راينا فى المرة السابقة كيف ان بعض حكام روسيا ارادوا ادماج اليهود الروس فى بقية المجتمع وما تبع ذلك من تغلغل اليهود فى الشؤون الروسية وفى الاقتصاد الروسى ، ومع ذلك اصر قادة الحركة الثورية العالمية على الاستمرار فى التحضير للثورة..وتمكنوا من اغتيال القيصر..واستعرضنا جملة فى غاية الاهمية بالنسبة لما يحدث فى عالمنا العربى "فقد كان تسامح القيصر يخرب خططهم التى تقول ان الاصلاحات الضرورية لا يمكن اجراؤها الا بالثورة المسلحة"   ،كما ان اليهود الروس قاموا باغتيال بعض الشخصيات المهمة ولم يرضوا بهذا الاندماج الكامل مع المجتمع وهذه الصلاحيات الواسعة التى اعطيت لهم مما دفع القيصر لتغيير نمط التعامل واصدار قوانين ايار..  والان نستكمل :-


ان اقرار قوانين ايار لم يكن فقط اانتقاما لمقتل القيصر الاسكندر الثانى وانما كانت نتيجة للتحذيرات المتوالية التى وجهها الاقتصاديون الروس للحكومة بهدف الحد من النشاطات المالية غير المشروعة التى يمارسها اليهود والتى تهدد الاقتصاد الروسى بالخراب. واشار الاقتصاديون الى ان اليهود مع انهم لا يشكلون الا نسبة 4.2%من سكان الامبراطورية فقد اثروا بشكل يهدد الاقتصاد القومى بالكوارث. ونرى صوابية راى هؤلاء الخبراء اذا ما درسنا الاعمال اتى حصلت بعد فشل وساطة جينزبيرغ بشان الغاء قوانين ايار. فرض اصحاب المصارف العالميون عقوبات اقتصادية على الامبراطورية الروسية واوصلوها حتى الافلاس تقريبا. وضربوا حظرا على التجارات والمبادلات الروسية. وعام 1904 وبعد توريط روسيا فى حرب قاتلة مع اليابان نكثت مؤسسة روتشيلد بوعودها ورفضت امداد روسيا بالمساعدات المالية بينما قامت شركة كوهن-لوب وشركاءهما فى نيويورك بامداد اليابان بكل القروض التى طلبتها.


جاء فى الموسوعة البريطانية طبعة عام 1947 فى المجلد الثانى صفحة 76 حول قوانين ايار ما يلى:"كانت قوانين ايار الروسية هى قمة ما توصلت اليه اللا سامية فى العصر الحديث..وكان من نتائجها الفورية حصول ازمة نقدية مدمرة احس بها المواطنون فى كل اجزاء البلاد وتركت اثارها العميقة على القرض الوطنى.. وكان الوزير الروسى يسعى بكل جهده للحصول على المال. ودخلت الحكومة المالية فى مفاوضات مع دار روتشيلد للحصول على قرض كبير . ووقع الطرفان اتفاقا مبدئيا الا ان دار روتشيلد ابلغت وزير المال الروسى انه ما لم تتوقف اعمال الاضطهاد ضد اليهود فان الدار ستكون مضطرة للانسحاب من العقد...وهكذا كانت حركة اللا سامية ،التى تركت اثرا عميقا على العلاقات السياسية فى اوروبا ،تطبع العلاقات العالمية بين القوى الكبرى بطابعها الخاص. فقد كانت الحاجة الملحة للخزينة الروسية واحدا من الاسباب التى دفعت للتحالف الفرنسى الروسى ،تماما كما كان انهاء معاهدة بسمارك للحياد المشترك".


كانت اعمال العنف التى يقوم بها بعض اليهود مصدر قلق لمواطنيهم المحافظين. وكان هؤلاء يعلمون ان سياسات متشابهة متبعة فى فرنسا والمانيا وايطاليا والنمسا. وكان قلق المحافظين اليهود نابعا من خوفهم من استمرار مثل هذه الاعمال الارهابية يمكن ان يؤدى الى نشوء من اللا سامية قد تنتهى الى افناء الجنس اليهودى برمته. وكان احد اليهود الالمان ،تيودور هيرتزل يثبت هذه الشكوك هذه الشكوك عند اليهود عندما يقوم باعلامهم عن سياسة كارل ريتر اللا سامية وكيف انها تنتشر بسرعة بين الشعب الالمانى. واقترح هيرتزل اقامة منظمة يهودية تدعى"حركة العودة الى اسرائيل"jewish Back to Israel Movement باسم المحافظين اليهود .  وكانت تلك بداية الحركة الصهيونية -قال فى الهامش:قام اصحاب المصارف العالميون بالسيطرة على هذه المنظمة واستعمالها لاغراضهم الخاصة ومطامعهم السرية . راجع كتاب مؤامرة فلسطين ل ب . جنسن B . Jensen-h.i-ا.ه


 بعدما اصدر القيصر الكسندر الثالث حكمه بلوم اليهود والقاء المسؤولية علي عاتقهم فى حالة الفوضى والخراب الاقتصادى فى الامبراطورية ،قامت قيادات الحركة الثورية بانشاء"الحزب الاشتراكى الثورى". وعهد بتنظيم هذا الحزب الى رجل قاس لا يعرف الرحمة اسمه جيرشونى . وكان تنظيم "القطاعات المقاتلة"من نصيب خياط يدعى يفنو آزيف . وشدد قواد الحركة الثورية استجلاب غير اليهود لها . وكان هؤلاء فى حال اجتيازهم الاختبارات يصبحون متمتعين بالعضوية الكاملة. وكان هذا القرار بالذات هو الذى اتى بالكسندر اوليانوف الى الحزب. وقبل ان يسمح له بالعضوية الكاملة للحزب،امر ان يشترك فى المؤامرة التى هدفت الى اغتيال القيصر الكسندر الثالث. وقد فشلت تلك المحاولة وقبض على الكسندر اوليانوف وحكم عليه بالموت. وكان هذا هو السبب فى ان اخاه فلاديميير نذر نفسه للقضية الثورية ولمع نجمه وترقى فى القوة والسلطان الى ان اصبح رئيسا للحزب البلشفى. واتخذ لنفسه الاسم"لينين". وقد اصبح فيما بعد الحاكم المطلق الاول لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية.


وبالاضافة الى التسبب بالاضرابات العمالية وخلق الاوضاع السيئة بين طبقات المجتمع الروسى ،كانت تلك الاحزاب الثورية فيما بين 1900و1906 تثير الممتاعب الدينية حتى اوصلتها الى درجة الغليان. وكانت القمة التى وصلت اليها تلك المتاعب حوادث القتل والاغتيالات بالجملة. وحدث الانفجار بشكل ثورة عام 1905.


كان من الرسميين الذين باغتيالهم قسم الارهاب فى فى الحزب الثورى بوغوليبوف وزير التربية عام 1901. وجاءت هذه الحادثة تسجيلا لغضب اليهود على السياسة التربوية التى تضمنتها قوانين ايار المشار اليها سابقا. فقد حددت هذه القوانين عدد اليهود الذين يسمح لهم بالانتساب الى مدارس الدولة وجامعاتها بنسبة لا تزيد على نسبة السكان اليهود الى تعداد الشعب الروسى كله. وقد اقر هذا التدبير لان التلاميذ اليهود اغرقوا المدارس الرسمية. وكانت المجموعة التى كلفت باغتيال وزير التربية مكونة من اليهود الذين "عانوا" من ظلم قوانين ايار 1882 عندما كانوا صغارا . وكان عليهم ان يظهروا شجاعة واهلية كافيين ليتم الحافهم بقسم الارهاب التابع للحزب الثورى.


وفى العام (1902) اغتيل وزير الداخلية سيبياغين وجاء اغتياله تاكيدا لغضب اليهود على سياسة قوانين ايار التى تناقض سياسة القيصر الكسندر الثانى المتسامحة والتى قضت بمنع اليهود من  السكن خارج احيائهم ومجمعاتهم الخاصة. وقام بعملية الاعدام تلك شبان يهود طردوا عندما كانوا اطفالا مع اهاليهم من منازلهم بمقتضى قوانين ايار . ولم يرتكب هؤلاء فى تنفيذ عملياتهم اى خطا.
عام 1903 اغتيل بوغدانوفيتش حاكم يوفا ،وفى عام 1904 قتل رئيس الوزراء فيشيليف فون بيلف . وعام 1905 انفجرت اول ثورة عامة فى روسيا واغتيل خال القيصر الدوق سيرجيوس فى 17 شباط . وفى كانون الاول 1905 اضطهد الجنرال دوبراسوف الثوريين ولكنهم اغتالوه فى العام 1906.


بعدما القى القيصر اللوم على عاتق اليهود واتهمهم بالتسبب بالحالة المتردية فى روسيا،تلقى البارون جينزبيرغ تعليمات بالعمل على تفتيت الامبراطورية الروسية. وجرى الاتفاق على ان تتظاهر مؤسسة روتشيلد بالصداقة لروسيا وذلك لتوريطها وجرها الى حرب مع اليابان. وقضت الخطة ان تقوم مؤسسة روتشيلد بتمويل الجانب الروسى بينما تقوم مؤسسة كوهن -لوب بتمويل الحكومة اليابانية. وكان هدف الخطة العمل على هزيمة روسيا بان تسحب مؤسسة روتشيلد معوناتها المادية فجاة وحينما يكون الروس بامس الحاجة اليها. وكان من ضمن الخطة خلق الفوضى والاضطراب بين صفوف الجيش الروسى فى الشرق الاقصى عن طريق تدمير خطوط المواصلات فى سيبيريا . وقد ادى ذلك الى ايقاف الامدادات والمعونات عن كلا الجيش البرى والبحرى ة الروسية-قال المؤلف فى الهامش: كان والدى الكابتن ف.ه. كار واحدا من الضباط البريطانيين الذين عملوا مع القوات البريطانية فى تلك الحرب وقد اهدته الحكومة اليابانية قطعة من العاج محفورا عليها يابانى يدخن مستريحا بعد الطعام . وقد اعطانى والدى قدرا كبيرا من المعلومات القيمة عن ما حدث وراء الكواليس مما ادى الى تلك الحرب-ا.ه


ومن طرف آخر امر احد ضباط البحرية الروس سفنه التى كانت متوجهة من بحر البلطيق الى بورث آرثر فى الشرق الاقصى،باطلاق النار على اسطول من سفن الصيد البريطانية التى كانت تصطاد فى بحر الشمال. ولم يقدم اى تبرير لهذا العمل الوحشى ولتلك الجريمة الجماعية  ضد بلدصديق. وكان رد فعل الشعب البريطانى عنيفا. وقد تطوع بعد هذه الحادثة عدد كبير من ضباط البحرية البريطانية ومن ملاحى السفن التجارية البريطانية لتقديم خدمتهم لليابان.


يتبع...




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
http://www.waqfeya.com/book.php?bid=6114