صناعة السلاح المصري , وغياب الإستراتيجية في فكر مرشحين الرئاسة
راجعت برامج الكثيرين من مرشحي الرئاسة غلي مدار العام ونصف الماضية , سواء
من كان منهم مرشحا محتملا وبقي هكذا , أو من تأكد ترشحه وأصبح مرشحا حقيقيا ورئيسا
محتملا للبلاد, وفي خلال مراجعتي لكل البرامج لفت إنتباهي أن أغلبها تخلو بالتمام
من أي ذكر ولو من بعيد عن تطوير صناعة السلاح كهدف إستراتيجي يخدم متطلبات المرحلة
, مرحلة ما بعد الثورة.
إن الثورة التي ما قامت إلا من أجل الحرية والعدالة , كمبدأ رئيسي ومطلب
أولي وأساسي للثورة , هذه الحرية والعدالة لا يمكن لها ان تتحقق إلا علي المستويين
الداخلي أولا ثم الخارجي , فالأمم التي تعيش حولنا تدرسنا خطوة بخطوة وتقيم أدائنا
مع كل موقف أو فعل او رد فعل نقوم به , فلا عجب من ذلك لأن جميع المصالح متقاطعة ,
وتتحدد مكتسبات كل طرف بمدي قدرة الطرف الأخر علي الحفاظ علي إرادته.
إن السياسة الخارجية لا يجب أبدا أن تبني علي دعائم إقتصاد الأكل والشرب
والملبس , فنحن حينما نستطيع أن نؤمن هذه الحاجات الأساسية فهذا أمر محمود وله
مردوده علي حياة الشعب المصري , لكن هذه الحاجات الأساسية لكي تؤمن لابد لها من
منظومة قوة مستقلة , نعتمد ونتكيء عليها كي نحقق إرادة الإكتفاء.
السياسة الخارجية ليست بالسيجار والإتصالات , وليست أيضا بتقديم تنازلات
مصيرية تؤدي إلي فقدان ما هو أساسي مقابل ما هو إستهلاكي , تماما كما فعل النظام
القديم مجبرا , لانه لم يستطيع أن يستوعب هذه الحقيقة
إن صناعة السلاح المصري , أو قل صناعة السلاح مصريا , هي من أهم ضرورات
المرحلة التي سوف تطرح مصر في لعبة التوازنات العالمية بقوة , وتجعل مصر علي أي
مائدة مفاوضات طرفا ندا , وليس طرفا مجبرا.
وقد يخرج بعض الإنهزاميين ويقول , كيف لنا أن نصنع السلاح ونحن لا نجد ما
نقتات به او بالكاد نسد رمقنا بما هو فضلات الأخرين من قمح مسرطن , ومليء بالدود
لم يقبل زارعوه أن يطعموه لمواشيهم فأستورده أخس الناس ليأكله أعز الناس.
ولمثل هؤلاء, الذين يجادلون في المسلمات , ويبحثون قضايا الوجود المطلق وهم
يؤمنون بأنهم ملاكا للحقيقية المطلقة , أجيب عليهم بقصص التاريخ التي أثبتت حقيقة
أن الشعوب التي تفهم وتعي ضرورات وجودها لايمكن أن تتنازل عن هذه الضرورات مهما
كانت التضحيات, أذكركم بأقرب الدروس وهي الحرب العالمية الثانية بعدما غزا الألمان
بغتة روسيا ووصلوا إلي ستاليننجراد
قام الروس بنقل مصنع دبابات تي 34 وهي الدبابة التي غيرت مجري الحرب
بمواصفاتها الأسطورية إلي جبال الأورال وتم إنتاج أكثر من الفي دبابة وتحركت
مباشرة إلي الخطوط الألمانية لتشارك في معركة كورسيك الشهيرة ,
كورسيك , إنها كما يسميها الروس مدينة المجد العسكري
هكذا تكون التضحيات , حينما تكون حياة الوطن وحاضره ومستقبله علي المحك ,
حينما تلتقي الإرادات الوطنية لكل الشعب بلا إستثناء , حينما نعلم جميعا أن هدفنا
واحد ولا يصلح أن يكون لنا هدفين.
إن مصر تستحق منا الكثير , وبدلا من أن يخاف المرشحين من أن يعلنوا نواياهم
وخططتهم , خوفا من الرفض الأمريكي , والتحفز الإسرائيلي , فإليهم هذا الدرس
إن العمل الجاد , والخطط الحقيقية , والحشد ليس لنشر الافتتات الإنتخابية
والمؤتمرات , الحشد للعمل قد يكون سببا رئيسيا للردع حتي من دون إستخدام السلاح
علاء سعد
خبير نظم معلومات
مرشح محتمل من الشباب للإنتخابات الرئاسية