عملية أمان دمشق الكبرى...هكذا سيتم الحسم في الغوطة الشرقية
الغوطة الشرقية هي آخر المعاقل الهامة للمسلحين في ريف دمشق, الجيش السوري بدأ معركته هناك وهو على وشك إنهائها, والعملية تسير ببطء, لكن النتائج تكون أشبه باستنزافية للمجموعات التكفيرية التي تتكبد من الخسائر ما يجبرها على الانكسار. الوجهة هناك معروفة, أما النهاية فدخلت بدايتها والساعات القادمة حاسمة استراتيجياً وعملياً.
لتوضيح استراتيجيات هذه المعركة، التقى موقع المنار الالكتروني الخبير والباحث الاستراتيجي الدكتور سليم حربا, حيث بنى حربا تفسيراته لتوضيح سير المعارك في الغوطة الشرقية على معلومات من الميدان العسكري. د. حربا بدأ كلامه بعبارة أخذها من الواقع، كما قال، ” الجيش العربي السوري إذا قرر الدخول إلى منطقة، دخل”، ذاكراً أن طريقة التخطيط التي يتبعها الجيش محكمة ليكون التنفيذ بإقدام, وهذا تفسيره للسؤال عن سبب تمهل الجيش العربي السوري في جبهة الغوطة الشرقية.
العملية في الغوطة أسماها حربا بأنها “ملحمة حقيقية”, بُنيت على انتصارات القلمون الاستراتيجية, حيث اعتمدت الخطط على قطع جبهة القلمون عن الغوطة الشرقية, وهذا من اهم المناخات التي حققها الجيش, ثم بدأت مرحلة ثانية متصلة بالأولى وهي التضييق وضرب الحصار على الغوطة فكانت من اتجاه مطار دمشق الدولي على حتيتة التركمان فحران العواميد ليتلوها النشابية, ميدعة , وصولاً إلى عدرا, فأفشل الجيش اكثر من (12) محاولة خرق للطوق المضروب على المجموعات من وإلى داخل الغوطة, “ما تسبب بنكبة حقيقية بشرياً عملياتياً وتسليحياً لتلك المجموعات التي أصيبت بالإحباط نتيجة العزل”, حيث عجزت المجموعات المسلحة عن فك الطوق، ووصل الغوطة الشرقية بجبهة القلمون التي انتهت بانتصار الجيش السوري, كما منعها الجيش من أن تصل الغوطة بالبادية باتجاه الأردن.
عوامل ساعدت في كبح المجموعات المسلحة..
كما اشار الدكتور سليم حربا إلى جانب مهم ساعد الجيش في ضبط العمليات واستحكام السيطرة وفي تنفيذ الخطط بشكل دقيق, فكانت المصالحات واحدة من أهم تلك العوامل المساعدة في ريف دمشق, إضافة لفصل الغوطة الشرقية عن الغربية, كما نوه حربا “بنضوج ووعي شعبي ضيّق على المجموعات الإرهابية خصوصاً تلك التي ضربت وخربت وهدمت وهجّرت الأهالي”.
هذا واعتبر الخبير الاستراتيجي المجموعات المسلحة في الغوطة الشرقية من حيث نوعياتها وقياداتها وجنسياتها, وإمكانية تحصيناتها فوق الأرض وتحت الأرض, منوها هنا إلى الأنفاق الكثيرة التي اكتشفها الجيش في المليحة وجوبر, واعتبرها من اخطر مجاميع الإرهاب على امتداد الجغرافيا السورية.
استنزاف وتقويض.. ثم تقدم واقتحام ..
يتابع د. حربا ” بعد توفر الشروط التي نسقها الجيش, بدأ ينفذ ضربات نارية هادفة مؤلمة وموجعة للعصابات الإرهابية, تلتها عمليات خاصة نارية”. كما استنزف الجيش السوري المجموعات المسلحة في الغوطة الشرقية ومنعها حتى من مجرد التفكير بما كانت تتوهم به وهو دخول العاصمة من محور العباسيين أو الكراجات أو المطار, أي كبلها وجعلها عاجزة ومنهكة.
وبحسب حربا، فإن المليحة وجوبر البلدتين المحاذيتين للعاصمة دمشق, كانتا تعتبران النسق الأول في جبهة الغوطة الشرقية, و”هما بوابتين، حيث المليحة تمسك الطريق من باب شرقي الى الكباس إلى المليحة إلى بيت نايل وصولاً إلى حران العواميد، وتفصل الجزء الغربي من الغوطة الشرقية خاصة باتجاه دير العصافير وزبدين وجسرين, وصولاً إلى دير سلمان ومرج السلطان”.
وكانت المليحة تعتبر معقلاً خطيراً للمسلحين, من حيث معامل الذخائر والهاون, وقواعد الهاون التي تستهدف المدنيين والأبرياء في دمشق, وجرمانا والعباسيين, وباقي المناطق الآمنة. عندما بدأ الجيش عمليته باتجاه المليحة بدأت تنهار تحصينات المجموعات المسلحة وتنهار القيادات والخطوط الدفاعية. لقد أخذت العملية وقتاً، إنما استطاع الجيش العربي السوري أن يتعامل مع مجموعة كبيرة من الأنفاق التي كانت تشكل شبكة معقدة، اخذت المجموعات فترة طويلة لبناء مدينة للتسليح والاختباء ووصل المناطق في الغوطة الشرقية ببعضها. بعد ذلك هاجم الجيش المليحة وجوبر من عدة محاور وصل خلالها البلدية والمخفر وأماكن اخرى من المليحة وبالتزامن كان يتقدم في جوبر, بسبب التشابه بين المنطقتين, وقد ركز الجيش على هاتين المنطقتين بالتحديد لتخفيف خطر الهاون على المدينة, حيث يعمل الجيش على ضرب قواعد الهاون ومعامل الذخيرة والخبرات المصنعة لهذه الذخيرة كلها.
كما نوّه الدكتور حربا خلال حديثه, إلى أن عمق التجمع الإرهابي في الغوطة الشرقية على المستوى البشري والقيادي والعملياتي موجود في وديان عين ترما ودوما.
تبقى دوما الأهم, بعد الانتهاء من المليحة وجوبر…
انطلاقاً من ذلك، شرح الدكتور سليم حربا عن أن نجاح الجيش العربي السوري بمنطق الحسابات باتجاه جوبر والمليحة, ودق أسافين قتالية ونارية باتجاه زملكا وجسرين وعين ترما، سيوفر على الجيش معركة في دوما, مستطرداً أن هذه المعركة المركبة التي يخوضها الجيش لا يخوضها فقط في المواجهة، إنما أيضاً في المواجهة من جوبر باتجاه المليحة وفي العمق بقلب التجمع الإرهابي ويخوضها من الشرق باتجاه القوات التي تحاصر المجموعات.
وقد أصيبت دوما بنكبة لأنها كانت تعوّل على جبهة القلمون, يبرود تحديداً لأنه كان هناك حبال اتصال سرية وعلنية وخاصة مسألة السيارات المفخخة وخبراء التفجير, الذين كانوا يتنقلون من دوما باتجاه يبرود ومن دوما أيضاً باتجاه دمشق ومن يبرود باتجاه عرسال والبقاع, لذلك تمّ قطع كل الأوردة من دوما .
واستذكر حربا الانهيار الكبير والمفاجئ الذي أصاب الإرهاب في يبرود, متوقعاً من خلال الخطط الموضوعة في جبهة الغوطة الشرقية وما حققه الجيش وما يحققه وسيحققه, ألا تستغرق المعركة في دوما الكثير من الوقت، منوهاً أن المعارك ستوفر معارك كثيرة قد تكون ضارية في العمق.
من خلال حديث الدكتور سليم حربا لموقع المنار, ومن خلال ما يأتي من اخبار من عمق معارك ضارية تدور في الغوطة الشرقية، فإن الوقت الآتي سيكون كفيلاً بإعلان مفاجآت على صعيد المعركة والعمليات في تلك الجبهة ليكون للعاصمة إمكانية التنفس من جديد, خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، حيث حاولت المجموعات المسلحة التصعيد على تلك الجبهة مع اقتراب هذا الاستحقاق, وظهر هذا في تكثيف استهداف المدنيين في العاصمة بقذائف الهاون من أجل التعطيل على سير عملية التحضير ليوم انتخاب رئيس الجمهورية العربية السورية.
http://www.shamtimes.net/news-details.php?id=2879