أدلى أحفاد الجزائريين الذين نفتهم فرنسا الاستعمارية إلى كاليدونيا الجديدة في أواخر القرن ال19 بشهادات حول المعاناة الجسدية و النفسية التي عاشها أجدادهم بأرض المنفى بالمحيط الهندي خلال لقاء نظم اليوم السبت بالجزائر في إطار معرض "ذاكرة و انجازات" لوزارة المجاهدين.
و تميز اللقاء الذي نشطه المؤرخان محمد القورصو و دحو جربال بشهادات مؤثرة طبعتها الكآبة و الحنين و لكن بافتخار كبير و اعتزاز بالانتماء إلى بلد لم يقبل شعبه يوما الإهانة شعب ما فتئ يدافع عن كرامته.
و تطرق المتدخلون إلى التخوف من المجهول و الغربة و الظروف الصعبة التي ميزت عبور المحيط و الشعور بالوحدة و الجوع و العراء و إلى سوء المعاملة في كل أبعادها للتعبير عن "الوضع اللانساني" الذي فرض على هؤلاء الجزائريين الذين يقارب عددهم 2000 شخص.
و أجمع المشاركون في هذا اللقاء التكريمي الذي نظم تحت شعار "كاليدونيا: من المنفى النهائي إلى هوية مركبة" على أن التحدث عن الجزائريين المبعدين و عن غيرهم من بلدان المغرب العربي نحو كاليدونيا الجديدة هو واجب ذاكرة و طريقة للتنديد بالعملية الاستعمارية التي كانت ترمي إلى إبادة الشعوب و القضاء على معالمهم العائلية.
و قال في هذا السياق الباحث في التاريخ المنحدر من المبعدين لوي جوسي باربونسون أن "الأهم اليوم لا يكمن في تصنيف أشكال الترحيل و إنما التطرق إلى البؤس و المعاناة و سوء المعاملة التي تعرض لها ضحايا هذه العملية".
و بعد أن قدم معطيات تاريخية و قانونية و إحصائية حول المبعدين خلال الفترة الممتدة من 1864 إلى 1931 سجل المتدخل أن الإدارة الاستعمارية الفرنسية "أفرطت" في اللجوء إلى عقوبة الترحيل لتجعل منها "آلة قمع حقيقية".
و من جهته ذكر الطيب عايفا ابن مرحل من الجيل الأول و رئيس بلدية بوراي (جنوب كاليدونيا الجديدة) بظروف ترحيل هؤلاء الرجال متطرقا إلى "الحزن الشديد" الذي غمرهم متسببا في "صمت أليم" لدى البعض منهم.
كما ذكر بتمسك هؤلاء المنفيين بدينهم و روح التقاسم و التضامن فيما بينهم. و أشار إلى أن تقرب أبناء المرحلين من الجزائر بلدهم الأصلي تم ابتداء من الثمانينات بفضل مقال صحفي تعزز من خلال سلسلة من الحصص التلفزيونية من اخراج سعيد علمي و انتاج فتيحة سي يوسف.
و قال الطيب بتأثر و اعتزاز "اليوم نعلم من نحن و إلى أين نتوجه" مؤكدا أن ذكرى اللقاء من جديد مع بين المبعدين و أقاربهم في مختلف أرجاء الوطن "تبقى خالدة في قلوبهم و ذاكرتهم".
و قال في هذا الصدد "لقد عثرنا على أصولنا و نحن معتزون بكوننا جزائريين كما أننا نحمل ألقابا و أسماء من بلدنا الأصلي و التكلم عن أجدادنا المرحلين هو كفاح من أجل الوجود و انقاذ لذاكرة".
وأج