أمريكا تطلب من السودان الأسبوع الماضي لقاء خليل في واشنطن.
وفي الأسبوع ذاته أمريكا تبذل من الغواية والإغراء ما لا يقاوم .. فما بين الإثنين وحتى الأربعاء تتقدم أمريكا.. وثلاث مرات بمشروع في مجلس الأمن عن جنوب كردفان.
مشروع يدين السودان بكل ما انهال على السودان أيام هجمة دارفور قبل أربعة أعوام.
ثم نزع جنوب كردفان وجنوب النيل .. وأبيي.
في تنفيذ كامل لكل ما عجزت عنه الحركة الشعبية.
وأمريكا التي تتبنى ما تريده الحركة الشعبية لا تحاول حتى شطب سطر واحد من أوراق جوبا.. فحكومة واشنطن ومع انتزاع جنوب كردفان وجنوب النيل لصالح سلفا كير تتقدم في المفاوضات القادمة تطلب من الخرطوم «تأمر الخرطوم في حقيقة الأمر» بالتصديق على كل ما تطلبه الحركة الشعبية من الجنسية المزدوجة.. والحدود.. والمواطنة.. و.. و
والدولة لن تذهب إلى واشنطن
وتعليق صغير يطلقه أحدهم وهو يرفع رأسه عن الورقة الأمريكية قال
متى ـ أعطت أمريكا شيئاً لمن يعطيها كل شيء؟
وأمريكا الأسبوع ذاته ـ وحين كانت تصرخ في نافذة سوريا كانت عيونها عند الخرطوم تقول
اسمعوا
ففي الأسبوع الماضي لما كانت أمريكا تطلب تحويل السودان للمحكمة الجنائية وتتهم الخرطوم بجرائم التطهير العرقي والإبادة كانت تقول عن سوريا
إن أمريكا سوف تقود العالم ضد النظام السوري
ومثلها ضد الخرطوم
والمخابرات الأمريكية التي تستخدم خبراء متمرسين في علم النفس حين تجد أن السودان لم يصدر عنه من البشاعات ما يكفي لتحريض العالم تربط بين السودان وسوريا حتى تستعيد النفوس مذابح سوريا
والمخابرات الأمريكية التي تجلس و«علنًا» في غرفة مجاورة لكل جولة في المفاوضات «ما بين أبوجا وفي أديس أبابا والدوحة» كانت تلقن الوفود أسلوباً فريداً.
اقسم الأمر كله إلى عشر قطع.. ثم اطلب قطعة واحدة ثمنًا للسلام.. بعدها اطلب أخرى وأنت تؤكد أنها الأخيرة .. الجانب الآخر ـ لحرصه على السلام ـ سوف يقبل.. بعدها اطلب الثالثة وأنت تؤكد وتقسم وتجزم وتشهد أنها الأخيرة.. بعدها الرابعة.
وليس هذا تنسيقاً بين حركات التمرد.. فالخلاف بينها حقيقي
ولو لم يكن حقيقياً لقامت أمريكا بتحويله إلى حقيقي.. لأن الخطة هناك
فالانشقاق ـ انشقاق كل فصيل عن قيادته وتكوين فصيل جديد يجعل الخرطوم / عند التفاوض/ تعطي جهتين بدلاً من جهة واحدة
والفصيل المنشق يحصل على زعامة وعلى نصيب.
والفصيل الأصل مثلها وأمريكا تريد من الخرطوم أن تتراخى وتتراخى حتى تجعل الخرطوم تفقد «العصب» الوحيد الذي جعل الناس يلتفون حول الإنقاذ والوطني.المبادئ ـ والقوة
لكن المخابرات الأمريكية تدور عيونها واسعة وهي ترى أن سياسة إذلال الوطني هي سياسة تنجب أسوأ ما تخافه أمريكا
الغضب الشعبي.. الذي ينجب عشرين اسامة ابن لادن
والأسبوع الماضي.. الأسبوع القريب ـ يلقي بأول طعنة من الغضب الشعبي هذا
والعاملون في محطة الميرم يحتجزون قطاراً محملاً بالسكر والوقود والحبوب ـ وكل شيء ـ متجه إلى الجنوب
العاملون في المحطة رفضوا عبور القطار ما دامت حكومة الجنوب تغرس أنيابها في الشمال
والقطار الذي تبلغ قيمة حمولته عشر مليارات مازال يقبع هناك
مثلها المسيرية يعلنون أن العايز يدخل جنوب كردفان بالقوة ـ يتفضل
مثلها الدعوة لمقاطعة اللحوم في العاصمة ـ والتي ومنذ البدايات ينتج عنها انخفاض في الأسعار أمس ـ دعوة تلقفتها اللجان الشعبية
مثلها الدفاع الشعبي ينشط الآن في شيء لا نحدِّث عنه
وبشكل جديد تماماً لا تعرفه إلا قيادات الأمن
مثلها ـ الدولة ـ من فوق ـ تعد رداً على النشاط الأمريكي ليس من بينه الابتسامات