تابع تفاصيل الثغرة من مذكرات المشير الجمسى ( النحيف المخيف )
معركة السويس
برغم صدور القرار 339 رسميا من مجلس الأمن ,إلا أن إسرائيل تركت لجيشها
حرية العمل علي أمل احتلال السويس, ودارت معركة السويس اعتبارا من 24
أكتوبر بمقاومة شعبية من أبناء السويس , يقول الجمسي " ويصعب علي المرء أن
يصف القتال الذي دار بين الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية من جهة
وشعب السويس من جهود أخرى وهو القتال الذي دار في بعض الشوارع وداخل
المباني", ومع فشل العدو توجه جنوبا الي ميناء الأدبية جنوب السويس واستولي
علي الميناء, كما نجح في قطع طريق مصر السويس الصحراوي وهو الورقة التي
استغلتها إسرائيل بعد ذلك سياسيا بعد توقف القتال.
الموقف عند انتهاء القتال
كانت قوات العدو في سيناء تقف دون تأثير, وفي غرب القناة فشلت في تهديد
مدينة الإسماعيلية أو احتلال مدينة السويس, ولكنها تمكنت من قطع طريق مصر
السويس الصحراوي وهو الطريق الرئيسي لإمداد مدينة السويس وقوات الجيش
الثالث الموجودة في سيناء شرق القناة.. أصبحت القوات المعادية في غرب
القناة نزيفا لإسرائيل, وليس في قدرتها تحقيق أي هدف آخر فإن خسائرها
تتزايد وإخلاء الخسائر لا ينقطع.
نجحت فقط القوات الإسرائيلية في
تحقيق هدف تكتيكي وهو قطع طريق مصر السويس الصحراوي ، وبعد سلسلة من الفشل
في الإسماعيلية والسويس وقبلهم سيناء ركزت الدعاية الإسرائيلية علي هذا
النصر المحدود... ويعترف المشير الجمسي أنه كان من الواجب علينا في مصر أن
تكون هناك حملة مضادة توضح الحقائق لكننا لم نفعل مما أدي إلي زيادة اهتمام
الرأي العام هنا وهناك بموضوع الثغرة.
الثغرة عبء على إسرائيل
يقول الجمسي " لابد من التأكيد أن ذلك النجاح الاستراتيجي الذي حققته
إسرائيل في معركة الثغرة قد خلق أوضاعا غير ملائمة للقوات الإسرائيلية ,
كان من المؤكد أن تؤدي إلي فشل استراتيجي محقق إذا ما أستؤنفت أعمال
القتال"
كان علي القيادة الإسرائيلية أن تؤمن قواتها في غرب القناة
الموجودة في قطاع محدود بالانتشار والاستيلاء علي مساحة أكبر واستتبع ذلك
دفع قوات أكبر إلى غرب القناة , فقد أصبح لها حوالي 6-7 ألوية موجودة في
منطقة محددة من الأرض ومحاطة من جميع الجهات بقوات مصرية, ولتأمين هذه
القوات خصصت إسرائيل قوات أخرى (4-5 ألوية ) لحماية المداخل إلى الثغرة,
ولتثبيت رءوس الكباري المصرية الموجودة في سيناء خصصت القيادة الإسرائيلية
عشرة ألوية, وبالتالي أصبح من الضروري الاحتفاظ بالاحتياطي الاستراتيجي في
أقصي درجات التعبئة.
وهكذا تحولت القوات الإسرائيلية غرب القناة
من سلاح تضغط به علينا إلي رهينة نضغط بها علي إسرائيل ومصدر لاستنزاف
لأرواح ومعدات واقتصاد إسرائيل..وجاء الاتفاق المصري الإسرائيلي, وظهرت
حقيقة الثغرة عندما طلبت إسرائيل ترك الثغرة وسحب قواتها شرقا بعيدا عن
القناة.
ولأن حرب 1973 ليست آخر الحروب .. كتب الجمسي في مذكراته "
إننا لا يجب ان نتغني بالنصر في هذه الحرب, ولكن يجب ان تستلهم معانيها في
كل مجالات العمل. فقد انتصرت اسرائيل علي العرب في ثلاث حروب سابقة منذ
انشائها, وانتصر العرب عليها لأول مرة في الحرب الرابعة. وتلك هي بداية
النهاية للتفوق العسكري الإسرائيلي في اي حروب قادمة