مستقبل أمن الدولة
بقلم : حمدي البطران
صدر القرار الجمهوري رقم1481 في يوليو 1971 بتعديل
اسم الجهاز من الإدارة العامة للمباحث العامة الي الادارة العامة لمباحث
أمن الدولة, وذلك بعد ثورة التصحيح التي قادها السادات.
واختصاصات جهاز أمن الدولة كما حددها القرار الوزاري رقم9931 سري تنظيم
لسنة0791: هو جهاز الأمن السياسي الذي يختص بكشف التحريات التي تستهدف
استقطاب التجمعات الجماهيرية لصالح جهات وأفكار لا تتفق وسياسة الدولة
ونظام الحكم. ويختص الجهاز أيضا بالبحث والتحري في القضايا السياسية
والجرائم التي تتعلق بأمن الدولة, ومراقبة كل نشاط ضار بأمن الدولة,
والحصول علي المعلومات المتعلقة بهذا النشاط, وملاحظة نشاط الأجانب
المقيمين في البلاد وعلاقة هذا بالاتجاهات السياسية المضادة وملاحظة
المنظمات المحلية ذات المبادئ الخطرة علي أمن الدولة.
ويمكن للجهاز ممارسة أي نشاط آخر يكلفه به وزير الداخلية كما يخضع الجهاز للإشراف المباشر لوزير الداخلية.
وبعد الإنهيار المريع لأجهزة الأمن في82 يناير1102, وقيام الثورة وما
أعقبه من انهيار آخر أشد لجهاز مباحث أمن الدولة في5 فيراير1102 فقد
طالب البعض بالغاء الجهاز, وتسريح رجاله, وهناك من نادي بإعادة
تشكيله, أو تأهيله من جديد.
وقد كثرت في الآونة الأخيرة التكهنات والإقتراحات بشأن مستقبل جهاز أمن
الدولة والواقع أن جهاز أمن الدولة يمكن النظر اليه من زاويتين الأولي من
حيث إمكاناته المادية, والثانية هي الإمكانات البشرية
فمن حيث الإمكانيات المادية فإن كل إمكانيات الجهاز تعد ملكا للدولة, او
لوزارة الداخلية باعتبار أن قطاع أمن الدولة هو أحد قطاعات الوزارة,
وتتمثل الإمكانات المادية في المقار التي يشغلها الجهاز, وهي في أماكن
متميزة, ومشيدة علي أحدث الطرز المعمارية الحديثة, فيمكن الاستفادة
منها في إقامة أقسام ومراكز شرطة في المدن, أو نقاط شرطة في بعض الأحياء
في المدن. وتشمل المقومات المادية: المعدات الفنية التي كانت تستخدم في
المتابعة والتنصت والتصوير وأجهزة الاستخبارات المتنوعة, وهي معدات
وأجهزة متعددة الأغراض, حديثة وغالية الثمن. وتلك الإمكانات يمكن
لوزارة الداخلية أن تستفيد منها في مجال البحث الجنائي. ومطاردة المجرمين
وسرعة ضبط القضايا..
أما من ناحية القوة البشرية وهي الأهم, وتشمل الضباط والافراد وبأعداد
كبيرة والتعامل مع هؤلاء ينبغي ان يتم بحذر شديد. فلم يحدث في تاريخ
وزارة الداخلية أن تعرضت لمثل هذا الموقف, حتي في أثناء ثورة التصحيح
التي قادها الرئيس السادات عام7791 لم يتم الإطاحة بمثل هذا العدد من
رجال أمن الدولة.
وفكرة إعادة تأهيل رجال أمن الدولة, تعد فكرة رومانسية, وبالغة
السذاجة, فمن كان يعمل بلا رقيب, يتعذر عليه أن يتقبل فكرة الرقابة علي
الإطلاق, ومن تعود علي إستخدام السلطة لا يتقبل فكرة الابتعاد عنها,
أو حتي التعلق بذيولها وأطرافها وينبغي أن يراعي هذا عند عودتهم إلي
أعمالهم, وربما أصيب بعضهم بأمراض نفسية, يتعذر إكتشافها في الوقت
الحاضر. لذا فإن التعامل معهم يجب أن يخضع لعدة اعتبارات منها:
ـ أن بعض رجال أمن الدولة يمتلكون مخزونا من المعلومات والأسرار, وبعضها
أسرار شخصية, يمكن التلويح بها أمام أصحاب تلك الأسرار, وربما
ابتزازهم وتهديدهم وربما جري استغلال هؤلاء من جانب بعض أجهزة الإعلام التي
تجري وراء الفضائح خصوصا ونحن مقبلون علي قدر غير مسبوق لحرية التعبير في
وسائل الإعلام المختلفة بعد ثورة52 يناير.1102
ـ الترابط بين أبناء جهاز أمن الدولة, يفوق كثيرا الترابط بين أبناء
الأمن العام. وقد جري العرف الشرطي أن يبقي في قيادة وزارة الداخلية بعض
من هؤلاء. وهم يشعرون بنوع من التعاطف مع مرءوسيهم من أبناء الجهاز
المنقولين منه. وقد ظهر هذا عندما يكون وزير الداخلية واحدا من أبناء أمن
الدولة السابقين, فإنه في غضون عام واحد تكون معظم قيادات الداخلية
منهم.
ـ أن عملية دمج ضباط أمن الدولة في جهاز الشرطة ربما تعرضهم لنوع من عدم
تقبل زملائهم لوجودهم بينهم, خصوصا أنهم يتمتعون بمقدرة علي جمع
المعلومات, ولن يتورع أي منهم استغلال بعض تلك المعلومات في الكيد
لزملائهم. وفي السابق كان من ينقل منهم الي عمل شرطي, كان يشعر بنوع من
التكبر, ويستغل علاقاته برؤسائه السابقين في المراكز القيادية.
لأجل هذا ينبغي التفكير جيدا قبل التعامل مع أفراد هذا الجهاز كضباط في
وزارة الداخلية وأمام وزير الداخلية الجديد عدة خيارات منها:
ـ وضع هؤلاء الضباط في أماكن لا يتعاملون مع الجمهور, وهناك الكثير من
أجهزة الشرطة التي تمكنه من ذلك, كإدارات الإمداد, والدفاع المدني
والمطافي, أو الحراسات الخاصة وإدارات الأدلة الجنائية.
ـ إن بعض هؤلاء الضباط يمتلك مزارع ومصانع وسيارات ومشروعات تدرعليهم دخلا
يفوق كثيرا ما يحصلون عليه من رواتب وزارة الداخلية, وهو ما يسهل حصره
ومتابعته من خلال أجهزة البحث. وهؤلاء ينبغي أن يخيروا بين الإستقالة أو
الإقالة.
ـ أما من حيث الأفراد, وهم أمناء الشرطة والمندوبون والمساعدون وضباط
الصف, فإن أمر الحاقهم بقطاعات الوزارة لن يصبح ذات خطورة. خصوصا أنهم
سيصبحون تحت رقابة الضباط الأعلي.
وعلي كل حال فالأمر متروك للواء منصور العيسوي, وهو رجل شديد اليقظة
والتميز, وفضلا عن ذلك كانت له مواقف حاسمة عندما كان مديرا لأمن
القاهرة, وعندما كان محافظا للمنيا, وهو من القلائل ممن كانوا يعتزون
بكرامتهم في جهاز الأمن. كما ان الرجل ينتمي للأمن الجنائي ومدرسة الأمن
العام, وفيها أمضي كل خدمته الشرطية.
http://www.akhbarak.net/article/2379532