مارس
الغرب حربا نفسية ضد البشير والسودان عبر جعجعة المحكمة الجنائية الدولية
لكن فجأة خفت الحديث عن محاكمة البشير بعدما كان هذا الخبر يتصدر نشرات
الأخبار فماذا حدث ؟
لا يوجد تحديد واضح لسبب التراجع الغربي عن محاكمة البشير لكن هناك عدة مؤشرات قد تبين السبب.
الملاحظ
أن قمة الحرب النفسية ضد البشير كانت قبيل القمة العربية في قطر والتي
توجت بتهديدات غربية وفرنسية بخطف طائرته في الجو أو عند قاعدة العديد
الأمريكية في قطر لكن البشر واصل تحديه للغرب وقام بطرد 13 منظمة
إغاثة غربية بعد ساعات من إصدار المحكمة الجنائية الدولية أمر اعتقاله كما
قام بعدة زيارات خارجية لإرتريا ومصر وتوجها بزيارة قطر ورجع سالما.
وقد
استفاد البشير من الالتفاف الشعبي السوداني حوله حتى في دارفور التي زارها
مرتين بعد أزمة المحكمة الدولية ولقي حشدا جماهيريا مرحبا به ولم يتعرض
حتى لمحاولة اغتيال مما أعطى صورة مخالفة لما روجه الإعلام الغربي عن
الوضع بدارفور.
ثم
حصول اشتباك بين جماعة جنوبية موالية للحكومة وبين قوات المتمردين في
الجنوب مع تصريحات لمسؤولين تلمح لإمكانية العودة لنقطة الصفر مع الجنوب
وإلغاء الاتفاقية التي تمهد لفصل الجنوب وهذا قد دق ناقوس الخطر في الغرب
من فشل مشروع فصل الجنوب.
وقد
تكون القاصمة تلويح السودان بالدخول في المحور الإيراني عبر لقاء البشير
إبان زيارته لإرتريا مع قيادات عسكرية إيرانية لتطوير الجيش السوداني.
فتصعيد
البشير أولا والتفاف شعبه حوله ثانيا والتلويح بإلغاء اتفاقية الجنوب
ثالثا والتلويح بالدخول في المحور الإيراني رابعا قد تكون بعض أسباب
التهدئة الغربية مع السودان وقد تكون هناك اتفاقات سرية لم تكشف بعد
وهناك
تقارير نشرتها وسائل الإعلام الأمريكية أشارت إلى أن الولايات المتحدة
تحاول إقناع السودان بالموافقة على عودة عدد من منظمات الإغاثة ، مقابل
استخدام الفيتو في مجلس الأمن ضد قرار اعتقال البشير.
وإعدام
السودان قبل أيام لتسعة من دارفور لقتلهم صحفي ثم الحكم بإعدام عشرة من
حركة العدل والمساواة من دارفور لمشاركتهم في الهجوم على العاصمة يدل على
طمأنينة الحكومة من جهة الاستغلال الغربي لانتماء المعدمين لدارفور.
أما
الموقف العربي فقد كان مخزيا حيث كان لطيفا مع الغرب رغم وقاحة الغرب
وبجاحته بل طالبت بعض الدول العربية السودان بتقديم تنازلات وتسليم متهمين
وعقد مؤتمر دولي يلتزم السودان بنتائجه لكن السودان رفض بل وهدد بالانسحاب
من الجامعة العربية إن لم تقف معه القمة العربية موقفا واضحا فكان له ما
أراد.
وأما الموقف الأمريكي فقد كانت التصريحات العدائية ضد السودان من مسئولي أوباما ظاهرة منذ الانتخابات ثم رحبت واشنطن بصدور مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية ضد البشير لكن
لوحظ بعد ذلك تصريح إدارة أوباما بأنها لا تخضع لواجب قانوني يملي عليها
القيام باعتقال البشير, ثم زيارة مبعوثها للسودان سكوت جرايشن وتصريحه بأن
الولايات المتحدة تريد تعزيز العلاقات مع الخرطوم وقال جرايشن "اتيت ويدي
ممدودة، وعلى الحكومة السودانية أن تحدد كيف تريد مواصلة هذه العلاقة،
واتمنى أن يكون ذلك بيد ممدودة وبودية"وقال أنه لم يأت
لبحث موضوع دارفور إلا أنها في إطار أزمة إنسانية لابد من حلها ولم آت إلى
هنا لأفرض إرادة الولايات المتحدة الأمريكية وإنما اتيت لأنسق مع
السودانيين" . . وأخيرا تصريح رئيس
لجنة الشئون الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي السيناتور جون كيري أثناء
زيارته للسودان بضرورة انخراط متمردي دارفور في محادثات السلام مع الحكومة
التي تجري في الدوحة بوساطة الجامعة العربية بالإضافة إلى أنه بحث سبل تطوير الحوار بين واشنطن والخرطوم.وتأتي زيارة كيري عقب أسبوع من زيارة المبعوث الأمريكي للسودان سكوت جرايشن..
السودان
يخوض وحده معركة تقسيمه إلى خمس دول كما صرح بذلك وزير الأمن الداخلي
الإسرائيلي (آفي ديختر) في محاضرة نشرتها الصحف العبرية يوم 10 أكتوبر
الماضي 2008 حيث قال: "الهدف هو تفتيت السودان وشغله بالحروب الأهلية لأنه
بموارده ومساحته الشاسعة وعدد سكانه يمكن أن يصبح دولة إقليمية قوية، وإنه
يجب ألا يسمح لهذا البلد رغم بعده عنا بأن يصبح قوة مضافة إلى قوة العالم
العربي لأن موارده إن استُثمرت في ظل أوضاع مستقرة فستجعل منه قوة يحسب
لها ألف حساب،
ولذلك كان لابد أن نعمل على إضعاف السودان وانتزاع المبادرة منه لبناء
دولة قوية موحدة وهذا من ضرورات دعم وتعظيم الأمن القومي الإسرائيلي"
السودان انتصر في الجولة الأولى من معركة المحكمة الدولية لكن الحرب لم تنته بعد.