ثانياً بعد ذلك القرار وجدت المقاومات الأرضية العراقية المضادّة للجو نفسها يتيمة في مواجهة الطيران الحليف
المعروف بقدراته، تلك المقاومات التي لم تكن على مقدرة – وفقاً لتصاميمها من حيث الأساس- على إيصال
مقذوفاتها وإطلاقاتها إلى طائرات الخصم التي ظلّت ،على الرغم من ذلك، تحلّق بعيدة للغاية عن أضعاف مديات
الأسلحة العراقية مُتحذّرة من أسوأ الإحتمالات.
ثالثاً كان الطيران الأمريكي على وجه الخصوص من المقاتلات/هجوم أرضي
(FIGHTER- GROUND ATTACK) المُحمّلة بقنابل ذكية(SMART BOMBS ) ذات مديات تبلغ
بضع عشرات من الكيلومترات، والقاصفات ( BOMBERS) المزوّدة بمقذوفات "كروز" التي تصل إلى أهدافها
بدقة متناهية وعلى بُعد يبلغ(1800)كيلومتر، ولا تخطئ في إصابتها إلاّ بنسبة لا تتجاوز(1%).
رابعاً لم تمرّ العمليات الجوية في الحرب على العراق بمراحلها الاعتيادية المعروفة والمُسطّرة في المحاضرات
والكتب العسكرية ذات الاختصاص المتأتّي من تضحيات الأرواح والأجساد وخبرات الدمّ والرؤى ضمن تأريخ حروب
القرن العشرين، والتي تتسلسل بدءاً من مرحلة الحصول على الفائقية الجوية أوالسيادة الجوية المطلقة ، وذلك
لأنهما قد تحقّقتا عملياً وميدانياً إثرالقرارالذي سبق ذكره، ولذلك تداخل مسارالعمليات الجوية في أيامها المعدودة الأولى
بين قصف مقذوفاتي(صاروخي)على مجمّعات القصورالرئاسية ومقرات القيادات العليا والقواعدالجوية وقواطع الدفاع
الجوي أينما وُجدت في أرض العراق ، مصحوباً بقصفات جوية نفّذتها طائرات متنوعة الأغراض والطُرُز والأنواع
أطلقت قنابل مُحمولة على أشعة "ليزر" إبتغاء الإمعان في تدميرنقاط محدّدة تحتويها تلك الأهداف الكبيرة..
رافقها قصف جوي ثقيل على قيادات الجيش العراقي عموماً ومقرات الحرس الجمهوري وتشكيلاته الكبرى
على وجه الخصوص.
خامساً وكان دور القاصفات العملاقة في القصف الجويّ بقنابل شديدة الانفجار بدءاً من ذوات الوزن الخفيف التي
تنهمر بالمئات على المواضع الدفاعية المُتخندقة فيها أسلحة المدرعات والمشاة والمدفعية وأسلحة مقاومة الطائرات
الحائرة في أمرها، ووصولاً إلى قنابل ذات أوزان بلغت في بعضها إلى قنابل من وزن9طن صُمّمت خصّيصاً
وجُرّبت للمرة الأولى على رؤوس العراقيين في هذه الحرب الضروس، وأُلقيت على مواضع وحدات الحرس
الجمهوري المحيطة ببغداد، وخصوصاً على تلك التي كانت مُتهيّئة - ضمن الخطة الدفاعية العامة- للقيام
المُفترض بهجمات مقابلة على القوات المتحالفة المُعترضة.
سادساً وأتى الدورعلى الإسناد الجوي القريب من إرتفاعات منخفضة بإستخدام طائرات الهجوم الأرضي ومقاتلة
الدروع والهليكوبترات المصممة لدعم تقدّم القطعات الأرضية وعملياتها الهجومية ، أو لتسهيل المهمّات المُكلّفة بها
وحدات القوات الخاصة لإقتحامات محددة لأهداف معيّنة داخل المدن، فجاء القصف الدقيق والمركّز على قطعات
الحرس الجمهوري و"فدائيّوصدّام" التي تواجدت على المحاور التي إتّبعتها القوات الأمريكية لدى توجّهها صوب
"بغداد" – ونخصّ منها بالذكرتلك المتمركزة على محور"المسيّب- اللطيفية" في توغّلها نحو"مجمّع قصور
الرضوانية" الرئاسيّ ، وقبل أن تستهدف "مطارصدّام الدولي" في مطلع الأسبوع الثالث والأخيرمن الحرب.
سابعاً وكان الأداء النهائي في سماء "بغداد" مخصّصاً لطائرات الهجوم الأرضي من إرتفاعات منخفضة جدّاً
والمصممة أساساً لمقاتلة الدروع (A-10) لتُسند المتوغّلين في بعض أحيائها بأسلوب أكثر قُرباً وأعظم دقّة بتوجيه
نيران مباشرة نحودبابات "الحرس الخاص" ومدرعاتها وعجلاتها المحمّلة بالرشاشات الثقيلة وأسلحة أخرى متنوعة
كانت منتشرة حواليّ الأهداف الحسّاسة والمواقع الرئاسية وتلك المساكن التي إتّخذتها القيادة العراقية مواقع بديلة
لمقراتها الأساسية , وذلك في المرحلة الأخيرة من إقتحام الأمريكيين لأواسط بغداد.
ثامناً. ومما يجدرذكره أن الطيران البريطاني في قاطعي "البصرة والعمارة" أدى بمقاتلاته وهجومه الأرضي
وهليكوبتراته ،مشاركة مع القاصفات الأمريكية العملاقة، الأدوارالقتالية نفسها في إسناده للقطعات البرية والبحرية
البريطانية التي أُنيطت إليها مسؤولية إحتلال تلك البقاع.
لكل ما أوردناه مما شاهدناه بأمّ عينينا وما تلمّسناها من حقائق بأنفسنا ، فقد رأينا في الأسبوع الأخيرمن الحرب أن
المحاور- الرئيسة منها والثانوية- المؤدّية إلى "بغداد" أمست مفروشة بأبدان دبابات ومدرعات ومدافع متروكة وأجزاء
متناثرة من بقايا أسلحة الحرس الجمهوري وبعض الجيش العراقي ، وذلك ما تسبّب في محدوديّة المقاومة العسكرية
العراقية بل وحتى انعدامها في أكثرمن محور ذي أهمية ...ولذك كلّه يجب أن لا نستغرب من كل ما جرى في هذه
الحرب التي لم يكن للعراقيين سوى خيار خوضها مضطرّين على الرغم من انعدام وجه مقارنة بين الطرفين المتخاصمين
في جميع المجالات ، وبالأخصّ في نواحي الطيران التي لعبها الحليفان الأمريكي – البريطاني من جانب واحد...
وصدق الجنرال الإيطالي "دوهيت" حين قال عام(1925)، إذ كان عدد الطائرات القتالية في كل العالم لايتعدّى
بضعة آلاف أنه (سيأتي يوم يستطيع الطيران لوحده إجبار الخصم على الخضوع لشروط الحرب من دون خوض
عمليات برية أوبحرية).
صور من المقاتلات العراقية المدفونة في ارض العراق MiG-25R MiG-25R
MiG-25R
MiG-25s