سد النهضة سيرفع الفجوة الغذائية فى مصر
لـ75%..وخبراء يتوقعون تبوير من 3 إلى 5 ملايين فدان.. وتشريد آلاف الأسر
المعتمدة على الزراعة.. وأكثر المحاصيل تضرراً الأرز وقصب السكر والقمح
والموز السبت، 1 يونيو 2013 - 05:25
سد النهضة
كتبت أسماء نصار
فى تحد غير مبرر تواصل إثيوبيا بنائها لسد النهضة الذى تقيمه على
النيل الأزرق، على الرغم من عدم انتهاء عمل اللجنة الثلاثية التى تم
تشكيلها لتقيم الآثار السلبية للسد على مصر، بل وأعلنت عن نيتها إقامة خمسة
سدود متتالية على النيل الأزرق،، يأتى ذلك فى الوقت الذى اشتعلت فيه
البورصة السياسية بالقاهرة، وسادت حالة من الغليان بين الحكومة والمعارضة
يتبادل فيها كل طرف الاتهامات، فالمعارضة تؤكد أن حكومة قنديل هى التى
تسببت فى أضعاف موقف مصر نتيجة الإهمال والتراخى وتضليل الرأى فى التصريحات
المتناقضة لوزير الرى، والتى كانت سببا فى فشله فى إدارة هذا الملف، وهو
ما أدى إلى وقوع مصر فى كارثة يستحيل تداركها.
الخبراء أكدوا أن السد الإثيوبى له أضرار كثيرة على مصر، منها أنه سيعمق
الفجوة الغذائية من 50% إلى 75 % ، حيث يتم الاعتماد فى سد هذه الفجوة
بالاستيراد من الخارج، ووفقاً للتوقعات فإن الفترة القادمة ستشهد مزيداً من
الأزمات فى ظل التدهور الاقتصادى، وتراجع الاحتياطى النقدى بمعدلات كبيرة،
وهو ما يعنى ضرورة ترشيد فاتورة الاستيراد، وبالطبع سيكون ذلك على حساب
الفجوة الغذائية التى يتم سدها من خلال الاستيراد.
الدراسات تؤكد أن خسارة مصر بجزء من حصتها السنوية فى مياه النيل سيأتى
بمجموعة من الخسائر الاقتصادية الفادحة التى تؤثر على استقرار أمن الدولة،
فتبوير جزء من الرقعة الزراعية سينتج عنه وقف زراعة محاصيل يتم الاعتماد
عليها بشكل أساسى "كالأرز" إضافة إلى محاصيل أخرى، كالموز وقصب السكر
والقمح، إضافة إلى تأثيره على الثروة الحيوانية، والتى ستزيد أسعارها بنسبة
150%، إضافة إلى البيئة البحرية.
أكد الدكتور نادر نور الدين محمد أستاذ الموارد المائية والأراضى، أن
الفجوة الغذائية فى مصر تبلغ نحو 55% من إجمالى احتياجاتنا من الغذاء، حيث
تستنزف نحو 5 مليارات دولار سنوياً فى استيرادها، على الرغم من استنزاف
القطاع الزراعى لنحو 50 مليار متر مكعب من المياه سنوياً من إجمالى الموارد
المائية من النيل والمياه الجوفية ثم إعادة استخدام مياه الصرف، فى الرى
ومجموعها جميعاً نحو 70 مليار مترا "مكعب".
وأضاف نور الدين أن أى نقص فى حصة مصر التى اعتادت عليها من مياه النيل
والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً تعنى تعميق الفجوة الغذائية إلى 75%
وتستنزف الكثير من موارد النقد الأجنبى، بالإضافة إلى تعطل خطط مشروعات
استصلاح الأراضى للمشروعات القومية فى سيناء وتوشكى والساحل الشمالى الغربى
والزمام الصحراوى لمحافظات الوادى والدلتا، والتى تتطلب المزيد منها
لملاحقة الزيادة السكانية، حيث سيصل عدد سكان مصر إلى 105 ملايين نسمة عام
2020 وإلى 130 مليون نسمة عام 2050، بالإضافة إلى الاضطرار للجوء إلى نظم
تحلية مياه البحر المالحة وهى مرتفعة التكاليف لتوفير الاحتياجات
المستقبلية لقطاعات الصناعة والسياحة والاستهلاك المنزلى والزراعة.
وأشار إلى أن امتلاء البحيرة خلف هذا السد بهذا الحجم الهائل من المياه حتى
ولو قدرنا أنه يمكن أن يحدث خلال خمس سنوات فهذا يعنى استقطاع 15 مليار
متر مكعب كل سنة من حصة مصر والسودان، وبالأصح من حصة مصر فقط، لأن سدود
السودان "خشم القربة والرصيرص وسنار ومروى وجبل الأولياء" تحجز حصة السودان
من المياه أولاً قبل أن تصل إلى مصر وهى كمية تعنى حرمان 3 ملايين فدان
مصرى من الزراعة.
وقال: أما إذا قررت إثيوبيا أن تملأ البحيرة خلال ثلاث سنوات فقط، فهذا
يعنى خصم 25 مليار متر مكعب سنويًا بما يعنى دمارًا كاملاً لمصر وحرمان 5
ملايين فدان مصرى من الزراعة وعدم امتلاء بحيرة ناصر بالمياه وانخفاض أو
انعدام التوليد المائى للكهرباء، وبذلك تكون كهرباء إثيوبيا فى الواقع على
حساب كهرباء مصر، بالإضافة إلى ضخ المياه لمصر على صورة حصة يومية تتوقف
على قدر احتياج إثيوبيا للكهرباء فيتحول النهر إلى ترعة يصرف فيها ماء مقنن
بأوامر إثيوبيا ولا يصبح لبحيرة ناصر أهمية ولا للسد العالى الذى سيكون
هدمه أفضل لتقليل البخر من بحيرة ناصر وتدفق حصة مياهنا من سدود إثيوبيا
إلى داخل البلاد يوميًا فى ترعة النيل بدلاً من نهر النيل، ويستوجب على مصر
إبلاغ إثيوبيا باحتياجاتها مسبقًا فى قطاعات الزراعة والمنازل والصناعة
والمحليات حتى تتفضل بصرفها لنا يوميًا بيوم وكأنه ليس نهرًا دوليًا بل
إثيوبيا صرفًا.
إثيوبيا تدعى بأن مصر والسودان تحصلان على 90% من إجمالى مياه النهر وتطالب
بالتوزيع "المتساوى" لمياه النهر بينما تطلب مصر والسودان بالتوزيع
"العادل" لموارد النهر، فإجمال موارد مياه الأمطار على المنابع أكثر من
1600 مليار متر مكعب فى السنة، تحصل مصر والسودان منها على 84 مليارًا فقط
بنسبة 5% بينما الأمطار هناك تشحن لهم المياه الجوفية وتنمى المراعى
الطبيعية والمروج الخضراء التى جعلت ثروة إثيوبيا 100 مليون رأس من المواشى
لا تكلفها شيئًا، بينما ثروة مصر 8 ملايين رأس، نزرع لها نصف أراضينا
بالأعلاف والبرسيم وتستنزف نصف حصتنا من المياه.
وأوضح نور الدين أن الأمطار التى تريد إثيوبيا استبعادها من حصص توزيع
المياه جعلت إثيوبيا أكبر مصدر فى العالم للبن العضوى وواحدة ومعها تنزانيا
وأوغندا من كبار المصدرين فى القارة والعالم للأغذية العضوية التى تروى
بالأمطار ولا يضاف إليها الأسمدة والمبيدات، وتدعى إثيوبيا أن الجفاف يهدد
ربع أراضيها بينما هو يأكل 95% من مساحة مصر ويجعلها صحارى، كما أن موارد
إثيوبيا من المياه المتجددة 123.3 مليار متر مكعب/سنة بينما مصر فقط 55.5
مليار.
والسؤال الذى يطرح نفسه حالياً كيف سيتم تحقيق الاكتفاء الذاتى من بعض
السلع ومصر مقبلة على حافة الهاوية وحصتها المائية مهددة بالضياع، كما أننا
تعيش على نحو 5 بالمائة فقط من أراضى مصر وباقى المساحة هى أراضٍ صحراوية،
وإذا تحدثنا عن زراعة 3 ملايين فدان فقط فإنها تحتاج إلى 55 مليار متر
مكعب من المياه، أى ما يوازى حصة مصر الحالية من المياه، وبالتالى فإن
الحديث عن الاعتماد على الزراعة والاستصلاح فى مصر من أجل تحقيق الاكتفاء
الذاتى هو مجرد كلام.
ومن جانبه أكد الدكتور علاء الظواهرى عضو اللجنة الوطنية لتقييم السد، أن
كل 4 مليار متر مكعب عجز من مياه النيل يعادل بوار 1 مليون فدان زراعى
وتشريد 2 مليون أسرة فى الشارع، وفقد 12% من الإنتاج الزراعى وزيادة الفجوة
الغذائية بمقدار 5مليارات، بالإضافة إلى زيادة تلوث المياه والملوحة وعجز
فى مآخذ محطات مياه الشرب نتيجة انخفاض المناسيب والتناقص الشديد فى
السياحة النيلية وزيادة تداخل مياه البحر فى الدلتا مع المياه الجوفية
وتدهور نوعية المياه فى البحيرات الشمالية.
الخبراء المعنيون بالملف يؤكدون ضرورة التحرك السياسى لمصر على المستويين
الإقليمى والدولى لعرض الآثار المدمرة للسدود الأثيوبية ووقف أى مخطط
لتمويل هذه السدود ومنع استخدام المنح والمساعدات الإنسانية لبناء السدود،
وإعداد "كتيب" عن السدود الإثيوبية وتبعاتها السلبية وتوزيع نسخ منه إلى
الجهات المانحة والقوى السياسية والمنظمات الدولية، ووضعه على المواقع
الإلكترونية لوزارتى الرى والخارجية وهيئة الاستعلامات.
مصدر