var bburl = '';
كما في الرياضة حينما يبحث النقاد عن نقاط القوة والضعف في طرفي المنافسة، فيعرفون
مسبقا ولو بتقدير مبدئي لمن ستكون الغلبة، فإن الأمر لا يختلف كثيرا في السياسة.
وبينما تلوح نذر حرب باردة بين روسيا والغرب، وتتخذ أشكالا اقتصادية وسياسية وعسكرية،
يثور تساؤل حول نقاط القوة التي يمتلكها الدب الروسي وفي المقابل مثيلتها لدى
الغرب وخاصة الولايات المتحدة.
"
لا وجه لمقارنة روسيا بالولايات المتحدة والغرب فالأولى دولة إقليمية والثانية قوى
عظمى عالمية تمتلك الأسواق والتكنولوجيا الصناعية والعسكرية
"
جمال عبد الجواد
الغرب أقوى
من البداية يحسم رئيس وحدة العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية
الدكتور جمال عبد الجواد مسألة موازين القوة العسكرية والاقتصادية لصالح الغرب دون
تردد، ويبرهن على ذلك في اتصاله مع الجزيرة نت بقوله إن العتاد العسكري الغربي
أكثر تطورا وأكثر فعالية وحداثة والتكنولوجيا العسكرية الغربية لا تقارن بالسلاح
الروسي العتيق.
غير أن عبد الجواد لا يقف في حكمه لصالح قوة الغرب على الجانب العسكري فقط وإنما
يضيف إليه الاقتصاد، فيتحدث عن أن روسيا اختارت اقتصاد السوق وتخلت على الاقتصاد الاشتراكي
الموجه كما كان الحال إبان الاتحاد السوفياتي السابق.
وهذا في رأيه كفيل بأن تميل كفة القوة الاقتصادية لصالح الغرب، وحجته في ذلك تقوم
على أن الغرب يمتلك مفاتيح الأسواق العالمية المفتوحة والاستثمارات الدولية وهو في
هذا لا يجارى.
ولم يمنح عبد الجواد ميزة كبرى للغاز الروسي في معادلة القوة الاقتصادية، رغم أن
أوروبا تعتمد في 60% من احتياجاتها من الطاقة عليه.
يقول عبد الجواد "صحيح أنها ورقة مهمة في يد روسيا لكن أهميتها تكمن بعد
بيعها، وطالما أن روسيا تبيع غازها للغرب وتعتمد على عوائد هذا البيع في تقوية
اقتصادها فهي إذن منفعة متبادلة أكثر منها سلاح مشرع وقوة موجهة".
وفي ختام تقييمه لقوة الغرب وروسيا أشار الباحث المصري إلى أن روسيا "دولة
إقليمية قوية" لكنها ليست قوة عظمى عالمية، وهي الآن "روسيا" وليست
"الاتحاد السوفياتي" الذي كانت شعاراته تدغدغ عواطف الشعوب الفقيرة
المستضعفة، فموسكو حاليا -والكلام لعبد الجواد- في سبيل مصالحها "تحالف
الأنظمة الفاسدة والمستبدة" شأنها شأن الغرب.
"
صواريخ روسيا النووية العابرة للقارات قادرة على الوصول إلى قواعد الغرب العسكرية
في أي مكان من العالم، كما أن موسكو قادرة على أن تقض مضاجع الغرب في أفغانستان
وأوكرانيا
"
عبد الجليل المرهون
دب شرس
أما الخبير في قضايا الأمن والدفاع والشؤون الإستراتيجية الباحث البحريني الدكتور
عبد الجليل المرهون فيستشعر أكثر من الدكتور جمال عبد الجواد مكامن القوة الروسية
ويضع يده على مفاصلها، واصفا الدب الروسي "بالشرس الذي يستطيع أن يوجه للغرب
لكمات مؤلمة وموجعة تهز كيانه".
ويقول المرهون إن 60% من الغاز الأوروبي قادم من روسيا وتستطيع موسكو إن أرادت أن
تمنعه عن أي دولة فتهز اقتصادها بعنف.
ويتحدث عن الصواريخ النووية الروسية العابرة للقارات فيقول إنها قادرة على إصابة
القواعد العسكرية الأميركية المنتشرة حول العالم لا سيما في مناطق النفوذ الروسي
القديمة مثل رومانيا وبلغاريا والتشيك والمجر وبولندا وغيرها من الدول التي
"قضمها" حلف الناتو وضمها إليه.
ثم يلفت المرهون الأنظار إلى الاحتياج الغربي الشديد لروسيا في الحرب الدائرة الآن
في أفغانستان التي تحتاج دوما إلى التزود بالعتاد الحربي الثقيل الذي يأتي عبر
ممرات برية آمنة "بفضل التعاون الروسي في هذا المجال"، "وهو ما
يعني أن روسيا يمكن أن تقض مضاجع قوات حلف الناتو والولايات المتحدة في أفغانستان
إن أرادت".
ويشير المرهون إلى نفوذ روسيا في بعض دول آسيا الوسطى ومنها أرمينيا التي بها أكبر
قاعدة عسكرية روسية في الخارج فضلا عن دولة طاجيكستان التي للروس فيها نفوذ لا
يستهان به في رأي المرهون.
ورقة أوكرانيا
ثم يختم الباحث البحريني حديثه عن القوة الروسية بما أسماه "الورقة
الأوكرانية" فيقول إن أوكرانيا -الملاصقة لروسيا- تمثل "خاصرة الغرب
الرخوة" وإذا أراد الروس تصعيد المواجهة مع الغرب يمكنهم فك معاهدة الصداقة
التي أبرموها مع أوكرانيا والتي تشتمل على اتفاقيات في مجالات الطاقة والمواصلات
والأمن وهو ما سيسبب متاعب جمة لأوكرانيا.
كما يمكن للروس -والكلام للمرهون- أن يجتاحوا أوكرانيا أو على الأقل يزعزعوا
الاستقرار فيها بصورة مؤثرة للغاية.
ويختم المرهون بأنه إذا حدث هذا "فسينتهي حلم وجود أوروبا موحدة، وستكون ضربة
في سويداء قلب الاتحاد الأوروبي والنفوذ الأميركي".
var bburl = '';
المصدر: الجزيرة