إن البرنامج الصاروخى المصرى يعد واحدا من أشد برامج التسلح المصرى سرية وأكثرها تمويها
ورغم العرض الرائع للأخ الطبيب ( المشير ) للموضوع بالأدلة والمصادر..إلا أن النظرة الضبابية لا تزال تكتنف المشهد العام لذلك الملف
ولكن ما نكاد نجزم به جميعا ومن خلال مصادر الموضوع وغيرها أن مصر تسير بخطى حثيثة فى تطوير برنامجها الصاروخى
يؤزها على ذلك أزّاً تلك الحماقات التى تصدر من آن لآخر من العدو الصهيونى الرابض على الحدود الشرقية والمتمثلة فى التهديد بقصف السد العالى فى أسوان
بجانب تلك السفاهات التى يصدرها من حين لآخر العدو الآخر للعرب والمسلمين هناك على الحدود العراقية ( الجمهورية الخمينية الرافضية ) أو ما يسمى ( إيران ) التى تحتل جزءا غاليا من وطننا العربى متمثلا فى جمهورية الأحواز والجزر الإماراتية الثلاث ( طنب الصغر / طنب الكبرى / أبو موسى ) وتطويرها الدائم لترسانته الصاروخية مهددة بها منطقة الخليج فضلا عن سعيها لانتاج سلاح نووى..وطبقا للمفهوم الشامل للأمن القومى والاستراتيجى المصرى..فإن مصر ملزمة بالوقوف إلى جانب أشقاءها الخليجيين وتعضيد جانبهم كونها لهم الحصن القوى والسيف الماضى..فضلا عن التهديد الذى أصبح واقعا فى أقصى الجنوب والمتمثل فى القزم المتعملق ( إثيوبيا ) وتهديدها المباشر لمصر عبر إقامتها للسدود على نهر النيل وما ينتج عن ذلك على المدى المتوسط من الفقر المائى الشديد والتبوير المتعاظم لملايين الأفدنة فضلا عن النقص الشديد فى الطاقة الكهربائية
التى يولدها السد العالى..( بالمناسبة مصر تعلم هذا الخطر منذ عقود وجهزت نفسها على كيفية مواجهته )
كل هذا وغيره مما وضعته القوات المسلحة المصرية نصب أعينها..ومنذ عقود أجبرها على التفكير فى حلول قاطعة لكل تلك المعضلات
وقد انتهوا إلى ضرورة العمل على امتلاك تكنولوجيا عسكرية تسمح بانتاج سلاح ردع تكتيكى يكون العامل المشترك الأكبر فى حل كل تلك التهديدات
التى تواجه مصر وأشقاءها العرب..
وكان اللجوء إلى الاستفادة العظيمة التى استفادتها القوات المسلحة المصرية من خلال حرب الاستنزاف وحرب التحرير 1973/1393
أمرا بديهيا..ومن أهم تلك الدروس المستفادة..الدور المتعاظم للصواريخ ودورها الخطير فى حسم نتائج الحروب المستقبلية
فكان التوجه الاستراتيجى للدولة من خلال وزير دفاعها ( الأب ) ورئيسها ( الجد ) كما أثبت الأخ المشير فى موضوعه، - مخالفا بذلك الكلام عن عدم علم مبارك بالأمر -...للتوجه نحو الأرجنتين التى كانت تسعى وبقوة لامتلاك هذه التكنولوجيا لتقوية جانبها ضد بريطانيا التى كانت التوترات بينهما ما تزال على أشدها فى ذلك التوقيت وكانت حرب الفوكلاند نتيجة حتمية لها..كانت الضغوط الأرجنتينية شبيهة للضغوط المصرية وجمعتهما الحاجة فعملا سويا فى هذا المشروع الكبير الذى صرح المسؤل الأمريكى بعد ذلك أنه فى حال لو اكتمل فإن الصواريخ الباليستية فى المنطقة ستصبح إلى جواره كلعب الأطفال
والسؤال الآن..
هل بعد كل ما وصلت إليه مصر فى هذا الموضوع من تكنولوجيا وتمويل وأصبح حل معظم مشاكلها المتعلقة بالأمن القومى والردع الاستراتيجى الذى يضمن لها ولأول مرة التفوق على العدو اللدود القابع على حدودها الشرقية وكون الأمر أصبح على طرف البنان وبقى له ضربة معول..
أيعقل أن تتخلى عن كل ذلك الجهد المبذول والدماء التى ذهبت والأموال التى أنفقت..؟!!
مع الوضع فى الاعتبار كل هؤلاء الأعداء المتربصين شرقا وجنوبا يتحينون الفرصة المناسبة للانقضاض على عدوهم المشترك ( مصر )!!
الإجابة على هذا السؤال يمكننا التوصل إليها من خلال عدة أطروحات لابد لنا من قراءة ما بين سطورها والنقاش حولها كثيرا حتى نصل إلى الإجابة
وأول هذه الأطروحات.........
ما نشرته صحيفة الأهرام المصرية على لسان المستشار السياسى المحنك للرئيس مبارك ( أسامة الباز ) فى عددها رقم 40841
والصادر يوم الخميس الأول من شهر أكتوبر عام 1998 ..والذى جاء فيه ما نصه:
" إن مصر قادرة علي ردع إسرائيل وتملك الوسائل الكافية لتحقيق هذا الردع ـ وان برنامج إسرائيل النووي وبرامجها لتطوير الاسلحة الكيماوية والبيولوجية تفتح الطريق لقوي المنطقة وعلي رأسها مصر لضرورة امتلاك الاسلحة والوسائل القادرة علي حماية سيادتها والحفاظ علي أمنها القومي ـ إنها ابسط فرضيات المنطق التي لايختلف معها إلا سفيه أو عميل فأما السلام ومنطقة خالية من السلاح للجميع ـ أو السلاح
أيضا للجميع ـ وعلي مثال شمشونهم الجبار علينا وعلي اعدائنا ـ أما ان يكون علينا الاستسلام ولهم السلام فهذا هو المستحيل."
http://www.ahram.org.eg/Archive/1998/10/1/writ2.HTM
ونعضد هذه الكلمات بمقال لجريدة «ها آرتس» الصهيونية وبعد أقل من عام على تصريحات المستشار أسامة الباز في 19 أغسطس 1999 تحت عنوان: «مصر تهدد بتسلح كيماوي بيولوجي كرد على السلاح الذري الإسرائيلي» :كررت مصر من جديد مطالبتها إسرائيل نزع برنامجها النووي، كما تحذر من التسلح العربي بأسلحة كيماوية بيولوجية كرد على الردع النووي الإسرائيلي
فانكتفى الآن بمناقشة أول أطروحاتنا وقراءة ما بين سطورها..ومن ثم نشرع فى قراءة غيرها..وغيرها كثير..!!