من ضحايا الجيش
بعض
من ضحايا ورفلة
د. فتحي الفاضلي
اصدرت المحكمة العسكرية العليا في
ليبيا، في الاول من يناير من عام 1997م، حكما بالاعدام على ثمانية من خيرة ابناء
ليبيا، ومن خيرة واشجع واكرم ابناء قبائل ورفلة. وعلى غير العادة، فقد تم حكم
الاعدام، باسرع ما يمكن، حيث تم تنفيذ الحكم في اليوم التالي لصدور هذه الاحكام
الدموية.
اُتهمت هذه المجموعة بالتخطيط
والاعداد لانتفاضة اكتوبر العسكرية في عام 1993م، والتي اشترك فيها المئات من
المدنيين والعسكريين من جميع انحاء ليبيا. الا ان النظام اراد قصدا، ان يستهدف
قبائل ورفلة بالذات، مستغلا اشتراك العديد من ابنائها في هذه الانتفاضة.
والسبب في ذلك ان افراد هذه القبيلة
العريقة بمختلف فروعها وبطونها، المدنيين منهم والعسكريين، قد ادركوا مخططات معمر
مبكرا، واطلعوا على الكثير من اسراره، وادركوا حجم الخطر الهائل الذي يشكله، هو
ونظامه، على الوطن. فاشتركوا في هذه الانتفاضة بثقل هائل، وهذا موقف تاريخي لا
يُنسى لهذه القبيلة.
فبالرغم من المكانة الخاصة التي كان
يتمتع بها جزء كبير من قبائل ورفلة في ليبيا، وبالرغم من اوضاعهم الجيدة نسبيا،
ماديا وامنيا، وبالرغم من الثقة التي وضعها معمر في افرادها، وبالرغم من مواقع
التأثير التي كان افراد هذه القبيلة يحتلونها ضمن هذا النظام، وبالرغم من تواجدهم
وانتشارهم في جميع اجهزة النظام الليبي، بالرغم من كل ذلك، الا ان ابناء هذه
القبيلة، قد ضحوا بكل ذلك، ووضعوا مصلحة الوطن، فوق مصلحة القبيلة. لذلك قرروا
انقاذ البلاد منه، فوضعوا ايديهم في ايدي اخوانهم، من اغلب القبائل الليبية، فكانت
انتفاضة اكتوبر وتداعياتها. وكان مرة اخرى موقف تاريخي لن ينساه الشعب الليبي جيلا
بعد جيل.
وبالطبع باشر النظام في اختلاق ما
يحلو له من القصص، حول انتفاضة 1993م، جاء على قمتها، وكالعادة، الاتهام بالعمالة
والجاسوسية والخيانة. ناهيك عن تزييف الحقائق ومحاولة طمس الانتفاضة وتسطيحها بل
وانكارها وتشويه ابطالها ايضا. بالاضافة الى محاولة تقسيم القبيلة من الداخلها
واثارة النعرات بينها وبين القبائل الليبية الاخرى، بل ومحاولة عزلها عن باقي
الوطن.
كما نكل معمر بهذه القبيلة تنكيلا
شديدا، من اشترك من ابنائها، في هذه الانتفاضة العسكرية، ومن لم يشترك منهم، بل لم
ينج من الانتقام، حتى الطفل والشيخ والضعيف، بل حتى ممن لم يسمعوا اصلا بالمحاولة،
وربما نحتاج الى مجلدات لتغطية ما تعرضت له هذه القبيلة العريقة من قمع وارهاب
وتنكيل. لكن كل ما فعله معمر ونظامه، لم ينجح في كسر ارادة رجال ورفلة وشبابها.
ليس ذلك فحسب، بل استطاع ثلاثة من
الضباط الذين اشتركوا في هذه الانتفاضة الهرب خارج ليبيا، وهم الرائد عبدالسلام على
الواعر، والمقدم طيار محمد بشير الهمالي، والنقيب سالم دبنون الواعر، وقد تحدثوا
بالتفصيل عن حقيقة هذه المحاولة وتداعياتها واكدوا ان انتفاضة اكتوبرما جاءت الا
لانقاذ الوطن من براثن هذا النظام الشرس.
المقدم طيار محمد بشير الهمالي
كما بث التلفزيون الليبي في يومي
الثامن والتاسع من شهر مارس 1994م، مشاهد حية، يفترض انها جلسات تحقيق مع بعض
المتهمين الذين اشتركوا في هذه المحاولة، منهم الاستاذ
سعد مصباح الأمين الزبيدي، والعقيد
مفتاح محمد قرّوم، والرائد خليل سالم الجدك، والرائد رمضان العيهوري. وقد كانت تلك
الجلسات او المشاهد هي في الواقع مجرد جلسات تقريع واذلال وتزييف للحقائق اكثر منها
جلسات للتحقيق. وكان الغرض من هذه الجلسات، هو انتزاع اعترافات علنية بالخيانة
والجاسوسية والعمالة، وما الى ذلك من التهم المرصوصة على ارفف النظام. وبالطبع كانت
اثار القمع والتعذيب والتنكيل ظاهرة واضحة على وجوه المتهمين، لكن الاصرار والصمود،
كان اكثر وضوحا على وجوههم.
وعودة الى حكم المحكمة العسكرية
العليا، والذي صدر في الاول من يناير من عام 1997م، فقد حكمت المحكمة بالاعدام على
كل من:
العقيد الشهيد السيد مفتاح محمد قروم
الورفلي...
ولد العقيد مفتاح محمد قروم في عام
1951م، وتخرج من الكلية العسكرية في 1969م (الدفعة الثانية عشر/ صواريخ). اعدم في
الثاني من يناير من عام 1997م، على خلفية انتفاضة اكتوبر 1993م. وقد تم الاعدام
بناء على حكم محكمة عسكرية خاصة.
الشهيد العقيد مفتاح محمد قرّوم
العقيد الشهيد السيد مصطفى بالقاسم
مسعود الككلي...
من مواليد 1951م، من منطقة ككلة
بالقرب من غريان، كان يتبع سلاح المخابرة، كما شغل مهام آمر مدرسة المخابرة. اعدم
في الثاني من يناير من عام 1997م، على خلفية انتفاضة اكتوبر 1993م. بعد محاكمته
أمام محكمة عسكرية خاصة.
المقدم طيار الشهيد السيد سعد صالح
فرج...
القي عليه القبض على خلفية انتفاضة
اكتوبر 1993م، وتعرض لاشد صنوف التعذيب، اعدم في الثاني من يناير من عام 1997م، على
خلفية انتفاضة اكتوبر 1993م.
الرائد الشهيد السيد مصطفى اهبيل
الفرجاني...
القي عليه القبض على خلفية انتفاضة
اكتوبر 1993م، وتعرض لاشد صنوف التعذيب، اعدم في الثاني من يناير من عام 1997م، على
خلفية انتفاضة اكتوبر 1993م.
الشهيد سعد مصباح الامين الزبيدي
الرائد الشهيد السيد رمضان محمد
العيهوري...
من مواليد 1956م، التحق بالكلية
العسكرية، وتخرج في1977م (الدفعة الثامنة عشر/ صواريخ) . اعدم في الثاني من يناير
من عام 1997م، على خلفية انتفاضة اكتوبر 1993م.
الشهيد الرائد السيد رمضان محمد
العيهوري
الرائد الشهيد السيد خليل سالم
الجدك...
من مواليد 1957م، التحق بالكلية
العسكرية في ليبيا (تخصص صواريخ)، عمل في ادارة المدفعية والصواريخ كما شغل مهام
آمر مدرسة المدفعية والصواريخ بالوكالة. اعدم في الثاني من يناير من عام 1997م، على
خلفية انتفاضة اكتوبر 1993م.
الشهيد الرائد خليل سالم الجدك
الشهيد السيد سعد مصباح الامين
الزبيدي..
طالب بجامعة مدريد باسبانيا، قسم
العلوم السياسية، اعتقل وتعرض لاشد صنوف التعذيب، اعدم في الثاني من يناير من عام
1997م، على خلفية انتفاضة اكتوبر 1993م.
الشهيد السيد سليمان غيث مفتاح...
القي عليه القبض على خلفية انتفاضة
اكتوبر 1993م، وتعرض لاشد صنوف التعذيب، اعدم في الثاني من يناير من عام 1997م، على
خلفية انتفاضة اكتوبر 1993م.
لم يكتف النظام، وكما ذكرنا بالتنكيل
بالمدنيين والعسكريين، الذين اشتركوا في الانتفاضة، بل امتد تنكيله الى الاطفال
والاهالي والعائلات، حيث تعرضت بني وليد الى برنامج ارهابي مادي ونفسي مخطط ومتواصل
ومدروس، شمل هدم البيوت وترحيل العائلات وتهجيرها. وبالرغم من كل ذلك، لم تلن
عريكة هذه القبيلة العريقة الصلبة، ولم تكسر شوكتها.
رحم الله شهداء ورفلة.. بل شهداء
الوطن.. وجزاهم الله.. عن الوطن كل خير.. والهم ليبيا بكاملها الصبر والسلوان والى
جنة الخلد باذن الله.
والى
اللقاء، مع الجزء الثاني، من
انتفاضة اكتوبر، نتحدث فيه باذن الله، عن تداعيات اخرى وعن ضحايا اخرون، والله ولي
التوفيق.