[الحوادث التى سبقت الثورة الروسية (لينين)]
هزت حملة نابليون عام 1812 روسيا هزة عنيفة تاركة اياها مثخنة بالجراح. فاخذ القيصر الاسكندر على عاتقه اعادة تنظيم بلاده واصدر لهذه العاية عددا من القوانين الهادفة الى اصلاح وتوحيد صفوف الشعب وكان بينها قوانين الغت الاحكام الجزئية التى كانت مطبقة على اليهود منذ عام 1772 والتى كانت تحدد اقامتهم فى اماكن معينة. وبذل القيصر جهوده لحمل اليهود على العمل فى الزراعة وغيرها وتشجيعهم على الامتزاج الكامل مع المجتمع الروسى.
عام 1825 مات الكسندر الاول وخلفه على العرش نيقولا الاول. فلم ينظر بعين الرضى الى التغلغل السريع لليهود فى الاقتصاد الروسى. ولم ترتح حكومته الى الاصرار الذى ابداه اليهود للحفاظ على تراثهم ولغتهم الخاصين وزيهم المميز. وهكا وفى محاولة لاذابة العنصر اليهودى فى المجتمع الروسى ككل اصدر نيقولا الاول عام 1834 قوانين تجبر اليهود على ارسال اولادهم الى المدارس الحكومية ،ظنا منهم ان الاطفال اليهود اذا ما اقنعوا بان ابواب المجتمع الروسى مفتوحة لهم فستزول الكثير من العقبات ويمحى سوء التفاهم. وكان هدفه من وراء ذلك محو فكرة معاناة الاضطهاد الدينى التى كان يشربون اياها فى الطفولة ولا يزالون. غير ان النتيجة جاءت عكس المتوقع . لان التعليم اصبح الزاميا للاطفال اليهود ولم يكن كذلك بالنسبة للطفال الروس غير اليهود مما ادى الى جعل اليهود الفئة الاكثر ثقافة فى روسيا-قال فى الهامش: لهذا لوضع صلة وثيقة بالثورة الشيوعية التى انتهت باعدام القيصر نيقولا الثانى فى 17 تموز 1918 فى قصره على يد رجل يدعى يوروفريست . وقد سمى القصر القيصرى فيما بعد سفيردلفوسك تكريما لليهودى ياكوف سفيردلوف الذى كان رئيس الجمهورية السوفياتية ايام تنفيذ الاعدامات . وقد وجدت رموز للحركة النورانية على جدران زنزنة الاعدام-ا.ه
وارتقى عرش روسيا القيصر الكسندر الثانى خلفا لنيقولا الاول عام 1855 وكان الكسندر الثانى هذا هو الذى وصفه بنجامين دزرائيلى ب"اكثر امراء روسيا تسامحا" وقد رس الكسندر حياته لتحسين الاوضاع الحياتية للفلاحين والطبقات الكادحة واليهود. وقد حرر فى عام 1861 23،000،000 عبد. وكانت طبقة العبيد المنكودة الحظ تلك قد اجبرت اجبارا على العمل فى الاراضى . وكانوا عبيدا بكل ما فى هذه الكلمة من معنى. وكانت عمليات مبيع الارض وشرائها تشملهم فيباعون من سيد الى سيد.
ودخل عديد من اليهود ،الذين احسنوا استخدام التعليم الالزامى المفروض عليهم ، الجامعات ولكنهم بعد التخرج كانوا يواجهون مصاعب وعقبات قاسية. ولازالة هذا الاجحاف ،اصدر القيصر اوامره بقبول هؤلاء اليهود فى المناصب الحكومية والسماح لهم بالسكن اينما شاؤوا فى الاراضى الروسية. وما ان حل عام 1879 حتى كان من اليهود اطباء وممرضون واطباء اسنان ورجال اعمال ومهن وكان يسمح لهم بالعمل والسكن فى اى مكان فى روسيا.
ولكن القادة اليهود لحركة الثورة العالمية كانوا مصممين على الاستمرار فى التحضير للثورة فى العالم . وكانت جماعاتهم الارهابية ترتكب المجزرة تلو الاخرى. وعملو على كسب تاييد الرافضين من المثقفين فى روسيا وعلى زرع فكرة التمرد والثورة فى عقول الجماهير العاملة. وقاموا باول محاولة لاغتيال القيصر الاسكندر الثانى عام 1866. وكانت محاولتهم الثانية عام 1879 ونجا القيصر من المحاولتين باعجوبة. وقرروا اخيرا ان القضاء على الالكسندر يتطلب مخططا خاصا . فقد كان تسامح القيصر يخرب خططتهم التى تقول ان الاصلاحات الضرورية لا يمكن اجراؤها الا بالثورة المسلحة وتمكن المتآمرون اخيرا فى المحاولة الثالثة من اغتيال القيصر عام 1881 فى بيت يهودية تدعى هسيا هلفمان--انتبهوا جيدا لهذه الجملة الاخيرة (الاصلاحات الضرورية لا يمكن اجراؤها الا بالثورة المسلحة)وانظروا الى ما يحدث فى سوريا وما يمكن ان تجر اليه مصر لا قدر الله لتعلموا هذه الامور من تخطيط من ؟ وكل ما يتظاهرون به سواء الغرب او الشرق من حرصهم على حل سياسى وسلامة سوريا ..الخ ما هى الا تمثيلية توزعت فيها الادوار واخرجت بدقة ، وسبق امس ان التصريحات الصحفية ما هى الا محاولات للتمويه فى اغلب الاحيان--.
وبينما كانت القوات الثورية تحرج الحكومة الروسية فى الداخل بكل الوسائل الممكنة باثارة المشاغبات والقيام بالاغتيالات السياسية ، كانت القوى الخفية من مراكزها فى انكلترا وسويسرا والولايات المتحدة تحاول من جهتها توريط روسيا فى حرب مع بريطانيا. ففى هذه الحرب لن تستطيع اى من الامبراطوريتين احراز اى مكاسب تذكر . وتكون النتيجة لمثل هذه الحرب اضعاف كلا البلدين ماديا وتركهما فريسة سهلة للاعمال الثورية التالية.
فى عدد تشرين الاول 1881 من مجلة "القرن التاسع عشر"، كتب البروفسور غولدوين سميث استاذ التاريخ الحديث فى جامعة اوكسفورد يقول:"عندما كنت فى انكلترا آخر مرة كنا على حافة الحرب مع روسيا ، وكان مقدرا لهذه الحرب ان تورط الامبراطورية باكملها ، وكانت المصالح اليهودية فى اوروبا، واداتها الرئيسية صحيفة فيينا ، تسعى بكل جهدها لدفعنا الى المعركة".
كانت حادثة اغتيال "البابا الصغير"للروس [قيصر روسيا] السبب فى موجة واسعة من الغضب اتخذت لها تعبيرا بانفجار اعمال العنف ضد السكان اليهود فى العديد من الاراضى الروسية . ومررت الحكومة الروسية "قوانين ايار" وقد مرت هذه القوانين القاسية ارضاء لوجهات نظر الرسميين الروس الكبار الذين قالوا :"اذا كانت سياسة التسامح التى اتبعها الكسندر الثانى لم تكن كافية لارضاء اليهود مالحتهم فلن يرضيهم شئ بعد الان الا ان يبسطوا سيطرتهم المطلقة على روسيا". وهكذا وللمرة الثانية راح الشعب اليهودى باسره ضحية الجرائم التى كان يرتكبها الذين نصبوا انفسهم زعماء له!.
فى الثالث والعشرين من ايار عام 1882 طلب وفد يهودى برئاسة البارون جينزبيرغ-قال فى الهامش: كان جنزبيرغGinzberg هو الممثل الرسمى لمؤسسة روتشيلد فى روسيا.ا.ه-- طلب وفد يهودى برئاسة البارون جينزبيرغ مقابلة القيصر الاسكندر الثالث للاجتجاج على القوانين المذكورة . ووعد القيصر باجراء تحقيق شامل فى القضية باجمعها وخاصة فيما يتعلق بالازمة بين اليهود وغير اليهود من سكان الامبراطورية الروسية. وفى الثالث من ايلول اصدر البيان الآتى :"منذ مدة والحكومة تولى بالغ العناية لليهود ومشاكلهم ولعلاقاتهم مع سائر سكان الامبراطورية مع الانتباه للاوضاع المحزنة للسكان المسيحيين الناشئة عن الطرق التى يستعملها اليهود فى قضايا المال والاعمال . خلال العشرين سنة الماضية لم يكتف اليهود بالسيطرة على على كل التجارات والاعمال بفروعها بل سيطروا ايضا على اجزاء كبيرة من الاراضى اما بشرائها او بزراعتها. وباستثناء قليل ،كرس اليهود جهودهم كجموع ،ليس لاثراء الدولة ولفائدتها بل لخداع الشعب الروسى بحيلهم الملتوية. وقد قاسى الفقراء بنوع خاص من هذا. وقد تسبب ذلك فى تصاعد الاحتجاجات من الرعايا وتجلى ذلك فى اعمال العنف التى قام بها الشعب ضد اليهود. وقد سعت الحكومة لتخليص اليهود من الاضطهاد والمذابح لكن لا يسعها تحت ضغط ملح الا ان تتبنى القوانين القاسية لتخليص الشعب الروسى من اضطهاد اليهود واعمالهم الشريرة التى يمارسونها على بقية السكان والتى كانت السبب الاصلى لاعمال العنف ضدهم"
يتبع...
http://www.waqfeya.com/book.php?bid=6114