بعد"النهضة "الاثيوبى..سد عملاق للكونغو والبقية تأتى!
- ردود فعل متباينة
- أبعاد سياسية واقتصادية
تقرير د.هند بدارىرغم
الجدل الشائك المثار حالياً حول تداعيات بدء انشاء سد النهضة الاثيوبى على
النيل الأزرق، توالت الأنباء عن مشروعات مماثلة لاقامة سدود جديدة بدول
منابع النيل مما يهدد حصة مصر المائية ويثير المخاوف من شبح الجفاف وعرقلة
مشروعات التنمية .
فعلى سبيل المثال تسعى جمهورية الكونغو
الديمقراطية حاليا لاقامة سد "انجا3 " الذى يتوقع الخبراء ان يكون أكبر سد
بالعالم لانتاج الكهرباء على نهر الكونغو الذى يعد ثانى أكبر انهار العالم
بعد نهر الامازون ويفقد مليارات الامتار المكعبة من مياهه هباء فى مياه
الاطلسى .
وقد أشارت وكالة أنباء الشرق الأوسط الى أن حكومة الكونغو
حددت شهر اكتوبر من عام 2015 موعدا لاعطاء اشارة بدء تنفيذ أولى مراحل "سد
انجا الجديد" في القسم الغربي من جمهورية الكونجو على أضخم منحدرات مائية
في العالم لتوليد الطاقة الكهربائية حيث يستفيد من تدفق مياه نهر الكونجو
الذي تبلغ درجة انحداره 96 مترا, بمعدل تدفق يقدر ب42,476 m³/s.
وقد
سبقه سدا "إنجا 1 و 2 " اللذان يعملان بقدرة إنتاجية منخفضة ما دفع للتفكير
فى بناء سدين جديدين هما إنجا 3 بدعم البنك الدولي وبقدرة إنتاجية تتخطى
4500 ميجاواط ،وجراند إنجاسوف بقدرة إنتاجية تفوق ال 39000 ميجاواط الكافية
لتغطية العجز الكهربائي في كل أفريقيا إذا ما تم إنشاء شبكة تغذية مشتركة
بين الدول الأفريقية.
ويقدر خبراء أن مشروع سد " انجا 3 " سيحتاج
شبكات لنقل و توزيع الطاقة المولدة عنه تتكلف اقامتها 10 مليارات دولار
امريكى لتصل بذلك تكلفة المشروع انشاءً و توزيعا الى 50 مليار دولار أمريكى
تتحرك الكونغو و جنوب افريقيا لتدبيرها .
ولكن هذا المشروع الضخم ما
زال يواجه انتقادات عديدة بسبب الآثار البيئية المتوقعة وأيضا الأموال
الطائلة التي ستنفق على المشروع وأولوية الاستفادة من هذه الأموال في
مكافحة مشاكل أخرى كالجوع والفقر في أفريقيا.
ردود فعل متباينة ويرى بعض الخبراء أنه لا خطورة من سدود دول الهضبة الإثيوبية
على مصر، لأنها لا تهدف إلى الزراعة، حيث لديها من المياه ما يجعلها غير
طامعة فى المياه المتدفقة من الهضبة الاستوائية، كما أن قدرات تلك السدود
محدودة فى توليد الكهرباء،مطالبين بعدم الانشغال بهذه السدود عما يدور فى
أزمة «سد النهضة» لأنه الخطر الحقيقى علينا، وأنه ينبغى على مصر مراجعة هذه
السدود لمعرفة إن كانت مدرجة فى الاتفاقيات من عدمه .
ويتوقع
المؤيدون للمشروع ان قدرته على توليد الطاقة بعد اكتمال انشائه ستكفى
لانارة مساكن نصف مليار افريقى ما يهون من قيمة اية تكلفة لمشروع لا يزال
يبحث عن مصادر للتمويل .
بينما يعتقد المتحفظون على المشروع أن طبيعة
حركة مياه نهر الكونغو التى تتسم بالانتظام و الثبات و قوة التدفق الهائلة
تجعل توليد الكهرباء منه لا يحتاج الى بناء سدود كبيرة أواقامة أحواض
تخزين عملاقة للمياه تستدعى تهجير اعداد كبيرة من سكان محيطها أو اغراق
مساحات كبيرة من الاراضى بالمياه المخزنة فى تلك الاحواض وجميعها تشكل
محاذيرا بيئية ذات خطورة يجب وضعها فى الاعتبار .
و تؤكد تقارير
اخبارية ان جنوب افريقيا قد دخلت على خط التعاون مع الكونغو الديمقراطية
كشريك فى بناء السد الجديد الذى سيروض مياه نهر الكونغو ، ففى العشرين من
مايو الماضى تم الاعلان رسميا عن شراكة بين الكونغو و جنوب افريقيا لبناء
سد انجا 3 الذى يولد 40 الف ميجاوات من الكهرباء .
و كانت بداية دخول
جنوب افريقيا على خط قطف ثمار مشروع سد اينجا 3 على نهر الكونغو فى مارس
2013 بتوقيع اتفاق شراكة استراتيجية مع حكومة الكونغو الديمقراطية و الذى
تم فى مدينة لومومباتشى الكونغولية لتبدأ أولى الخطوات العملية لمشروع
عملاق بدأ تفكير الكونغوليين فيه مطلع سبعينيات القرن الماضى .
وبمقتضى
هذا الاتفاق ستشترى جنوب افريقيا حصة ضخمة فى اسهم اصول مشروع سد اينجا 3 /
على نهر الكونغو ، ما من شأنه اعطاء جنوب افريقيا وضع الشريك الرئيسى فى
هذا المشروع العملاق وهو ما أعلنته حكومة الكونغو الديمقراطية و اكدته
رسميا فى بيان صدر اواخر الشهر الماضى،ذكرت فيه انه بموجب تلك الشراكة
ستحصل جنوب افريقيا على 2500 ميجاوات من 4800 ميجاوات ستولدها أولى مراحل
السد الجديد وهو ما يجعل جنوب افريقيا - فضلا عن كونها شريك فى المشروع -
اكبر مشترى للكهرباء المولدة منه ايضا .
وكانت حكومة جنوب افريقيا
قد صادقت فى 21 أغسطس 2012 على مسودة اتفاقية بين حكومتا جنوب افريقيا و
الكونغو الديمقراطية لتطوير مشروع انتاج الطاقة هيدروليكيا عبر سد / اينجا 3
/ على نهر الكونغو و الذى سينتج بعد تمام اكتماله 40 الف ميجاوات تفوق
انتاج جنوب افريقيا من الطاقة .
وطبقا للدراسات الفنية الصادرة عن
وزارة الطاقة فى جنوب افريقيا تسعى حكومة جنوب افريقيا الى بناء اعتماد فى
العرض و الطلب على الطاقة الجديدة و المتجددة / المولدة هيدروليكيا / تصل
نسبتة الى 6 % من اجمالى احتياجات جنوب افريقيا من الطاقة فى غضون الاعوام
العشرين القادمة .
ووفقا لتقارير صحفية محلية فى العاصمة كينشاسا ..
شهدت العاصمة الفرنسية باريس نهاية مايو الماضى اجتماعا دعت اليه و نظمته
حكومة الكونغو الديمقراطية و حضره وفد رفيع المستوى من جمهورية جنوب
افريقيا و خبراء عالميين فى مجالات السدود طلبت الكونغو مشورتهم فى تنفيذ
أولى مراحل مشروع سد / اينجا 3 / على نهر الكونغو الذى يقدر الخبراء فاتورة
انشائه بنحو 12 مليار دولار أمريكى .
و يوجد فى الكونغو الديمقراطية
سدان قديمان يحملان اسم السد الجديد على نهر الكونغو وهما / اينجا ? 1 /
الذى بدأ تشغيله فى عام 1972 و انجا 2 الذى بدأ تشغيله فى 1982 وكلاهما
ينتج 1800 ميجاوات من الكهرباء , و يتوقع ان يسد مشروع اينجا 3 / فجوة
الكهرباء التى تحتاجها جمهورية الكونغو الديمقراطية ذات الكثافات السكانية
المتنامية وكذلك تأمين احتياجات جنوب افريقيا من الكهرباء وذلك عند اكتمال
مرحلة انشائه الاولى .
وحسب دراسات جدوى المشروع سيكون اجمالى انتاج
مراحله الثلاث من الكهرباء هو 40 الف ميجاوات تكفى لسد احتياجات جول جنوب و
شمال شرق افريقيا و اجزاء من غربى القارة حيث سيكون سد / اينجا 3 / مصدرا
لما يعادل نصف انتاج افريقيا من الطاقة الجديدة و المتجددة باسعار منخفضة
وهو ما اكده برونو كالالا وزير الموارد المائية و الكهرباء فى حكومة اوغندا
خلال مشاركة فى اجتماعات باريس .
و تتنافس حاليا ثلاث مجموعات
عالمية كبرى على الفوز بعروض انشائه و ادارت سد / اينجا 3 / نظرا لاهمية
المشروع وهى ساينوهادرو اند ثرى جورجز كوروبريشن وهى مؤسسة صينية عملاقة
متخصصة فى بناء و ادارة السدود المائية و تدير فعليا سد / ثرى جورجز /
الصينى الذى يعد أكبر سد فى العالم حاليا , و مؤسسة اكتيفيداد كونستركسيونى
يوروفينسا وهى مؤسسة اسبانية وائتلاف يضم مؤسستى دايو بوسكو الكورية
الجنوبية و لافالينا الكندية لمشروعات السدود .
كما يعد البنك
الافريقى للتنمية أحد الجهات المهتمة و المتابعة لملف هذا المشروع العملاق
منذ 2009 حيث يمول البنك الدراسات الاساسية ذات الطابع الاستشارى للمشروع
وذلك بالتعاون الوثيق مع مؤسسة البنك الدولى و وكالة الانماء الفرنسية وبنك
الاستتثمار الاوروبى و بنك التنمية فى جنوب افريقيا . ويقول خبراء البنك
الافريقى ان تمويل اقامة هذا المشروع الضخم و المقدرة بنحو 12 مليار دولار
امريكى لن تكون امرا سهلا .
ويعد نهر الكونغو ثانى اكبر انهار العالم
بعد نهر الامازون الامريكى وفى 18 مايو الماضى اعلنت حكومة جمهورية
الكونغو الديمقراطية فى باريس انها ستبدأ فى تنفيذ المرحلة الاولى من سد /
اينجا 3 / لانتاج الكهرباء الهيدروليكية من شلالات مياه انجا التى تقع قرب
العاصمة الكونغولية كينشاسا و تصل نسبة التصرف المائى لها 42 الف متر مكعب
فى الثانية الواحدة و تتدفق بسرعات متنوعة عبر ارتفاعات تصل الى 100 متر و
على امتداد 15 كيلومترا .
و اكتسب فكرة اقامة هذا السد الجديد زخمها
بتعهد قادة العالم بدعم الفكرة من خلال مبادرة الشراكة الجديدة من اجل
التنمية فى افريقيا / نيباد / التى تحتضن جمهورية جنوب افريقيا مقرها و
تبدى شركات التشييد و الهندسة الصينية فى الوقت الراهن اهتماما كبيرا
بالمشروع بما فى ذلك مؤسسة ساينو هايدرو وهى اكبر مؤسسة لبناء السدود فى
العالم و تولد أولى مراحل مشروع سد اينجا 3 الجديد على نهر الكونغو 4800
ميجاوات من الكهرباء وهى المرحلة التى سيبدأ العمل فيها فى 2015 باستثمارات
قدرها 5ر8 مليار دولار امريكى . وتتطلع جمهورية جنوب افريقيا الى الانتفاع
من الكهرباء المولدة عنه عبر شبكات ايصال تمتد لمسافة 3000 كيلومترا .
أبعاد سياسية واقتصادية وبشكل عام يتنبأ خبراء بأن يكون
للمشروع اثاره الايجابية التى ستغير وجه الحياة فى افريقيا جنوب الصحراء
الكبرى التى يعيش ثلاثة ارباع سكانها بدون كهرباء , و تدعم وكالات الانماء
التابعة للامم المتحدة مشروع سد اينجا 3 على نهر الكونغو تنفيذا للهدف
الاستراتيجى الذى يتبناه الامين العام للامم المتحدة بان كي مون وهو "
الكهرباء الدائمة للجميع " و الذى عبر عنه كيمون خلال زيارته الاخيرة
للكونغو و دول منطقة البحيرات العظمى فى مايو الماضى .
ويقول
المراقبون -حسب أش أ -ان زيارة أمين عام الامم المتحدة و رئيس البنك
الدولى غير المسبوقة للكونغو الديمقراطية و منطقة البحيرات العظمى أواخر
مايو الماضى جاءت لتدعم اتفاق السلام الذى تم التوصل اليه بوساطة أممية فى
11 فبراير الماضى و بمصادقة11 رئيس دولة افريقية لانهاء الصارع الدائر فى
شرق الكونغو وبناء سلام اوسع فى اقليم بحيرات النيل العظمى .
و
من بين المؤشرات الدالة على ان منطقة البحيرات العظمى قد باتت تحت بؤرة
الاهتمام العالمى موافقة البنك الدولى اواخر مايو الماضى على تقديم مليار
دولار امريكى لدعم التنمية الشاملة فى دول البحيرات العظمى بما فى ذلك
خدمات التعليم و الصحة و دعم التجارة البينية و تمويل مشروعات لتوليد
الكهرباء المائية فى الاقليم دعما للسلام و تم الاعلان عن ذلك بالتزامن مع
الزيارة الاممية الهامة الاخيرة للاقليم.
ورغم
ما سيتطلبه مشروع السد من جهود و تمويل و انشاء مشروعات مكملة لبناء شبكات
توزيع الضغط العالى فى مناطق القارة التى ستشترى كهرباء السد يرى خبراء
الكونغو الديمقراطية ان بناء السد فى حد ذاته و شبكاته الارتباطية سيكون
عامل توحد وسلام فى جنوب وشرق القارة الافريقية ويعتبرون ان هذه الشبكات
على انها ستكون شرايين سلام و تعاون و تكامل على مستوى اقليم البحيرات
العظمى ودولها .
وتدلل الشواهد على بزوغ
اهتمام عالمى بمنطقة البحيرات العظمى التى تعد معينا لا ينضب لنهر النيل و
تحوى أراضى دولها ثروات طبيعية و زراعية و بشرية هائلة قابلة للاستغلال اذا
حلت اجواء الاستقرار و السلام فى هذه المنطقة كبديل عن اجواء التوتر و
الصراع .
أما على الصعيد السياسى، فتلعب
مارى روبينسون المبعوث الخاص لأمين عام الامم المتحدة لمنطقة البحيرات
العظمى دورا كبيرا لبناء أجواء هادئة فى الاقليم و توجيه أعمال بعثة
التثبيت الأمنى الموفدة من قبل الامم المتحدة فى الكونغو الديمقراطية
والمساعدة فى اعادة تأهيل المدنيين من اثار عقود من الانتهاكات .
و
تتوقع "روبينسون" ان الخير القادم لمنطقة البحيرات العظمى فى افريقيا لن
ينعم به سكان الكونغو الديمقراطية وحدها بل كل دول الاقليم مشيرة فى هذا
الصدد الى ان الامين العام للامم المتحدة قد قام بزيارة رواندا و اوغندا
اديس ابابا حيث شارك فى قمة الاتحاد الافريقى و احتفالات مرور نصف قرن على
انشاء الاتحاد الافريقى كأول كيان جامع لدول وشعوب القارة السمراء .
و
تعد الكونغو الديمقراطية من الناحية الاستراتيجية - من أكثر مناطق اقليم
البحيرات العظمى سخونة بالاحداث على مدار عقود طويلة ، ففى عام 1960 وصلت
أول بعثة حفظ سلام تتبع الامم المتحدة الى الكونغو الديمقراطية وكانت
القوات المصرية فى طليعة تلك القوة الاممية فى تلك اللحظة التاريخية , و
نهاية 2011 اصبح للامم المتحدة 25 بعثة حفظ سلام فى افريقيا يتمركز معظمها
فى منطقة البحيرات العظمى بعد انزلاق اقدام المنظمة الدولية فى مشكلات
القارة التى لا تنتهى ومن بينها مشكلة توفير الكهرباء و ارتباطها بقضايا
الامن المائى .
يشار الى أن دولة الكونغو
الديمقراطية سبق أن أكدت موقفها الثابت من رفض التوقيع على الاتفاقية
الاطارية لدول منابع النيل "عنتيبى " إلا من خلال التوافق مع مصر والسودان
والوصول إلى اتفاق يرضى دولتى المصب ويحافظ على حقوقهما فى مياه النيل،
وإعادة التفاوض حول تعديل اتفاقية عنتيبى بما يحقق مصالح جميع شعوب الحوض
ومع ذلك شهدت مساعى لاقامة سدود بعدما أعلنت تنزانيا وأوغندا تحركهما
لإقامة سدين على روافد نهر النيل.ويبدو
أن هذه التحركات ليست نهاية المطاف مالم تنجح التحركات الدبلوماسية
واجراءات تفعيل الاتفاقات الدولية فى حماية حقوق دولتى المصب بمياه النيل
قبل فوات الأوان ؟.
مصدر
شخصيا لا اعتقد اى خطورة على مصر من سدود الكونغو
بل اتمنى ان تقدم مصر اوراق اعتمادها كشريك اساسى فى انشاء السد
مثل جنوب افريقيا تثبيتا لاقدام مصر هناك منذ عقود
وليس ادل على ذلك موقف الكونغو كدولة من اتفاقية عنتيبى
كما ان السد الذى سيتم انشائه بعيدا عن روافد النيل و سيقام
على نهر الكونغو