ترجمة: مركز الناطور للدراسات والابحاث 11/12/2012.
المصادر الاستخباراتية والعسكرية الإسرائيلية يوم الاثنين 10/12/2012.
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يتحدث بصوت عالي عن رغبة خالد مشعل إعادة احتلال يافا وحيفا وصفد وصفد وصفد، مشعل عاد ليكرر عدة مرات هذا الاسم.
نتنياهو تحدث أيضا عن أن رئيس السلطة أبو مازن لم يندد بتصريحات مشعل.
ينبغي أن يكون هناك انسداد سياسي من أجل مطالبة أبو مازن ليندد بهذه التصريحات، لماذا يندد بها في وقت هو يؤيدها؟
صحيح أن نتنياهو لا يرد على عبارة مشعل والتي قال فيها أن حماس تجرأت على القيام بما لم تقم به دول أكبر منها وهو تلميح إلى مصر وإيران اللتان لم تجرأن على قصف تل أبيب والقدس بالصواريخ.
نتنياهو لا يرد لأنه يعرف بأن مشعل على حق وصادق.
لما كان نتنياهو وباراك لم يحسما الحرب في غزة فقد حاولا هما ورئيس الأركان الجنرال بيني جانتز بناء مفهوم خيالي أن جيش الدفاع بنى خلال الأيام الثمانية من الغارات الجوية على غزة حيث لم تجر خلالها أية حرب في الميدان خلال شهر نوفمبر “توازن الردع”.
وعلى رغم من كل الجهود الإسرائيلية لإظهار منظومة القبة الفولاذية بأنها هي التي انتصرت في الحرب فإن حركة حماس نجحت في إظهار الصاروخ M-75 الذي وصل إلى تل أبيب والقدس بأنه المنتصر الحقيقي.
في يوم الاثنين 10 ديسمبر بدأ الفلسطينيون ببيع عطر جديد في غزة يحمل اسم “انتصار M-75″.
القيادة السياسية والأمنية الإسرائيلية تتعاطى مع هذه الخطوات وكأن الأمر لا يعدو أن يكون إلا مسرحية أو فضول إعلامي، لكن في ذات الوقت راح يتشكل في الميدان ليس في غزة فقط وإنما أيضا في الضفة الغربية واقع أمني جديد مختلف تماما وهو نتيجة مباشرة لسياستها بل أكثر من ملامح سلوك نتنياهو وباراك.
ولكي يتم بناء ميزان الردع في غزة منح نتياهو وباراك حركة حماس مجموعة هدايا إستراتيجية نسيا أن يتحدثا عنها إلى الرأي العام الإسرائيلي.
الامتيازات الثلاث الخاصة التي منحت لحماس هي:
إلغاء المنطقة العازلة التي تتراوح ما بين 300-500 متر داخل القطاع وعلى امتداد السياج الأمني إذ كان يحظر على الفلسطينيين دخولها لمنع شن هجمات وعمليات اختطاف للجنود.
التوقف عن عمليات الاغتيال الممنهجة في القطاع هذا مع تفاهم بالصمت من قبل الطرفين بأنه إذا ما قامت إسرائيل بعملية اغتيال فإن الهدنة في القطاع سيوضع حدا لها.
مضاعفة المنطقة المسموح فيها بالصيد من قبل الصيادين في غزة في البحر الأبيض المتوسط للدخول إليها.
إسرائيل لم تشترط في الاتفاق غير الموقع عليه لوقف إطلاق النار وقف عمليات تهريب السلاح من إيران وليبيا والسودان إلى داخل قطاع غزة.
هذا الأمر تم خلال تفاهم يقوم على أن الولايات المتحدة ومصر ستعملان سوية من أجل وقف عمليات التهريب.
وعلى الرغم من مرور 20 يوما منذ اتفاق الهدنة وعلى الرغم من أن الرئيس أوباما تعهد شخصيا لنتنياهو بأن عسكريين أمريكان سيصلون إلى سيناء على الفور فإنه حتى الأسبوع الأخير من شهر نوفمبر من أجل المباشرة في تنفيذ هذه الخطوة الأمريكية المصرية فإن أي شيء في الميدان لم يحدث سوى وجود عدد من الدوريات لضباط أمريكان تبددت في بداية شهر ديسمبر.
وحتى في 26 نوفمبر استغل أحد المخربين جميع التسهيلات التي منحها جيش الدفاع للمنظمات الإرهابية الفلسطينية وتنظيم القاعدة في غزة ليتوغل إلى داخل الأراضي الإسرائيلية وقطع مسافة 8 كلم في عمق الأراضي الإسرائيلية دون أن يشعر به أحد ودخل إلى مستوطنة زئيف أبراهام وحاول أن يقتل بسكين امرأة يائيل ماتسفون وابنيها، ولكن إسرائيل لم ترد وكأن شيئا ما لم يحدث.
صحيح أن يائيل ماتسفون حصلت على بطاقة تقدير من رئيس الدولة شمعون بيريز لشجاعتها، لكن نتنياهو وباراك سارعا إلى التوجه إلى واشنطن حتى تضغط على القاهرة وتضغط هذه الأخيرة بدورها على غزة بعدم القيام بأية عمليات قتل للمدنيين الإسرائيليين وإلا فإن اتفاق وقف إطلاق النار سينهار.
بعبارة أخرى جيش الدفاع الإسرائيلي لا يشكل عامل ردع وإنما حوالي 350 ألف إسرائيلي يعيشون من حول السياج الأمني في قطاع غزة والذين تحولوا وبحكم اتفاق وقف إطلاق النار إلى رهائن ينبغي عليهم ضمان أن تبقى قوة الردع لجيش الدفاع.
ينبغي أن ننتبه بأن جميع وسائل الإعلام الإسرائيلية لم تتوقف عن إجراء مقابلات خلال عملية عمود السحاب مع سكان غلاف غزة، لكنها توقفت عن إجراء مثل هذه المقابلات تماما وكأن مشاكلهم الأمنية وجدت الحل لها.
كل من يتجول في المنطقة ويتحدث مع مثل هؤلاء الشجعان يسمع منهم الحقيقة حول ما يحدث في كل يوم وفي كل ليلة من حول السياج الأمني، كيف يطلق الفلسطينيون صواريخ تنفجر عن قصد بالقرب من السياج الأمني حتى لا يتهمون بخرف اتفاق وقف إطلاق النار وعن تحذيرات متكررة من عمليات توغل، وكيف أن كل من يتواجد في المنطقة بما فيها جنود جيش الدفاع ومدنيين يعرفون أن المسألة ليست سوى مسألة وقت فقط حتى تحدث عملية الاختطاف الآتية لجنود جيش الدفاع الإسرائيلي من قبل حماس.
في يوم الاثنين 10 ديسمبر أعلنت منظمة عسكرية “جيش الأمة” المحسوبة على تنظيم القاعدة أن حركة حماس في قطاع أفرجت عن زعيم المنظمة أبو حفص المقدسي بعد أن ظل في المعتقل لمدة شهرين.
المقدسي يعتبر أحد الزعماء السلفيين المتطرفين في قطاع غزة وله علاقات مباشرة مع المجموعة الإرهابية السلفية في شبه جزيرة سيناء بعبارة أخرى ينبغي أن نتوقع وإلى حد كبير وفي القريب استئناف العمليات الإرهابية ضد الأهداف الإسرائيلية انطلاقا من شبه جزيرة سيناء واستئناف إطلاق صواريخ جراد من سيناء على إسرائيل.
لمثل هذه السياسة التي ينتهجها بنيامين نتنياهو وإيهود باراك ثلاث نتائج واضحة:
عندما يعبئون 50 ألف من قوات الاحتياط ويحتفظون بهم في الميدان ولمدة أسبوع دون أن يطلقوا رصاصة واحدة فإنه ليس من المتوقع بأن الجنود وأفراد الاحتياط في القطاعات الأخرى لجيش الدفاع الإسرائيلي في الضفة الغربية أو على امتداد الحدود بين سوريا ولبنان سيتصرفون بشكل آخر.
الفلسطينيون في الميدان يرفضون فهم دلالات سياسة نتنياهو -باراك، فهناك أمر واحد فقط واضح لهم وهو إذا كان جيش الدفاع الإسرائيلي لا يطلقون النار على الأشخاص الذين يقتحمون السياج الأمني في غزة فهم لا يطلقون النار أيضا عندما يهاجمون برشق الحجارة بشكل مكثف في الضفة.
لذلك تتزايد الهجمات على جنود جيش الدفاع حيث تبدى جنود جيش الدفاع على الأقل في الحوادث الخمسة الأخيرة وهم يهربون.
من ناحية أخرى يتعرض الجنود لوابل من الأوامر وجميعها غامضة متى يسمح أو لا يسمح بفتح النار وهي أوامر ليست لها علاقة على الإطلاق بالواقع في الميدان.
من ناحية ثانية يتعرض جنود جيش الدفاع الإسرائيلي لعامل سيكولوجي بسبب سياسة نتنياهو وباراك في الجنوب.
بين عمليات الضغط هذه القادة والجنود يعانون من شلل بل وللعار أنهم يهربون أو يختبئون بصورة مخجلة.
وليس بمستغرب ذلك أنه في مثل هذه الحالة تسمح السلطة الفلسطينية لنفسها برئاسة أبو مازن بإقامة مهرجان في يوم الخميس القادم 13 ديسمبر بمناسبة مرور 25 سنة لإقامة حركة حماس في نابلس.
ينبغي الاعتقاد أن المشاهد التي ستتبدى والأحاديث التي ستتردد في هذا المهرجان في نابلس لن تختلف عن الكلمات التي ترددت على لسان خالد مشعل وربما أكثر حدة منها.
حيث أن إسرائيل تتخلى عن السيطرة الأمنية من حول السياج الأمني في غزة وتفقد أيضا وبالتدريج السيطرة الأمنية من حول السياج العازل والمستوطنات في الضفة الغربية.