أوراق من دفتر التعذيب: رحلة هشام في «أمن الدولة» للإعتراف بتفجير كنيسة
«هشام سامى» شاب دفع ثمن دخول
ضباط مباحث أمن الدولة إلى مسكنه بطريق الخطأ، والدته تركته فريسة لهم منذ
أن تأكدت أنهم ليسوا لصوصا، اقتحموا المسكن لسرقته، عاش رحلة دمرت حياته،
تعرض خلالها لكل ألوان التعذيب وتعرف على أدواته، ما بين «التونيك»
و«الدبلة» و«الخرارة» وغرفة «الطبلية» و«السرير»، كان أحد ضيوف حفلة تعذيب
جماعى، فيها كل الأدوات السابقة بالإضافة إلى «الشوم»، هذه الحفلة يطلق
عليها «حفلة رأس السنة» وتتم على سطوح مبنى أمن الدولة، الأسلاك الكهربائية
مع المياه، هى أبشع ما عانى منه، وأرعبه التهديد بهتك العرض، ألف عشرات
القصص الوهمية لينجو بحياته.
ووسط «رحلة جهنم» لم تغب الفكاهة،
حيث أرسلت له والدته ملابس مصيف وشيبسى وبسكويت ومصاصة، ولم يستطع أن
يكتشف سر «سوسن» التى كان- جلاده- هشام هارون يهدد كل ضحية أن يحوله إلى
مثيل لها إذا لم يعترف ويقر بكل شىء، تفاصيل مرعبة تنقلها «المصرى اليوم»
فى هذه الشهادة.
قال هشام سامى: بدأت التفاصيل
المرعبة عندما استيقظت مفزوعا من النوم على صراخ والدتى وهى تقول «الحقونا
حرامية بيتهجموا علينا ياناس» أسرعت وأنا أرتدى «الجلابية المغربى أم
زعبوت» متجها إلى دولابى لأحضر سلاحاً أبيض للدفاع عن نفسى وأهلى، واقتربت
من باب الشقة لأنظر من العين السحرية لأجد أمامى ما لا يدل على أنهم
«حرامية» خالص وقمت بفتح الباب وطلبت من والدتى الهدوء، وعرفونى بأنفسهم،
وقبل أن ينفتح الباب بالكامل، امتدت يد سبقت صاحبها وعلقتنى من كتفى كما لو
كنت «فار ممسوك من ديله».
وبنفس التعليقة وجدت نفسى فى
منتصف الصالة وظهر 4 أشخاص مدججين بالسلاح يليه شخصان آخران مهمتهما تأمين
السلم، وبعد لحظات من الصمت وجدت أحدهم يزعق «ساعة إلا ربع على الباب
ياولاد الـ...... ليه كنت بتعمل إيه، بتخبى إيه»؟
وصرخت فى أمى دون شعور «حد يسيب
الباشا على الباب ساعة إلا ربع حرام عليكى ليه كده؟» وصدمتنى عندما ردت
ببساطة شديدة (معلهش يا بنى كنت فاكراكم حرامية، تصبحوا على خير).
فقلت فى نفسى «على خير دا على
اعتبار أن الموجودين دول خيلانى وأولاد عمى ماتسيبينيش يا أمى) لكنها دخلت
وأغلقت عليها الباب وتركتنى كالفريسة يفعلوا بها ما يشاءون.
وسادت من جديد حالة من الصمت
لثوان معدودة وكسر حاجز الصمت صوت قائدهم وهو يأمرهم بتفتيش الشقة بالكامل
باستثناء غرفة والدتى وأنا معلق بنفس الطريقة ووجدوا كتاب «جامع الصحيحين
وعلى خطى الحبيب وشرايط دينية متفرقة كلها عن الصلاة والتوبة»، أما صاحب
الغنيمة الكبرى فوجد تحت سريرى طبق غسيل كبير فيه كمية «سيديهات» معظمها
أسطوانات تعليم «جرافيك وبرامج مليت ميديا» وآخر حاجة وصولوا لها كانت جهاز
«الكمبيوتر» وسألنى كبيرهم: «أنت بقى فلان الفلانى»- وكان اسم واحد تانى
خالص– وقلت: والله مانا يا باشا دا الواد ابن التـ....اللى ساكن قدأمنا ولو
مش مصدقنى اسأل الدنيا كلها، سكت برهة وقال «أمال مافتحتش على طول ليه
ساعة إلا ربع كنت بتعمل إيه؟». قلت له: يا باشا والله أصل أنا هاشرحلك
الموضوع دى الحاجة كانت تعبانة ...... وماكملتش وقال هشام: تحركت العربية
إلى أن وصلت إلى كأنها داخلة مكان ولقيت العساكر بيجهزوا نفسهم ويقولولنا
جهزوا نفسكم يا بنى انتوهو وبدأوا ينزلونا واحد ورا التانى ويوجهونا بالصوت
(حاسب يا بنى هنا فى سلمة ... حاسب يا بنى هنا فيه مطب على دماغك ودماغ
اللى خلفوك، ووصلنا إلى غرفة ملهاش معالم والدنيا كانت هس هس وقالوا لنا كل
واحد يفك الربطة اللى على بقه واللى على عينيه، الكلام ده كان الساعة 6
الصبح تقريبا. وقعدنا كده للساعة 9 الصبح وكنا متقسمين مجموعات، كل مجموعة
حوالى 10 معاها 2 أمناء وقالوا لنا «اللى عاوز ياكل يقول واللى عاوز يروح
التواليت يقول واللى عاوز يشرب يقول، كل واحد مننا قال على طلباته وبعدها
بقى قالولنا «اجهزوا علشان ننام وربطوا كل واحد من رجليه ويديه وعينيه».
والساعة الواحدة ظهرا بدأ أول
مشاهد والذى جعلنا نتأكد أننا فعلا فى أمن الدولة، كل واحد صحى على ضربه
شكل من الضباط اللى حضروا وهم يزعقوا وبيشتمونا بألفاظ قبيحة ونادوا علينا
واحد واحد ورصونا صف واحد ورا واقفين حوالى ساعة وقطع الصمت نداء على واحد
ماأعرفوش ولقيته بيقول «موجود» والأمناء يقولوا له «معلش يا فلان نصيبك كده
ريحهم وقول لهم على الحقيقة» والواد يقول «والله قلت كل اللى عندى يا باشا
إنتوا مش عاوزين تصدقونى ليه؟» واختفى صوته لمدة ربع ساعة وفجأة سمعنا
صوت- غير بشرى- يقول (وحياة أمك يا بن التــ... لأخليك تقلب سوسن هاتولى
السرير) بعدها كل واحد من اللى كانوا واقفين فى الصف ركبته كانت بتحضن فى
ركبة اللى جنبه وفاتت دقايق معدودة إلى أن جابوا السرير وسمعنا..
آآآآآآآآآآآآآه.. آآآآآآآآآآآآآآآآآآآه.. وصوت يقاطع «ماتعرفش حاجه يا بن
الـــ... أنا بقى مش عاوز أسمع منك حاجة».. وتأتى صرخة الشاب: «آآآآآآآآه
يا بااااااشا والله ماعرف أبوس إيدك ارحمنى».
وكان وسط التعذيب، الضابط يقول
للعساكر «حد يا بنى يمسح مكان الدم اللى عمال يقع من رجله».. . وشوية يقول
«هاتلى يا بنى إبرة التنجيد علشان أخيط بيها دماغه».
واستمر التعذيب حوالى 4 ساعات لما
أعصابنا كلنا بقت فى الأرض ومش قادرين نقف على رجلينا نهائى، وراحوا فاكين
الرباط اللى على عينينا علشان نشوف بالمرة وخرجوا الولد من غرفة التعذيب
وجابوه عندنا غرفة الاستقبال، كان جاى زحف وكلنا بصينا لبعض والأمناء
يقولوا له «يا بنى ريح نفسك وريح الباشا وقوله اللى هو عاوزه» والواد يقول
«والله قلت كل اللى أعرفه».
وقال شاهد رحلة الموت: فجأة جابوا
تلاتة من بره وقالوا لهم «اقلعوا هدومكم الخارجية يا بنى انت وهو» ...
ونفذوا دون أدنى اعتراض وقعدوهم على الأرض وبدأو ينادوا أساميهم ورا بعض
ودخلوا غرفة التعذيب ولقيت الأمناء بيقولوا لنا «قوم يا ابنى أنت وهو اقفوا
صف واحد وطلعونا فى الطرقة وكانت هذه مرحلة متقدمة جدا معناها أننا
اقتربنا من اللحظة الحاسمة وبدأنا نسمع أصواتاً متلاحقة من الصراخ من
مكانين مختلفين وعرفنا أنهما غرفتان والصوت- غير البشرى– يقول «يا بن
الــــــ.... مش هاتخرج من هنا إلا لما تقر بكل اللى تعرفه عن الناس دى،
ريح نفسك».
وتذكر هشام اللحظات القاسية وقال:
لقيت الضابط ضربنى بالشلوت فى رجلى وقال «الدور عليك يا بن
الـــــــ.....» أنا أغمى علىّ وما عرفتش اللى حصل بعدها غير فى تالت يوم
وصحيت على شلوت وبعد الشلوت لقيت الضابط بيقول «اجهز يا هشام علشان هاندردش
مع بعض شوية قوم كده ونفض نفسك».
ودخلت الغرفة المقابلة التى يطلق
عليها «الطبلية» أو «السينما» نظرا لثبات مواعيد التعذيب زى السينما
بالضبط، كانت رائحتها مزيجاً ما بين رائحة «برفان» الضباط ورائحة احتراق
الجلد بالكهرباء ورائحة الدم السائل على الأرض.
الضابط قال (ها يا هشام إيه اللى
حدفك علينا وإيه حكايتك) وبدأت فى سرد اللى حصل بالتفصيل وإزاى أنهم أخدونى
من البيت من غير ذنب وأنا أصلا مكنتش المقصود، وعمال أشرح وأتظلم من اللى
حصل وأقوله شوفت يا باشا «لقيته بيقول» اخرس يالا، ماسمعش صوتك خالص يا بن
الــــــ.. بص يا بنى أنا ها أشرب سيجارة ولو خلصت السيجارة دى قبل ما
تقولى كل حاجة تعرفها أنا هاقوم من مكانى».
وبدأت أقوله تانى: والله يا باشا
أنا مليش دعوة بأى حاجة دا الواد اللى قدامنا هو اللى كان
«والسيجاااااااارة خلصت، وسمعت صوتاً حيوانياً يقول: «خلص الكلام يا بنى»
استعد لأسوأ يوم فى عمرك، أنت عارف أنا مين ياااااا، أنا هشام هاروووون».
وأفقت على صوت قدم تهز الأرض
وتقترب منى وتقول «أنا مش عاوز أسمع منك حاجة» وقرب وبدأ يشغل الصاعق
الكهربى (التونيك- أشهر جهاز تعذيب فى أمن الدولة) ووجدت نفسى على الأرض من
أثر أول صعقة فى ذراعى وكنت لسه بـ«الجلابية المغربى أم زعبوت» وقالهم
«قلعوه الجلابية» استمرت الزغزغة الكهربائية لمدة أربع ساعات «فحت وردم
وتحقيق» وضمن التحقيق قالوا «إدينا اسم اتنين تلاتة شاكك فيهم» فقلت «أنا
ماعرفش «وشغل التونيك» لما قولتله 63 اسماً، وبعدها جاب إبرة التنجيد وبدأ
يظبط فى راسى وقعدت أعيط وواضح أنى صعبت عليه فقال «طب خلاص هاتوله حبوب
منع الألم علشان مايحسش بأى وجع خالص».
وقال هشام: خرجونى برة علشان
يجهزونى للعبة اللى بعدها لأنه لازم أجرب كل اللعب طبعا، وقلت لهم «عاوز
أشرب» قالوا «أنتا جسمك واخد كمية كهرباء تقوم السد العالى مينفعش» قلت
عاوز آكل، قالوا ماينفعش «انت هاتدخل تانى ولازم تبقى بطنك فاضيه علشان
ماتتعبش» «فقلت» طيب أتشقلب أو أمشى على الحيط.
وعدت حوالى 4 ساعات ما بين ألم
وضحك على الزغزغة اللى حصلت ولقيت الأمناء بيقولوا «قوم يا هشام الضباط
عايزينك» وقبل أن أدخل نادى على أحدهم (هشام ابن فلان) جالك «لبس» وعرفت أن
ماما صحيت من النوم، الغريبة أنها كانت باعته طاقم تقريبا يوحى أنى فى
مصيف مش (برمودا وتيشرت كت) والكارثة أن ماما باعته (2 هوهوز+ 3 بسكوت
بيبمبو+ 2 كيس شيبسى بالفراخ+ واحدة كورواسون مولتو+ مصااااااااااااصة).
ودخلت غرفة التعذيب وكانت ريحتها مختلفة عن الأولى وكمان كان فيه تكييف ودار الحوار الآتى:
صوت غريب: إيه يا هشام عامل إيه دلوقتى؟
ورديت: (والله يا باشا أنا قلت كل اللى عندى والله أن ماخبيت حاجة خالص حتى اسأل هشام باشا).
قال هشام باشا: رد على الباشا عدل يا بن الــــ... الباشا بيقولك عامل إيه دلوقتى؟».
ورديت: الحمد لله يا باشا.
ولقيت صوت ضربة مدوية على ظهرى
وصوت مريب يقول «بقولك إيه اللى جابك هنا يا روح مامتك، خلى بالك الكلام
اللى هاتقوله قبل الكهربا محسوب ليك واللى هاتقوله تحت الكهربا محسوب عليك».
ورديت: بص يا باشا ها والله اللى
حصل إنى أصلا كانوا واخدنى غلط، دا مش أنا المطلوب والله يا باشا حتى اسأل
سيف بيه- الظابط اللى أخدنى من البيت– وسمعت سيف بيه بيقول: «غلط إيه يا بن
الـــــ...... أنت متبلغ عنك ولقينا عندك أفلام كيفية تركيب القنبلة
وكيفية تفجيرها عن بعد وأفلام عن الجهاد فى أفغانستان والبلاوى اللى
لاقيناها عندك دى كلها كانت عندنا معلومات مسبقة بيها قبل كده ما تصحى كده
أمال ورد على الباشا عدل».
ورديت «دا كتير والله كتير بجد،
قنبلة إيه أنا مش بعرف أركب الشاحن فى الموبايل صح» «والله أنا معرفش أى
حاجة يا باشا... أنا عاوز أروح عند أمى».
وقال سيف: «أمك... دانتا هايطلع
..... أمك دى ياباشا قعدتنا ساعة إلا ربع على الباب علشان تديله فرصة يخبى
المنشورات والكتب والسى دى اللى عليها أفلام القنبلة والتفجير والجهاد فى
أفغانستان والعراق».
وسمعت صوتاً أول مرة أسمعه قال:
خلاص الكلام يا بنى مدام دخلت هنا صح أو غلط يبقى لازم تتكلم ولازم تتحاسب،
خلصنا بقى علشان أنا زهقت وهاقوم أطلع....... أمك لو ماتكلمتش».
وقال هشام بيه: ما تنطق يا بنى ولا نجيب السرير ونخلص؟
ورديت: هاقول يا باشا هاقول والله
بس بلاش والنبى أى كهربا تانى أنا عامل عمليات فى بطنى وانت فرمتها ضرب
وكهربا ومش حامل أى لمسه تانى.
ورد هشام بيه: بقولك إيه يا روح أمك، مش هاتصعب علينا إحنا بقالنا 15 سنة بنعذب ناس مش أنتا اللى هاتصعب علينا.
ورديت: بص يا باشا أنا كل اللى أعرفه قولته وفعلا معرفش أقول إيه تانى أو قلى إيه اللى أنتا عاوز تسمعه منى؟
وجاء صوت هشام بيه فى حسم: خلص الكلام يا بن الـــ... وحياة أمك لاقلبك سوسن، هاتو السرير وقلعوه.
وقال طارق بيه: «ماشى يا هشام
قلنا تحديدا إيه علاقتك بتفجير «كنيسه الزيتون» وجبت منين القنابل ومين كان
معاك وكنتوا كام واحد وبعدين أوعى تنكر أنت اسمك جه فى التحقيقات».
ورديت: لا يا باشا إزاى اسمى جه
فى التحقيقات وأنتوا أصلا واخدنى غلط وإزاى اسمى جه فى التحقيقات وأنتوا
لسه قايلنى من شوية إنكم عارفين إنى مليش فى حاجة وأنى هاخرج وبعدين قنابل
إيه اللى بتتكلموا عليها، هو ده شكل واحد يعرف يفرقع بمبه يا باشا، وبعدين
يا باشا أنت بتتكلم معايا كده كما لو كنت خلاص أنا شيلت الليلة....».
وقال طارق بيه: هشام بيه عنده حق، الكلام خلص وإنت مش هاتتكلم ومش هاتساعدنا هاتوا السرير وقلعوه.
وفى ظرف دقيقة واحدة لقيت نفسى
بردان جدااااااا وصوت السرير وهو بيتحرك من مكان لمكان وكان لازم أتشرف
بأعظم اختراع فى مباحث أمن الدولة ألا وهو «الدبلة».
وهى عبارة عن «الخرارة» فى فيلم
«تيتو»، عبارة عن سلكتين واحدة فى لسانك والتانية إنتا عارف مكانها..
السلكتين بيتبادلوا الأدوار على الجسم كله بلا استثناء وبقوة لا يمكن
تحملها خاصة إذا أضيف لها ماء، ولقيت نفسى مربوط بنظام المصلوب والضابط
بيركب طرف السلكة فى صباعى اللى فى الوسط ولزق عليها بلاستر وبدأوا بقى فى
المرمطة أول مرة فى حياتى أحس إن روحى بتطلع وبترجع تانى فى نفس اللحظة،
لقيت نفسى باصرخ «هاقوووووووووووول والله هاقوووووووول».
وقال طارق بيه: وقف يا بنى.. ها تقول إيه يا هشام؟
ورديت: ماعرفش بس هاقوووول.. كل اللى إنتوا عاوزينه أقوله.
ورد طارق بيه: إنت بتشتغلنا يا روح أمك؟
ورجع التعذيب، الطرف التانى كان
من السلك لف على جسمى كله على بطنى شوية وعلى دماغى وعلى فمى وعلى ودنى
وتحت ظهرى، كنت بتلوى زى التعبان فى مكانى، كنت حاسس إن دى آخر لحظات حياتى
وكل اللى بقوله حاجة واحدة (أنا مليش فى حاجة إرحمونى بقى... آآآآآآآآآآه).
كنت وصلت لمرحلة من الألم والتعب لا توصف وبدأ التعذيب يدخل مراحل جديدة- مش هاقدر أتكلم عنها لأنه فيه جرح كبير لكرامتى.
واصل الضحية: وسط كل هذه الأحداث حسيت للحظة إنى عاوز أنتقم وقلت بص يا باشا أنا عندى معلومة هاتفيدكم جداااااا.
وسألنى طارق بيه: بعد ما وقف
الكهرباء: قول يا بنى وبكل غباء فى الدنيا قلت... أنا أعرف واد يا باشا كان
بيشتمكوا شتيمة وحشة، قاااااااااااال إنتوا ولاد......... ونسيت أقول مين
أصلا اللى قال كده وكانت باينة أوى إنى أنا الواد ده.
والكهرباء اشتغلت لدرجة إنى أغمى
على وفوقونى بعدها وأنا زى مانا على السرير ولقيت هشام بيه بيقول «بقى
الواد شتمنا يا بن الـــــ....... وحياة أمك لأ.... وبدون مقدمات حاجة وقعت
على فمى كسرت سنة ولخلخت سنتين فى خبطة واحدة».
وقال «مش عاوز أسمع صوتك خالص
لغاية ما أقولك يا بن الـــ...... وبعدها شالوا الطرف اللى كان تحت وحطوه
فى اليد التانية فى نفس المكان وعملوا دايرة كاملة من اليد اليمين إلى
الشمال.
وقال ضحية التعذيب: ودخلنا فى
مرحلة جديدة من التحقيق عندما قرروا استخدام أسلوب أكثر شراسة، جاءوا
بالمياه ورشوها علىّ وغرقوا جسمى بها من أوله لآخره ووصلوا الكهربا فى
أصابعى علشان أموت من الخوف قبل الألم.. وكنت فعلا تعبت وقلت لهم «هاقوووول
بجد المرة دى هاقووول» وبصراحة لقيت نفسى أخترع قصص وهمية من نسيج خيالى
وأسماء وهمية ولقيت نفسى بأقول عن وقائع أنا أول مرة أعرفها وكانوا عاملين
نفسهم مصدقين وشغلوا الكهرباء على آخرها لدرجة إنى لتانى مرة أغمى على.
ولقيت هشام بيه بيقول للعساكر:
«فكوه يا بنى إنت وهو وبص يا بن الــــــ... إنت دلوقتى هاتخرج لغاية لما
نحتاجلك عاوزك كده تركز أوى علشان لما نسألك تبقى مصحصح معايا كده».
ولقيت الأمين محمد الأمور قالى
يخرب بيت عقلك إنت لسه فيك نفس تنطق، يا بنى المفروض إنك تكون ميت من
إمبارح وباقى الأمناء مردوش على كل دا غير بكريزة ضحك ملهاش أول من آخر
ونزلوا الغرف اللى تحت الأرض وجابولى مياه وعصير.
وأنهى هشام حديثه عن قصته مع أمن
الدولة، التى كتبها فى رواية، يريد أن يحولها إلى فيلم سينمائى قائلا: صحيت
تانى يوم الساعة 8 صباحا والساعة 10 صباحا قال لهم هشام بيه هاتوه وكتفوه
على الأرض بحيث إنه يبقى شبه حرف «إكس» وقد كان والله فضل يطلع على بطنى
ويهرس فيها برجله لدرجة إن العساكر سابونى.. وهو وقع على الأرض وصرخت فيه
«إنت بتعمل فى كده ليه، أنت إيه ماتعرفش حاجه اسمها رحمة. ربنا ينتقم منك»،
هو سمع كده من هنا وقالهم هاتو «التونيك» وقام سايب جسمى كله وافترى على
أضعف حته فيه ولمدة 4 ساعات فى مكان واحد ميحتملش لمسة وأقوله إرحمنى
والنبى أنا بموت وهو ولا هنا ولا حياة لمن تنادى.
وأخيرا خرجونى الساعة 2 ظهرا..
ولبسونى هدومى. والساعة 8.30 مساء. وراحو مغميين عنينا كلنا وقالولنا يالله
يا بنى كله يجهز لحفلة رأس السنة.. وعرفت أنها (حفلة
تعذيب جماعى) وأخدونا على مكان كان واضح إنه سطح المبنى اللى كنا فيه
وواضح إنه مجهز بجميع وسائل التعذيب اللى ممكن تخطر على بال أى حد خلقه
ربنا، الدنيا كانت برد جدا جدا وعملوا 4 أو 5 أركان كل ركن فيه أداة تعذيب
ومعاها الضباط والأمناء والعساكر المختصين بيها والشباب يبدلوا عليها.. بس
المرعب إن التعذيب كان جماعى وكانت الأصوات وصدى الصوت مع الليل والهدوء
والهوا والسقيع والمياه اللى كانت بتترش علينا علشان نحس بالكهربا أكتر.
بالإضافة إلى الغباء اللى كان فى ركن الشوم.. اللى بيضرب كان عسكرى مفهمينه
إننا أعداء الوطن. بجانب التهديدات بهتك عرض البعض، التى كانت تصل أحيانا
إلى حد التنفيذ الجزئى والحفلة خلصت الساعة 2 بعد منتصف الليل.
ونزلنا تحت الأرض لأبدأ رحلة
جديدة ومشينا فى ممر كده قصير ودخلنا فى مكان كأنه صالة كبيرة كده وطبعا
كنا لسه متغميين وقعدنا كده لغاية أذان الفجر، وبعدها دخلونا فى غرف وفكوا
الغماية من على عينينا وفوجئت إن شباب شارعنا والمناطق المجاورة مشرفين جوا
وكانوا معايا فى الحفلة كنا حوالى سبعة.
وفى نهاية رحلة «الموت» حدثت
مواجهات وتعذيب للجميع ويتم استدعاء الواحد تلو الآخر وكل واحد قال ما
يعرفه وما لا يعرفه وبعد 10 أيام دمرت حياتى تماما خرجت إلى الشارع من جديد
وعدت إلى البيت وبدأت رحلة علاج لعلها تصلح شيئا مما دمره «أمن الدولة»،
لكن ما أصابنى فى نفسى يحتاج إلى معجزة من السماء حتى يتم إصلاحه
http://www.akhbarak.net/article/2424345