الجزء الرابع من : ( اسكود يتحدي باتريوت ) ( عمليات عاصفة الصحراء ) :تقييم أداء الباتريوت : في 30 يناير 1991 بعد بداية حرب الخليج بأسبوعين قال شوارتزكوف لوسائل الاعلام : " ان نجاح الباتريوت أمر معروف بألتاكيد للجميع ، لقد أجري 33 اشتباكا أسقط فيها 33 صاروخ سكود ، بنسبة نجاح 100% ، وفي 15 فبراير كان الرئيس جورج بوش يزور أحد خطوط انتاج الباتريوت في مصنع ( andover ) فقال ان الباتريوت أجري 42 اشتباكا أسقط فيها 41 صاروخا من نوع سكود .
وفي ذلك الوقت أشاعت وسائل الاعلام شعارا يقول : " اذا صعد الباتريوت ... هوي السكود " ، غير أن دان شمرون رئيس الاركان الاسرائيلي كان له رأي مخالف ، فقد ظهر علي شاشة التليفزيون أثناء الحرب وذهب الي حد القول أن نجاح نظام باتريوت ليس سوي " أكذوبة " .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ التقييم بعد نهاية الحرب : في اسرائيل قال المسؤولون ان نجاح صواريخ باتريوت في اعتراض صواريخ سكود لايزيد علي مرتين وان الخسائر نتيجة القصف العراقي كانت كبيرة . وفي فرنسا قال رئيس مجلي ادارة شكرة ( aeromissile ) السيد دانيال بيكليه : " في امكاني القول ان الباتريوت قد أتم مهمته من الناحية النفسية ولكنه لم ينجح فنيا ، والجميع يعرفون ذلك ومايقولة الاسرائيليون صحيح .
اما السيد ايفاميشو مدير عام مجموعة ( aerospatiale ) الفرنسية ايضا فقد قال : " لقد أدي استخدام الباتريوت الي زيادة الخسائر " .
وكان الرد علي ذلك أن الفرنسيين يريدون فتح المجال لبيع صواريخ aster15.30 المصممة أساسا للدفاع المضاد للصواريخ ، أما اسرائيل فانها تريد أن تقضي علي الباتريوت حتي لايكون منافسا لصاروخها المضاد للصواريخ arrow ( معروف في اسرائيل باسم حيتس ) والذي تدفع الولايات المتحدة الامريكية قيمة 80% من نفقات انتاجه اضافة الي المساعدات الفنية .
وفي أكتوبر 1991 توجه وفد عسكري اسرائيلي الي واشنطن وفي لقائه المسؤولين في وزارة الدفاع الامريكية عرضوا مجموعة من أفلام الفيديو سجلوا فيها اثني عشر اشتباكا بين صاروخ باتريوت وصاروخ سكود ، وأوضحت هذة الافلام فشل الباتريوت في أعتراض أي صاروخ سكود ، لذا بدأ جدل واسع في شأن هذا الموضوع واستمر أكثر من عام وشاركت فيه مجموعة من المؤسسات العسكرية والسياسية والاعلامية ، اضافة الي شركة raytheon المنتجة صاروخ patriot وأستاذ جامعي شهير في معهد massachusetts .
وشكل الكونجرس الأمريكي لجنة لتقصي الحقائق بالتعاون مع مكتب المحاسبة العام وعقد عدة جلسات استماع وانضم الجيش الامريكي لشركة raytheon في الدفاع عن أداء صواريخ باتريوت أثناء الحرب ويمكن أيجاز هذة الأبحاث والمناقشات في الاتي :
أ. جري اطلاق 157 صاروخ باتريوت ضد 51 صاروخ سكود .
ب. لم يتم اعتراض 35-40 صاروخ سكود لانها كانت خارج مناطق نيران صواريخ باتريوت أو كانت تتجه الي مناطق خالية من الاهداف الحيوية .
ج. أعلنت شركة raytheon أن نسبة نجاح صواريخ باتريوت في اعتراض صواريخ سكود كانت 90% في المملكة العربية السعودية ، و50% في اسرائيل ، أما الجيش الامريكي فقد قدر هذا النجاح بنسبة 80% في المملكة و50% في اسرائيل ، وأرجعت شركة raytheon هذا التفاوت في أداء صواريخ باتريوت هنا وهناك ، الي انخفاض مستوي تدريب الاطقم الاسرائيلية وكثرة المباني وأجهزة الردار بالقرب من المواقع التي تمركزت فيها بطاريات باتريوت في اسرائيل واستخدام الاطقم لنظام التتبع اليدوي بدلا من التتبع الالي .
د. في جلسة استماع في الكونجرس في 7 أبريل 1992 أقر مندوب الجيش الامريكي للمرة الاولي بأن تسعة صواريخ سكود انفجرت في أو بالقرب من مناطق سكنية وفي الجلسة عينها قلل من تقديرات الجيش لنجاح صواريخ باتريوت لتصبح اكثر من 70% في المملكة العربية السعودية واكثر من 40% في اسرائيل واضاف قائلا ان لديه بيانات مؤكدة بنجاح 40% من اصابات صواريخ باتريوت لصواريخ سكود وبمناقشته تبين أن كلمة " اصابة " تشمل نجاح صواريخ باتريوت في جعل الصاروخ سكود ينحرف عن مساره ويتجه الي مناطق ذات كثافة سكانية أقل ، أو حدوث اصابات في جسم الصاروخ بسبب ظايا الرأس الحربي لصاروخ باتريوت أو سقوط الصاروخ سكود من دون أن ينفجر رأسه الحربي بينما كان الكونجرس يري أن نجاح صاروخ باتريوت في اعتراض صاروخ سكود يعني تدمير راسه الحربي في الجو عاليا وبعيدا عن الاهداف الحيوية المدافع عنها .
هـ. قال وزير الدفاع الامريكي السابق وليم بيري william perry في شهادته أمام الكونجرس عام 1992 ان صاروخ باتريوت الذي صمم أساسا كسلاح مضاد للطائرات ليس سلاحا فعالا ضد الصواريخ الباليستية .
و. كانت خلاصة أبحاث مكتب المحاسبة العام ولجنة تقصي الحقائق التي شكلها الكونجرس أن نجاح عمليات اعتراض صواريخ باتريوت لصواريخ سكود تعد علي الاصبع وبعد مراجعة هذه التقارير من قبل لجنة التشريع والامن القومي كان قرارها النهائي أن صواريخ باتريوت لم تحقق النجاح الذي أعلنه ممثلو الحكومة وشركة raytheon وأن عدد عمليات الاعتراض الناجحة يراوح بين صفر وأربع عمليات .
والان : ما أسباب هذا الفشل : والاجابة تحتاج في البداية الي استعراض الخواص العامة لطرفي الصراع : صاروخ scud وصاروخ patriot .
( 1 ) صاروخ scud-b : اشتري العراق عدة صفقات ضخمة من صواريخ scud-b السوفيتية ، أطلق منها 361 صاروخا ضد ايران في الثمانينيات ، ثم أجري عليها عدة تعديلات هدفت الي زيادة المدي علي حساب كمية المتفجرات في الرأس الحربي وأنتج نوعين معدلين تحت اسمي ( الحسين ) و ( العباس ) ونتيجة لهذه التعديلات وصل مدي صاروخ ( الحسين ) من 600-650 كم بدلا من 300 كم ، وازداد زمن طيرانة من 6,5 : 7,50 دقيقة ، وأصبح طوله 12,2 مترا ، ومن ثم صار من السهل اكتشافه وتتبعه راداريا خاصة أن محرك الدفع لاينفصل عن جسم الصاروخ حتي بعد نهاية احتراق الوقود كما يحدث في باقي أنواع الصواريخ ، أما قطر الصاروخ فظل كما هو ( 88 سم ) ووزنه عند الاطلاق سبعة أطنان ، أما رأسه الحربي فيزن 500 كجم ، أي نصف وزن الرأس الحربي لصاروخ سكود-بي الاصلي تقريبا ولم يستخدم العراق في الحرب الا الرؤوس التقليدية المعبأة بالمواد شديدة الانفجار ، والصاروخ يوجه بالقصور الذاتي ودرجة دقته متواضعة اذ يقدر الخطأ الدائري المحتمل له 1000 م ، وهو مايعني أن نصف قطر الدائرة التي يسقط فيها 50% من الصواريخ يساوي 1000م ، وينفصل الرأس الحربي عن جسم الصاروخ قبل الاصطدام بالهدف عندما يكون الصاروخ علي ارتفاع 500 متر من سطح الارض بواسطة شحنة ناسفة ، وأحيانا يصدر عن الصاروخ انفجاران مما يؤدي الي الاعتقاد أن صاروخين قد سقطا وليس واحدا .
وتستخدم هذه الصواريخ الوقود السائل ومن ثم فان اجراءات تجهيز الصاروخ للاطلاق تحتاج الي وقت طويل نسبيا وهذا يؤثر سلبا في معدل الاطلاق .
ومما يزيد من قوة الصاروخ التدميرية أن الرأس الحربي وبقايا جسم الصاروخ التي تزن أكثر من طن بعد استهلاك الوقود يصطدمان بالأرض بسرعة عالية تزيد علي أربعة أضعاف سرهة الصوت فتسبب خسائر كبيرة في الاماكن ذات الكثافة السكانية العالية .
وخلاصة القول أن هذا الصاروخ به بعض مواطن القوة اضافة الي بعض نقاط الضعف ولكنه كصاروخ باليستي تكتيكي أرض-أرض لايمكن اعتباره نموذجا للتهديد المتوقع مواجهته في أي حرب مقبلة فقد تطورت هذة الفئة من الصواريخ في مجالات متعددة .
( 2 ) صاروخ MIM -104 PATRIOT : صمم هذا الصاروخ أساسا ليكون سلاحا مضادا لطائرات القتال الحديثة السريعة المناورة التي تحلق علي ارتفاعات تبدأ من 60 مترا وحتي 24,24 كم ، ويمكنه الاشتباك بتسع طائرات في وقت واحد علي مسافات حتي 160 كم ، كما يتميز بسرعة رد الفعل وكبر احتمال اصابة الهدف ويستخدم طريقة جديدة في التتبع هي طريقة التتبع من خلال الصاروخ TRACKING VIA MISSILE وهي طريقة تعتمد علي تقنية متقدمة وتمكن الصاروخ من مقاومة الاعاقة الالكترونية وسرعة الصاروخ 5 اضعاف سرعة الصوت ( ماخ ) وتحتاج المنظومة الي عدد قليل من الافراد لتشغيلها .
وأدخلت بطاريات باتريوت في خدمة العمليات في الجيش الامريكي عام 1984 ثم أصبحت العمود الفقري في منظومة الدفاع الجوي الأرضية عن حلف شمال الاطلنطي NATO واشترتها اليابان وعدد من الدول الاوروبية .
في ذلك الوقت بدأ اهتمام واضح بتطوير الصواريخ الباليستية التكتيكية أرض-أرض وأخذت تنتشر في كثير من الدول ولم يكن هناك سلاح مضاد لهذه الصواريخ انذاك ومن ثم فكرت وزارة الدفاع الامريكية في تطوير الباتريوت ليصبح قادرا علي اعتراض الصواريخ الباليستية التكتيكية اضافة الي مهمته الاصلية وشمل هذا التطوير تكبير الرأس الحربي وتحديث طبة التفجير وتحسين نظام التوجيه ليعطب الصاروخ القدرة علي اعتراض الصواريخ الباليستية ذات الانقضاض الحاد كما استخدم نوع جديد من الطابات يعمل بنظرية دوبلر (
تستخدم نظرية دوبلر للتمييز بين الاهداف الثابتة والمتحركة ، اذ أثبتت أن تردد الاشارة المنعكسة المستقبلة من هدف متحرك يختلف عن تردد الارسال لهذة الاشارة ) وعندما ينفجر الرأس الحربي يتحوال الي 700 شظية بدلا من 100 شظية ورمز للنوع الجديد بالاحرف PAC-2 وهي الاحرف الاولي من الكلمات PATRIOT ANTI- TACTICAL MISSILE CAPABILITY وفي عام 1986 تم تجرية هذا الجيل الثاني ضد صاروخ LANCE ونجحت عملية الاعتراض ولكن الصاروخ LANCE لم يدمر وانما انحرف عن مساره وتجدر الاشارة الي أن الصاروخ LANCE هو سلاح قديم بدأ انتاجه عام 1962 ومداه لايتجاوز 120 كم وبعد عدة تعديلات نجحت تجربة اعتراض صاروخ باتريوت لصاروخ باتريوت اخر في نوفمبر 1987 ومن ثم بدأ تعميم التطوير الجديد علي باقي بطاريات الباتريوت ونشطت العملية عندما احتل العراق الكويت وفي شهر سبتمبر 1990 أجريت تجربة أخري لاختبار الجيل المتطور في اعتراض صواريخ باليستية تكتيكية وأذيع أنه حقق اصابة مباشرة . صاروخ lance
وصاروخ باتريوت ذو مرحلة واحدة ويعمل بالوقود الجاف ورأسه الحربي تقليدي يحتوي علي 73 كجم من المواد شديدة الانفجار ويعد الحاسب الالكتروني والردار من أهم عناصر نظامه ومدي كشف جهاز الردار للطائرات 170 كم .