الحلقة الرابعة الفصل الثالث : الصاروخ الباليسيتى دونج فنج (21 دى).البرنامج الصينى الطموح لتطويرات قدرات مرعبة للبحرية الصينية, يتضمن عدة مشاريع من أهمها كان مشروع الصاروخ الباليسيتى المضاد للسفن, وهذا المشروع ابتدئ نظريا فى التسعينات, معتمدا على التطور الملحوظ والسريع فى تكنولوجيا وقدرات الصواريخ الصينية الباليستية التقليدية, رياح الشرق ( أو الدونج فنج فى اللغة الصينية) قد تهب وبشدة على دعائم الثقة للعالم الغربى عموما وقد تعصف بالغرور الأمريكى على وجه الخصوص, عائلة الدونج فنج 21 الصاروخ الباليسيتى المتوسط المدى (MRBM) تشمل العديد من الأبناء, أهمهم النسخة الدونج فنج 21 دى, لأنها تعتبر تطويرا تكنولوجيا كبيرا لهذا الصاروخ, فهى النسخة البرية المضادة للسفن, حيث يتميز بقدرة على تغيير اتجاه وحركية المرحلة الأخيرة والرأس المدمر maneuverable reentry vehicle (MaRV) , وحسب التقارير فأن نظام التوجيه الخاص به يحتوى على منظومة تحديد المواقع العالمية (GPS) و رادار نشط كباحث توجيه, وبذلك سوف يحل نظريا إشكالية توجيه صاروخ باليسيتى تجاه هدف متحرك, وبقدرته على ضرب أهداف كبيرة تبعد 1500 الى 2000 كم عن الساحل الصينى, فمن يجرؤ على الأقتراب من السواحل إلى تلك المسافة فى وجود هذا الخطر الرهيب, لأنها ستكون مثل لعبة الروليت الروسى الأنتحارية, فالخاسر هو من ستنطلق تجاهه الطلقة الأولى.... والأخيرة.
مصدر24
ولنستمتع بما يقوله لسان حال الأمريكان عنه:
فى أغسطس عام 2009 صرح التقرير "المفاجأة" لمكتب الأستخبارات البحرية الأمريكية ONI بالتالى:
" إن جمهورية الصين الشعبية قد حققت أبحاث متقدمة فى برنامج صاروخ باليسيتى مضاد للسفن تم أقامته منذ تسعينات القرن الماضى, وهذا البرنامج من المحتمل أن يكون نسخة من الصاروخ دونج فنج 21 مطورة قادرة على تصحيح مساره خلال منتصف الرحلة إلى الموقع الجديد للهدف المتحرك, ثم تغيير أتجاه الرأس المدمر القابل للحركة عن طريق تكنولوجيا حديثة إلى الهدف طبقا للمعلومات المتجددة التى ترد لنظام التوجيه, وحيث أنه يعتبر صاروخ باليسيتى طويل المدى( حتى 2000 كم) وعالى السرعة (10- 12 ماخ) وذو قدرة حركية متغيرة و ذخائر وشحنات تفجيرية ضخمة, فسوف يشكل تهديد معقد و بالغ الخطورة على حاملات الطائرات الأمريكية"
فى 23 مارس عام 2010 صرح الأدميرال روبرت ويلارد قائد قوات المحيط الهادئ أن:
"الصين تقوم بتطوير وتجربة صاروخ مضاد للسفن مبنى على الصاروخ الباليسيتى دونج فنج 21, وهو مصمم خصيصا لأستهداف حاملات الطائرات" وهو ما يعتبرها العديد من المراقبين الدوليين المرة الأولى التى يصرح فيها مصدر رسمى من وزارة الدفاع الأمريكية على الملأ, أن الصين ليست فقط تطور صواريخ باليستية مضادة للسفن, بل ووصلت إلى مرحلة التجارب.
وفى 26 أغسطس عام 2010 صدر تقرير جديد طبقا لما صرح به روبرت ويلارد أثناء لقائه مع وسائل الأعلام اليابانية فى طوكيو يقول:
"هناك صاروخ باليسيتى تحت التطوير فى الصين يستهدف مهاجمة حاملات الطائرات الأمريكية فى غرب المحيط الهادى , وهو قريب جدا من أن يدخل مرحلة الإستخدام الميدانى" وعندما تم سؤاله إلى أى مدى وصلت حالة تطوير تلك المنظومة الصاروخية فى الصين؟ أجاب:
"طبقا لمعلوماتنا, أنه تم تجربته و أختباره عدة مرات, وهو قريب جدا من دخول الخدمة الفعلية"
و أهم تصريح صينى فى هذا المجال, كان تصريح الراديو الوطنى الصينى على شبكة الأنترنت, أن الصين سوف تجرى تجربة أطلاق سلاح مشروع حربى بالغ الأهمية, وبالرغم من أنهم لم يحددوا نوع هذا المشروع, إلا أنهم أرفقوا الخبر بصورة مرسومة بيد فنان لصاروخ دونج فنج 21 سى يهاجم حاملة طائرات أمريكية, وهو مايثير حالة من الشك ويطرح العديد من علامات الأستفهام حول كنهة مشروع الصاروخ الباليسيتى المضاد للسفن, نظرا لما هو معروف عن سياسات الخداع الأستراتيجى الصينى, ويبقى السؤال الأهم الذى حير جميع المحللين حول قدرة الصين على سرعة التمكن من رفع درجة دقة أصابة المنظومة إلى مستوى يهدد حاملات الطائرات الأمريكية, وهو مايحتاج إلى تكنولوجيا عالية التقدم تخص أنظمة التوجيه, ولكن التقدم الصينى فى تكنولوجيا صواريخ الكروز وتوجيه الضربات الدقيقة (precision strike capability), وأتجاه الصين الحثيث لتكوين منظومة كاملة من شبكة رادارات مابعد الأفق (over-the-horizo radar), ودعمها بشبكة كبيرة من الأقمار الصناعية للمراقبة والبحث والأستشعار عن بعد, والبدء فى مشروعها الخاص لنظام تحديد المواقع العالمى مماثل لنظيره الأمريكى (COMPASS-G2), والتقدم فى تكنولوجيا الأنظمة الكهروبصرية والبحث الحرارى والتصوير الطبقى و الوصلات المعلوماتية, يثير قلق العديد من المحللين الغربيين حول هذه القضية الشائكة, والتى قد تغير ميزان و خريطة ووسائل الهيمنة الأستراتيجية للقوى العالمية.
مصدر25
مصدر26
تاريخ المنظومة فى سطور :
2002 : 19 دسيمبر, تجربة إطلاق ناجحة للصاروخ الموجه دونج فنج 21 سى (CSS‐5 MRBM).
2003 : أول ذكر رسمى للصاروخ (CSS‐5 MRBM) فى التقرير السنوى لوزارة الدفاع الأمريكية.
2004 : أول ذكر لأحتمالية الأستخدام العملياتى لصاروخ باليسيتى مضاد للسفن فى كتاب (علوم الفيلق الثانى للمدفعية) الصينى.
2006 : مكتب الأستخبارات البحرية الأمريكية يعلن أن الصين مهتمة بتطوير صاروخ باليسيتى مضاد للسفن.
2008 : وكالة الأستخبارات الأمريكية أعلنت أن الصين قد طورت فعلا صاروخ باليسيتى مضاد للسفن. وفى نفس العام أول ذكر للصاروخ فى التقرير السنوى لوزاة الدفاع الأمريكية.
2009 : النسخة دونج فنج 21 دى تم صناعتها, وبلغ القدرة التشغيلية الأولية للخدمة [the initial operational capability (IOC)] فى عام 2012.
2010 : فى ديسمبر, أعلن الأدميرال ويلارد أن الصاروخ الباليسيتى المضاد للسفن قد بلغ القدرة التشغيلية الأولية (IOC).
2011 : فى 18 فبراير , وسائل الإعلام الصينية تعلن أن الصاروخ قد تم تزويد وحدات الجيش الصينى به.
2011 : جنرال شين بينجدى أكد أعلاميا أن الصاروخ الباليسيتى المضاد للسفن تحت التطوير.
مصدر27
الخصائص الفنية للمنظومة:
الوصف :
صاروخ باليسيتى متوسط المدى مضاد للسفن, وهو يعتبر نسخة من الدونج فنج أو ال (CSS-5) كما يطلق عليه فى الأستخبارات الأمريكية, وهو فى الأساس يستهدف أصابة السفن الحربية الكبيرة فى أعالى البحار, وسوف يتم تزويده برأس حربى تقليدى, ويحتوى على محطة توجيه نهائى متحركة, ولكى يتمكن الجيش الصينى من أستخدامه العملى, فسوف يحتاج إلى دعم من محطات قيادة وسيطرة معقدة ومتطورة تحتوى على قدرات كاملة من والتحكم والاتصالات والحوسبة والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (C4ISR), مع مجموعة معقدة من منصات البحث والأستشعار فى الهواء والبر والبحر والفضاء مما يمكن من التحديد الدقيق للموقع الجغرافى للهدف مع تحديث متجدد للأحداثيات.
الجهود الصينية لدعم المنظومة:
أطلقت الصين مؤخرا سلسلة من الأقمار الصناعية لدعم جهود ال ASBM و فيها:
ياوجان-VII القمر الصناعى ذو القدرات الكهربائية الضوئية فى 9 ديسمبر 2009
ياوجان-VIII الرادار ذو الفتحة الاصطناعية (SAR) فى 14 ديسمبر 2009
ياوجان-IX نظام مراقبة المحيط (NOSS) كوكبة من 3 أقمار صناعية فى 5 مارس 2010.
وتفيد التقارير أن الصين تعمل على الرادار مابعد الأفق (Over-the-horizon radar) لتحديد الأهداف للASBM.
المواصفات:
بالرغم من عدم وجود معلومات متوفرة حول المواصفات الفنية الدقيقة للمنظومة, الا أنه لن يختلف كثيرا عن باقى أفراد عائلة الدونج فنج 21:
المقاول : أكاديمية تكنولوجيا محركات الصواريخ الصينية "ARMT"
- المشغل : المدفعية الثانية مشاة
- التكوين : مرحلتين
- طول : 10,7 متر
- القطر : 1,4 متر
- الكتلة : 14700كجم
- نوع الوقود : صلب
- التوجيه : معقد وغير معلوم بالتفصيل (سبق شرح مبادئه)
- أول رحلة : التاريخ الدقيق غير معلوم (لكن يقدر فى بداية الألفية الجديدة)
- تاريخ دخول الخدمة الأولي : 2011
- وسيلة النشر : قواذف إطلاق عمودية متحركة.
- المدى : 1,800 كم (بعض المصادر حتى3,000 كم)
- حمولة الرأس المدمر: 600 كيلوجرام
- طاقة الرأس المدمر : 200-300 كيلوطن
- مدة التحضيرللاطلاق : 10- 15 دقيقة
مصدر28
مصدر29
بتحليل تأثير المشروع على الأوساط الأمريكية :
فى بادئ الأمر تم الأستهانة بقدرة الصين على تطوير هذا المشروع سريعا, وتم التشكيك مرارا فى أحتمالية دخوله الخدمة العملياتية, ولكن بوضع هذا المشروع على قائمة أوليات العمل الأستخباراتى وجمع المعلومات, أقرت اجهزة المخابرات الأمريكية بسوء تقديرها لسرعة تطور هذا المشروع الصينى المؤثر, مما جعل سكوت براى (كبير ضباط مخابرات الشأن الصينى) بمكتب الأستخبارات البحرية فى نوفمبر 2009, يصرح بأن"مشروع الصاروخ الباليسيتى المضاد للسفن قد تطور بمعدل ملحوظ, وفى خلال أقل من عقد من الزمان, الصين نقلت المشروع من المرحلة النظرية الى مرحلة تقترب من الأستخدام العملياتى"
مصدر30
أزمة مضيق تايوان فى عام 1996, ومدى ما لحق الصين من خزى بسبب هذا السيناريو المشين والغير متوقع, عندما لم تستطع البحرية الصينية من اتخاذ أى أجراء رادع ضد حاملتى الطائرات الأمريكية اللتان كانتا تمرحان فى خليج تايوان, على مرأى ومسمع من الصينيين, ذلك التحدى كان دافعا كبيرا للقيادة الصينية لتطوير المشاريع العسكرية الرائدة التى تستطيع ردع الصلف والغرور الأمريكى, مما جعل الزعيم الصينى جيانج زيمن على تمام الأقتناع بضرورة ان تبذل القوات المسلحة الصينية كل الجهود للحصول على أدواتها الهجومية (الغواصات الحديثة, الصواريخ, طائرات الجيل الرابع والخامس) القادرة على جعل قوة بطش القوات الامريكية بعيدة عن الأراضى الصينية, ولذلك الصاروخ المضاد للسفن قادر على تحقيق هذه الأهداف, لأنه يستهدف فى الأساس حاملات الطائرات الأمريكية القطعة الأساسية والمركزية فى سياسة الأمريكية لفرض السيطرة الأستراتيجية. فهى درة عقد الوحش الأمريكى الجاثم على أنفاس العالم. رياح الشرق البحرية (أو نسخة الدونج فنج 21 دى) حلم الشرق الذى لو تحقق كما خطط له الصينيون, سيكون كابوس الغرب المرعب, ليس فقط فى منامهم بل وحتى فى واقع يقظتهم.
مصدر31
الحلقة الخامسة و الأخيرة...أنتظروها