونية ، مثل البطل طيار / فتحي سليم والبطل طيار/ سعيد شلس ، والذي اشتبك فوق شرم الشيخ مع طائرات اسرائيلية من طراز " نور اطلس " كانت تسقط مظليين فوق شرم الشيخ فأسقط هو وزميل له طائرتين ، وكانت حمولة الطائرة 60 فرد اي كلفوا اسرائيل 120 جندي ، واسقطنا في هذا الاشتباك طائرتين ميراج من سرب حماية طائرات النقل وخسرنا ايضا مقاتلتين .
ولكننا خرجنا من هذه الحرب وقد استوعبنا الدرس كاملا ، وعندما ننظر الي ماقمنا به بعد 1967 سنجد اننا فعلنا اكثر مافعله اليهود عشر اضعاف ، فكان بالفعل درس لنا جميعا ، من اول عبد الناصر حتي بائع الجاز ، وظهرت عبقرية الشعب المصري مع عبدالناصر عندما اعلن عبدالناصر التنحي وانه هو المسئول عن الهزيمة ، ولم يكن احد في العالم بما فيهم عبد الناصر كان متوقعا لما حدث ، فكان مرعوبا من حساب الشعب له وان المواطنين سيقومون بتعليقه في المشنقة في ميدان التحرير ، ولكنه فؤجي بأن مصر بالكامل خرجت له لتقول ابقي في منصبك ، وقيل بعد ذلك ان الاتحاد الاشتراكي ومنظمة الشباب هم من قاموا باعداد هذه المظاهرات وتنظيمها ، ولكني غير مقتنع بذلك ، فمن وجهه نظري ان الشعب خرج وقام بذلك لانه لم يقبل الهزيمة ، وليعلن تمسكه بعبد الناصر الرمز ، وليس عبد الناصر الشخص ، بما يعني ان تبقي حتي تحارب من جديد وتنتصر ثم يأتي ميعاد الحساب ، لانه لو كان قد تم التنحي ، كان ذلك سيعد انتهاء لمعركتنا مع اسرائيل ، لان اي رئيس جديد كان سيذهب الي العدو ويتفاوض معه ، ولكن عبقرية الشعب المصري النادرة جعلته يتمسك بعبد الناصر الرمز ، علي الرغم من معرفتهم ان عبد الناصر هو المسئول الاول والثاني والثالث عن هزيمة 67 دون جدال .
وعبد الناصر بنفسه اعترف بذلك ، وان القادة اخبروه بمعلومات مغلوطة منها الصواريخ مثلا التي كانت تسير في استعراضات امام الناس ، وكانت الناس تصدق انها صواريخ حقيقية ، ولكنها لم تكن صواريخ حقيقية بل كانت صواريخ هيكلية ، وكان عبد الناصر قبل الحرب يعتمد علي من يدين له بالولاء ، ويوزع عليه المناصب ، واولهم بالطبع عبد الحكيم عامر ، الذي كان صديق عمره ، فجعله يتولي مسئولية الجيش لخوفه من ان ينقلب الجيش عليه كما فعل هو ، ولكن عبد الحكيم عامر توغل داخل الجيش واصبح مركز قوة ضد عبد الناصر ، فلم يستطع عبدالناصر ان يتحكم في الجيش ، وعلي هذا النهج سار عبد الحكيم عامر وكانت قيادته كلها من اهل الثقة ، فعلي سبيل المثال احد القادة كان عائد من المانيا قبل الحرب بفترة قصيرة جدا ، وولاه عبد الحكيم عامر قيادة اول فرقة كانت علي الحدود بيننا وبين اليهود ، فكانوا يعتقدون انهم سينتصرون وسينال نصيبا من المكافأت ، ولكن بعد الحرب غير عبد الناصر هذا الاسلوب وعين اهل الكفاءة في المناصب القيادية ، وبدأ بالفريق محمد فوزي وزيرا للدفاع ، وطال هذا الامر كل شئ ، حتي طلبة الجامعات التي كان لازما عليهم ان ينضموا الي القوات المسلحة بعد نهاية دراستهم ، بدلا من الفلاحين والاميين ، لاننا كنا نحتاج الي فرد يستوعب التطور السريع في السلاح ، وبناء علي ذلك قضي بعضا من شباب مصر 7 سنوات في الجيش ، وهذا كان احد انواع لتطبيق نظرية اهل الكفاءة ، ومن هنا بدأت القرارات تتخذ بشكل صحيح ، وعمل الجميع باخلاص وضمير ، ولم يكن احد يسعي لاظهار نفسه ، وعلي الرغم من ان الايام كانت تسير بطريقة جيدة الا انها كانت ايام شاقة للغاية ، وذلك بالطبع نتيجة لاحساس الهزيمة المرير ، فاخذنا المسألة كأنها ثار شخصي بيينا وبين اليهود ، وزاد علي ذلك اننا لم نعطي الفرصة لكي نحارب ، وضربنا علي الارض ، وغطي حماسنا علي نقص الامكانيات وظروف المعيشة الصعبة ، فكنا جميعا نظل في مطارتنا 15 يوم دون اي اجازات ، وكانت الاجازة لاتزيد علي ليلة واحدة ، وكان من يحصل علي اجازة ليلة ونصف فكأنه ابن الملك ، والحقيقة ان الشعب بالكامل تعامل من هذا المنطلق ، فلا يجوز ان نعطي المجد لشخص واحد او فرد واحد ، فلا يجوز ان ننسب ذلك كله الي محمد فوزي مثلا ، فكل واحد عمل في موقعه ، وكان الشعب مساندا للجيش ، فلاننسي اننا هجرنا ثلاثة مدن هي " الاسماعيلية ، والسويس ، وبورسعيد " لمدة 7 سنين ، فترك اهلها منازلهم واعمالهم ومصادر دخلهم ، ولو قارنا ذلك بما يحدث الان ، لوجدنا انه عندما اعتصمنا في التحير اسبوع تذمر اصحاب المحلات التجارية هناك واحتجوا علي ذلك ، وانسحب الامر كذلك علي المرور والطرق ، انا اتحدث الان عن من ترك منزله وعمله 7 سنوات كاملة ، ولو طبق كل واحد منا هذا الامر علي نفسه ، سنجد انها تضحية ضخمة للغاية ، ومع ذلك لم يتبرم احد ولم يقم احد بمظاهرة ، فكان الناس يدركون ان ذلك لمصلحة مصر ، فكنا نضرب الجيش الاسرائيلي فيرد بضرب المدنيين وهو امر لم يكن من المناسب ان يستمر ، فهجرنا اهالي مدن القناة ، ونصبح وجها لوجه مع الجيش الاسرائيلي دون الخوف علي اهالينا المدنيين ، وانا اعتبر ان الفترة بين حرب 1967 وحرب اكتوبر هي اروع سبعة سنوات في تاريخ مصر ، كانت مصر كما يجب ان تكون الان ، وكان املي في ثورة يناير ان تعيد مصر مثلما كانت في هذه الفترة ، بالفعل كان المصريين يعيشون علي قلب رجل واحد ، شعبا وجيشا وحكومة ، وكانت كل المسائل واضحة فالكفاءة في العمل تظهر في ساحة المعركة ، وكان هناك تحدي بين الطياريين في من يثبت انه اكفأ بالتجربة العملية في ضرب اليهود ، وخسارة ثورة يناير انها لم تستطيع ان تعيد مصر الي الشكل الذي كنا عليه وقتها .
س : هل بعد هذه البطولات في ظل عدم التدريب للطيار المصري والذي يقود طائرات اقل في الامكانيات ، فهل الطيار الاسرائيلي كذبة ؟
بالطبع لا ، الطيار الاسرائيلي ممتاز ومدرب ويصرف عليه مبالغ كبيرة ، ولكن اتفوق عليه بالروح والعزيمة ، فالطيار الاسرائيلي لايمتلك هذه المميزات ، وهذا مايجعل الطيار المصري يعوض الفارق في السلاح ، فالسلاح بالرجل وليس الرجل بالسلاح ، فنحن حاربنا الميراج بطائرات الميج-17 ، وتجربتي الشخصية اتاحت لي قيادة الطائرتين ، وعندما كنت اقود الميج-17 واهاجم الاسرائيليين ويخرج لي مقاتلات الميراج لاسقاطي ، كنت اعلم انها اسرع مني وافضل في التسليح ايضا بل وفي كل شئ ، وكنت اجازف بنفس راضية واشتبك معهم ، ولكن عندما قدت الميراج اصابتني الصدمة ، كيف كنا نحارب اناس يمتلكون هذه المقاتلات ؟ اننا جبابرة ، بالفعل المصريين جبابرة ، فالمصري عندما يؤمن ويقتنع بشئ فأنه سينحت في الصخر ليقوم به ، واعيد واؤكد ان الطيار الاسرائيلي ليس كذبة .
س : بعد الحرب عاني الطياريين المصريين وانت منهم ، حتي في المعيشة والسكن ، كيف كانت هذه الايام ؟
بعد حرب 67 ذهبت الي مطار قويسنا ، وكان المطار عبارة عن ممر ، وغرفة من الخشب ، ولم يكن هناك مكان للمبيت فيه ، فكنا نضطر لعبور السكة الحديدية ، وكنا نبيت في مبيت ممرضات ، كان عبارة عن عدد من الاسرة بمراتب فقط دون حتي غطاء او اي شئ ، وكنا نتقبل الوضع ونتعامل بتلقائية ، فلم يكن تهمنا هذه الامور .
س : الفريق مدكور ابو العز ، لماذا عزل بسرعة شديدة بعد تولية مسئولية القوات الجوية بعد النكسة علي الرغم من انه قام بالعديد من الاشياء الممتازة ؟
الفريق مدكور ابو العز هو استاذنا جميعا ، وكان له دور كبير في القوات الجوية ، وفي الكلية الجوية من قبل ذلك ، وانا تخرجت عندما كان مديرا للكلية الجوية ، وهو رجل شديد الاحترام والاخلاص والوطنية ، ولكن الفترة التي تولاها كانت من يونية الي اكتوبر وهي فترة قصيرة لم تمكنه من عمل الكثير ، والسبب في ذلك يرجع الي انه كان يحمل رتبة الفريق وفي نفس الوقت كان وزير الدفاع محمد فوزي يحمل رتبة الفريق ، وعلاوة علي ذلك كان اقدم من الفريق فوزي ، وكان الخلاف بينهم واضح منذ الفترة التي كان الفريق مدكور فيها مديرا للكلية الجوية وكان الفريق فوزي مديرا للكلية الحربية ، حتي اننا كنا نعرف ذلك ونحن طلبة في الكلية الجوية ، وعندما تولي الاول قائد القوات الجوية واصبح الثاني وزيرا للدفاع كان الفريق مدكور يرفض تلقي الاوامر من الفريق فوزي ، وان يكتفي الفريق فوزي بطلب مايريده منه فقط ، مما ادي لحدوث خلافات بالطبع ، واعتقد لاني لا استطيع ان اجزم بحقيقة ماجري ، ان هذا الخلاف وصل للرئيس عبد الناصر والذي فضل التضحية بالفريق مدكور والابقاء علي فوزي ، علي اساس انه قائد للقوات المسلحة بالكامل .
س : ومن تولي خلفا له ؟
هذه المرة للتغلب علي اي مشكلة قد تنشأ من الرتب اختاروا عميد طيار / مصطفي شلبي الحناوي ، ولكي يكون قائد للقوات الجوية تم احالة 21 ضابط ممن يسبقونه في الرتب الي المعاش ، وهذا القرار كان وش السعد علي حسني مبارك ، لانه اصبح رقم 3 في القوات الجوية بعد هذه الحركة ، بعد ان كان رقم 24 ، والحق يقال ان العميد / مصطفي شلبي الحناوي كان يستحق هذه التضحية ، فكان رجلا مقاتلا ، وكان يتمتع بتفكير خططي وعملياتي جيد .
س : في هذه الفترة اصبح حسني مبارك مديرا للكلية الجوية ، فهل صحيح مايقال انه خرج اعداد كبيرة من الطياريين بمستوي ممتاز في فترة زمنية قصيرة ؟
هذا كلام صحيح ، ولكن يجب ان ننتبة الي نقطة ، وهي عدم تشخيص المسائل ، ولاينسب الفضل الي واحد فقط ، وهذه ثقافة قديمة رسخها فينا الرئيس عبد الناصر ، فمثلا عندما تقول عبد الناصر ، سيقال لك انه قد بني السد العالي ، وانا اري انه من الطبيعي ان يقوم بذلك وليس منة او فضل منه ، والا لماذا كان رئيسا للجمهورية ؟ ، فاحتكار المجد والتكريم لشخص واحد افسد تاريخنا تماما ، ففي فترة عبد الناصر كان كل شئ عبد الناصر وكذلك في عهد السادات ومبارك ، هذه الثقافة كما قلت موجودة منذ عام 1952 ، ويلعب الاعلام دور كبير فيها بشكل غير محترم ، بالفعل حسني مبارك اجتهد وعملت الكلية من اربعة مطارات في المنيا ، وبلبيس ، وامبابة ، ومرسي مطروح ، وكان يدير الكلية من اربعة مطارات ، واخرجت الكلية الجوية كمية طياريين محترمة ، في اوقات قصيرة ، ولكن كان مع حسني مبارك ايضا 50 مدرس ، و 2000 ميكانيكي ، ومهندسين ، فليس حسني مبارك بمفرده هو من صنع هولاء الطياريين ، وينطبق هذا الامر ايضا علي الضربة الجوية الاولي ، علي الرغم من ان هذه الضربة اشتركت فيها مصر بالكامل .
س : مالفارق بين التدريبات والتكتيكات القتالية قبل وبعد 1967 ، اثناء معارك الاستنزاف ، وكان قد سبق ان وصف المشير طنطاوي والمشير الجمسي حرب الاستنزاف بأنها تطعيم المقاتل المصري لحرب اكتوبر ؟
بالطبع ، وحرب الاستنزاف هي من اروع الحروب التي خاضتها مصر ، ومع ذلك فهذه الحرب منسيه ، واذا تذكرها احد في اي مكان لايقال سوي كلمتين " حرب الاستنزاف " ، ولايعلم احد ماهي حرب الاستنزاف ؟ التي استمرت 500 يوم قتال ، فمثلا هناك الكثيرين لايعرفون ان مدن القناة تم تهجيرها لسبعة سنوات ، وهذه التضحية يجب ان تذكر في كل مكان ، وللاسف سقطت اجزاء مهمة من تاريخنا ، وتحدثنا عن اشياء ليست ذات اهمية .
ففي كل اكتوبر من كل عام نري ونسمع نفس الكلام الذي سمعناه في الاعوام الماضية ، فجلسنا نتحدث ثلاثين عاما عن الضربة الجوية فقط ، وهذا ظلم للنفس ، اما بخصوص التدريب فكما يقال " الهزيمة اكبر معلم " ، فقبل 1967 كان التدريب " تهريج " عبارة عن خمسة او ست ساعات شهريا ، كلها كانت علي ارتفاعات كبيرة ، فكان الطيران المنخفض ممنوع نهائيا ، واي طيار يحلق علي ارتفاع منخفض يحصل علي جزاء ، وكانت هذه التدريبات التي علي ارتفاعات عالية ليست ذات قيمة في المعركة ، كانت تدريبات كلاسيكية جدا ، فعندما تدربنا باسلوب مغاير بعد النكسة اكتشفنا اننا كنا بنهرج ، وبدأنا نتدرب باساليب صحيحة من طيران علي ارتفاعات منخفضة ومتوسطة الي تدريبات قتالية الي الهجوم علي المواقع الي اشتباكات مشتركة ، مما ادي لحدوث طفرة في مستوي الطيار المصري ، ففي حرب 1967 مثلا دخل بعض الطياريين الحرب دون ان تضرب نار من الطائرة " صاروخ او مدفع " منذ عام ونصف او عامين ، ولكن بعد الهزيمة اصبح الطيار المصري يضرب شهريا عشر مرات ، اي 120 مرة في العام ، واصبحت الخمسة ساعات تدريب شهريا عشرون ساعة ، والطيار الذي لم يكن يمكل العشرين ساعة كنت اجعله يبقي في المطار حتي يستكمل عدد الساعات ، فدخلنا حرب الاستنزاف ونحن متمكنين من طائراتنا واكسبتنا هذه الحرب خبرات جديدة ، وكنا نعيش في عنفوان الشباب فكنت قائدا للسرب وانا ابلغ من العمر 27 عاما وكان قائد اللواء في الثلاثينات من عمره ، ولكننا كنا مصرين علي الانتصار باستماتة ، واعطانا الشباب القدرة علي الابتكار ، فتفوقنا علي الروس صانعي الطائرات ومن تدربنا علي ايديهم ، لان كلامهم عن مقاتلاتنا كان سيؤدي بنا الي كارثة ، فالغينا مايقوله الروس من عقولنا وبدأنا نحن في التفكير ، والتجربة ، فنفشل مرة فنعيد المحاولة ، حتي ننجح فنتخذ الطريقة الناجحة اسلوب عمل ونجحنا وحققنا نتائج رائعة جدا بما فعلناه ، وكان اهم شئ خرجنا به من حرب الاستنزاف هو تكوين عقيدة قتالية للقيادة والجيش المصري ، فكنا قبلها نسير حسب توجيهات الروس ، علي اساس ان افضل من يستخدم السلاح هو صانعه ، ولكننا اكتشفنا انهم ليسوا كذلك ، وابتكرنا حلول لم يقوموا بها هم .
س : وماهي اهم الاشياء التي ابتكرتها القوات الجوية المصرية في هذه الفترة ؟
اول شئ المهندسين لدينا ، زادو من حمولات الطائرات الميج-17 والسوخوي ، وذلك باضافة حملات جديدة في باطن الطائرة ، فحملت الميج-17 لم تكن تحملها من قبل وكذلك الامر مع السوخوي .
وكطيارين كان الخبراء الروس يقولون لكي نرمي قنابلنا يجب ان اطير علي ارتفاع 1200 متر ، ثم اتخذ زواية الهجوم وعند ارتفاع 600 متر نرمي القنابل ، وعندما فكرنا في هذا الموضوع وجدنا انه اذا حلقنا علي هذا الارتفاع ، فأن الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات " هتعمل فينا الي مايعمل " لان فترة تعرضنا للنيران ستكون كبيرة جدا ، اذن فلماذا نرتفع الي 1200 متر ؟ يكفي ان نرتفع الي 400 متر فقط ، مما سيقلل من فترة تعرضنا للنيران بشكل ملحوظ ، وكلن كيف سنقوم بالتصويب ونقذف قنابلنا ، فاعتمدنا فقط علي التوجية الشخصي من الطيار ، وذهبت انا الي ميدان ضرب النار والبطل الطيار/ حمدي عقل حلق باحدي المقاتلات ، وقمنا بالتجربة واتفقنا ان يضع nose الطائرة تحت الهدق بـ 2 rat ، وهي مقاييس لدينا للتصويب ، وقمنا بالتجربة عدة مرات ، مرة كنت اخبره ان يرفع قليلا ومرة ان يخفض قليلا ، حتي وصلنا الي طريقة التصويب الصحيحة ، واصابت القنبلة الهرم وهو مكان الهدف تماما ، ثم قمنا بتثبيت القياس ، وبدأنا بتدريب طياريينا في السرب علي هذه الطريقة ، وفي البداية كان الامر غريبا عليهم ، ولكن مع استمرار التدريب انقنوه تماما ، وطبقنا ذلك فعليا في حرب الاستنزاف ، وكانت تدريباتنا تؤهلنا للطيران علي ارتفاع 20 متر بسرعات عالية للتغلب علي صواريخ الهوك الاسرائيلية التي تصيد علي ارتفاع 30 متر .
س : لماذا لم تتصدي مقاتلاتنا للقوات الجوية الاسرائيلية عندما كانت تضرب الدفاع الجوي المصري اثناء بناء حائط الصواريخ ؟
العدو الاسرائيلي وقتها كان متفوق جدا علينا في ميزان القوة الجوية ، عددا ونوعية ، فكنا نمتلك 352 طائرة وكانوا هم يمتلكون 504 طائرة ، اي تقترب النسبة من 80% لمصلحتهم ، ومع ذلك لو نظرنا لاشتباكات حرب الاستنزاف ككل فلقد فقدنا فيها 80 طائرة وفقدوا هم 68 طائرة ، وهو رقم جيد جدا ، وبالطبع الدفاع الجوي اشترك في تدمير الطائرات الاسرائيلية وان كانت الاغلبية لنا كقوات جوية ، ولكننا كنا محدودين في التصدي للعدو ، وكان العدو يعرف حجم قدراتنا فيدفع باضعاف اضعاف مانستطيع التصدي له ، فكنا نتركه يقصفنا وفي نفس الوقت نعد العدة لنضرب نحن مواقعه ، فكنا نوجة له ضربات مفاجاة في الصباح بتشكيلات كانت تصل الي 24 طائرة ، تتفرق الي عدد من المواقع المعادية لضربها ، اما التصدي المباشر وقتها فكان خطأ كبير ، فلايجوز ان اتصدي لخمسين طائرة مثلا بعشرة طائرات فقط .
س : تطبيقا لمقولتك انه لايجوز ان نقوم بتشخيص العمل في شخص واحد ، فمن هم واضعي خطة الضربة الجوية الاولي ؟
كل واحد في موقعه مثل اللواء صلاح المناوي رئيس العمليات ، والعميد محمد شبانة ، وجميع قادة الالوية استاذتنا مثل الطيار علي زين وفاروق عليش وتحسين صيمة ، كل هولاء اشتركوا في الاعداد للضربة الجوية ، فالخطة لايقوم باعدادها فرد واحد ، يجلس ليلا ويخطط ، فلدينا في القوات المسلحة مايعرف باسم " السجادة " وهي خطوات واحدة تلو الاخري ، فبعد تلقي المهمة ، يتم تفهم المهمة ، ثم حساب الوقت " فقد يتخذ القرار في ساعة او في ستة شهور " ، حسب الظروف المحيطة ، ثم توزيع المهام " فهناك من يهتم بالحالة الفنية للطائرات ، وهناك من سيحدد الاهداف التي ستضرب في الخطة ، وهناك من يقوم بالتنسيق مع الدفاع الجوي " فكل فرد يقوم بالعمل المتخصص فيه ، ثم نجمع كل ذلك عند القائد ، ومثلا قد تكون الكفاءة الفنية للطائرات لاتصلح للقيام بالمهمة ، وقد تكون تحتاج الي بعض عمليات الصيانة التي ستزيدها وستجعلها مناسبة للمهمة ، وكل ذلك يعود الي القيادة العامة لابلاغها بما يمكن تنفيذ من الخطة ، وللاسف الصحفيين قاموا باخراج فتاوي بعيدة تماما عن الحقيقة ، جعلت الناس تصدقها ، وماذكرته جزء مما حدث لاعداد الضربة الجوية الاولي وليس كل ماحدث .
س : وماهي قصة دخول الميراج الي مصر ؟
في عام 1970 كان الوضع كالتالي " هناك صفقة مقاتلات ميراج كانت قد طلبتها اسرائيل من فرنسا عام 1967 " وكان رئيس فرنسا وقتها شارل ديجول وكان قد حذر انه سيمنع السلاح عن من سيبدأ الحرب ، واقتنع الرجل بأن الاسرائيليين هم من بدأو الحرب ، فرفض تسليم المقاتلات لهم " هناك ثورة في ليبيا شهر سبتمبر عام 1969 بقيادة القذافي ، ولم تكن تملك سلاح جو وقتها ، او علي مااتذكر كانوا مقاتلتين من طراز اف-5 ، ولم يكن هناك كوادر ليبية وقتها للتدرب علي هذه المقاتلات التي اتفق عليها مع فرنسا ، فذهب طياريين وفنيين مصريين من القوات الجوية الي فرنسا وتدربوا هم عليها وعادو الي ليبيا وبدأو في تأسيس القوات الجوية الليبية ، وكنت انا من الدفعة الثانية التي ذهبت الي ليبيا وتدربنا علي الميراج-5 هناك علي يد زملائي الذين ذهبوا الي فرنسا ، وانهينا تدريباتنا وعدنا في ابريل 1973 واستمر التدريب في مصر الستة شهور المتبقية قبل الحرب ، وبعد الحرب طالب القذافي استعادة الطائرات لانه غضب من ان السادات دخل الحرب دون ان يخبره بميعادها ، واعدناهم بالفعل بعد الحرب بتدخل من الشيخ زايد والذي اعطي لمصر سربين بدلا منه .
س : متي احسست بأن حرب اكتوبر قادمة ؟
لا ، لقد كنا دائما نحس بأنه حتما سوف تحدث حرب ، كان امر مفروغ منه ، وكنا في شدة السخط طوال فترة الثلاث سنوات " اللاسلم واللاحرب " التي فصلت بين حربي الاستنزاف واكتوبر ، بشكل غير طبيعي ، وكان اي احد يزورنا في المطارات كنا نطرح نفس السؤال " متي سنحارب ؟ " ، كنا نري انه من غير الممكن ان تمر الايام دون معركة ، ولو قامت المعركة فأنه من غير الممكن ان نهزم ، لابد ان ننتصر ، فلو كانت الهزيمة لامفر منها فستكون بعد موتنا ، ولو كنت انت في موقفي ، هل كنت تتحمل ان تهزم مصر من جديد بعد 67 ، واحساسنا هذا لم يكن شاذ ، واي شخص كان سيحس به ، فنحن سندخل الحرب لنقتل اليهود ، واي شئ غير ذلك ، فأن موتي هو الراحة بالنسبة لي .
س : اذن متي تيقنت ان الحرب قادمة لامحالة ؟
لم يكن هناك اي يقين ، فحتي الساعة الواحدة ظهر يوم السادس من اكتوبر كنت اعتقد انها مناورة ، من ضمن المناورات التي قمنا بها اكثر من مرة قبل ذلك ، وكنا بالطبع نحضر الخرائط والاهداف وندرس اهداف الطلعة ، ونقوم بتنفيذ قصفات علي اهداف هيكلية بنفس الارتفاعات والتشكيلات والمسافات التي ستكون في المعركة .
س : بعد كل هذه السنين جاء محمد حسنين هيكل ليقول ان الضربة الجوية الاولي كانت استعراضية ، فما ردك عليه ؟
هيكل ليس رجلا عسكريا لكي يتحدث عن الحرب ، يبدو انه ظن انه يفقه في العسكرية لمجرد دخولة غرفة عمليات ، او جلس مع بعض القادة العسكريين ، واحس انه من الممكن ان يفتي في الجيش او الطيران ، هيكل رجل صحفي ويجب عليه ان يلتزم بالحديث عن الصحافة ، فهو استاذ في الصحافة ، ولكن الجيش لا ، وليتفضل يأتي ويسألنا نحن ، اذا اراد ان يعرف التاريخ وماحدث ، وللاسف اعتمد هيكل علي ضعف وجهل العقول المصرية ، فالناس تصدق اي شئ دون ان تعمل عقولها ، انه يقول ان الرئيس السادات كان يجلس مع المشير احمد اسماعيل وجيهان السادات وحسنين هيكل نفسه لتناول طعام العشاء ، وهذا يوضح ان الموضوع من الاساس عشاء او سهرة ، وان المشير احمد اسماعيل قال للرئيس السادات ان الاهداف لاتستحق اكثر من 18 طائرة ، ولكن السادات رفض وقال انا اريدهم 200 طائرة للرد علي ضربة 5 يونية 1967 ، ولكي يستعيد الطياريين المصريين كرامتهم من جديد ، ولكي ترتفع الروح المعنوية للجنود علي الجبهة .
وطبعا هذا كلام لو كان حقيقيا فأنه يعد قمة التهريج ، وذلك لان تحديد عدد الطائرات مرتبط بالخطة العامة للقوات المسلحة ، وهذه الخطة يعمل عليها 200 ضابط ، وفيها يقال اننا نريد الاهداف التالية ، ولماذا هذه تحديدا ؟ وكم اعدادها ؟ وماهي المدة المطلوية ؟ وكم النسبة المطلوب تدميرها ؟ فكل ذلك يتم حسابه في الخطة العامة لكي نخرج بمحصلة نهائية وهي المطلوب من القوات الجوية ، فتقوم القوات الجوية بوضع توزيع لطائراتها ، وقد نعود الي القيادة لنخبرها باننا لانستطيع الاتنفيذ 70 % من الخطة وان عدد الطائرات لايسمح .
فتقوم القيادة العامة بتعديل الخطة بناء علي ان 30 % من الاهداف لن يتم ضربها ، بهذا الاسلوب يتم تحديد عدد الطائرات ، مايقوله هيكل يجعل السادات واحمد اسماعيل " بقالين " ، فتحديد القوات كما قلت ليس اعتباطا ، المسائل يجب ان تدرس بالشكل الذي سبق واوضحته ، وهذا الامر ينطبق علي قواتنا البحرية وقواتنا البرية .
س : هل بالفعل كان من الخطأ الغاء الضربة الجوية الثانية ؟
بالطبع ، والنتائج هي التي تتحدث ولست انا من اقول ذلك ، فاللحكم علي شئ العبرة دائما تكون بالنتيجة ، وماحدث ان طائرات الهيلكوبتر اقلعت بدون حماية ، وتم ضرب 50 % منها ، اذن فمن المؤكد ان قرار الالغاء كان خاطئ ، بل لايوجد مجال للسؤال .
س : وهل كان ذلك يخفي علي قادة القوات الجوية وقتها ؟
عندما ندرس مبادئ استخدام القوات الجوية في فرق " اركان حرب و غيرها " منها " مبدأ الحشد والتركيز " و " مبدأ الاقتصاد في القوة " ، وعندما اقوم باستخدام مبدأ دون الاخر فأتحمل نتيجة ذلك ، وفي الضربة الاولي استخدمنا " مبدأ الحشد والتركيز " وحققنا نتائج جيدة جدا ، اما في الضربة الثانية مع الهيلكوبتر اتبعنا مبدأ " الاقتصاد في القوة " مما ادي الي هذه الخسارة الكبيرة .
س : حدث في احد الاشتباكات الجوية خسارة كبيرة لسرب الميراج-5 ضد مقاتلات الميراج-5 الاسرائيلية ، فكيف تفوقنا عليهم بالميج-17 وخسرنا بشدة مع استخدامنا نفس نوعية الطائرات ؟
في هذا الاشتباك لم نشتبك ، بل اجبرنا علي الاشتباك دون استعداد ، كنا في هذه الطلعة في مهمة قصف اهداف في مطار العريش وتم اعتراضنا من المقاتلات الاسرائيلية ، كما ان القدر كان له دور كبير في هذا الموضوع ، حيث استشهد اثنان من الطياريين بارتطام مقاتلاتهم بالمياة ، طائرة واحدة فقط هي التي اسقطت من قبل الاسرائيليين ، ووسط كل هذا الاشتباك نفسه كان في ظروف سيئة جدا ، هذا الاشتباك كان يقود السرب فيه الشهيد طيار / حيدر دبوس ، وكان الطيران علي ارتفاع 20 متر فوق سطح الماء ؟
وعند البردويل فؤجي السرب بالطائرات الاسرائيلية تهاجمهم من الاعلي عند البردويل ، فقام الطياريين فورا بالقاء الحمولة ، واندفعوا لمواجهة الطائرات الاسرائيلية وجها لوجه ، وهو احد التكتيكات لافشال الهجوم علي الطائرات ، فاذا هوجمت من اليمين ، القي الحمولة ، ثم اتجه الي من يهاجمك في وجهه ، لتفويت الفرصة امام عدوك لاصابتك ، فاثناء القاء الحمولة ، كان احد طيارين السرب ، الشهيد طيار/ رفعت مبارز كما قلت علي ارتفاع منخفض فوق سطح الماء فقام بالقاء الحمولة وعمل مناورة حادة للاشتباك ، وهناك شئ في اي طائرة يسمي " مركز الثقل " ، فاثناء الطيران بالحمولة الكاملة يكون مركز الثقل موجود في مكان ما في جسم الطائرة ، فمع القاء الحمولة فجأة ، لابد وان يتحرك مركز الحمولة ، واتم القاءه وقتها قنبلتين 400 كم ، وخزانين وقود 1400 لتر في الخزان الواحد ، وبالطبع هذه حمولة ثقيلة للغاية ، فتحرك مركز الثقل ومع المناورة العنيفة سقطت الطائرة في الماء ، ثم حدثت مشكلة اخري ، فلم يستطع الاسرائيليين تمييز طائراتهم من طائراتنا ونحن كذلك مثلهم ، فبدأنا نتحدث عبر اجهزة اللاسلكي ونحاول التعرف علي بعضنا البعض ولم نفلح لانحن ولاهم في ذلك ، وهكذا وجد قائد التشكيل الشهيد طيار / حيدر دبوس ، ان الامر لن يستقيم بهذه الصورة واعطي امرا للطياريين بالاتجاة غربا للعودة الي قواعدنا ، فمع البدء في اتخاذ اتجاة العودة ، كان الشهيد طيار / امين بسومي ، تركيزه كله منصبا علي الطائرات الاسرائيلية التي تهاجم سربنا ، ولم ينتبه الي المياة مما ادي لسقوطه هو الاخر ، اما الشهيد طيار / حيدر دبور قائد التشكيل ، فمع اعطاءه امرا بالعودة اصبح هو الاخير في التشكيل بعدما كان هو الاول في البداية عند اتجاه السرب للهجوم ، وتحدث مع طياريه مستفسرا " انا امامي مقاتلة ميراج ، هل هي طائرة احد منكم ؟ فلتقوموا بعمل مناورة " فلم تقم الطائرة التي امامه بذلك ، فعرف انها اسرائيلية ، ونبه بقية الطياريين عليه انها من الممكن ان تكون طعما له ، وبالفعل كانت طائرة طعم ، وهو احد التكتيكات المعروفة لدي الاسرائيليين ، فالطائرة الطعم تقوم بوضع طائراتنا في موضع القتل المناسب للطائرة التي ستنفذ الهجوم الاساسي ، وحدث ان الشهيد / حيدر ، سقط في هذا الفخ الاسرائيلي .
س : دائما مانستمع عن المشاركة العربية في حرب اكتوبر ، فما حقيقتها وما تاثيرها .؟
دعني اتحدث معك بصراحة ، منذ حرب 1948 حتي 1973 الحرب مصرية في معظمها ، واخر كتبي سيكون بعنوان " الصراع العربي-الاسرائيلي " ولكن دعني اقول انه عندما قرأه الناشر قال لي : " ان الصراع مصري-اسرائيلي " ، ولكني لم اوافق لان الصراع يدور علي ارض فلسطين وهي عربية ، كما ان سوريا شاركت معنا في حرب اكتوبر ، كما ان 1948 شهدت تواجد ست جيوش عربية ، انا اعرف ان الكتاب معظمه صراع مصري-اسرائيلي ، لكن العرب كان لهم تواجد ، اما حرب اكتوبر تحديدا اشترك فيها مصر وسوريا ويجب جميعا ان نتحدث عن دور العراق ، حقيقة كان لهم دور كبير جدا علي الجبهة السورية ، كما ان الجزائر والمغرب والسودان قامو بارسال قوات ، وهو ماساعد علي احاطة الثغرة بشكل سريع بجانب الدبابات التي وصلت من روسيا ويوغسلافيا ، ولكن في القوات الجوية ، الطائرات الجزائرية جاءت في اواخر الايام ولم تشترك في الطلعات ، ولكن حقيقة السرب العراقي الذي كان في مصر شارك في الطلعات منذ السادس من اكتوبر ، ولم يشترك سواهم ، ولايقول احد غير ذلك ، السرب الليبي مثلا وصل في نوفمبر الي مطار جنكليز ثم مطار طنطا ولم يشتركوا في اي معارك ، والقذافي طالبنا بأن نعيد الميراج-5 الي ليبيا في الثامن من اكتوبر ، ويوم السبت قبل الماضي كنت اصور في احدي قنوات التليفزيون العراقي وذهلوا من هذا الكلام .
انفراااااااااااااااااااااااااااد لاول مرة س : جرح حرب اكتوبر الدامي " الثغرة " من وجهه نظركم ، ماسبب الثغرة ؟ وماسبب توسعها بهذا الشكل ؟ ومن الذي اخطأ " السادات ام الشاذلي " ؟
منذ عام 1971 ونحن لدينا معلومات بأن الثغرة ستحدث وفي هذا المكان ، ففي هذا العام قامت اسرائيل بتدريبات علي عبور مانع مائي في بحيرة طبرية ، وقامت المخابرات العامة المصرية بنقل هذه المعلومات الينا وبتحليل هذه المعلومات وجدنا انها تعني ان الاسرائيليين يتدربون في حالة قيام حرب علي القيام بعبور قناة السويس ، فكان امامنا مهمة تحديد اين ستعبر ؟ وبدراسة الارض وجدنا انها من الممكن ان تنفذ هذا العبور في " الفردان " او " الدفرسوار " ، واستبعدت الفردان لانها ارض رخوة لاتصلح لسير العربات المدرعة او المجنزرة او الدبابات ، كما ان الطريق محدود ، اذن فالمكان المناسب للعبور " الدفرسوار " ، ووقتها كان قائد جيش الثاني " اللواء / عبد المنعم خليل " ، وقائد الجيش الثالث " الفريق / عبد المنعم واصل رحمه الله عليه " ، وقاما الاثنان بعمل خطة تعاون منسق لمواجهة الثغرة في حالة حدوثها ، وقام اللواء/ عبد المنعم خليل بتحديد احدي وحدات الجيش الثاني لتكون المسئولة عن التصد