وفى العام 1909 حصل لينين على تاييد غير مشروط من زعيمين يهوديين هما زينوفييف وكامينيف . واصبحوا يعرفون "بالترويكا" اى الثلاثى،واستمرت هذه الصداقة حتى عام 1924.
بعد المؤتمر الخامس الذى عقده حزب العمل الاشتراكى الروسى فى لندن عام 1907 ،قرر لينين ان يختبر شجاعة ومدى امكانية الوثوق بتلميذه الجديد ستالين ،واراد ايضا ان يُرِى القواد الاخرين فى الحركات الاخرى انه مستقل ماليا. وللقيام بهذا العمل المزدوج كلف لينين ستالين بسرقة مصرف تيفيلس. واختار ستالين شريكا له فى تلك المهمة ارمنيا يدعى بترويان،الذى ابدل اسمه فيما بعد فاصبح كامو. واكتشفا ان المصرف ينوى ان ينقل كمية من المال من مكان لاخر عن طريق المواصلات العامة. وكمنا للعربة وقذف بترويان بقنبلة فجرت كل ما فيها وكل من فيها ونثرتهم اشلاء صغيرة ولم يبق صحيحا الا الصندوق المتين الذى يحوى الاموال 250،000 روبل. وقتل فى هذا الخادث 30 شخصا. ونقلت الغنيمة الى لينين واثبت ستالين وجود قدرة قيادية كافية فيه.
ووجد البلاشفة صعوبة فى الاموال المسروقة لاهداف الحزب لان معظم الاوراق المالية كانت من فئة ال 500 روبل. وفكر لينين فى توزيع اوراق ال 500 روبل على اعضاء الحزب الذين يمكن الوثوق بهم فى مختلف المناطق. واصدر اليهم تعليمات بوجوب التخلص من اكبر كمية ممكنة من الاموال فى يوم معين وتم تنفيذ الاوامر ولكن اثنين من العملاء وقعا فى قبضة الشرطة. احدهما اولغا رافيتش التى تزوجت فيما بعد من زينوفييف صديق لينين الكبير. وكان الاخر يدعى ماير والاش وكان اسمه الحقيقى فنكلستاين. وغير اسمه فيما بعد الى مكسيم لينفينوف. وقد عرف وذاعت شهرته فى العالم عندما كان مفوض الشؤون الخارجية فى عهد ستالين من عهد 1930 الى 1939-قال فى الهامش: وقد لعب رجل العصابا هذا دورا مهما فى العلاقات الدولية فى المانيا وانكلترا وفى عصبة الامم وبعدها فى الامم المتحدة حتى وفاتها.ه-
بعدنهاية ثورة 1905 شرع القيصر نيقولا الثانى باجراء اصلاح جذرى. وصمم تحويل الملكية الروسية المطلقة الى حكم ملكى دستورى على الطريقة الانكليزية. وبدا مجلس الدوما بالعمل وكان رئيس الوزراء بيتر اركاديفيتش ستولبينStolypin احد المصلحين الكبار. وامسك ستوليبن بزمام السياسة الروسية واصدر "قوانين ستوليبن" التى منحت الحقوق المدنية للفلاحين الذين كانوا يشكلون نسبة 85% من الشعب الروسى . وقد ادت اصلاحاته الزراعية الى تامين المعلومات المالية الكافة للفلاحين بحيث اصبح بمستطاع الفلاح شراء ارضه بنفسه،وكان اعتقاده يتجه الى ان الوسيلة الوحيدة لمحاربة دعاة الطريقة الشيوعية فى الحياة هى تشجيع فكرة الاستملاك الفردى.
وكان هم الزعماء الثوريين هو الاستيلاء على السلطة ولم تتكن تهمهم الاصلاحات فى شئ. وفى العام 1906 حاولت جماعة ارهابية اغتيال ستولبين فدمروا منزله بقنبلة . وحيكت خطط عديدة للتخلص من رئيس الوزراء الذى لم يكن الشعب الروسى ليحلم بافضل منه واكثر تقدمية. وفى ليلة مظلمة من ليالى ايلول عام 1911 اغتيل اكبر وزير مصلح عرغته روسيا بينما كان يحضر عرضا مسرحيا فى مسرح كييف . وكان القاتل محاميا يهوديا يدعى موردخاى بورغوف-قال فى الهامش : يسترعى الاهتمام هذا التشابه الغريب بين اغتيال ستولبين واغتيال المصلح الامريكى لينكولن . فالقاتل فى المرتين يهودى وجرى الاغتيال فى مسرحا.ه-
فى العام 1907 صنعت القوى الخفية خضة اقتصادية وذعرا فى وول ستريت بهدف تعويض الاموال التى انفقوها فى الحروب والثورات الروسية . وكانوا فى الوقت ذاته يقومون بتمويل المراحل الاولى من الثورة الصينية التى اندلعت فى 1911.
وقد حاولتت الحكومة الروسية ان تطبق اصلاحات ستولبين بعد مقتله. عام 1912 اعطى قانونين تامين العمال ،كل العمال الصناعيين ،تعويضا عن المرض وعن الحوادث بنسبة ثلثى المرتب العادى عن المرض وثلاثى ارباع عن الحوادث. واعطيت صحف الحركات الثورية صفة شرعية لاول مرة بعد انشائها. واتسعت المدارس الحكومية وامتدت. واعيد النظر فى قوانين الانتخابات لتضمن انتخابا اكثر حرية وتمثيلا. وفى العام 1913 منحت حكومة القيصر عفوا شاملا لكل السجناء السياسيين وفور اطلاقهم من السجن شرع هؤلاء فى التآمر والتخطيط لقلب الحكومة الروسية. ودعا الارهابيون الى تصفية افراد العائلة المالكة . ولكن ااصلاحات كانت قد اقنعت الاكثرية الساحقة من الشعب الروسى. وبدا فى ذلك الوقت ان قضية الثورة اصبحت مسالة ميتة،وكان اولئك الرجال الذين يديرون الحركة الثورية العالمية قد قرروا ان يمنحوا روسيا فترة من الهدوء والراحة . فقد ركزوا مجهوداتهم فى بلاد اخرى وعلى وجه الخصوص فى اسبانيا والبرتغال
واخذت اجهوة الدعاية الشيوعية تبث ضبابا احمر. ونظمت حملة مدروسة من التشهير والفضائح نفذتها فى روسيا على غرار ما جرى فى فرنسا وانكلترا قبيل ثورتيهما. وهكذا اصبح الانسان العادى لا يتصور القياصرة والنبلاء الروس الا وحوشا ملتحين يستعبدون الفلاحين ويغتصبون نساءهم الشابات ويخترقون اجساد الاطفال برماحهم فى اثناء نزهاتهم على ظهور الجياد عبر القرى.-واقول اذا نظرنا للبلد الذى اسقط فيه النظام ونظرنا قبل سقوطه كيف كانت حملة التشهير الضخمة بل والتى لا تزال مستمرة بشدة عرفنا اعماق المسئلة -.
ولكى نبرهن ان آخر القياصرة كان من المصلحين فسوف نستشهد بكلمات لبرترام وولف وقد انتقينا هذا الكاتب بالذات لانه كان ضد القيصرية ومع الثورة. يقول وولف فى الصفحة 360 من كتابه"ثلاثة صنعوا الثورة":"بين 1907 و 1914 وتحت قوانين ستولبين للاصلاح الزراعى اصبح 2،000،000 من الفلاحين مالكين لاراضيهم فى القرى . وقد استمرت حركة الاصلاح تلك فى سنى الحرب 1914-1917. وفى اول كانون الثانى 1916 بلغ عدد المنتفعين 6،200،000 فلاح. وراى لينين ان القضية قد اصبحت سباقا بين اصلاحات ستولبين وبين القدرة الثورية المخطط لها. فلو تاخرت الثورة عقدين من الزمان فستحول الاصلاحات الزراعية وجه الريف الروسى بحيث لا يعود قدرة ثورية يعتمد عليها وكان لينين على حق. فعندما دعا فى العام 1917 الفلاحين "للاستيلاء على اراضيهم"كانوا هم قد ملكوا اكثرمن ثلاثة ارباعها فى ذلك الوقت"
ومن سوء الحظ ان راسبوتين كان يمارس ضغوطا شريرة على رجال ونساء من البلاط الامبراطورى. وانا اعرف من بعض السيدات اللواتى كن على علاقة وثيقة بالقصر فى ذلك الوقت،ان الامبراطورة كانت واقعة بشكل كبير تحت تاثير راسبوتين فقد كان الوحيد الذى استطاع وقف النزيف الذى اصاب ابنها الصغير.
. وبدا ان راسبوتين استطاع ان يضع الامبراطورة تحت سيطرته،لا كعشيقة وانما بهدف جعلها تجبر القيصر على ما يريد هو (اى راسبوتين)ان يفعله. وليس من المبالغة القول بان راسبوتين عن طريق النفوذ الذى مارسه على القيصر بواسطة الامبراطورة، كان هو الذى يحكم روسيا،الامر الذى ادى استياء الشعب الرسى
وم الثابت ايضا ان راسبوتين ادخل الى دوائر البلاط رجالا ونساء كانوا يمارسون طقوا وثنية شيطانية مثل التى كان تنفذ سرا فى قصر الباليه قبيل اندلاع الثورة الفرنسية 1789.
-فى المرة القادمة ان شاء الله سنبدا احداث الثورة الروسية وهو موضوع مهم جدا يجب تدبره بعناية وتركيز وتكرير قراءته لانه قريب من النموذج المصرى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
http://www.waqfeya.com/book.php?bid=6114