]1[ غياب العقيدة العسكرية الإسلامية:
إن العقيدة العسكرية الإسلامية، غائبة غياباً تاماً عن القوات المسلحة العربية والإسلامية في جميع أرجاء البلاد العربية والدول الإسلامية، مجهولة جهلاً كاملاً في المدارس والمعاهد والكليات العسكرية العربية والإسلامية، وفي سائر المؤسسات التعليمية العسكرية والمدنية أيضاً في الوطن العربي ودار الإسلام، لا يعرفها العسكريون العرب المسلمون، ولا يقدرون قيمتها العظيمة ومكانتها الرفيعة بين العقائد العسكرية الشرقية والغربية المعروفة، ولا يعملون بها لأنهم يجهلونها ويجهلون أثرها وتأثيرها في العرب والمسلمين، والمرء عدوّ ما جهل.
وقد يعرفها قسم من الفقهاء العرب والمسلمين، يتحدثون عنها في مجالاتهم التدريسية، كفرع من فروع الفقه فحسب، فهي مبادئ في كتب الفقه للعلم لا للعمل، مجمدة لا تُطبق.
أما القوات المسلحة العربية والإسلامية ضباطاً ومراتب وجنوداً، فتطبق في الوقت الحاضر ثلاثة أقسام، أو ثلاثة أنواع من العقائد العسكرية الأجنبية، كل قسم من الدول العربية والإسلامية يطبِّق نوعاً من أنواع العقائد العسكرية الأجنبية.
القسم الأول من الدول العربية الإسلامية، يطبق العقيدة العسكرية الغربية، وهذه العقيدة تقسم إلى ثلاثة أنواع: العقيدة العسكرية الأمريكية، والعقيدة العسكرية البريطانية، والعقيد العسكرية الفرنسية.
أما العقيدة العسكرية الأمريكية، فتسود في القوات المسلحة العربية الإسلامية التي تستورد السِّلاح من الولايات المتحدة الأمريكية، وتوفد طلابها العسكريين وضباطها إلى المؤسسات العسكرية الأمريكية.
أما العقيدة العسكرية البريطانية، فتسود في القوات المسلحة العربية والإسلامية التي تستورد السِّلاح من بريطانيا، وتوفد الطلاب العسكريين للدراسة في مؤسساتها العسكرية، أو كانت مستعمرة لبريطانيا وجرى تدريب قواتها المسلحة على أيدي الخبراء العسكريين البريطانيين.
أما العقيدة العسكرية الفرنسية، فتسود في القوات المسلحة التي تستورد السلاح من فرنسا، أو جرى تدريب جيشها على أيدي الفرنسيين يوم كانت بلادهم مستعمر لفرنسا.
والقسم الثاني من قوات العرب المسلمين المسلحة، يطبق العقيدة العسكرية الشرقية، وهي القوات التي كسرت احتكار السلاح، واستوردت أسلحتها من الدول الشرقية بعد أن كانت تستورده من الدول الغربية وأوفدت التلاميذ والطلاب إلى المدارس والمعاهد والكليات العسكرية الشرقية، واستقدمت الخبراء الشرقيين لتدريب جيشها.
والقسم الثالث من قوات العرب المسلمين المسلحة، يطبِّق العقيدة الغرابية، كما اصطلحت على تسميتها نسبة للغراب الذي أراد تقليد العصفور في مشيته، فأخفق في محاولته، ولكنه نسي مشيته الأصلية، فلا أصبح كالعصفور في مشيته، ولا بقي غراباً كأمثاله من الغربان.
هذه القوات العربية الإسلامية، كانت تطبق العقيدة الغربية، ثم طبقت العقيدة الشرقية، ثم بدَّلت رأيها فعادت أدراجها إلى العقيدة الغربية، وتبدَّلت عقيدتها في مدة زمنية قصيرة غير كافية لاستيعاب أية عقيدة من العقيدتين كما ينبغي، وأصبح لديها ضباط وضباط صف تخرج قسم منهم في العقيدة الغربية، وتخرج قسم منهم في العقيدة الشرقية، فاصبح كل قسم من هذين القسمين يدرِّب رجال على العقيدة التي تعلمها، فلم تبق تلك القوات المسلحة على إحدى العقيدتين، بل امتزجت العقيدتان امتزاجاً متناقضاً، فأصبح التدريب والتعليم العسكريان في تلك القوات المسلحة في تلك القوات المسلحة على إحدى العقيدتين، بل امتزجت العقيدتان امتزاجاً متناقضاً، فأصبح التدريب والتعليم العسكريان في تلك القوات المسلحة العربية الإسلامية أقرب إلى الفوضى منه إلى النظام.
إن العقيدة العسكرية الغربية تسود قسماً من القوات العربية الإسلامية المسلحة، وتسود قسماً آخر منها العقيدة العسكرية الشرقية، وتسود القسم الثالث والأخير منها العقيدة العسكرية الغرابية، أما العقيدة العسكرية العربية الإسلامية، فغائبة عن القوات العسكرية العربية الإسلامية غياباً كاملاً، ومن النادر جداً أن يعرف عسكري عربي مسلم، أن هناك عقيدة عسكرية عربية إسلامية سادت ردحاً من الزمن، وقادت العرب والمسلمين إلى النصر.
]2[ لماذا العقيدة العسكرية الإسلامية؟
لكي نعلم لماذا العقيدة العسكرية الإسلامية وحدها تناسب العرب والمسلمين وتقودهم إلى النصر، ولا تناسبهم العقيدتان العسكريتان الغربية أو الشرقية، وتقودهم إلى الاندحار، لابد من مقارنة العقائد الثلاث، ليكون الجواب على هدى وبصيرة.
والمقارنة تقتصر على )المبادئ ( التي تميز تلك العقائد وتتسم بها، أما )الأساليب ( فقد تكون متشابهة أو متقارنة بين العقائد العسكرية الثلاث، وأهمية الأساليب بالنسبة لأهمية المبادئ لا قيمة لها.
والعقيدة العسكرية الغربية تنقسم إلى ثلاثة أنواع: العقيدة العسكرية الأمريكية، والعقيدة العسكرية البريطانية، والعقيدة العسكرية الفرنسية، وهي تختلف بالأساليب ولكنها تتفق في المبادئ ، وكانت العقيدة العسكرية الغربية قبل الحرب العالمية الثانية تنقسم إلى خمسة أنواع، يضاف إلى العقائد الغربية الثلاث، العقيدتان: الألمانية والإيطالية، فجمدت هاتان العقيدتان بعد هزيمة ألمانيا وإيطاليا في تلك الحرب.
والعقيدة الغربية ترتكز على المبدأ القائل: ))مزيد من النيران وقليل من المقاتلين ((، أي: أن الهدف الذي يعترض العمليات الحربية في القتال، يمكن السيطرة عليه بدكه دكاً بالنيران الأرضية والجوية الكثيفة بمختلف الأسلحة المتيسرة، مهما بلغت كثافة النيران كمية وكيفية ونفقات، وحينذاك يستولي على ذلك الهدف بعد إخماده بالنيران وإسكاته عدد محدود من المحاربين، لغرض التقليل من الخسائر في الأرواح جهد الإمكان.
وعلى هذا المبدأ: ))مزيد من النيران، وقليل من المقاتلين ((، يجري تدريب وتسليح وتجهيز وتنظيم وقيادة القوات المسلحة التي تعتمد العقيدة الغربية في العسكرية.
ولم يأت هذا المبدأ السائد في العقائد العسكرية الغربية من فراغ، ولم يفرض نفسه عبثاً، ولا يُعمل به من غير جدوى بل فرضه فرضاً عاملان حيويان:
الأول: هو أن الدول الغربية دول صناعية تنتج السلاح في مصانعها الخاصة بها، وبإمكانها إنتاج السلاح الذي تريده، بالكمية التي تريدها، وتزويدُ جيوشها بالسلاح التقليدي والسلاح المتطور ليس مشكلة بالنسبة لتلك الدول الغربية الصناعية، وهذا هو العامل الصناعي.
أما العامل الثاني: فهو عامل سياسي، فالديمقراطية التي تُتيح الحرية الكاملة لكل فرد، تجعل لحياة ذلك الفرد قيمة عظيمة لا يمكن التساهل بأي شكل من الأشكال في إهدارها دون مسوِّغاً يرتفع عالياً في التنديد بكل تبديد في الأرواح دون مسوِّغ وبغير حق أيضاً، فلا مجال للمغامرة بالأرواح، وهناك كل المجال للمغامرة بالنيران.
والقائد المنتصر في معركة من المعارك، لا يحاسب في الغرب على إسرافه في النيران، ولكن يحاسب على إسرافه في الأرواح، ولا تعتبر المعركة ناجحة إذا كانت الخسائر بالأرواح فوق المعدل وأكثر من المعقول.
أما العقيدة العسكرية الشرقية، فترتكز على المبدأ القائل: ))مزيدٌ من المقاتلين وقليل من النيران ((، أي: أن المبدأ الشرقي يناقض المبدأ الغربي من الناحية العسكرية على خط مستقيم، فالهدف الذي يعترض العمليات الحربية في القتال يمكن السيطرة عليه بموجات متعاقبة من المحاربين، يتعاقب تقدمها: قَدَمَة قتالية بعد قَدَمَة قتالية، حتى تستطيع إحدى القدمات القتالية النجاح في السيطرة على الهدف المطلوب، ويكون تقدم القدمات المقاتلة نحو هدفها مسنداً بالنيران المتيسرة من الأرض أو من الجو أو منهما معاً، ولا يحول نقص النيران كمية ونوعاً دون إقدام المقاتلين على النهوض بواجبهم في احتلال هدفهم في الوقت المناسب.
وبموجب هذا المبدأ ))مزيد من المقاتلين وقليل من النيران ((، يجري تدريب وتسليح وتجهيز وتنظيم وقيادة القوات المسلحة التي تعتمد العقيدة الشرقية في العسكرية.
وفرض هذا المبدأ عاملان رئيســان:
الأول: ضخامة نفوس الدول الشرقي عامة والاتحاد السوفييتي خاصة، وتسخير الحشود لمصلحة الدولة بحيث تذوب مصلحة الفرد في مصلحة الجماعة.
والثاني: هو عدم تكامل الإنتاج الصناعي للأسلحة في الدول الشرقية كما هو الحال في تكاملها في الدول الغربية، فلابد من الاقتصاد فيه واستعماله دون إسراف، كما يجري في العقيدة العسكرية الغربية.
وليس معنى ذلك عدم تكثيف النيران في العقيدة الشرقية، بل معناه أن معدل كمية النيران في العقيدة الشرقية أقل منها في العقيدة الغربية.
أن العقيدة العسكرية الغربية عبارة عن إفراط في النيران، وتفريط في المقاتلين، والعقيد العسكرية الشرقية عبارة عن إفراط في المقاتلين، وتفريط في النيران.
أما العقيدة العسكرية الإسلامية، فلا إفراط فيها ولا تفريط، بل هي وسط في كل شيء، وصدق الله العظيم: )وكذلك جعلناكم أُمَّةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسولُ عليكم شهيداً ( )البقرة:143(.
لا إفراط في العقيدة العسكرية الإسلامية بالنيران، لأن الدول العربية والإسلامية تستورد معظم أسلحتها ولا تصنعها، فلا يمكن أن نفرط في استخدامها كالدول الصناعية الغربية التي تنتج أسلحتها وتصنعها في بلادها محلياً.
ولا إفراط في هذه العقيدة بالمقاتلين، لأن الروح البشرية قدسية خاصة في الإسلام، ينبغي الحرص على سلامتها وأمنها، والقائد المسلم الذي يفرط في تقديم الخسائر بالأرواح عبثاً ليس قائداً ولا مسلماً، وقد كان القادة المسلمون يحرصون أشد الحرص على أرواح المجاهدين، وغالباً ما كانوا يستأثرون بالخطر ويؤثرون رجالهم بالأمن.
والدول الإسلامية في مجموعها ليست كثيفة السكان إلا في باكستان وبنجلاديش، وبالرغم من كثافة سكان هذين القطرين الإسلاميين، فالحرص على أرواح المقاتلين في الحرب من أول واجبات القادة.
وما يقال عن الإفراط في النيران والمقاتلين، يقال في التفريط بهما، فلا يناسب الدول الإسلامية غير العقيدة الوسط، لا شرقية ولا غربية، بل وسطاً بين ذلك.
ومن مناقشة العقائد العسكرية الثلاثة، يتبين لنا، بأن العقيدة العسكرية الإسلامية هي أفضل من العقيدتين الشرقية والغربية، وهي التي تناسب العرب والمسلمين، تنفيذاً لتعاليم الإسلام، لأن العقيدة العسكرية الإسلامية جزء لا يتجزء من العقيدة الإسلامية، ولأنها تناسب المسلمين نفوساً وقدرات صناعية، ولأنها العقيدة التي جربناها فانتصرنا، وجربنا غيرها فلم ننتصر أبداً.
]3[ سمـات العقيـدة العسكريـة الإسلاميـة:
انتصرنا بالعقيدة الإسلامية، لأن لها سمات معينة لا مثيل لها في العقائد العسكرية الأخرى.
إن الإسلام بتعاليمه السمحة الرضية جعل بحوافزه المادية والمعنوية المسلم الحق، مطيعاً لا يعصي، صابراً لا يتخاذل، شجاعاً لا يجبن، مقداماً لا يتردد، مُقبلاً لا يفر، ثابتاً لا يتزعزع، مجاهداً لا يتخلف، مؤمناً بمثل عُليا، مضحياً من أجلها بالمال والروح، يخوض حرباً عادلة لإحقاق الحق وإزهاق الباطل، ولتكون كلمة الله هي العليا، مدافعاً عن الأرض والعِرض وحرية وانتشار الدعوة وصيانتها، وعن المسلمين في دار الإسلام.
هذا المؤمن الحق، لا يخاف الموت ولا يخشى الفقر، ولا يهاب قوة الأرض، يسالم ولا يستسلم، ولا تضعف عزيمته الأراجيف والإشاعات، ولا يستكين للاستعمار الفكري، ويقاوم الغزو الحضاري الذي يناقض دينه، ولا يقنط أبداً ولا ييأس من رحمة الله.
وهذا المؤمن الحق، يقظ أشد اليقظة، حذر أعظم ما يكون الحذر، يتأهب لعدوِّه ويعُد العدة للقائه، ولا يستهين به، في السلم والحرب، ويجاهد بأمواله وروحه في سبيل الله.
وكل هذه التوجيهات العسكرية مستمدة من القرآن الكريم، الذي حوت آياته المحكمة على ترسيخ العقيدة العسكرية الإسلامية في عقل المسلمين وقلوبهم بكل ما فيها من أسس وتفاصيل.
وهذه العقيدة العسكرية الإسلامية، تفسر سر الفتوح الإسلامية العظيمة التي امتدت خلال تسع وثمانين سنة )من سنة إحدى عشرة الهجرية إلى سنة مائة الهجرية ( من الصين شرقاً، إلى فرنسا غرباً، ومن سيبيريا شمالاً، إلى المحيط جنوباً.
ذلك لأن شعار المسلمين كان: )قل هل تربَّصون بنا إلاَّ إحدى الحسنيين ( )التوبة:52(: النصر أو الشهادة.
ولأن المسلمين كانوا يحرصون على الموت حرص غيرهم على الحياة: )الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبُنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمةٍ من الله وفضل لم يمسسهم سوءُُ واتبعوا رضوان الله والله ذو فضلٍ عظيم ٍ( )آل عمران:173 ـ174(.
وأشهد أنني لم أقرأ، حتى في كتب التعبية وسَوْق الجيش الفنية الصادرة حديثاً، أوضح تعبيراً، وأدق تعريفاً، وأكثر شمولاً، وأوجز عبارة، مما جاء في القرآن الكريم في هذه الآية الكريمة أسلوباً فذاً لمصاولة الحرب النفسية المعادية، وتعريفاً لإرادة القتال في العقيدة العسكرية الإسلامية.
بل لا يقتصر معناها على ذلك فحسب، بل يشمل تعريف: المعنويات العالية التي يجب أن يتحلى بها الجندي المسلم أيضاً.
تلك هي عظمة القرآن الكريم حتى في المجالات العسكرية، ولكن يا ليت قومي يعلمون.
ونعود لنتساءل: أهذه العقيدة العسكرية الإسلامية أفضل وأقوم وأمتن وأجدى ... أم العقيدتان العسكريتان المستوردتان: الشرقية والغربية؟!!
]4[ المصـــادر المعتمـــدة ..
أول المصادر للعقيدة العسكرية الإسلامية وأهمها هو القرآن الكريم، وقد اعتمدته وحده في إبراز سمات هذه العقيدة في الذي أوردته من سمات، ويمكن إجراء دراسة مستفيضة في: الجهاد بالمال، الجهاد بالنفس، عقاب المتخلف، الطاعة، الصبر، الشجاعة، الشهادة، والشهيد، الثبات، الحرب العادلة، العهود والمواثيق، الأسرى، الغنائم والفيء والجزية، مصاولة الحرب النفسية، الحذر واليقظة، الإعداد الحربي، وغيرها من الدراسات الحيوية المهمة.
والمصدر الثاني: كتب الحديث، وأهمها الصحاح الستة: البخاري، مسلم، أبو داود، الترمذي، النسائي، وابن ماجه.
وفي مصادر الحديث ذخيرة لا تقدر بثمن في العقيدة العسكرية الإسلامية.
والمصدر الثالث: كتب الفقه الإسلامي، وعلى رأسها كتب المذاهب الأربعة: أحمد بن حنبل، ومالك، وأبي حنيفة، والشافعي، فقد شرح الفقهاء عليهم رحمة الله العقيدة العسكرية الإسلامية شرحاً وافياً لا مزيد عليه.
ولعل من المفيد أن ألفت أنظار الباحثين إلى كتاب: ))السير الكبير (( لمحمد بن الحسن الشيباني تلميذ الإمام أبي حنيفة رضي الله عنهما، وشرحه لمحمد بن أحمد السرخسي الذي حققه الدكتور صلاح الدين المنجد، فهو مصدر عظيم الفائدة جليل القدر في العقيدة العسكرية الإسلامية.
المصدر الرابع: المصادر التاريخية المعتمدة وكتب المغازي، وعلى رأسها السيرة النبوية المطهرة، وأهم المصادر التاريخية المعتمدة: تاريخ الرسل والملوك لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، والكامل في التاريخ لعز الدين ابن الأثير وغيرهما كثير.
وفي هذه المصادر تفاصيل المعارك التي خاضها المسلمون في الفتح واستعادة الفتح، والمعارك الدفاعية، وغزوات النبي صلى الله عليه وسلم وسراياه، وهي التطبيق العملي للعقيدة العسكرية الإسلامية، وفيها لمحات من سير القادة الذين طبقوا تلك العقيدة عملياً.
وهناك المصادر الجغرافية القديمة المعتمدة، وهي تعين على تفهم أماكن المواقع الحربية وتصفها وصفاً يقربها إلى القراء جهد المستطاع، وعلى رأس تلك المصادر: معجم البلدان لياقوت الحموي.
والذي نتوخاه من دراسة المصادر المعتمدة كافة ، هو كتابة العقيدة العسكرية الإسلامية بأسلوب سهل مبسط بعيد عن التعقيد، مع إدخال المصطلحات العسكرية الحديثة، بعد تثبيت المصطلحات الفقهية القديمة، لأنها من تراث العرب والمسلمين الذين ينبغي أن يحافظوا عليه ويعتزوا به، وكمثال على ذلك، فإذا الجهاد يكون )فَرْضَ عَيْن ( وهو النفير العام، أو )فرض كِفَاية (، وهو النفير الخاص، بموجب المصطلحات العسكرية الحديثة، وذكر هذه المصطلحات يقربها إلى أفهام العسكريين خاصة والقراء عامة، مع إبقاء المصطلحات الفقهية القديمة في المتن.
والهدف الحيوي من إعادة كتابة: العقيدة العسكرية الإسلامية، هو إعادة تدريسها في المدارس والمعاهد والكليات العسكرية الإسلامية، فقد طال تخلي العرب والمسلمين عن عقيدتهم العسكرية الإسلامية المستمدة من دينهم الحنيف وقد آن لهم أن يعودوا إليها من جديد.
إن العرب والمسلمين يريدون أن يستعيدوا الأرض المقدسة في فلسطين، ويريدون أن يستعيدوا القدس والمسجد الأقصى، ويريدون أن يدافعوا عن حقوق المسلمين المغتصبة في كثير من أرجاء العالم.
ولن يستطيعوا استعادة الأرض المقدسة والحقوق المغتصبة ويدافعوا عن العقيدة والأرض والعِرض إلا بالجهاد الإسلامي.
وهذا الجهاد غير وارد في العقيدتين العسكريتين الشرقية والغربية، بل تقف هاتان العقيدتان المستوردتان منه موقف الرفض، والعداء!
والعقيدة العسكرية الإسلامية، هي العقيدة الوحيدة التي تأمر بالجهاد، وتنهى عن تركه، وتعلم أسسه ومبادئه، وتخرج المجاهدين الصادقين.
والعود الأحمد إلى هذه العقيدة، هو طريق النصر والعزة والمجد وإلاّ فكيف ننتصر بدونها!!!