روسيا وأمريكا وكندا والدانمارك يتصارعون على ثروات القطب الشمالي
الخميس 10.10.2013 - 09:49 م
موسكو أ ش أ
أصبحت المصالح المتعارضة والمتنافسة في منطقة القطب الشمالي تتسم بمزيد من التعقيد لغياب اتفاق شامل بين الأطراف المتصارعة ، وغياب نية التوصل إلى مثل هذا الاتفاق في الوقت الراهن أو في المستقبل القريب أيضا.
ومع تطوير معدات وتكنولوجيات التنقيب في المياه المتجمدة ، فإن النزاع على تقاسم مناطق التنقيب في القطب الشمالي ، في غالب الظن ، سوف يستمر وتزداد حدته مستقبلا ..كما أن ذوبان معظم جليد القطب الشمالي من شأنه تحويل تلك المنطقة إلي ساحة ضخمة لعمليات التنقيب والاستكشاف ، وهذا سيعني بدوره زيادة حدة المشاكل البيئية ، التي على ما يبدو لا تأخذها في الحسبان الدول المتصارعة على ثروات القطب الشمالي في الوقت الراهن.
وتكمن بعض المخاوف البيئية في احتمال ارتفاع منسوب المياه في البحار والمحيطات ؛ مما يهدد بغرق العديد من سواحل دول العالم .
وتسعى روسيا ، كما هو معروف ، إلى الحصول على الاعتراف الدولي بملكيتها لأجزاء من المحيط المتجمد الشمالي تبلغ مساحتها 2ر1 مليون كيلومتر مربع ، يعتقد أنها تحتوي على حوالي 10 مليارات طن من النفط على أقل تقدير .
وكانت بعثة روسية نصبت العلم الروسي في قاع المحيط المتجمد الشمالي خلال عام 2007 في إطار السعي إلى إظهار حقوق روسيا في أجزاء معينة من منطقة القطب كونها دولة تطل على المحيط المتجمد الشمالي، بجانب كل من كندا والولايات المتحدة والدانمارك والنرويج.
وكانت موسكو تقدمت في عام 2001 للجنة تابعة للأمم المتحدة بمجموعة من الحجج تدعي أن المياه الواقعة أمام سواحلها الشمالية ما هي إلا امتداد لمياهها الإقليمية ، ولكن اللجنة رفضت هذه الحجج وطالبت موسكو بتقديم المزيد من الأدلة.
وتفيد بعض التقديرات بأن الجرف القاري للمحيط المتجمد الشمالي يضم حوالي ربع احتياطات بحار العالم من موارد الطاقة .. وتؤكد تقارير أخرى أن احتياطي هذه المنطقة من النفط وحده يبلغ حوالي 90 مليار برميل .
أما التقديرات الروسية ، فتشير إلى تركز ما بين 70 أو 80 % من كل إحتياطيات منطقة المحيط المتجمد الشمالي من النفط والغاز في منطقة الجرف البحري الروسي .. وكانت روسيا قد أكدت أن استخدام موارد منطقة القطب الشمالي يعد ضمانا لأمن الطاقة فيها، وسارعت إلى إصدار تشريعات برلمانية لتحديد المنطقة التابعة لها في القطب الشمالي .
كما أعلن مجلس الأمن القومي الروسي قبل ثلاث سنوات عن استراتيجية جديدة تقضي بتشكيل قوة عسكرية لحماية مصالح روسيا في المنطقة القطبية الشمالية .. وتتوقع هذه الاستراتيجية أن تصبح المنطقة القطبية الشمالية المصدر الرئيسي للنفط والغاز في روسيا بحلول العام 2020 ، خاصة وأن بعض الدراسات تشير إلى احتمال نضوب النفط الروسي خلال السنوات القادمة .
ويواجه التحرك الروسي بمنافسة شرسة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والدانمارك والنرويج ، التي تمتلك جميعها شريطا ساحليا مع القطب الشمالي وتدعي سيادتها على أجزاء منه .
وقد أرسلت الولايات المتحدة وكندا في وقت سابق بعثة مشتركة إلى منطقة القطب الشمالي لتجميع معلومات تؤكد حقهما في أجزاء من هذه المنطقة .. ويتعقد الوضع أكثر لأن عدد الدول التي تقف عند أبواب منطقة القطب الشمالي أكبر بصورة ملحوظة من عدد الدول المطلة على ساحاتها الجليدية.
فالصين هي الأخرى بدأت تتوجه إلى المنطقة في محاولة للمشاركة في تقاسم الثروات الطبيعية الهائلة هناك ، حيث وجهت إلى "أركتيكا" أكبر كاسحة جليد مطورة غير نووية في العالم "سيو إيلون" أو "التنين الجليدي" ، التي صنعت في الحقبة السوفيتية في أوكرانيا.
ولا تدعي الصين بوجود حقوق قانونية لها على أي جزء من أجزاء القطب الشمالي ، ولكنها تنتظر اتفاق الدول المطلة عليه كي تستفيد من النفط والغاز هناك.
ولا يتعلق الصراع بين روسيا وكندا والولايات المتحدة والدانمارك والنرويج بالثروات الطبيعية للقطب الشمالي وحسب ، وإنما بما ينجم عن ارتفاع حرارة المناخ من جعل الطرق البحرية الشمالية في كندا وروسيا مفتوحة للملاحة خلال فترات أطول ، وفي حالة الملاحة المباشرة على مدار السنة ، قد تقل المسافة التي تفصل بين الصين من ناحية ، وألمانيا أوالولايات المتحدة من الناحية الأخرى بـ 6 - 7 آلاف كيلومتر . في نفس الوقت ، ترى الولايات المتحدة أن أيسلندا والسويد وفنلندا لها نفس الحقوق في الموارد الكامنة تحت وفوق مياه المحيط القطبي الشمالي .
يذكر أنه في عام 1996 تأسس ما يسمى " مجلس القطب الشمالي " بمبادرة من فنلندا ، ويعد هذا المجلس أهم منظمة إقليمية لمنطقة القطب الشمالي، ويضم كلا من الدانمارك وفنلندا وآيسلندا وكندا والنرويج وروسيا والسويد والولايات المتحدة ..كما يضم بعض الدول المراقبة ، وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا وبولندا وإسبانيا والصين وإيطاليا وكوريا الجنوبية.
ولا يستبعد خبراء أن تصبح منطقة المحيط المتجمد الشمالي حلبة مستقبلية لتصادم حاد بين مصالح استراتيجية لدول عدة، على رأسها روسيا والولايات المتحدة.
وهذا ما دفع بعض المراقبين الروس والغربيين إلى عدم استبعاد تطور الخلاف حول ثروات القطب المتجمد الشمالي إلى صراع مسلح " غير نووي " ، استنادا إلى تحذيرات روسيا المتكرره للدول الأخرى المطلة على القطب الشمالي من مغبة منعها من الوصول إلى مكامن الثروات الطبيعية ، واستنادا أيضا إلى نشاط الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في مواجهة المصالح الروسية في تلك المنطقة .
يشار إلى أن دول منطقة القطب الشمالي قامت بتصنيع 66 سفينة عسكرية تقدر على خوض الحرب في شمال الكرة الأرضية وتنوي روسيا، هي الأخرى ، تصنيع 15 غواصة وكاسحة جليد جديدة لهذه المنطقة تحديدا.
http://www.el-balad.com/644149
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
التنافس علي قمة العالم: صراع القوي الكبري علي القطب الشمالي
المصدر: السياسة الدولية
بقلم:
هشام بشير علي خلفية ظاهرة التغيرات المناخية، بما صاحبها من ارتفاع درجة الحرارة، وذوبان أجزاء من ثلوج منطقة القطب الشمالي خلال الأعوام القليلة المنصرمة، وانكشاف ثروات تلك المنطقة، مع نشوء ممرات ملاحية جديدة، بزغ صراع جديد- يبدو أنه سيستمر عقودا مديدة- بين الدول الثماني المشاطئة للمنطقة سالفة الذكر، والتي تقدر مساحتها بنحو 26 مليون متر مربع، بل إن دولا أخري خارج المنطقة أبدت رغبتها في الاستفادة من ثروات المنطقة، باعتبارها تراثا مشتركا للإنسانية. ومن ثم، فقد جاء اجتماع وزراء الخارجية لدول مجلس القطب الشمالي في 12 مايو 2011 ليؤكد ضرورة توحيد الرؤي بين دول المنطقة.
وإذ أضحي القطب الشمالي ذا أهمية خاصة من الناحية الجيوسياسية والجيواقتصادية لجميع الدول القطبية الثماني (الولايات المتحدة، روسيا، كندا، النرويج، الدنمارك، أيسلندا، السويد، وفنلندا)، فإن هناك تخوفا من إمكانية حدوث مواجهات عسكرية- ولو بصورة محدودة في تلك المنطقة- في ظل رغبة عدد من الدول المشاطئة للقطب الشمالي في بسط سيطرتها وهيمنتها علي هذه المنطقة ذات الثروات الهائلة والمتنوعة.
من هنا، من المهم إلقاء الضوء علي أسباب الصراع الدائر في تلك المنطقة، والأطراف المتنازعة عليها، ودوافعها للسيطرة علي المنطقة، مع بيان موقف القانون الدولي العام من هذا الصراع، وسيناريوهات المستقبل المحتملة.
دوافع الصراع علي القطب الشمالي:
ترتبط دوافع الصراع علي القطب الشمالي بما أشارت إليه بعض الدراسات من كون القطب الشمالي يضم ما يقرب من 25% من المخزون العالمي من النفط الخام والغاز الطبيعي، فضلا عن مليارات الأطنان من الرواسب والتكوينات الجيولوجية النفطية. وفي السياق نفسه، فمن المؤكد أن ظاهرة الاحتباس الحراري ستؤدي إلي تحويل أجزاء كبيرة من منطقة القطب الشمالي من منطقة جليدية إلي مسطحات مائية، كما ستؤدي إلي كشف مساحات شاسعة من الأراضي العامرة بالموارد الطبيعية المتنوعة.
بمعني أن ظاهرة الاحتباس الحراري من المتوقع أن تقود إلي أمرين من شأنهما تفجير النزاعات بين دول المنطقة:
الأمر الأول: ظهور طرق ملاحية جديدة في المنطقة، وأهمها الممر الملاحي بين الشمال والغرب، والذي يمثل أهمية استراتيجية كبيرة، إذ يتيح الربط بين آسيا وأوروبا كأقصر الطرق، حيث بدأت مساحات كبيرة من الجليد في التلاشي منذ صيف عام 2007، الأمر الذي فتح الباب أمام فكرة الإبحار خلاله في المستقبل المنظور.
الأمر الثاني: السماح باكتشاف مساحات متزايدة من قيعان المحيط المتجمد، مما يسهل كثيرا من إمكانية استكشاف واستخراج الثروات البترولية والمعدنية التي يزخر بها، وهو أمر لم يكن ممكنا في ظل وجود ذلك الغطاء الجليدي الكثيف، وفي ظل وجود مصاعب تقنية تعيق عمليات التنقيب والاستكشاف المطلوبة.
البعد القانوني للصراع:
الاتفاقية الدولية الوحيدة التي تنطبق علي القطب الشمالي هي اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982. ووفق هذه الاتفاقية، فإن أي دولة تستطيع إثبات أن رصيفها القاري يتجاوز الحدود الحالية المحددة في 200 ميل من خطها الساحلي، يمكن أن تمنح ما قد يصل إلي 150 ميلا إضافية من قاع البحر، ولذا فإن الدول القطبية تستعد للمطالبة بأجزاء أكبر من المنطقة في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
وكما سبق الذكر، فإن روسيا تقدمت عام 2001 بطلب إلي "لجنة الجرف القاري" الأممية من أجل توسيع رقعة نطاقها الاقتصادي الحصري (المنطقة الاقتصادية الخالصة) لكن الطلب قوبل بالرفض، لذا عمدت روسيا إلي محاولة جمع أدلة إضافية عن طريق إرسال عدد من الرحلات العلمية والبعثات الاستكشافية إلي قاع المحيط المتجمد، علي أمل إثبات أن الجرف القاري الخاص بها يتصل بالسلاسل الجبلية تحت الماء، بما يعني أحقيتها في السيادة علي ما يقرب من نصف مساحة المحيط.
حسابات أطراف الصراع:
غني عن البيان أن أطراف صراع كهذا لن تخرج عن الدول الثماني المشاطئة للقطب الشمالي وهي: الولايات المتحدة، وروسيا، وكندا، والنرويج، والدنمارك، وأيسلندا، والسويد، وفنلندا، وإن كانت روسيا والولايات المتحدة تعدان الدولتين الأكثر حرصا علي الاستفادة من المنطقة.
فعلي سبيل المثال، نجد أن روسيا تعد من أولي الدول التي ارتادت المنطقة في وقت مبكر، وذلك في نهاية القرن الثامن عشر، بل إنها في عام 2001 سلمت إلي الأمم المتحدة وثائق تزعم فيها أن حافة لومونوسوف، التي توجد تحت مياه القطب الشمالي المتجمد، هي في الحقيقية جزء من الرصيف القاري لسيبيريا التابعة لها، مما يتعين معه ضمها إلي الأراضي الروسية.
والواضح أن القيادة الروسية لديها إدراك كبير بأهمية القطب الشمالي لما يشتمل عليه من موارد مهمة، خاصة من النفط والغاز، حيث اتفقت الحكومة الروسية مع شركة النفط الفرنسية العملاقة "توتال" علي استثمار 38 مليار دولار في مشروع لإنتاج الغاز الطبيعي المسال في منطقة القطب الشمالي. ويتضمن المشروع المشترك إقامة محطة في البحر القطبي بشبه جزيرة "يامال" الروسية بحلول عام 2018 بما يتيح لفرنسا الحصول علي 15.5 مليون طن من الغاز المسال عبر ناقلات الغاز من روسيا، مستفيدة من كونها تمتلك أكبر سواحل علي القطب الشمالي، كما أن لديها أسطولا من كاسحات الجليد العسكرية والمدنية هي الأقرب لمنطقة القطب الشمالي.
وفي الوقت الذي نجد فيه دول القطب الشمالي الأخري، بخلاف روسيا، لا تمتلك سوي قري صغيرة أو محطات بحثية في امتداداتها في أقصي الشمال، فإن روسيا لديها مدن كبيرة مثل مدينة "مومانسك" داخل دائرة القطب الشمالي.
أما الولايات المتحدة الأمريكية، القوة العظمي في العالم حاليا، فقد بدأت الدعوات تتصاعد فيها من خلال الإدارة والكونجرس الأمريكي للبدء في استغلال القطب الشمالي وموارده وإمكاناته. ووفقا لمدير الشئون العملية الأمريكية للقطب الشمالي، إيفان بلووم، فإن الولايات المتحدة بدأت تستثمر جديا في برامج ووكالات متعددة منذ عام 2001، حيث طالب الرئيس السابق جورج دبليو بوش الكونجرس بتخصيص مبالغ تقدر بما يزيد علي 35 مليار دولار لدراسة التأثيرات المناخية، وتطوير البحوث العلمية والتكنولوجية، من أجل دراسة كيفية استغلال موارد القطب الشمالي. وعلي غرار إدارة بوش، تعد إدارة أوباما القطب الشمالي منطقة ذات أهمية استراتيجية أساسية، ولاسيما أن الجيش الأمريكي يتوقع أن يصبح القطب الشمالي "خاليا من الجليد" لبضعة أسابيع خلال صيف عام 2030.
ويذكر أن اللجنة الخاصة المكلفة بتغير المناخ التابعة للبحرية الأمريكية أصدرت في أواخر 2009 وثيقة هي عبارة عن مخطط يمتد لخمس سنوات بعنوان "خريطة طريق القطب الشمالي"، وتحدد 35 خطوة بشأن متطلبات العمل في المنطقة الصعبة.
ومثلها مثل دول الصراع الأخري، تدرك النرويج أهمية منطقة القطب الشمالي، وما قد يتمخض عنها من ثروات طائلة، ولذا فليس من المستغرب أن تقوم النرويج برصد اعتمادات طائلة بشكل غير مسبوق، سواء من أجل تنفيذ عمليات تكنولوجية متقدمة لاستكشاف ومسح جبال المنطقة، أو لبناء 5 فرقاطات بحرية هي الأحدث من نوعها بهدف نشرها في أنحاء المنطقة. وبالإضافة إلي الدول السابقة، هناك دول أخري تستعد لدخول حلبة المصارعة، منها فنلندا وأيسلندا.
ولم تكن الصين بعيدة عما يجري، حتي ولو كانت بعيدة جغرافيا عن المنطقة، وذلك في ضوء حاجتها الملحة للطاقة، حيث وضعت بكين منطقة القطب الشمالي ضمن دائرة اهتماماتها الملحة، ونقلت هذه الاهتمامات من القطب الجنوبي إلي القطب الشمالي منذ نهاية العقد الماضي، وقامت بأول رحلة استكشافية إليه عام 1999، أعقب ذلك ثلاث رحلات كان آخرها في عام 2010، عندما توجهت كاسحة جليد صينية بمرافقة سفينة تحمل نحو مائة عالم صيني وعددا من العلماء الأجانب، كما أقامت محطة أبحاث علمية ثابتة مختصة بشئون المنطقة.
ولم تكتف الصين بالاهتمام البحثي العلمي، بل عززت وجودها الدبلوماسي مع دول المنطقة، فأقامت سفارة تعد من أكبر السفارات الأجنبية في "ريكيافيك" عاصمة جمهورية أيسلندا ذات الموقع الاستراتيجي المهم علي مدخل القطب الشمالي، والتي تتمتع بوجود ثلاثة مرافئ عميقة لاستقبال السفن العملاقة الحاملة للحاويات الضخمة التي تبحر بين هذه المرافئ، وأي مرفأ آخر في بحر "بيرنج". وعندما قام رئيس جمهورية هذا البلد الصغير بزيارة إلي بكين في عام 2007، استقبلته القيادة الصينية بمظاهر احتفالية كرئيس دولة كبري.
ومما تجدر الإشارة إليه أن الصين تري أن منطقة القطب الشمالي ملك وترات مشترك للإنسانية جميعا، ولا يمكن لأية دولة الادعاء بالسيادة علي أجزاء خارج حدودها الإقليمية، قاصدة بذلك الدول الثماني المشاطئة للقطب الشمالي. وبما أن عدد سكان الصين يمثل خمس سكان العالم فهي من حقها- حسب وجهة نظرها- خمس الثروات الطبيعية الموجودة في القطب الشمالي.
قمة مجلس القطب الشمالي:
تم تأسيس مجلس القطب الشمالي عام 1996 - الذي يضم ثمانية بلدان هي: الولايات المتحدة، وكندا، وروسيا، واليابان، وفنلندا، والسويد، وأيسلندا، والنرويج - في مدينة أوتاوا الكندية، حيث يعد مجلس القطب الشمالي المنتدي الأهم للتعاون الإقليمي بين الدول الثماني سالفة الذكر حتي الآن. ويتمتع المجلس بدور استشاري، ويضم المجلس سبعة برامج للعمل هي: (برنامج الرقابة والتقويم الجغرافي، حفظ الحياة الحيوانية والنباتية، مواجهة الكوارث وحالات الطوارئ والاستجابة الفورية، حماية البيئة البحرية والملاحية، مجموعة عمل التنمية المستدامة، برنامج تقدير الأثر المناخي علي القطب الشمالي، وبرنامج البحث العلمي).
وفي 12 و13 مايو 2011، بحث وزراء الخارجية لدول المنطقة القضايا الملحة التي تهم المنطقة، وذلك في الاجتماع السابع لمجلس القطب الشمالي، في القمة التي ترأسها وزير الخارجية الدنماركي، ليني إيسبرسين، والرئيس السابق لمجلس منطقة القطب الشمالي، وكوبيك كليست، رئيس وزراء جرينلاند. وكان أهم ما تمخض عنه الاجتماع ما يلي:
- تأكيد أهمية تعزيز الشراكة في إطار المجلس من أجل استجابة أسرع وأشمل للظروف المتغيرة، بما في ذلك التغيرات المناخية.
- إصدار وثيقة تم فيها تحديد الاتجاهات الرئيسية للتعاون فيما يخص الظروف المعيشية، والتغيرات المناخية، وحماية البيئة، والبحوث العلمية، ومتابعة الوضع في الإقليم.
- قرر الأعضاء إنشاء أمانة دائمة للمجلس، مقرها في مدينة ترومسية النرويجية.
- أعلن المجلس نتائج دراستين علميتين مهمتين هما: تقدير أحجام وكميات الثلوج والمياه والجليد وطبقة الجليد المتجمد في القطب الشمالي، وتقرير حول آثار الاحتباس الحراري علي مناخ القطب الشمالي.
- استحداث فريق عمل يكلف بالتفاوض بشأن تدابير خاصة بمدي الاستعداد لمواجهة حالات التسربات النفطية المحتملة.
- توقيع اتفاقية التعاون في مجال البحث الجوي والبحري في منطقة القطب الشمالي، والتي تعد أول وثيقة قانونية ملزمة تم تبنيها في إطار مجلس القطب الشمالي.
إذن، اتفقت دول القطب الشمالي علي خطوات لجعل المنطقة أكثر أمانا، ووعدت بدراسة وسائل لمنع التسربات النفطية، بعدما وقع المجلس اتفاقا لتقسيم مسئوليات ومهام البحث والإنقاذ، في حالة وقوع حوادث السفن أو الطائرات. ويعد ذلك أول اتفاق للمجلس الذي يمكن أن يكون نموذجا لاتفاقات مستقبلية بشأن موضوعات أكثر أهمية، تتضمن أعمال التنقيب وتنمية مصادر الطاقة في تلك المنطقة.
ويذكر أن ألمانيا، بصفتها عضوا مراقبا في مجلس القطب الشمالي، سعت إلي تطوير مؤسسات المجلس وإلي كسب دور أكبر للدول غير القطبية، وذلك لتأثر المصالح الحيوية لألمانيا بما يحدث في القطب الشمالي، باعتبارها سوقا كبيرة مهمة للمواد الأولية المستخرجة من القطب الشمالي. كما أن الأسطول التجاري الألماني سوف يستفيد من نشوء ممرات ملاحية جديدة في المنطقة -بسبب استمرار ذوبان الجلود تأثرا بظاهرة التغيرات المناخية- من الطرق البحرية المختصرة.
ويذكر أن وزارة الخارجية الألمانية استضافت في 17 و18 مارس 2011 نخبة من الخبراء والمختصين من رجال السياسة والقانون والعلوم في برلين في المؤتمر العالمي، الذي جاء بعنوان "تغيرات المناخ والقانون الدولي والأبحاث القطبية. الجوانب القانونية للأبحاث البحرية في المحيط المتجمد الشمالي"، للتشاور حول مستقبل منطقة القطب الشمالي.
سيناريوهات المستقبل:
هناك سيناريوهان للأزمة، الأول يتمثل في التعاون بين الدول المشاطئة للقطب الشمالي - وهو السيناريو المأمول - أما السيناريو الثاني، وهو الأسوأ، فهو لجوء أطراف النزاع إلي الخيار العسكري، لأن هذا السيناريو قد يجر العالم إلي حرب جديدة.
وفيما يتعلق بالسيناريو الأول، وهو الأقرب، فالتجارب التاريخية في حالة مشابهة تتعلق بالتنافس في القطب الجنوبي في منتصف القرن المنصرم بعدما زعمت بعض الدول- وبالأخص بريطانيا، والأرجنتين، وتشيلي، وفرنسا، والولايات المتحدة، واستراليا، ونيوزيلندا- سيادتها علي أراضيه. لكن وفي تطور غير مألوف خلال فترة الحرب الباردة، انتهي ذلك السباق إلي تطوير نوع من التعاون عام 1958، قامت خلاله 12 دولة بتوقيع معاهدة وضعت الإطار القانوني لإدارة القارة المتجمدة في القطب الجنوبي، وحرمت المعاهدة علي الدول القيام بتفجيرات نووية، والتخلص من النفايات النووية في القارة المتجمدة، أو نشر قوات عسكرية فوق أراضيها.
وإن كانت المشكلة تكمن في رفض الدول المشاطئة للقطب الشمالي عقد معاهدة دولية لحماية المناطق القطبية الشمالية، علي غرار تلك الموقعة حول القطب الجنوبي، حيث تري دول المنطقة أنه من حيث المبدأ لا يوجد أي مبرر لإدارة المحيط المتجمد الشمالي بطريقة مختلفة عن إدارة أي بحر آخر، كالبحر المتوسط، علي سبيل المثال، حسب وزير خارجية النرويج، يوناس جار ستورة.
وفيما يتعلق بالسيناريو الثاني، والخاص باحتمالية اندلاع مواجهة عسكرية - غير نووية - في منطقة القطب الشمالي، فرغم أنه لايزال مستبعدا، فإن احتماليته مطروحة وبقوة، خصوصا في ظل محاولات عسكرة المنطقة. ولعل تصريحات المسئولين الروس تشير إلي احتمالية حدوث مواجهات بين الأطراف، خاصة تلك التي تشير إلي أن المصالح الروسية في منطقة القطب الشمالي أخذت تتعرض في الآونة الأخيرة لتهديدات واضحة من جانب دول حلف الناتو وعدد من بلدان شرق آسيا، فضلا عن وصول معلومات تقول إن حلف شمال الأطلنطي يتعامل مع منطقة القطب الشمالي كجزء من نطاق مصالحه الاستراتيجية المهمة، وإن تحركات قوات الحلف في القطب أخذت طابعا منتظما وواضحا طيلة الفترة الماضية.
وبناء علي ما تستشعره من تهديدات تتعرض لها مصالحها في القطب الشمالي، قامت روسيا بتحديث أساطيلها البحرية العاملة في الشمال بهدف زيادة إمكانياتها القتالية، كما بدأت سفن البحرية الروسية في إجراء مناورات وتدريبات عسكرية في عدة موانئ في المنطقة الشمالية.
وفي الحقيقة، فإن هذا الطموح الروسي لم يلق قبولا لدي الولايات المتحدة الأمريكية التي أعلنت مرارا وتكرارا أن صدور أي قانون من الجانب الروسي، بشأن تحديد ملكية روسيا في القطب الشمالي، لن يلقي قبولا لدي المجتمع الدولي.
وقد اتضحت طموحات روسيا في القطب الشمالي للعالم أجمع، عندما قامت بعثة روسية بغرس علم روسي في قاع البحر بالقطب الشمالي عام 2007، وهذا وفقا لإحدي برقيات ويكيليكس. فقد سببت هذه البعثة - إضافة إلي تصريحات روسيا العدائية بشكل متزايد بخصوص القطب الشمالي - قلقا ليس فقط في واشنطن، ولكن أيضا للدول الأخري المشاطئة للقطب الشمالي.
ويبدو أن روسيا تعمل علي إحكام سيطرتها علي نفط القطب الشمالي، متبعة استراتيجية متكاملة من شقين متعارضين، فهي تقول إن سياستها تعتمد علي حل النزاعات في المنطقة مع الدول القطبية، وفق القانون الدولي والاتفاقيات الدولية، ممثلة في اتفاقية 1958 بخصوص الجرف القاري في القطب الشمالي، والتي وقعتها كل من روسيا، وكندا، والنرويج، والولايات المتحدة، والدنمارك، واتفاقية قانون البحار لعام 1982، هذا بالنسبة للشق الأول. أما الشق الثاني، فيأتي من خلال تعزيز الوجود العسكري في مناطق تري أنها ملك لها في القطب الشمالي.
وإجمالا، فقد أصبحت المصالح المتعارضة والمتنافسة في منطقة القطب الشمالي تتسم بمزيد من التشابك والتعقيد، نظرا لغياب اتفاق شامل بين الأطراف، ومن خلال قيام بعض تلك الدول بتقديم مطالبات بأراض من هذه المنطقة القطبية إلي الأمم المتحدة، بدعوي أن هذه المطالبات تمثل - في التحليل الأخير - جزءا لا يتجزأ من أرضها، أو حقا مشروعا لا يمكن التنازل عنه، وهو الأمر الذي تجيزه اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، في رأي تلك الدول.
ومع تطور المعدات الأساسية للتنقيب في المياه المتجمدة، وظهور تكنولوجيا جديدة تسهل عمليات الحفر واستخراج النفط، حتي في أكثر الظروف الطبيعية قسوة، فإنه ليس أمامنا سوي توقع تواصل النزاع بين تلك القوي، إذا لم تتوصل إلي حل ينهي الخلاف، ويقسم مناطق التنقيب بينها.
والأمر المتفق عليه أنه ليس من صالح استقرار العالم أبدا أن يتحول هذا النزاع إلي صراع عسكري، أو أن تصعد إحدي الدول القطبية حدة التوتر في المنطقة بإعلان سيادتها مثلا علي إحدي المناطق أو الجزر الجليدية المتنازع عليها، لأن الأمر سيتحول إلي سابقة خطيرة للغاية بشأن احترام القانون الدولي للبحار، هذا من جانب.
ومن جانب آخر، فإن ذوبان معظم جليد القطب الشمالي من شأنه تحول تلك المنطقة إلي مسرح ضخم لعمليات التنقيب وأنشطة الاستكشاف، مما سيعني زيادة حدة المشاكل والهموم البيئية المتزايدة في الوقت الراهن. يضاف إلي ذلك أن هذا سيسهم في ارتفاع المياه في البحار والمحيطات، مما يهدد بغرق العديد من سواحل دول العالم، ومنها مصر، بل قد يؤدي الأمر إلي اختفاء مجموعة من الدول والجزر الصغيرة.
خلاصة القول: إنه يجب علي الدول المشاطئة للقطب الشمالي أن تغلب مبدأ المصلحة المشتركة، الأمر الذي يفرض عليها أن تجلس إلي موائد المفاوضات، والاتفاق علي استغلال هذه المنطقة، وفق قواعد القانون الدولي للبحار، وبما يحقق الحد الأدني من طموحات كل طرف علي حدة في ثروات المنطقة، وبما يحول دون تفجير الصراع في أي وقت في المستقبل.
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?****=691737&eid=875
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
بترول القطب الشمالي .. والصراع بين روسيا والغرب!! |
|
|
صلاح الصيفي / برلين
أصبح البترول سعلة تثير لعاب الدول الكبرى ، فما أن يظهر البترول في منطقة ما من العالم حتى تبدأ القوى الكبرى في اللهث وراء منابعة ، فبعد أن شهدت منطقة الخليج والشرق الأوسط أسوء حقبة من صراعات الدول الكبرى في المنطقة انتهت باحتلال العراق والوجود العسكري الدائم في المنطقة ، ثم منطقة بحر قزوين واحتلال أفغانستان والتهديد بين الحين والآخر بضرب إيران وسوريا، ثم الصومال والسودان وما يحدث هناك من حروب سواء أهلية أو حروب دولية تحت مسميات عدة من أجل البترول أيضا ... جاءت منطقة القطب الشمالي لتشهد صراع ربما يكون الأقوى من نوعه بين القوى الكبرى في العالم بعد أن ظلت المنطقة مكانا متجمدا مهجورا لآلاف السنين لا يزوره سوى قلة قليلة من العلماء بين الحين والآخر لإجراء تجاربهم العلمية. ولكن مع ارتفاع وتيرة ذوبان جليد القطب الشمالي مؤخرا جراء ظاهرة الاحتباس الحراري وإمكانية شق طرق ملاحية جديدة في المنطقة، احتدمت الحرب الكلامية بين هذه الدول بشأن حق الوصول والاستفادة من ثروات المنطقة التي لا تخضع ملكيتها لأية دولة حاليا. وقبل أن نستعرض أطراف الصراع الدولي في منطقة القطب الشمالي، لابد من التعرف أولا على طبيعة المنطقة سبب التكالب الدولي ، والتي يتوقع بعض الخبراء أن تشهد حروبا أشد من التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط في العقدين الأخيرين.
قارة أنتاركتيا ويقع القطب الشمالي في قلب الدائرة القطبية الشمالية للكرة الأرضية، وهو عبارة عن بحر متجمد تحيط به اليابسة، ويتصل هذا البحر بالمحيط الهادئ عبر مضيق " بهرنغ" ، كما يتصل مع المحيط الأطلسي عبر بحر الشمال في أوروبا، ويختلف القطب الشمالي عن القطب الجنوبي، في أن هذا الأخير عبارة عن يابسة تحيط بها نهايات المحيطات الثلاثة "الهادئ، والهندي، والأطلسي" وهذه اليابسة تشكّل قارة تسمى "انتاركتيا"، وتبلغ مساحة هذه القارة خمسة ملايين كيلومتر مربع، وهي عبارة عن صحراء جليدية، والمناخ في منطقة القطبين قاسٍ للغاية، فدرجات الحرارة تنخفض إلى أكثر من 50 تحت الصفر، وهناك ستة أشهر ليل وستة أشهر نهار، وإذا كان في القطب الشمالي ليلاً، يكون في القطب الجنوبي نهارا ، وفي حين أن قارة انتاركتيا خالية من السكان، فإن في البحر المتجمد وفي محيطه تسكن مجموعات بشرية تسمى الأسكيمو ، وهي تعيش على صيد الأسماك والحيوانات وتبني بيوتاً من الثلج وتسكن فيها، وتستخدم الكلاب في التنقل. وكان القطب الشمالي أول من تعرّض لغزو الإنسان، وكان الروس أول من ارتاد تلك المجاهل، فمنذ أواخر القرن الثامن عشر بدأ هؤلاء يتمددون في سيبيريا حتى وصلوا إلى أقصاها على المحيط الهادئ في الشرق، ومن ثم عبروا مضيق بهرنغ الذي يفصل بين آسيا وأميركا، ووصلوا إلى ألاسكا واستعمروها. ومن ثم بدأوا في التوسع في منطقة القطب لاستكشافها وفي منتصف القرن التاسع عشر بدأ الأميركيون الذين كانوا يتطلعون إلى الاستعمار آنذاك في القيام بحملات عسكرية لاستكشاف القطب، وأدّت حملاتهم هذه إلى تضييق الخناق على الوجود الروسي في ألاسكا مما دفع القيصر إلى بيع هذه الأرض إلى الولايات المتحدة عام 1869 وأصبح الصراع في منطقة القطب محصوراً بين هاتين الدولتين، وخلال سنوات الحرب الباردة سعى كل من الاتحاد السوفيتي السابق والولايات المتحدة إلى السيطرة على منطقة القطب من أجل نصب رادارات وصواريخ عابرة للقارات فيها، لكن لم يتمكن أي طرف من الانفراد بالسيطرة على تلك المنطقة، وبعد انتهاء الحرب الباردة بسقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991، حدث صعود ملفت للرأسمالية العالمية، وتمددت الشركات الغربية العابرة للقارات في كل مكان من العالم ، وزاد النهم العالمي على مصادر الطاقة، وشكّلت منطقة القطب بؤرة جذب للشركات الباحثة عن المال. وحسب معلومات هيئة الجيولوجيا في الولايات المتحدة الأمريكية، يوجد في قاع المتجمد الشمالي ما يقارب 25% من احتياطي العالم من النفط والغاز، إلى جانب احتياطيات كبيرة من الماس والذهب والبلاتين والقصدير والمنجنيز والنيكل والرصاص، وهي ثروات كفيلة بأن تشعل المتجمد الشمالي.
أطراف الصراع وأطراف الصراع على ملكية القطب الشمالي عديدة وتتمثل في الدول المطلة عليه وهي روسيا ووالولايات المتحدة الأمريكية وكندا والدنمارك والنرويج ، ودول أخرى لم تدخل في حلبة الصراع بعد. وتعتبر روسيا من أوائل الدول التي ارتادت المنطقة في وقت مبكر وذلك في نهاية القرن الثامن عشر ، ومنذ ذلك الحين تمثل المنطقة أهمية استراتيجية خاصة لروسيا ، وبعد فترة صمت طويلة سلمت روسيا إلى الأمم المتحدة في عام 2001 وثائق تزعم فيها أن حافة "لومونوسوف" التي توجد تحت مياه المحيط الشمالي المتجمد، هي في الحقيقية جزء من الرصيف القاري لسيبيريا، لذا يتعين ضمها إلى الأراضي الروسية، ومع أن الطلب رفض من قبل الأمم المتحدة، إلا أن الروس أصروا على مطلبهم، فقد رجع في شهر يونيو الماضي فريق علمي من مهمة في القطب الشمالي مشيراً إلى أن بيده أدلة دامغة تؤكد المطالب الروسية، وقد ساهمت تلك الرحلة في تمهيد الطريق أمام المهمة الحالية التي جندت لها روسيا إمكانات هائلة مثل آلة ضخمة لكسر الجليد تعمل بالطاقة النووية، وسفينة كبيرة للقيام بالأبحاث، فضلا عن غواصتين من طراز "مير" استخدمتا في السابق للبحث عن حطام سفينة "تايتانيك"، ناهيك عن تعبئة ما لا يقل عن 130 عالما. وكانت المفاجأة التي أثارت حفيظة وغضب الدول الكبرى وخاصة المطلة على المنطقة هو قيام مستكشفون روس على متن الغواصتين الصغيرتين "مير1" و"مير2" بنصب علم بلادهم الوطني على عمق 4200 متر في قاع المحيط القطبي الشمالي، وذلك في مسعى لتدعيم حجج موسكو في ادعاء ملكيتها لمساحة شاسعة من المنطقة القطبية ، ما أثار ردود فعل غاضبة من الولايات المتحدة وكندا والدنمارك. ويرى المحللون أن الهدف الروسي من وراء إجراء هذه الرحلة العلمية في قاع المحيط المتجمد الشمالي والتي سميت ب " القطب الشمالي – 2007 " هو إعلان سيادتها على الرصيف القاري في قاع المحيط ثم السعي للحصول على مكاسب اقتصادية كبيرة تكمن في هذه المنطقة، حيث تشير التقديرات إلى أن الرصيف القاري الذى يقبع تحت المحيط المتجمد الشمالي فيه كميات كبيرة من البترول والغاز الطبيعي والثروات السمكية الوافرة، كما أن الممر عبر هذا المحيط هو أقصر من أوروبا إلى قارتي أمريكا وآسيا، لذلك فإن رغبة روسيا في إثبات سيادتها على هذا الرصيف القاري تثير اهتمامات الدول الكبرى. وبالطبع فإن خطوة هامة وخطيرة كهذه التي قامت بها روسيا في القطب الشمالي لن تمر بسلام وإشاده ، خاصة من الغريم التقليدي للدب الروسي وهي الولايات المتحدة الأمريكية، حيث نددت أمريكا بهذه الخطوة من جانبها، عندما أعلن المتحدث باسم الخارجية الاميركية توم كيسي أنه "ليس بامكان روسيا أن تدعي السيادة على هذه المنطقة الغنية بالموارد الطبيعية"، مؤكدا في الوقت نفسه أن بلاده لا تستطيع الآن التصدي لخطط روسيا وإثبات حقها (الولايات المتحدة) في ما تدعي روسيا ملكيته لأن الكونغرس لم يصادق على المعاهدة الدولية الصادرة في عام 1982 بعد، ومن هنا فإن الولايات المتحدة ليست عضوا في لجنة ترسيم حدود الجرف القاري، ولكن كيسي أكد أن برلمان بلاده سيفعل ذلك في وقت قريب. وقد ظهر من رد فعل وزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة اعتبرت نصب العلم الروسي في قاع المحيط الشمالي بمثابة إعلان الحرب على القطب الشمالي وأنها تعتزم الرد على تحدي موسكو، وستستطيع الولايات المتحدة توجيه الرد بعد أن يصادق برلمانها على المعاهدة ذات الصلة. وكانت الولايات المتحدة وبالتحديد وزارة الدفاع الأمريكية " البنتاجون" قد أرسلت السفينة " هيلي الكاسحة" للجليد إلى المنطقة لرسم خرائط لقاع المحيط هناك، غير أن العلماء المشرفين على الرحلة، رفضوا ، منحها أي بعد سياسي، وشددوا على أن الهدف الرئيسي من خلالها يبقى "علميا" إلى أبعد مستوى، ومن المقرر أن تصل "هيلي" إلى المنطقة بحلول 17 أغسطس ، وستقل على متنها 20 عالما، كما نظم معهد "وودز هول" الأمريكي بعثة أمريكية تعمل حاليا في المنطقة. أما رد الفعل الكندي فكان عمليا أكثر منه شفهيا ، حيث أعلن رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر أن كندا ستقيم مرفأ ومنشأة عسكرية في الشمال الكبير لتأكيد سيادتها على المعبر الشمالي الغربي في القطب الشمالي، وأضاف أن الحكومة الكندية تدرك أن المبدأ الأول للسيادة في القطب الشمالي يقضي بالإعلان عن الملكية فيه تحت طائلة فقدانها، وتهدف المنشأتان إلى تعزيز سيطرة كندا على المعبر الشمال الغربي وهو طريق بحري يربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ ويفترض أن يصبح الإبحار فيه أسهل مع ارتفاع حرارة الأرض ، وفي هذا الصدد تعهد رئيس الوزراء الكندي "ستيفين هاربر" ببناء ثماني سفن مجهزة للإبحار في مياه المحيط المتجمد، فضلا عن إقامة موانئ على المياه العميقة للقطب الشمالي حفاظاً على المصالح الكندية. وإذا كانت كندا تؤكد أن هذا المعبر الذي يمر بين عدد من جزرها هو جزء من مياهها الإقليمية، ترى دول عدة من بينها الولايات المتحدة أنه جزء من المياه الدولية، وهناك أيضاً خلاف بين كندا والولايات المتحدة حول مستقبل ما يعرف بالممر الشمالي الشرقي، وهو مجرى مائي مجمد يربط المحيطين الأطلسي والهادي. وفي الوقت الذي أفاد فيه خبراء دوليون أنه لا توجد في القانون الدولي اتفاقية تحدد الاستخدام الاقتصادي لكل من القطب الشمالي والجنوبي فقد أشارت إذاعة كندا الدولية الى أنه بموجب القانون الدولي تتمتع الدول الخمس التي تصل أراضيها الى الدائرة القطبية وهي كندا والولايات المتحدة وروسيا والنرويج والدانمارك بمنطقة اقتصادية الى الشمال من سواحلها بعرض 320كيلومترا. وليست كندا والولايات المتحدة البلدين الوحيدين المنافسين لروسيا في حلبة صراع القطب الشمالي ، فقد انضمت دول أخرى ومنها الدنمارك ، التي أبدت قلقها من التحركات الروسية في المنطقة ، ولذلك سارعت الحكومة الدنماركية إلى تخصيص أكثر من 500 مليون دولار للأنشطة البحثية في القطب الشمالي، وبالفعل انطلقت رحلة علمية دانماركية يوم 12 أغسطس الماضي لجمع معلومات جيولوجية عن المنطقة في مهمة مماثلة للمهمة الروسية الأخيرة. وبالإضافة إلى الدول السابقة هناك دول أخرى تستعد لدخول حلبة المصارعة وهي فنلندا والنرويج وايسلندا وأيضا بريطانيا ، حيث ذكرت صحيفة "تايمز" البريطانية أن أحد باحثي معهد كامبريدج الذين شاركوا في بعثة علمية إلى منطقة القطب الشمالي عام 1991 أسقط عملة معدنية تحمل صورة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا، ويعتبر أن بريطانيا أكدت سيادتها على منطقة القطب الشمالي قبل ظهور العلم الروسي فيها بفترة طويلة.
تصعيد عسكري أم حل دبلوماسي؟ والتساؤل الذي يطرح نفسه هنا في ظل التطورات الأخيرة وصراع الدول الكبرى في المنطقة هو ، هل يتم تصعيد التنافس إلى حافة المواجهة المسلحة للسيطرة على القطب الشمالي؟ يعبر بعض الخبراء عن قلقهم من احتمالات الصراع الذي قد يؤججه السباق بين الدول للحصول على حصة من القطب الشمالي واستغلال موارده، وفي هذا الإطار أشارت وسائل الإعلام الروسية إلى طائرة تجسس أميركية رصدت فوق القطب الشمالي وألقت بظلالها على الرحلة الروسية، لكن خبراء آخرين يرون أنه من الممكن تدارك المواجهات المسلحة بين الدول الكبرى في هذه المنطقة ، خاصة أن هناك سابقة تاريخية مماثلة في القطب المتجمد الجنوبي ، والذي شهد تنافسا مشابها منذ أكثر من خمسين عاما ، بعدما زعمت دول وهي بريطانيا والأرجنتين وتشيلي وفرنسا وأستراليا ونيوزيلندا سيادتها على أراضيه، وقامت تلك الدول بإقامة العشرات من المحطات "العلمية" في القطب الجنوبي، وانضمت الولايات المتحدة إلى السباق في عام 1956 عندما أطلقت عملية "التجمد العميق" تقودها أربع سفن ضخمة لوضع العلم الأميركي فوق أراضي القطب الجنوبي؛ لكن وفي تطور غير مألوف خلال فترة الحرب الباردة انتهى ذلك السباق على القطب الجنوبي إلى تطوير نوع من التعاون جاء بمناسبة "السنة الدولية للعلوم الجيوفزيائية" لعامي 1957-58 قامت خلالها 12 دولة بتوقيع معاهدة وضعت الإطار القانوني لإدارة القارة المتجمدة في القطب الجنوبي. |
http://islamtoday.net/nawafeth/mobile/zview-58-10097.htm
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
صراع القطب الشمالي الي اين؟؟ محمد النعماني
الحوار المتمدن-العدد: 2004 - 2007 / 8 / 11 - 03:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية [size="4"]مازال العديد من الباحتين السياسيين في الشان الروس يتابعون رود الافعال السياسيه حول نجح الروس في قاع المحيط المتجمدالشمالي قرب القطب الشمالي في نصب العلم الروسي وبيدو ان هناك جولة جديدة من الصراع على القطب الشمالي قد بدات مابين الولايات المتحدة الامريكيه وروسيا الاتحاديه
بعدما نجح العلماء الروس في نصب العلم الروسي في قاع المحيط المتجمد الشمالي قرب القطب الشمالي، قررت روسيا إرسال بعثة جديدة مهمتها تأكيد حقها في جزء كبير من منطقة القطب الشمالي تبلغ مساحته 2ر1 مليون كيلومتر مربع.
ويُعتقد أنه يوجد في منطقة القطب الشمالي ربع احتياطي العالم من المواد الهيدروكربونية.
وسيرسل الجانب الروسي كاسحة الجليد "روسيا" التي تعمل بالطاقة النووية، إلى منطقة القطب الشمالي لتواصل البحث عن أدلة تؤكد على أن سلسلة جبال لومونوسوف في قاع المحيط المتجمد الشمالي تتصل بالرصيف القاري السيبيري، أي بالأراضي الروسية، بواسطة أجهزة استكشاف أعماق البحر "كلافيسين 1 ر".
وأثار نشاط روسيا في هذا المجال قلق الآخرين ممن لهم مطالب في أجزاء من منطقة القطب الشمالي، خاصة الولايات المتحدة وكندا والنرويج وألمانيا. فقد سارعت الولايات المتحدة إلى إرسال سفينتها الوحيدة من فئة كاسحات الجليد إلى منطقة المحيط المتجمد الشمالي، وأعلنت قرارها بإنشاء كاسحتي جليد جديدتين خاصتين بها.
وأكد رئيس رابطة قانون البحار الدولي اناتولي كولودكين أن روسيا ستتمكن في غضون 6 أشهر من تقديم الأدلة التي تثبت أن سلسلتي جبال لومونوسوف ومندلييف في القطب الشمالي تتصلان بالجرف القاري الروسي.
وذكر أن موسكو تعتزم تسوية هذه المسألة في إطار القانون الدولي فقط مشيرا إلى أنه لا يرى أية أسباب لتدهور العلاقات الدبلوماسية بين روسيا ودول أخرى.
وأضاف أن إثبات اتصال سلسلتي جبال لومونوسوف ومندلييف في القطب الشمالي بالجرف القاري الروسي لن يعني توسع أراضي روسيا الاتحادية، بل يتيح لروسيا حق القيام بأعمال التنقيب عن الثروات الطبيعية واستثمارها في هذه المنطقة.
ويذكر أن أفراد طاقمي جهازي الغوص العميق "مير-1" و"مير-2" نزلوا إلى قاع المحيط المتجمد الشمالي على عمق 4 ألف كم وقاموا بأخذ عينات من التربة والماء من أجل دراسة تركيبة قاع هذا المحيط.
واعتبر الرئيس فلاديمير بوتين أن نتائج البعثة الروسية إلى القطب الشمالي يجب أن تشكل أساسا لموقف روسيا أثناء تسوية مسألة ملكية هذا الجزء من الجرف القاري الشمالي.
وقال الرئيس في أثناء لقائه المشاركين في البعثة أرتور تشيلينغاروف وأناتولي ساغاليفيتش: "لا بد من إثبات امتداد جرفنا القاري في المنظمات الدولية". وأكد على ضرورة وضع نتائج البعثة في أساس مواقف روسيا في هذه المسألة.
الصحافة البريطانية تشبّه الرحلة العلمية الروسية إلى القطب الشمالي بهبوط الأمريكيين على سطح القمر
تناقش الصحافة البريطانية بكثب نتائج الرحلة العلمية الروسية إلى القطب الشمالي لدراسة الجرف القاري للمحيط المتجمد الشمالي، مشبهة هذه الرحلة بهبوط الأمريكيين على سطح القمر.
وذكرت صحيفة "Independent" البريطانية أن هذه الرحلة تشبه الهبوط على سطح القمر في عام 1969 من حيث الجرأة والقدرات التقنية، لكن هناك فرقا واحدا مهما: لم يكن على سطح القمر إمكانية لاستخراج المعادن، أما في قاع المحيط المتجمد الشمالي فمن المتوقع أن يكون هناك كميات كبيرة من النفط والغاز".
وذكر كاتب المقال أن ارتفاع أسعار النفط والغاز، واستنفاذ الحقول التقليدية يدفعان الناس إلى التوجه لاستثمار المناطق البعيدة والتي يصعب الوصول إليها.
وجاء في المقال: "لا أحد يفكر جديا بأن العالم يقف على باب حرب جديدة. ويظهر القلق بوضوح أكثر وأكثر من الآثار البيئية لسعي روسيا إلى الاستيلاء على موارد طاقة أكثر ووضع منصات وسط جليد القطب الشمالي الذائب".
وذكرت الصحيفة أنه من صالح البشرية أن يبقى القطب الشمالي منطقة الطبيعة البكر
وأعلن مشارك في الرحلة الاستكشافية إلى القطب الشمالي فلاديمير غروزديف أن الرحلة إلى القطب الشمالي، التي أجرى خلالها العلماء الروس عملية الغوص إلى قاع المحيط المتجمد الشمالي، فريدة من نوعها وستدخل تاريخ دراسات القطب الشمالي.
وقال غروزديف: "لقد استطعنا أن نبرهن للعالم على القدرات الخارقة للتقنيات الروسية والخبراء الروس".
ويرى غروزديف أن نتائج الرحلة ستساعد على إثبات أن سلسلة جبال لومونوسوف ومينديلييف الواقعة تحت الماء تعتبر تكملة للجرف القاري الروسي.
ولم يذكر غروزديف الموعد الذي ستجهز فيه تحاليل عينات التربة والمياه من قاع المحيط.
وفي تعليقه على تصريحات بعض السياسيين الأجانب الذين قيموا سلبيا الرحلة الروسية قال غروزديف إن روسيا تعيد إحياء أمجادها العظيمة.
ويعتبر رئيس روسيا فلاديمير بوتين أن نتائج البعثة الروسية إلى القطب الشمالي يجب أن تشكل أساسا لموقف روسيا أثناء تسوية مسألة ملكية هذا الجزء من الجرف القاري الشمالي.
لقد انتهت البعثة إلى القطب الشمالي والتي تضمنت عملية غطس العلماء الروس إلى قاع المحيط المتجمد الشمالي داخل جهازي الغوص العميق، في 2 أغسطس. وأسفرت البعثة عن الحصول على عينات التربة ووضع العلم الروسي في قاع المحيط.
وأشار الرئيس أثناء الاجتماع مع المشاركين في البعثة أرتور تشيلينغاروف وأناتولي ساغاليفيتش قائلا: "أما امتداد جرفنا القاري فهو أمر لا بد من إثباته في المنظمات الدولية".
وقال بوتين: "يجب وضع نتائج البعثة في أساس مواقف روسيا".
وأعلن سكرتير قسم دراسات الأرض، الأكاديمي يوري ليونوف أن دراسة العينات التي أخذت من قاع المحيط المتجمد الشمالي ستستغرق 6 أشهر.
وقال ليونوف للصحفيين عقب مؤتمر صحفي: "