تواصل تداعيات ملف سد النهضة الاثيوبي مصرياً، إذ أشار مراقبون إلى أن البحث في القاهرة بات يتطرق إلى خيارات مختلفة، وذلك بعد جولات من المفاوضات انتهت من دون نتائج تذكر.
وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أهمية الحفاظ على حق الشعب المصري في الحياة باعتبار نهر النيل مصدر المياه في البلاد، داعيا إلى ضرورة اتخاذ خطوات جادة لتنفيذ اتفاق إعلان المبادئ، والعمل على التوصل لتفاهم مشترك يحفظ حقوق الدول الثلاث وشعوبها وتحقيق المكاسب المشتركة.
جاء ذلك خلال اجتماع بحث فيه السيسي مع وزيري الدفاع والري ورئيس المخابرات ما توصلت إليه حتى اﻵن مفاوضات سد النهضة في اجتماع هو الأول من نوعه منذ توليه مهام منصبه، وكذا منذ تفاقم أزمة السد مع إثيوبيا.
الاجتماع استمر لأكثر من ساعتين، في أمر اعتبره مراقبون بمثابة رسالة مقصودة موجهة إلى إثيوبيا بأن الأمر يبحث جدياً من قبل القيادة المصرية، وفي استحضار لما رأى متابعون أنه قد يمثل خيارات كانت مستبعدة طوال الفترة الماضية، بالرغم من أنها كانت مطروحة من قبل في عهدي الرئيسين انور السادات وحسني مبارك، اللذين كانا وجها تهديدات صريحة إلى إثيوبيا بضرب السد حال التفكير في إقامته.
مصر خاضت على مدى العامين الماضيين 13 جولة تفاوضية بشأن سد النهضة تنوعت مستوياتها ما بين الخبراء الفنيين ووزراء الري وحدهم أو بمشاركة وزراء الخارجية أيضا، وحتى وصل اﻷمر ﻻجتماع ضم زعماء الدول الثلاث في مارس 2015 تم خلاله توقيع اتفاق مبادئ.
لكن المفاوضات بدت للكثيرين في القاهرة مجرد وسيلة إثيوبية لإضاعة مزيد من الوقت في تفاوض الدائرة المغلقة ورغم ذلك، واصلت القاهرة التفاوض سداسيا في إطار جلسات انتهت بطلب مصر بأن تتم زيادة عدد فتحات السد لأربع فتحات بدلا من اثنتين، وهو الأمر الذي وعدت إثيوبيا بدراسته من خلال الخبراء الفنيين من الدول الثلاث في اجتماع عقد الأسبوع الماضي في أديس أبابا انتهى برفض إثيوبي للطلب المصري، وهو ما زاد الأمر تعقيدا، إذ يرى المسؤولون المصريون أن إثيوبيا تسعى لفرض أجندتها كاملة على مصر من دون تقديم أي تنازلات، لكنها في الوقت نفسه سمحت لوفود مصرية بزيارة السد للاطلاع على المشروع، وهو ما سيحدث خلال الأسابيع المقبلة.
على مستوى الموقف المصري استخباراتيا وعسكريا، فهناك مهام جديدة قديمة فيما يرتبط بسد النهضة، لكن الأمر ﻻ يبدو سهلا لأن اتباع أي من الخيارين (الاستخباري أو العسكري) في التعامل مع الأزمة يتطلب جهداً وتنسيقا كبيرين، هذا بالإضافة إلى ما قد يجلبه فيما يخص رد الفعل الإفريقي والدولي.
على جانب متصل، ربط مراقبون بين تصريحات منسوبة لوزير خارجية السودان إبراهيم الغندور وجهها لسياسيين مصريين في الخرطوم، مفادها أن بلاده معنية بسلامة وأمن السد الإثيوبى، وكذا نتائج زيارة الغندور ووزير الري السوداني للقاهرة مؤخرا.
أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور نادر نور الدين قال إن استدعاء الرئيس السيسي لوزيري الدفاع والري "بداية حقيقية" لاتخاذ موقف أكثر قوة بشأن سد النهضة، خاصة وأن ما قبل هذه الخطوة من مفاوضات فنية لم يكن أكثر من "مضيعة للوقت"، على حد وصفه، مشيرا إلى خطورة تصريحات وزير الخارجية السوداني، التي وصف فيها سد النهضة بأنه "عمل من أعمال السيادة الإثيوبية ولا يجوز التدخل فيه"، وأن "السودان سيحمي سد النهضة إذا اقتضى الأمر".
نور الدين أوضح أن الخرطوم كانت طوال سنوات التفاوض تستخدم بندين هامين، فهي من ناحية تستغل الضعف المصري التفاوضي في تحقيق مكاسب لها على الأرض، لقرب السودان "السياسي" من أديس أبابا، ومن ناحية أخرى، تضمن نصيبها من الكهرباء وهو ما سيعود عليها من بناء السد الإثيوبي، إذ من المقرر أن تأخذ الخرطوم ما يكفيها من الكهرباء بربع الثمن المقرر أن تبيع به أديس أبابا الكهرباء للدول الأخرى، طبقا لاتفاقيات موقعة بين البلدين.
RT