المليحة: معركة الصواريخ والمدافع والأنفاق.. والكاميرات!
بلدة المليحة في الغوطة الشرقية، جارة جرمانا، والبلدة المتصلة اخضراراً ببساتين شبعا ودير العصافير، المطلة على طريق مطار دمشق الدولي، منطقة شاءت الجغرافيا أن تضعها في صدارة أخبار المواجهات بين الجيش السوري وقوات الدفاع الوطني من جهة، وجبهة النصرة والجبهة الإسلامية وماتبقى من تشكيلات للجيش الحر من جهة ثانية.
لهذه البلدة أهميتها الإستراتيجية، نظراً لوقوعها في الغوطة الشرقية وقربها من طريق مطار دمشق الدولي ومنطقة السيدة زينب (ع)، إضافه لكونها حلقة الوصل بين جنوب الغوطة الشرقية وشمالها لجهة زبدين وجسرين، وبشكل خاص كونها منصة «مرابض» قصف مدينة جرمانا بالقذائف الصاروخية وقذائف الهاون.
العملية العسكرية لم تكن مستبعدة «وان تكتمت المصادر العسكرية عن تحديد موعدها سابقاً» فالمنطقة هناك تعج بمسلحي النصرة والحر وحسب «روزمانة معارك» أصحاب النجوم في القوات المسلحة السورية لن يسكت المدفع حتى عودة السوريين كلهم الى سوريتهم وعودة الغرباء الى بلادهم أو «جهنمهم»، «سلاب نيوز» دخلت المليحة كاشفة قصة «القرار وتوقيته» وأسرار تسريع العملية العسكرية فيها.
مصادر أهلية معارضة، «هاربة» من داخل البلدة تحدثت عن عملية مصالحة رسمت الدولة السورية خطوطها الرئيسية، لكنها باءت بالفشل، وبات كل طرف يلقي باللوم على خصمه، حسب المصادر التي تابعت قائلة «قبل حوالي شهر وبعد أن كثر الحديث عن مصالحة المليحة التي استبشرنا بها خيراً جاءنا من رفعوا بنادقهم ليطلقوا رصاص الظلم على حُلم تمناه المدنيون، فجيش الاسلام بقيادة زهران علوش ولواء أجناد الشام والجبهةالاسلامية وجبهة النصرة وعدد من المقاتلين المتشددين قالوا أن لاحاجة للمصالحة أو «مهادنة النظام» فالدعم العسكري سيصل من بلدة دوما».
تصف المصادر «الهاربة من جوع المليحة» أن علوش وجيشه ومن والاه، بأنهم «تجار حرب» علاقتهم بالارز والطحين أوثق من علاقتهم بالبارود، كاشفة أن أسعار المواد التموينية في هذه البلدة تقترب من الخيال وكلما استمرت المواجهات بقي مدنيو البلدة كـ "الدجاجة البياضة".
تختم المصادر حديثها لسلاب نيوز «رغيف خبزنا و ضحكة أطفالنا بمدارسهم هي أسمى ماكنا نعيشه بـحرية، أفلا تعود عقارب الساعة او لتكون قيامة الساعه».
بعد فشل الـ «المصالحة» عاشت البلدة ترقباً حذراً، تقارير أمنية وصلت لمبنى مخابرات الجيش السوري تحدثت وفق معطيات مؤكدة وموثقة، جهوزيـة مقاتلي المعارضة لشن هجوم لمحاولة خرق «درع العاصمة " عبر شبكة عنكبوتية من الأنفاق بعضها موجود سابقاً والاخر مستحدث.
ضابط مخابرات سوري في المبنى الاكثر غموضاً وسرية قاطع عدة معلومات وتقارير سابقة من مصادر متوازية لا تلتقي ليرفع «رؤيته» بالعنوان الذي توسط ورقة ليست ببيضاء - سيمر مضونها بسياق التقرير - «الجيش سيستعيد السيطرة على بلدة المليحة».
العملية العسكرية بدأت مع ساعات الصباح الاولى حيث استفاق الدمشقيون على أصوات قصف عنيف تواترت الأخبار أنه من جبهة المليحة شرق العاصمة دمشق.
صليات صاروخية من راجمات الجيش السوري قصفت مواقع وأبنية بعينها في عمق المليحة وعلى محاور «كفر بطنا» و«سقبا» بينما نفذ سلاح الجو طلعات خرق ببعضها جدار الصوت ونسف ببعضها الآخر أربع مراكز للنصرة ومواقع أخرى.
التشكيلات المسلحة المتحضنة ضمن البلدة ردت بقصف جرمانا وهي المدينة المحاذية للمليحة بأكثر من 52 قذيفة هاون ليتشارك أهالي جرمانا والنازحين من المليحة المقيمين فيها دماؤهم وخسائرهم المادية.
مرت الـ 48 ساعة الاولى من عملية «الصعق الناري»، ليبدأ الجيش السوري عملياته البرية وتتوضح خارطة المواجهات بتفاصيلها، حيث اعتمد الجيش السوري على فتح المعركة من عدة محاور منها «محور ادارة الدفاع الجوي ومحور حاجز النسيم»، في خطة يبدو أنها لتشتيت قدره الخصم على حشد قواته.
الزحف البري للجيش السوري وقات الدفاع الوطني تقدم ثابتاً الى مبنيي المستوصف والبريد وساحة خالد بن الوليد، مثبتاً مجموعات قتالية عند كل «نقطة جغرافية» وبقعة يسيطر عليها لتتحول إلى وحدة إسناد مجهزة بأسلحة متوسطة وثقيلة ووحدة اسعافية.
أيام المعارك الاولى شهدت موجات من هجمات الانتحاريين والانغماسيين، القادمين من محور دوما فجر بعضهم نفسه بوحدات متقدمة للجيش السوري ما ادى لسقوط ضحايا، فيما حدثت محاولة اختراق تمثل بتسلل لمسلحي المعارضة من محور «المليحة - الاوتوستراد»، ردت عليها مدفعية الجيش بشكل حاسم وحازم. واضعة كل طرق الامداد المحتملة في «قبضة النار».
بالعودة لورقة ضابط المخابرات السوري، «شبكة أنفاق بعضها محصن تتفاوت في العمق والاتساع وحتى بنوعية الاستخدام، فبعضها جهز ليكون مخازن للسلاح، وبعضها الآخر ليكون صلة وصل بين أحياء البلدة ومحاورها، وبعضها بين المليحة والبلدات المجاورة في عمق الغوطة الشرقية، قد تستخدم للتسسل الى نقاط متقدمة أو لحالات الانسحاب».
بياض الورقة يحوي معلومات تؤكد أن «أغلب الانفاق محددة الاحداثيات ومابقي منها يكتشف أثناء عمليات الاستطلاع التي ستقوم بها مجموعات متقدمة ذات اختصاص»، خطوط حمراء تحت أسطر بعينها تضمنتها الورقة «الأبنية كذا - محددة ومرمزة حسب خرائط عسكرية - مفخخة يجب الانتباه منها وعدم اقتحامها قبل تفكيكها أو نسف العبوات في حال صعوبة الامر وتقدير الخسائر البشرية المحتملة».
العمليات العسكرية الآن تأخذ شكل «حرب العصابات» مع تفاصيل ربما تعد سورية البصمة، فعوضاً عن الاشتباكات المباشرة التي يخوضها الجيش السوري هنالك سَهم الكمائن الذي أطلقه الجيش مرتين خلال الايام الماضية عبر استدراج المسلحين الى بيوت وكمائن «طابقية» ليقوم بنسفها عن بعد، وترتفع حصيلة القتلى من مسلحي المعارضة حسب مصادر متقاطعة الى أكثر من 140 قتيل بينما أعداد الجرحى غير مؤكدة، الأمر الذي اعتبرته مصادر معارضة «ضربات موجعة»، أدت لانسحاب عدة فصائل مسلحة الى البساتين المحيطة الواقعة بين المليحة و زبدين وباتجاه جسرين وحتيتة الجرش.
حرب من نوع أخر تدور في البلدة يطلق عليها أطراف المواجهات «حرب الكاميرات»، حيث تشهد محاور البلدة وبعض أحيائها الداخلية رصداً بكاميرات عالية الدقة (من الطرفين) تتسابق لنقل التحركات كل الى مصدره الأمر الذي علق عليه ضابط في الجيش السوري «اغبرت بذته» : «عيوننا لاتنام و الـ حدقة بعدستها تلاحق كل رصاصة أثمة وصيحات مدفعنا تُسمع، انقل لقرائكم أنها أيام لا أكثر»
http://www.shamtimes.net/news-details.php?id=1218