انفراد..بعد عامين من الصمت «المصري اليوم» تتوصل لـ«عبدالعاطي» وتحاوره (نص كامل)
بعد عامين توارى خلالهما عن الأنظار تماما، بعد الانتقادات الشديدة التي طالته، دخل خلالهما إبراهيم عبدالعاطى، مخترع جهاز علاج فيروس الكبد الوبائى سى والإيدز مرحلة «صمت اختيارى.. «المصرى اليوم» التقت عبدالعاطى، وأجرت معه حوارا كشف من خلاله عن تفاصيل جديدة لم تعرف من قبل..
رئيس التحرير يكتب: لماذا الحوار مع «عبدالعاطى» الآن..؟
«لماذا هذا الحوار الآن والذى قد يجر وراءه مشاكل عديدة؟»، هذا تساؤل تلقيته ومعى الزميل محمد عزوز من زملاء في مجلس التحرير، وقد أغلقت مكتبى علينا بعد أن حصلنا على الحوار فعليا.
لم أجد إجابة مقنعة أنقلها لزملائى وكلهم أهل خبرة صحفية بارزة، لكنى أجبت عن سؤالهم بسؤال واحد لهم جميعاً: ما شعوركم وقد وجدتم حواراً تفصيلياً لعبدلعاطى في صحيفة منافسة؟.
لسنا وحدنا، نعم نمارس المهنة بموضوعية وتوازن، ولكن هناك بديهيات، وأسئلة في عقل المثقف ونصف المثقف، وكذلك لدى القارئ البسيط.
من منا لم يسأل نفسه على مدى الشهور الطويلة الماضية: أين عبدالعاطى؟، ولماذا اختفى هو وجهازه فجأة؟، وهل كانت الحملة ضده صحيحة وصادقة؟، هل كل الجهات التي كانت تدعمه وصمتت فجأة كلها كانت مغيبة، أم أنها آمنت بالرجل لبعض الوقت؟، هل مازال يمارس تجاربه وأبحاثه؟، هل الرجل صادق ولديه شىء ما يمكن أن يقدمه للمرضى لكن لم يستطع التعبير عما لديه؟.
لقد سعى الرجل إلينا، ومعه شخصيات فاعلة.
لقد ضحكنا طويلا عليه من قبل عدة شهور، ولم نتعاطف معه، ولو حتى إنسانيا.
إن لدينا الآن «شكا محدودا» أن الرجل قد يكون لديه نوع آخر من «الطب»، يسميه هو «الطب الكونى».
لقد عاينت وأنا في الصين صيدليات كاملة تقدم «روشتات» علاج بالأعشاب.
راجعت أنا وزملائى في مجلس التحرير هذا الحوار بالكلمة، لا تجاوزات ولا ألفاظ خارجة ضد أحد، حتى الذين هاجموا عبدالعاطى.
كل التقدير والاحترام للقوات المسلحة ولقياداتها ولرجالها، فنحن لا نقصد بهذا الحوار إلا الإجابة عن سؤال واحد وهو أن الرجل «عبدالعاطى» لايزال يعمل ويبحث ولديه ما يقوله.
لا نتحيز له، وبالطبع لا نهاجمه، لكننا نفتح المجال على مدى الأيام المقبلة لأصحاب كل الآراء المعارضة والمتفقة مع الرجل.
«المصري اليوم» في رحلة البحث عن الحقيقة مع «مخترع جهاز علاج سي والإيدز»
بين البحث عن العلاج والأمل فى الحياة أو الوهم والخيال، بدأت رحلتى للتواصل مع اللواء إبراهيم عبدالعاطى ، مخترع جهاز علاج فيروسى «سى والإيدز».
قادتنى الذكريات مع أحد أقاربى الذى وافته المنية منذ أسابيع قليلة، بسبب تليف فى الكبد، للبحث عن هذا الرجل الذى اختفى عن الأضواء منذ ما يقرب من عامين، ولم أنس أننى عندما طلبت منه أن نذهب سويا لأحد أصدقائى من أهم أساتذة علاج أمراض الكبد فى مصر، ورفض قائلاً بإيمان صادق: «هى أنفاس معدودة»، لكنه فجأة سألنى: «هو فين الراجل مخترع جهاز الكفتة»، فقلت له: «إيه إنت عايز تروح تتعالج بالكفتة عند الدكتور عبدالعاطى؟»، فرد قائلاً: «تصدق هذا الرجل أعطى لناس كثيرين الأمل فى العلاج، لكن للأسف طلع وهم».
وقد أثارت حالة الجدل التى أحاطت باللواء «عبدالعاطى»، رغبة شديدة بداخلى فى البحث عنه، خاصة بعد أن دارت حوله أقاويل عديدة وانتقادات شديدة، من جانب عدد من الأساتذة من أصحاب الثقل العلمى فى هذا المجال، الذين شككوا فى العلاج وأكدوا بالدليل العلمى أن كل ما توصل إليه شىء من الخيال لا أساس له فى العلم وهو أقرب إلى الدجل والشعوذة.
ولأننا لسنا متخصصين فى المجال الطبى، قادنا فضول الصحفى للبحث عن الدكتور عبدالعاطى لإجراء حوار معه، كنا ولانزال نعلم أنه قد يثير المزيد من الجدل حوله فى الأوساط الطبية والعلمية وحتى الإعلامى منها، والذى دفعنا لتأجيل الحوار لما يزيد على أسبوع كاملا كان جاهزاً خلالها للنشر.
ورغم كل شىء فنحن لا ننحاز للواء «عبدالعاطى»، لكننا نحترم المؤسسة التى كان ينتمى لها، كما نقدر ونعرف قيمة العلم والعلماء والمتخصصين فى الطب، وكل الشخصيات والجهات والمؤسسات التى لها رأى خاص فيه، والتى ذكر عدداً منها فى حوارنا معه.
حرصنا خلال الحوار، المثير والشائك، على تقديم مادة صحفية مسجلة بالصوت والصورة من منطلق حق القارئ فى المعرفة، والذى قد يفتح المجال فى المستقبل للحديث عن أنواع الطب الموجودة فى العالم والاختلاف الموجود بينها، وأسباب عدم وجود هذه الأنواع فى مصر والتوسع فيها إن كانت ذات جدوى أو تبصير البسطاء باضرارها.
وعندما بدأت رحلة البحث عن «اللواء عبدالعاطى»، اتصلت بأحد الأصدقاء وسألته عن الرجل، وهل يعرف شيئا عنه، وكانت المفاجأة عندما أكد لى أنه لايزال يواصل أبحاثه وتجاربه بمعاونة فريق طبى مصرى، وأن الهجوم الشديد عليه، لم يمنعه من العمل، ومازال يمارس أبحاثه والفريق الطبى المعاون له، ويلتقى بالمرضى فى مركزين الأول بالقاهرة والثانى بإحدى المحافظات الساحلية، حيث توجد أجهزة العلاج، وأن «اللواء عبدالعاطى»، لا يمارس حاليا الكشف الطبى على الحالات، وذلك خوفاً من تعرضه للمساءلة القانونية بتهمة ممارسة مهنة الطب دون ترخيص من نقابة الأطباء، وأن فريقه المعاون هو الذى يستقبل المرضى.
زادت رغبتى وإصرارى فى التوصل إلى هذا الرجل، فطلبت منه رقم الهاتف، وأجريت اتصالا عاجلاً، لكنه لم يرد، وبعدها بنحو نصف الساعة رن جرس الهاتف، وعندما فتحت الخط سألنى (مين حضرتك؟)، فعرفته بنفسى، ووجدت ترحاباً شديداً من جانب الرجل، الذى كان حديث معظم وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية عندما أعلن عن جهازه لعلاج فيروسى سى والإيدز.
دفعنى حس وفضول الصحفى لأن أطلب منه لقاء صحفيا لكنه رفض بلطف شديد، فطلبت منه لقاء على سبيل التعارف الشخصى ليس إلا، فوعد الرجل بترتيب موعد فى وقت مناسب.
وبعد الاتفاق على موعد، دار حوار بينى وبين رئيس التحرير، الذى أعجب بالفكرة بشكل كبير جدًا وتحمس للحوار، وطلب إنجاز الحوار معه فى أسرع وقت ممكن.
وبالفعل ذهبت ومعى زميلنا الصحفى الشاب بقسم «المالتيميديا»، محمد الشويخ، الذى طلبت منه عدم التحدث بالأمر وما سيدور فى اللقاء لأى شخص، مهما كان شأنه.
وكان اللقاء الأول مع «اللواء عبدالعاطى» فى منطقة المعادى، وعندما التقيناه كان يوجد برفقته اثنان من الأطباء، اللذان يعملان ضمن فريقه البحثى.
وفى البداية كانت شكوكه كبيرة ومن حوله فى أننا مدفوعون بشىء للحديث معه، بهدف نقل أخباره إلى شخص أو جهة ما، وبعد جلسة طويلة رفض الرجل إجراء الحوار، وقال بمنتهى الوضوح وبمرارة شديدة: «أنا قررت عدم التحدث إلى وسائل الإعلام منذ فترة، ولن أتراجع فى الأمر، وأعدك بأننى لن أجرى أى لقاء صحفى إلا معك، حال تراجعى عن الموقف الذى اتخذته، وأرجوك اتركنى فترة للتفكير»، وكان لابد من احترام رغبة الرجل والنزول عليها.
وبعد فتره تواصلنا وسألته عن إمكانية إجراء حوار مثير، فأجاب بأنه مستعد فى أى وقت، وذلك عكس المرة السابقة، وكأن الرجل تلقى دعما نفسيا أو مساندة شجعته على الحديث إلينا.
وبالفعل التقينا فى الموعد المحدد لإجراء اللقاء الصحفى، وطلب منى فى البداية معرفة نوع الأسئلة التى سيدور حولها الحوار، فقلت له إن معظمها عما دار فى الماضى، وماذا عن الحاضر والمستقبل، ورأيك فى الانتقادات التى وجهت إليك بسبب الجهاز، وأسباب خروجك من القوات المسلحة؟، وإلى غير ذلك من أسئلة.
وفجأة وجدت الرجل ينتفض ويثور بشكل كبير، قائلاً إن هذه الأسئلة (مالهاش لزمة) وإنه لن يتحدث فى الماضى، وإذا كان مطلوباً منه إجراء حوار فلن يتحدث سوى عن علمه وما توصل إليه فقط، وهنا قررت من داخلى إنهاء اللقاء.
وتدخل أحد أفراد الفريق الطبى المعاون للواء «عبدالعاطى»، والذى طلب منى الهدوء وعدم إثارته بالأسئلة، وقال لى: «اعذر الدكتور فهو يتذكر كل الانتقادات الشديدة التى وجهت إليه وتأثيراتها الاجتماعية والنفسية عليه».
قلت للرجل «لا بأس لكن شرطنا الوحيد أن نسأل ما نريد، ويجيب هو عما يريد، لنقدم للقارئ فى النهاية مادة صحفية نحترم فيها عقله ويحترم فينا رغبتا فى تحقيق انفراد صحفى جديد يكون عنوانه الحقيقة، دون أن نكون طرفاً مع أحد أو نسعى لتغليب وجهة نظر لصالح أحد آخر.. وبدأنا الحوار».
وحاولنا قدر المستطاع، من منطلق احترامنا لمهنة الصحافة وحق القارئ فى المعرفة، أن نصل لإجابة عن العديد من التساؤلات التى تدور فى ذهن القارئ، لنعرف ما آلت إليه قصة ما أطلق عليه جهاز علاج فيروسى سى والإيدز، والذى أثار الكثير من الجدل خلال الفترة الماضية، وتمت إحالته للأجهزة الطبية المعنية بهذا الأمر للتقييم والمراجعة.
فنحن تعلمنا فى «المصرى اليوم» أن نكون مدرسة لكل الآراء دون أن نكون طرفاً فى صراع أو نزاع، أو ندعم أحداً على خلاف الحقيقة خاصة إذا كان الأمر يتعلق بصحة المصريين ومستقبلهم، فنحن جزء لا يتجزأ من هذا الوطن.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/1080697