كانت الخسارة اﻷردنية فادحة في حرب عام 1967. وخسارة بمثل هذا الحجم يجب ان تكون لها أسباب عديدة:
أولا اﻷسباب الثانوية:
1- أوضح اﻷسباب كان خطأ القيادة العامة في إرسال اللواء 60 مدرع جنوبا للخليل و اللواء 40 لأريحا يوم 5 حزيران بسبب المعلومات المصرية الكاذبة. رغم ان القرار كان مفهوما ضمن المعلومات المتاحة فقد حرب اﻷردن من اﻹحتياطي المدرع الوحيد لمدة 6-12 ساعة و كشفته للطيران.
2- المعلومات الكاذبة و التقديرات الخاطئة التي كانت تصل القيادة العامة من القيادة المصرية و القيادات الميدانية اﻷردنية.
3- اسلوب القيادة و التحكم اﻷردني كان بطيئا و مركزيا و عدم وجود تشكيلات على مستوى الفرق مما اخر صدور القرارات لمواجهة التطورات و التحركات اﻹسرائيلية السريعة.
4- سلاح الطيران اﻹسرائيلي القوي. حيث منع اﻷردن من تحريك قواته بسهولة و قام بضرب القوات المدافعلة كلما بدأ الهجوم اﻹسرائيلي يتباطأ.
كل هذه العوامل ساعدت في سرعة الإنتصار اﻹسرائيلي و قلة الخسائر اﻹسرائيلية. لكنها لم تكن عوامل حسم في الحرب.
ثانيا، السبب الرئيسي:
العامل الرئيسي و الحاسم في هذه الحرب كان فارق القوة الكبير بين الجيشين على المستوى التكتيكي. فلم يعد الجيش اﻷردني يتمتع بقدرات جيش عام 1948 على مستوى اﻷفراد و القيادات الميدانية. و دخلت فيه كل أمراض الجيوش العربية الأخرى. حيث كانت رد فعلهم على التحركات اﻹسرائيلية سيئة و دون المستوى (هذا لو كان هناك رد اصلا). و كذلك يجب اﻹشارة إلى التحسن الكبير في قوة الجيش اﻹسرائيلي مقارنة بعصابات عام 1948. مع استثناءات قليلة، كانت الوحدات اﻹسرائيلي قادرة على هزيمة وحدات اردنية، اكبر عددا، أو افضل تسليحا، او في مواقع دفاعية افضل. و رغم لوم اﻷردنيين للجنرال عبد المنعم رياض (وهو لوم خاطئ - دعائي في غالبه) فإنهم يقرون ان فارق الأداء للوحدات كان كبيرا لدرجة ان أي جنرال اخر كان سيغير في التفاصيل، و ليس الصورة العامة.
بعد الحرب قامت القيادة اﻷردنية بمراجعة جادة لنتائج الحرب و تصحيح بعض اﻷخطاء:
1- تشكيل الفرق العسكرية من اﻷلوية الموجودة. و تم إضافة كتيبة رابعة لكل لواء.
2- تم عمل مراجعة شاملة لأسلوب تدريب القوات، مع التركيز على تشجيع دقة التقارير المرفوعة للقيادة.
3- تم استحضار خبراء من الباكستان لعمل تحليل موضوعي لسير الحرب و استخلاص الدروس و العبر.
و قد كان شيئا جيد ان الجيش الأردني تمكن من تقديم اداء افضل - ولو قليلا - بعدها بعام واحد في معركة الكرامة. و لعل هذا يكون موضوع دراسة اخرى.
رحم الله شهدائنا، و غفر ﻷبطال تلك الحرب الذين أدّوا واجبهم بإتقان (و هم قليلون على ما يبدو) و هيأ للجيل القادم اسباب النجاح للتعلم من دروس التاريخ و عبره. تم بحمد الله.